الأخبار
الاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوعنعيم قاسم: لن نكون جزءاً من شرعنة الاحتلال في لبنان ولن نقبل بالتطبيعفتوح: تهجير عشرات العائلات من عرب المليحات امتداد مباشر لسياسة التطهير العرقي والتهجيرالنيابة والشرطة تباشر إجراءاتهما القانونية في واقعة مقتل شابة في مدينة يطا
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وا أبتاه!بقلم:رزان أبو خليل

تاريخ النشر : 2019-07-30
كل أب سند لابنته إلا أبي كان الوجه الآخر.. كان دائماً ما يثيرني الفضول لسؤاله عن سبب قساوة قلبه وكلامه الجارح ونظراته المميتة، رغم أنني سمعت من الكلام القاسي ما لا يعد وأماتتني نظراته إليّ سنوات لكنني دوماً كنت خائفة من الإجابة، سنوات كثيرة مرّت ولم أسمع قط كلمة تشعرني بإحساس الأبوّة، حتى كلمة أبي لا أقولها إلا إذا كان يريد شيئاً ما " نعم يا أبي ماذا تريد؟"، لم أشعر أبداً بأي شعور جميل عندما أقول هذه الكلمة وكأنها كلمة عادية تقال وفقط، راجعتُ نفسي ذات ليلة حتى لا أكون ظالمة لنفسي وله بهذا الشعور القبيح لكنني كنت في كل ليلة أزداد بكاءً وحزناً لأن عقلي ما كان ليذكر له إلا خصاله السيئة وعيني لا تسترجع إلا قساوة النظرات وما زال كلامه الجارح يتردد في أذنني، في كل مرةٍ ألتمس له ألف عذرٍ لكن الشعور لا يتغير، "هو كما هو" بل أشد، كنتُ دائماً أدعو له في صلاتي بأن يلين الله قلبه لم أنساه يوماً من دعائي.

بيني وبين نفسي :
هل أنا أحب أبي؟
نعم أحبه فهو الذي أنجبني وقام بتربيتي
وماذا تسمين هذا الشعور الذي يدعوكِ لقول كل هذا عنه؟
إنه شعور القهر، عندما تحب شخصاً أنت منه ومن صلبه، وجسدك وصفاتك وشكلك منه، وقلبه كالحجارة تجاهك، نعم عندما يكون أقوى إنسان في نظرك هو ضعفٌ لك، عندما يكون هذا الإنسان محتل جزءاً من قلبك لكنه يكرهك، كاد عقلي ينفجر من فرط التفكير، أحتاج إجابة أحتاج تبريراً أحتاج كل شيء يفسر اللاشيء الذي أشعره تجاهه.

كان أبي رجلاً قاسياً جداً، لا يحب مخالطة الناس، يحب الوحدة حتى أنني لا أذكر أنه ذات مرة جلس معنا في جلسة حوار عائلي ولا أذكر أنه حادث أحداً منا في موضوع ما، كان يجلس وحيداً يستمتع مع نفسه فقط بمشاهدة التلفاز أو يخرج ليحتسي كوباً من القهوة ولوحده أيضاً، كان هذا الأمر يضايقنا جميعاً في البيت، كان يؤلمني جداً هذا الأمر، دائماً ما كنت أتمنى أن أجلس مع أبي أحاوره ويحاورني، يسألني عن حالي وعن دراستي، أو إذا كنت أحتاجُ شيئاً، رغم أنني كنت بخير ومتميزة في دراستي، لكن أحياناً السؤال حتى ولو لم  تكن تحتاجه يؤثر في نفسك، صعبٌ جداً بأن يراودك شعور التجاهل والإهمال من أقرب الناس لديك أو تشعر بأنهم يبادلونك الكراهية والحقد في الوقت الذي أنت فيه  بحاجة للحب والحنان.

رغم هذا كله لم أذكر أنني  كرهت  أبي ، بل لا زلت أحبه وأقدره، ولكن يا أبي  إلى متى هذا ! متى يرقد عقلي وقلبي بسلام! قد كاد يقتلني بك التمثال، متى ستتحرر مشاعرك الجميلة وأشعر حينها أنك تحبني، وأن كل شيء قلته وفكرت به كان مجرد تهيؤات، متى ستحلق جناحيّ فرحاً إليك؟ متى ستطفئ حرقة قلبي في حضنك، متى ستقبل شفتايّ جبينك بحب؟ قل لي متى؟

مواقف كثيرة وأحداث عالقة في ذهني، ولا يوجد موقف جميل ينسيني خصالك السيئة، أتذكر يا أبي عندما نجحت في الثانوية العامة بتقديرٍ ممتاز ولم تقل لي كلمة " مبروك" حتى أنني لم أر وجهك يبتسم، كنت عبوساً وشعرت حينها بأن نجاحي يضايقك، تعجبت حينها كثيراً، يا ترى هل يوجد أب في العالم لا يحب نجاح أبنائه، آهٍ لو تعلم يا أبي كم كان يوماً قبيحاً بالنسبة إليّ، رغم أنني كنت أنتظره بفارغ الصبر، كنت أدعو في كل صلواتي أن يوفقني الله فقط لأرى  ابتسامتك أنت وأمي، كنت خائفة جداً من أن تسقط دمعة إحداكما أو أرى الحزن في وجهيكما لأني لم أفعلها، لكنني بذلت حتى ذبلت لأجلكما، لكنني لم أجازى إلا بعبوس وجهك، لا أدري ماذا أقول أو أفعل، لأنني لا أعلم السبب الذي يتوارى خلف ذلك.

أتعلم يا أبي أنني أحب أغنية " وكبرنا يا بيي" للراحل العظيم وديع الصافي والفنانة نجوى كرم، أحب سماع هذه الأغنية رغم أن كلماتها مليئة بالعاطفة والحنان والحب والأمان، تلك المشاعر التي أفقدها وأتمنى أن أعيشها معك، ربما أمنيتي كانت بعيدة، أحب ذاك المقطع الذي يقول فيه وديع لابنته " لا تخافي يا بنتي، يا زهرة عينيّه، وحدك ما بخليكِ، بعرف صرتِ صبية وصار لازم خاويكِ"، قلتها في نفسي والدموع تنسكب من عينيّ : لم يكن أبي قريباً مني وأنا طفلته فهل يا ترى سيعوضني عن كل ذلك عندما أكبر؟! وضحكت بعدها من سذاجة سؤالي وأكملت الأغنية وأنا لا أستمتع إلا بجمال صوتهما.

لكل أب أدى واجب الأبوة على أكمل وجه، وكان الأب والرفيق والأخ لابنته أحييك من أعماق قلبي، لأن هذه المهمة يفتقدها كثير من الأبناء، وليست بالشيء السهل، إذا استطعت أن تشعر أبناءك يوماً ما بأنك أب مثالي، وقد قدمت ما يجب على الآباء تقديمه فأنت حقاً عظيم، ولنعمَ الأب..
رزان أبو خليل
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف