الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في قصيدة "رفة الشاعر" للشاعرة نهى الموسوي بقلم:د. أحمد جبر

تاريخ النشر : 2019-07-31
قراءة في قصيدة "رفة الشاعر" للشاعرة اللبنانية نهى الموسوي

د. أحمد جبر

انشغل كثير من النقاد و دارسي الأدب بقضية الالتزام في الأدب، وعمدوا إلى كشف مدى تبني الأدباء للقضايا الوطنية والقومية والإنسانية، وقد شفت تلك الدراسات إلى إظهار تصنيف للأديب فقيل أديب ملتزم وغير ملتزم، وبينوا الدور الذي ينبغي للأديب القيام به على صعيد اجتماعي.

        الشاعرة اللبنانية نهى الموسوي شاعرة لبنانية معاصرة لها الكثير من الإنتاج الأدبي الموسوم والمميز بنفس الشاعرة وبأسلوبها المختزل المختزن الذي لا يستغرق زمنا طويلا في قراءته لكنه يحتم على القارئ الوقوف طويلا عند الإبحار في عالمه وخياله ودلالة معانيه، فهو قليل كثير، وسهل ممتنع، يستعصي على غير المكتنزين بذلك المعجم اللفظي والدلالي والأسلوبي للشاعرة، فقصيدتها في كثير من الأحيان ومضة بارقة تبعث حكاية البارق النجدي عند الصوفيين في المخيلة حين يمتزجون ويتحدون مع الذات الإلهية وفق تعبيرهم ومعتقدهم.

        والقصيدة التي بين أيدينا جاءت موسومة بعنوان ( رفة الشاعر) وهو عنوان ينصرف لدلالات عدة ، حيث استخدمت الشاعرة لفظة رفة ، والرفة للعين وللطائر، وقد وظّفتها الشاعرة هنا للشاعر الذي يجسّد العين التي تختزن ما ترى في رفّة واحدة ثم تقوم بإرساله إلى كيان الشاعر ليعامله ويتفاعل معه مخرجا إياه في قالب شعري متناغم مع المقام بعد أن يجوب به عوالمه الساحرة ليلتقط خلال ذلك ما راق له من الصور وما تساوق معها من مشاعر وانفعالات، وكأنه الطير الذي يسبح في فضاءات الخيال موثّقا ومسجلا ومرسلا، وهو يذرع المسافات في وسط يموج بعرائش الخيال.

        استحضر العنوان في مخيلتي ما  ورد من عناوين في ما نظمه الشاعر المهندس علي محمود طه في ديوانه الأول ( الملاح التائه)، كعنوان : غرفة الشاعر ، والله والشاعر، حيث عالج تفاعل الشاعر مع الأحداث وصور حياته ودوره وليله الطويل الذي يغرق في شجونه وهو الآدمي الشقي الذي نحل جسده من شدة وجده وحزنه، وشاعرتنا في هذه القصيدة تتفاعل مع الشاعر ومع رحلته في النظم، وتختزل الوجود في قصيدة منزهة لم تعبث بها أيادي النفاق والتزوير لتبقى الشاهد الملك، لتعيد إلى الأذهان ما قاله ابن طباطبا عن الشعر وصناعته وعياره.

والشاعرة في نصها هذا تجسّد حكاية الشاعر مع الشعر وتلمّح إلى الدور الذي ينبغي للشاعر أن يقوم به، ورفّة الشاعر في عرف الشاعرة مسقوفة بعرائش من الخيال وهي بقولها هذا تمازج بين الخيال وعرائش النباتات الخضراء التي تحظى بنشوة الإنسان عند مشاهدتها فكيف يكون حاله إذا ما كانت هذه العرائش مسوّرة بمواويل الغنج والدلال، وهي تحلم بتنظيم العالم، بأفكار حرة بعيدة عن المواربة والتزوير والنفاق  تقول:

مسقوفة بعرائش الخيال

مسوّرة بمواويل غنج

أدخلُها كغجريّة موشومة بأوهام جميلة

تحلم بتنظيم العالم تحت وقع خطواتها

بلا مواربة تُدنّس براءة الفكرة

وفي الجهة المقابلة وعلى حافة نافذة تطل منها لترى وتسمع أقوال المثرثرين عن الوجود الذي لا يتعدى كونه إشاعة أطلقها كاذب مغرض ليكون ورقة يلعب بها قناص ينتهزها على الدوام فكل شيء إلى فناء ، لكنها تعد كل هذه الثرثرة نوعا من الكتابة العبثية اللاهية التي لا تحظى بالخلود وبالمجد الذي تحظى به حروف البلاغة المسكونة بالأبدية، تلك هي التي يلتزم بها شاعر بليغ مبدع يرسم سنابل القمح ، سنابل الخير والعطاء والكرم والإيثار ، لتبقى قصيدته الشاهد الملك على جور الطغاة المستبدين  تقول:

وعلى حافة نافذتها

ريح تثرثر مع أغصان الحياة

أنّ الوجود إشاعة أطلقها كاذب مغرض

وأنّ البقاء ورقة لعب في يد قناص

وأنّ كلّ شيء إلى فناء

عدا حرف يرقى إلى مرتبة المجد

يتقمّص نشوة الأساطير

يدخل مغارة البلاغة ويخرج مسكوناً بالأبدية

وشاعر

يرسم سنابل القمح

ويصنع رغيفاً

يمنحه لأول فقير

ويبقى كلّ العمر جائعاً


وآخر
يكتب عن رجال معطرين بالكراهية

مرتدين الشّريعة ثوب غباء

و نساء مثقلات بأعياد مهجورة

يصغين بازدراء

ويعرِفْن انّ الليلّ خيمة الشّهوة الممسوسة بالحلم

وأنا سارحة بكتابة رسالة مغزولة باسمك

تضيع أصابعي على الورقة

وحين أجدها

أراها قصيدة ممتدة …كـــ

نخلة عشق على خاصرتك بين همستين ولمسة

وتبقى القصيدة الناجية الوحيدة من دنس الخطيئة مقطرة من زهر الحقيقة

الشاهد الملك

على فجور

أسماك القرش

وحدها لا تضلّل الضوءَ بظلالِهِا

         لقد أظهرت الشاعرة دور الشاعر والشعر في قصيدتها هذه بلسان الشاعر والناقد والخبير الاجتماعي والنفسي الذي لا يكتفي بعرض مشكلة ما بل يسعى إلى إظهار الحلول لتلك المشكلة كما أنها أبرزت من خلال المفارقة ذلك الدور الذي يقوم به الشاعر المنافق المتزلف المتكسب،  الذي يمدح من لا يستحق المدح في الوقت الذي ينشغل فيه الشاعر بالكتابة الجادة لتخرج القصيدة من بين يديه مغزولة تختال كنخلة طاهرة تؤتي أكلها فتصبح الشاهد الملك على فجور الطغاة المتوحشين.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف