الأخبار
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لغة الصمت بقلم: سيف الدين عامر العطيات

تاريخ النشر : 2019-07-31
لغة الصمت بقلم: سيف الدين عامر العطيات
لغة الصمت
بلغة الصمت أستطيع حلَّ أبجدياتِ هذه الحياة ، نعم في لحن الصمت كل الحروف تتسابق إلى احتلالِ موقعها ، ثلةٌ قليلةٌ جداً من يحترفون إتقانها في الوقت الذي يفتح الجميع فاه في اللاشيء ، الدنيا ليست معقدة بل البشر هم من زادوا الطين بلَّة ، فجعلوا عقدتها تكمنُ في بساطتها ، في رحم بساطتها خَلقنا عقداً كثيرة ، لماذا هذا الذي تكور تحت سقف جمجمتك يأبى إلا أن يرهق نفسه في حلِّ معضلاتٍ وهمية لا أثر لوجودها ؟ الدنيا جميلةٌ طالما رآها عقلك كذلك ، وأيضاً قبيحة طالما رآها عقلك كذلك ، صدقني أنتَ العقبة الوحيدة التي تقفُ بينكَ وبين نفسك ، تزين لعقلكَ أشياءً كان عليك أن لا تراها ، انظر من حولك ، لا بل أمعن النظر جيداً ، أترى أيّ شيءٍ غير اعتيادي ؟ معقد ؟ تركيبته الفسيولوجية لا
تسمح لك بأن تتعامل معه بمنتهى البساطة ؟ أتقول لي الظروف ؟ الظروفُ حمَّلتك ما لا طاقةَ لك به ؟ حسناً لنر الآن ، من هو الذي اختلق هذه الظروف ؟ من أين جاءت ؟ لا شيء يأتي من تلقاء نفسه ، صدقني ، العالم بأجمعه لم يأتِ من تلقاءِ نفسه ، لكل سببٍ مُسبٍِب يا صديقي ، أتذكر ؟ إنها نتاج يدك ، أنت من جعلتها في
مخيلتك تبدو أكبر من حجمها ، لقد كانت ذرة لا تُذكر ولكنك أشبعتها بكروموسومات الوهمِ والخوفِ حتى لم تعد خلاياك تستطيع استيعابها ، قد أصابتها متلازمةٌ مستعصيةُ الشفاء ، كلُّ شيء بيدك أنتَ وحدك ، أتقولُ لي الحياة والأشخاص فعلوا
بي ما فعلوا ؟ قل لي من هو الذي وهبهم تذكرةً لدخولِ قلبك دونما أيِّ شيء ؟؟ من هو الذي أعطاهم فوق قدرهم ؟؟ من هو الذي أجلسهم على عرشِ مشاعرك ؟ أوَليس أنت ؟؟؟؟ نعم أنتَ لا أحد غيرك ، كيف لكَ أن ترَ التضاد في هذا الكون الفسيح ولا ترَ التضاد في نفسك الصغيرة ؟؟ لقد نُهش أجزاءٌ منك واكتفيت بالتحديق إلى ألمك ولم تتعلم ، أصبحتَ تداوي جرحكَ بجرحٍ آخر أشدَّ منه بطشاً إلى أن جعلت من روحكَ مأوىً للجراح ، أقسمتُ عليكَ ثلاثاً أجبني ألستَ أنتَ من تسببت بكل ذلك ؟؟ أُشفقُ عليكَ حقاً ، مسكينٌ أنت ، كلُّ شيءٍ يَنطق فيك عدا لسانك ، يبدو أنه كَهِل وشاب ، أرى جوارحك تصرخ ناطقةً بكلِّ آلامِ العالم أستحلفك بالله كفى ، لا تعذبني أكثر ، أيروقُ لكَ هذا ؟؟ جرِّب أن ترَ الأشياءَ بحجمها الطبيعي ولا تعطي كل شيء أكثرَ من حقه فتخسرَ خسراناً مبينا ، ولتطوِ صفحتك التي مَلأت أبيضها قيئاً ولتبدأ صفحةً جديدةً تخطُّ روحك فيها الحب والحنان
وليكن عنوانها :( أنتَ مخيَّر ولستَ مُسيَّر ) .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف