الأخبار
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كائنات عجيبة غريبة"تحتضر"!!بقلم:د.ياسمين نايف عليان

تاريخ النشر : 2019-07-31
كائنات عجيبة غريبة"تحتضر"!!بقلم:د.ياسمين نايف عليان
كائنات عجيبة غريبة" تحتضر"!!!
د .ياسمين نايف عليان

يشكل التوجيهي كابوس يؤرق جميع العائلات الفلسطينية ؛ فكل مرتاد له مرتقب ينتظر بحذر لحظه الحسم لدرجة تعب وسهر الليالي وبذل فيها الغالي والنفيس لتحديد مصيره ومستقبله الواعد وبنائه كما رغب به منذ الصغر ؛  فلقد بات يلاحظ في السنوات الأخيرة للقرن الحالي انخفاض الدافعية لدى معظم الطلابوبالأخص طلاب الثانوية العامة بشكل واضح ؛ فقد قتلت روح الإبداع لديهم  وبات تحديد مصيرهم كشخص منتج في المستقبل كالغيمة التي تسيرها الرياح دون معرفة أين ستصب مطرها وكيف ستحصد ثمار زرعها !!! فنجد معظم خريجين الثانوية العامة يتوجهون إلى الجامعات كأن عقولهم شاردة مسيرين وغير مخيرين فيختاروا تخصصات في أغلبها لا تتناسب مع طموحاتهم وقدراتهم ، فالبعض يتوافق  مع أراء آبائهم؛ والبعض الآخر محكوم بمعدله للثانوية فلا حول له ولا قوة ،ومنهم ما تحكمه متطلبات سوق العمل المشبعة على أمل أن يجد له فرصة ، والبعض تخيب آماله لسوء الظروف المالية فيستسلم ويشعر بأنه عاله على المجتمع وتصيبه العلل والأمراض , ومنهم من رغب بتخصصات جامعية معينة وحلموا بها منذ الصغر وجعلوها هدفا لهم في مستقبلهم لكن ذاك الشيء ارتطم بمعدل متدن فأنهي طموحهم  وبددها وأرغمهم على اختيار تخصص لا يرغبون به.

كائنات غريبة عجيبة في واقع يجسده المرار ويفرضه سوء الظروف السياسية والاقتصادية ؛ في ظل استمرار الممارسات والانتهاكات والحصارالذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ، والحروب المستنفذة على قطاع غزة من  قتل وتدمير وحصار بري وبحري وجوي جعلت من غزة سجن يرمي به الاحتلال الفتات لسجنائه ويمارس به أسوء الأعمال الوحشية  دون ترك أثر دموي أو مادي ؛حرب تجويع وتدمير فكري واقتصادي وأخلاقي لكافة فئات المجتمع حرب هدفها تدمير واستنفاذ عقول وطاقات وقدرات وطموحالشباب؛ وتحطيم فرحتهم وامالهم ؛ لكن المفاجئ هذا العام للعالم أجمع انه برغم كل الظروف التي يعيشها أهالينا في القطاع الا ان الأولي على مستوي الوطن هيا فتاة غزية تحدت الاحتلال وجميع الظروف المعيشية من انقطاع للكهرباء ومعاناه نفسية ومعنوية؛ حقا أنه شعب الجبارين !!!

معركة التوجيهي لطالما لعّنت من الكثير خصوصا أهالي الطلاب؛ لما يعانوه من رعب وحزن وكوميديا خلال تلك الفترة فتعلن حالة وضعية الطوارئ داخل كل منزل ويبدأ الارتباك والتوتر ويحول البيت الي ثكنة عسكرية مغلقة  ؛ ويفرضون على أهل البيت منع التجوال ؛ وفي كل سنه نسمع كلمات تعبر عن مخاوف ومسرحية التوجيهي وكثير من الناشطين والطلاب على وسائل التواصل الاجتماعي سخروا في بوستات وصور ومنشورات وبشكل فكاهي عن تعريف التوجيهي فمن من قال انه يمثل التوجيعي من كثر ما يوجع الدماغ والقلب ومنهم من قال انه تجويعي على شان بتضلك تأكل وتشرب بتلك الفترة ؛ ويضعف ويتخن فلا يستقر على حاله ثابتة ؛ ومنهم من الف أغاني ولحنها عن التوجيهي فقال بابا حبيبي إدرس على شان شو ما بعرف المهم الأوزان ؛ أو بكون معصب وبقولك أدرس يا حيوان ّ!!! وأنت تقوله بنت عمي صفاء درست وبالأخر خطبت عنان وهو يقولك يابا ما الك في غيرك شد حالك وادرس على شان تدخل تخصص ديزاين وانت تقوله حاضر يا بابايا عيوني يعطيك الصحة كمان وكمان !!! إن الضغط السيكولوجي هو موجه من الاضطراب الجسمي والنفسي تتم كمحصله للأحداث الضاغطة على الشخص ؛ فمتي سينتهي كابوس التوجيهي !!!!

ينتقل الطلاب من حضن التوجيهي الى فيلم الرعب الحقيقي وهو فترة اختيار التخصص في الجامعة فرحين بالانتقال الجديد والمسؤولية حاملين الأمل في لمعان عيونهم وابتسامة وجوهم تستطيع معرفتهم طلاب جدد ، فنجد البعض يتعثر بالمشاكل الاقتصادية بنجده يواجه مشكله التخصص فمن الطلبة من يهتم بالفن والأدب ولكنه يضطر لدراسة الطب والهندسة والمحاماة مراعاه لضغوط ورغبات الأهل من جهة ومعايير المجتمع من جهة أخري وهنا تبدأ دوامه التحويل في الجامعة وفي ذات السياق يأتي تشتت وضياع الطالب نتيجة لعدم توجيهه لاكتشاف ذاته بشكل صحيح في المدرسة فلا تعمل المدرسة على تنمية وصقل الشخصية بشكل مناسب بل تشغل نفسها في التلقين والحفظ والحشو وبالتالي يرفع اسم مدرسته عاليا بعلامه مشرفة بالتوجيهي لكن الطالب يخرج من المدرسة الي الجامعة وهو لا يدري هل يحب الهندسة حقا أو انه مجبر على حبها وحب من أحبها !!!

إبداعات وطاقات مجتمع تحتضر ومهدرة يوما بعد يوم بحاجة ماسة  لإيجاد طرق لأنقذها من الضياع والاغتراب؛ فلابد إذن من تدخل القانون الدولي لحقوق الإنسان لمناصرة الشباب وتقديم الدعم وفتح أسواق العمل ، وضرورة فتح بوابة التعاقد الخارجي والتنسيق مع العمل الداخلي في القطاع ، وضرورة إعادة النظر في خطة التعليم الوزاري الجامعي بالتنسيق مع متطلبات سوق العمل والتخصصات الجامعية ، فهناك الكثير من التخصصات المشبعة جدا في أسواق العمل ، ضرورة التنسيق مابين الجامعات و مؤسسات وجمعيات الاجتماعية والتربوية والإنسانية لرفع معنويات الطلبة بمشاركة الأكاديميين  في تعزيز الثقة والتأكيد على الدافعية والعمل الجماعي والفردي من خلال البرامج والمشاريع والدورات التدريبية والمهنية  والمشاريع الصغيرة، وأهمية دور الجامعات في إيجاد برامج منح وتعزيزات للطلبة لرفع من قدراتهم وثقتهم بأنفسهم وتجهيزهم بما يتناسب مع قدراتهم وسوق العمل .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف