الأخبار
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

القبعة السوداء بقلم: طارق رحمون

تاريخ النشر : 2019-08-01
" على رأسي قبعةٌ سوداء "

في عالم القراءة وفي إحدى ببساتينها الرائعة كنت أسير، أشتم بعض الزهرات، فأقطف بعضها تارةً وأقف عند بعضها تارةً أخرى، سارحاً في إحداها، وإذ بجرس الزمن يقرع، في رحلة لم تكن في الحسبان، من غير توقيت محدد، ركبت قطار الزمن عائد إلى الوراء خمس سنوات، إلى ذلك المكان المشؤوم، لا أدري لماذا كان هذا المكان هو وجهتنا، أنظر لنفسي نظرة احتقار، كلما تذكرت أني كنت في هذا المكان وفي توقيت تلك الفاجعة، كنت كجمادٍ قد أصمه القدر، شاخص البصر مذهولا ، كنت الوحيد الذي شهد تلك الجريمة من بدايتها ، تلك العجلات وهي تصعد على ذلك الرأس اللين كأنها كسارة جوز، أو أنها بيضة قد دهست بقدم إنسان ما،
كل ذلك وأنا ساكنٌ في مكاني، قد تلعثم لساني، وشلت أطرافي، ودخلت في حالة خارجة عن الواقع، لا صوت يسمع سوا تلك الصورة التي حفظت في دماغي وأمام ناظري، كأن الزمن توقف للحظة ولكنها كانت كدهرٍ طويل، هكذا كانت حالتي وقتها، أتقدم نحو الطفل لأسحبه من تحت العجلات فلا أستطيع ، كأنه قد زرع في سابع أرض، أتركه وداخلي بركانٌ ثائر متوجهاً لسائق السيارة، طارقاً نافذته طرقات حامية، كأنها طرقات مطرقة على سندان، ولكن ما من مجيب أو مدرك لما حوله، أتركه متوجهاًَ لمقدمة السيارة دافعاً إياه، ولكن قواي لم تسعفني، أتوجه لنفسي علني أجدها قابلة للإستجابة، أصفعها.. ألكمها.. أهزها.. والدمع ينهمر كأنه حمم ،ولكنها هي الأخرى قد غدت ساكنة، قد غدا المكان برمته مستسلماً للقدر المحتوم، وما من شيء يغيره،
لم يوقظني وقتها من ثباتي إلا صرخات النساء وبكاؤهن ، وقتها عدت لطبيعتي البشرية ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا، يا ليتني لم أشهد تلك الحادثة، يا ليتني لم أرى بقايا الدماغ على الأرض، يا ليتني ويا ليتني ويا ليتني.........
انتهت الرحلة بدون صافرة القطار هذه المرة، فقد ذهب صوت صافرته لهول ما رأى، وغدت عرباته تتآكل من الألم المرير، أما أنا فكنت في مقدمة القطار ، فقد تفتت العقل وتهشم القلب، وغدوت أنا السائق وعلى رأسي تلك القبعة السوداء ، أحمل ما تبقى مني عائدا إلى الواقع إلى تلك الزهرة التي كنت سارحاً بها
.
بقلم المبدع طارق رحمون
#بقلمي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف