خزاعة الكارثة والبطولة
ذكرى الحربِ هي ذكرى الفراقِ و الألمِ ذكرى الوجعِ الموجودِ في كلِّ قلبِ كلِّ بيتٍ في كلِ شارعٍ في كلِّ زقاقٍ من أزقةِ قطاعِنا الحبيبِ و أَذْكُرُ في هذا المقالِ الموجزِ الذي لا يكفي للحديثِ عن ألمِ الوجعِ عن ألمِ الفراقِ و هذه الذكرى لا تحتاجُ الى مقالٍ أو كتابٍ أو مجلدٍ بل تحتاجُ الى العديدِ من المجلداتِ و الملفاتِ التي ستثاقلُ من حجمِ الألمِ التي ستحملُه .
في يومِ الثلاثاء الموافقِ 22/7/2014 ، 25 رمضان ، كنتُ أنا و مجموعةٌ من أصدقائي الذين أصبحوا في هذا اليومِ ذكرى فقد فرقتنا به آلةُ الحربِ الإسرائيليةُ التي هدمت كلَّ أحلامِنا ، كنا قد ذهبنا لأداءِ صلاةِ العشاءِ وفي بدايةِ الصلاةِ بدأتِ الحِمَمُ البركانيةُ( الصواريخُ و القذائف ) بالتساقط بجوار المسجد الذي كنا نصلي فيه و أفزعتِ الجميع َ من شبابٍ و أطفالٍ و شيوخ و بعدَ أن انتهينا من الصلاةِ قام الإمامُ و في عيونِه الخوفُ و القلقُ و قال لن نصليَ اليوم صلاةَ التراويحِ بسببِ الظروفِِ التي نمرُ بها و في تلك اللحَظَّةِ بدأت الطائراتُ تستهدفُ ( خزاناتِ المياهِ المغذيةِ للبلدةِ و خطوطِ الكهرباءِ و الشوارعِ الرئيسيةِ وقطعِ الطريقِ أمامَ سياراتِ الإسعافِ) بلدتي الجميلةُ خزاعةُ، سارع الجميعُ من هولِ الموقفِ وشدةِ القصف مسرعين كلٌ منا إلى بيتِه أو إلى أقرب بيت يحتمي بداخلِه ، قُطِعتِ الكهرباءُ فإذا خزاعةُ تغوصُ في ظلامٍ دامسٍ لا ترى أيَّ شيءٍ لا تسمعُ سوى صوتِ الإنفجاراتِ تهزُّ البيوتَ، ما هذا! هل خزاعة تُضربُ بقذائفَ عنقوديةٍ ، أم ماذا؟ رائحةُ البارودِ في كل مكانٍ تكادُ أن تختنقَ من شدتها ، الخوفُ في كل مكانٍ ، الأطفالُ تبكي ، النساءُ تبكي ، الشيوخ تدعو الله أن يحميَنا و يحميَ رجالَ المقاومةِ الذين يدافعون عنا بكلِ قوةٍ و شجاعةٍ ، بدأتِ الأخبارُ تصلُ و كانت أخباراً صادمةً أولُها صديقي قد استُشهِد و قُصِفَ منزلُهم و أمُّه و أختُه قد استُشهدوا أيضاً و أبوه قد أصيب ، يا اللهُ! ما هذا الذي يحدث؟! عندما تسألُ أحد أصدقائك على الهاتف عن شخصٍ (حبيبٍ او صديقٍ أو أحد الجيرانِ أو الأقاربِ ) و يقولُ لكَ قد استُشهِد أو أُصيب ، مرتِ هذه الليلةُ و كانت ليلةً صعبةً على جميع سكان بلدتي حيث ظهرت عنجهيةُ آلةِ الاحتلال الإسرائيليِ في قتلِ الأطفالِ و الشباب و الشيوخ الآمنينَ العزلِ الذين لا يمتلكون إلَّا الدعاء لله ، و معَ بدايةِ اليومِ الثاني كانت أصعبُ المواقفِ التي رأيتُها و سمعتُها في حياتي عندما خرجت جارتي صارخةً و تبكي بأعلى صوتِها : استُشهِدَ زوجي و لكن لا أحدَ منا يستطيعُ الوصولَ اليها ؛ لوجودِ قناصةِ الاحتلال تقتلُ كلَّ من يتحركُ فطلبنا منها الدخولَ و بعدَ دقيقةٍ خرجت مرةً أخرى و لكن هذه المرةُ تزُّفُ شهيداً جديداً و تقولُ : استُشهِدَ ابني ، يا اللهُ ماذا يحدث؟ هل سنموتُ جميعاً اليوم؟ فلم يستطع أحدٌ الوصولَ إلى تلك المرأة التي فقدت فلذاتِ كبدِها فقد نامت هذه المرأة بينَ أحبابِها آخرَ مرةٍ و لكن كانوا جثثاً هامدةً و لا أحدَ منا يستطيعُ تصورَ الموقفِ من شدتِه، وفي هذا اليومِ بدأَ كلُّ شيءٍ بالنفاذِ الماءُ و بطارياتُ الهواتف حتى الهواءُ قد نفذَ من كثرةِ رائحةِ البارودِ و الدخانِ الناتجِ عن حرقِ البيوتِ و هدمِها ، الأرضُ ضاقتْ علينا بما رَحُبَت كلُّ الأخبار التي نسمعها إما عن طريقِ الهواتفِ او عن طريقِ التحدثِ معَ من خلفَ الجدران كانت كارثيةً و كان الخبرُ المفجعُ عندما سمعتُ خبرَ انه تمَّ قصفُ منزلِ استاذٍ فقد استُشهِدَ هو و ابنُه و ابنتُه ، لا مكانٌ آمنٌ فرائحةُ الموتِ في كل مكانٍ فالعدوُّ لا يفرِّقُ بينَ مدنيٍّ او عسكريٍّ فهو يريدُ قتلَ كلِّ من يراه و من لا يراه ، اشتدَّ الحربُ على خزاعةَ و أخذت القذائف تتساقط بشكل عشوائيٍّو كثيفٍ جداً و في تلك اللحظةِ اتفقَ السكانُ المدنيون على الخروجِ إلى الشوارعِ حاملينَ الرًّاياتِ البيضاءَ دلالةً على الاستسلام و الخوفِ و أن يتوجهوا لشارعٍ اسمُه في خزاعةَ (آل ابو رجيلة) حتى يتمكنوا من الخروجِ خرجَ الناس من الإسرائيلية البيوت حاملين الرَّاياتِ البيضاءَ دلالةً على الاستسلام و الخوفِ و هنا كانت المصيبةُ عندما خرجَ ألفانِ مواطنٍ مدنيٍّ حاملينَ الرَّاياتِ البيضَ كنتُ أنظرُ لهذا المشهدِ فلم أصدق ما يحدثُ الكلُّ خائفٌ ذلك الذي على كرسيِّه المتحرِّكِ خائفٌ و الشيخ الذي يرتكزُ على عُكَّازِه خائف و في عيونِه الخوفُ و الحزنُ ، و ذلك الشاب الذي يسألُ عن أصدقائِه فيتفاجأُ بخبرِ استشهادِهم ، كانت فاجعةً بمعنى الكلمةِ، الأطفالُ تبكي ، النساء تبكي ، تجمَّعنا في هذا الشارعِ و بدأنا بالتقدُّم تُجاهَ مدخلِ خزاعةَ حاملينَ الرَّاياتِ البيضاءَ و دعاءُ النساءِ و الشيوخِ يعلو تدريجياً في كلِّ مكانٍ حتى وصلنا مدخلَ البلدةِ و تفاجأنا بوجودِ آلياتِ الاحتلال (دباباتٍ و جنودٍ ) و بدأت بفتحِ نيرانِ رشَّاشاتِها علينا و نحن عُزَّلٌ حاملينَ الرَّاياتِ البيضاءَ ، فأُُصيبَ الكثيرُ منا من أطفالٍ و نساءٍ و أذكرُ هنا قد أُصيبت امرأةٌ حاملٌ كانت بجواري و أصيب شابٌّ في مقتبلٍ العمرِ بطلقٍ ناريٍّ في ظهرِه و أيضاً أذكرُ قد استُشهِدَ العديدُ من الذينَ كانوا معَنا و منهم تلك المُقعَدةُ التي على كُرسيِّها المتحرِّكِ فلم يشفع لها ذلك الكرسيُّ أمامَ عُنفِ الآلة ، فإسرائيلُ لا تحترمُ الاتفاقياتِ الدوليةِ و المعاهداتِ و لا القانونَ الدوليَّ الإنسانيَّ ، ولم تحترمْ قانونَ حقوقِ الإنسانِ وجميعُ القوانين و الأعرافِ الدوليَّةِ منحتِ المدنينَ في الحربِ حقوقاً و أبسطُها حقُّ الأمانِ و عدمِ التعرَّضِ لهم و توفيرِ لهم احتياجاتِهم من أجلِ العيشِ و لكنَّ إسرائيلَ بجبروتِها و عدمِ احترامِها للقوانين قد قتلتِ الأطفالَ و النساءَ و الشيوخَ عندما رَجَعنا من حيثُ أتَيْنا كانت هناك عيادةٌ خاصةٌ لأحدِ أطبَّاءِ هذه البلدة فسارعَ في انقاذِ المصابينَ رغمَ قلَّةِ الامكانيات و كثرةِ الإصاباتِ ، بدأتِ الناسُ تتجمع كلُّ خمسينَ شخصٍ في بيتٍ واحدٍ أطفالٌ نساءٌ و شبابٌ و سيوخّ جرحى ، و بعدَ ساعةٍ قُصِفتِ العيادةُ التي كان الطبيبُ يُضَمِّدُ الجرحى بها و أُصيبَ الطبيبُ و استُشهِدَ أخوه ، بدأَ الأمرُ يشتَدُّ أكثر مما كان عليه نفِذ الماءُ لم يبقَ شيءٌ لا يوجَدُ طعامٌ ، كلُّ شيءٍ نَفِذ حتى بدأَ الظَّلامُ يعود ، يا ربي لا نقدرُ على هذا الظلامِ و ظلمِ العالمِ العربيِّ الذي لا يُحَرِّكُ ساكناً ، يا ربي ارحمنا ما لنا إلا انت هذه الكلماتُ التي كانت تُقالُ في كلِّ بيتٍ في تلك اللَّحَظاتِ بإجراءِ اتصلت معَ الصليبِ الأحمرِ . و الهلالِ الأحمرِ من أجلِ التنسيقِ لخروجِنا و كانتِ الإجابةُ كالتالي ( أجرينا بعضَ الاتصالات معَ دولةِ الاحتلال فرفضوا دخولَ سيَّاراتِ الإسعافِ وقالوا: إنَّ بلدةَ خزاعةَ مِنطقةٌ عسكريةٌ مغلقةٌ من يحاولِ الدخولَ لها سيُقتل، ومن يتحرَّكْ بداخلِها سيُقتل أيضاً ، هنا تأكَّدتُ تماماً أنَّنا سنموتُ جميعاً و في اليومِ التالي بدأت مِدفعيةُ الاحتلال الصهيونيِّ تقصفُ البيوتَ بشكلٍ عشوائيٍّ و استهدفتِ البيوتَ التي يحتمي بها المدنيونَ من أجل ِ قتلِ أكبرِ عددٍ منهم ، تَجَمَّع مجموعةٌ من الأشخاصِ و قاموا بالنداءِ اخرجوا جميعاً سنخرجُ من الطريقِ الفرعيِ الذي يربطُ بلدة خزاعةَ ببلدةِ عبسانَ ، بدأ الناس بالخروج من المنازل التي كانوا يختبئون بها و لم تتوقفْ طائراتُ الاحتلال و المدفعيةُ عن القصفِ ، أتذكرُّ انه عندما خرج مجموعةٌ من السكانِ المدنيننَ الذينَ كانوا يختبئون فيه قد قُصِفوا بمدفعيةِ العدوِّ الثقيلةِ و وقعوا ما بين شهيدٍ و جريحٍ و كانَ من ضمنِهم الشهيدُ الطفلُ ، أنس حاتم قديح ذلك بعد أن أُصيبَ إصابةً حَرجِةً و تُرِكَ ثلاثةَ أيَّامٍ في الشارعِ ثم فارقَ الحياة ليعيشَ حياةً أفضلَ منَ الحياةِ التي يعيشُها في الدنيا الفانيةِ ، وعندَما خرجتُ منَ البيتِ الذي كنتُ أحتمي به معَ عددٍ كبيرٍ من المدنيين لأرى ما لم يرَه أحدٌ و لا يخطرُ على بالِ بشر ، فكان كلُّ شيءٍ قد تمَّ تسويتُه بالأرضِ ، البيوتُ ، و أعمدةُ الإنارةِ ، و الأشجارُ المعمرةُ ،حكاياتنا ، وابتساماتُنا ، كلُّ شيءٍ قد تمَّ هدمُه ، نظرتُ أمامي و رأيتُ رجلاً يحملُ امرأتَه على ظهرِه ؛ لأنَّها لا تستطيعُ السيرَ بسببِ الإصابةِ و شابَّاً أيضا كذلك ، و طفلٌ تحملُه أمُّه و تبكي عليه لأنَّه مصاب و لا تقدرُ على مساعدتِه ، يا اللهُ ماذا أفعلُ ؟ ما هذا الذي يحدثُ ؟ أخذتُ أنظرُ يميناً و يساراً لأجدَ شيئا أفعلُه لهؤلاء الناسِ المصابين فلم أجدْ إلَّا تلك العربةَ التي يجرُّها الحصانُ او البغلُ (كارَّةٌ يُقالُ لها في القريةِ) قمتُ بجرِّها و وضعتُ عليها المرأةِ و الشابَ و الشيخَ المصابَ و الطفلَ و أمَّه و أختَه ، و أخذتُ أجرُّها حتَّى دخلتُ بتلكَ الطريقِ التي تربطُ بلدتي ببلدةِ عبسانَ ، و كانَ عددُنا ما يقاربُ ألفَ شخصٍ و تفاجئنا بوجودِ تلك الآلياتِ المتغطرسةِ التي تخطفُ الأحلامَ و تخطفُ من نحبُّ تقفُ أمامنا و يعلوها جنديٌ صهيونيّ لم يتجاوزِ العشرين من عُمُرِه ، و طلبَ منَ الجميعِ رفعَ أيديهم إلى الأعلى و بدأ يطلق النارَ على رؤوسِهم ، و في السماءِ ؛ ليرعبَ النساء و الأطفالَ الشيوخَ ، و كلَّما كانَ يُطلقُ النارَ كانت صراخُ و بكاءُ النساء تزيد و هو يُطلقُ النار مبتسماً ، ثمَّ طلبَ منا السَّيرَ في طريقٍ حدَّدَها و أن نرفعَ الرَّاياتِ البيضاءَ ، و أنا أجر تلك العربةَ أنظرُ خلفي و أمامي و جانبي تذكرّْتُ تلك المشاهدَ التي رأيناها في مسلسلِ التغريبةِ الفلسطينيةِ عندَما أخرجوا أهلَنا قصراً كما أخرجونا الآنَ ، كانت عيني قد امتلئتْ بدمعةِ الحزنِ على هذا الحالِ الذي نحنُ فيه ، وصلنا بلدةَ عبسانَ و كانت سياراتُ الإسعافِ تنظرُنا لتنقلَ الجرحى و المصابينَ ، توجّهنا الى مجمَّعِ ناصرِ الطبيِّ في وسطِ المدينةِ ، عندَما وصلتُ المجمَّعَ نظرت إلى جميعِ الاتجاهات لا أجدُ إلَّا آهاتِ الألمِ و آهاتِ الفراقِ تملأُ المكانَ و رائحةُ الموتِ في كلِّ مكانٍ ، و بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ من خروجِنا و هجرتِنا من خزاعةَ زارَنا العيدُ ، بأيِّ حالٍ أتيتَ يا عيدُ؟ و قد أخذت منا الآلاتُ العنفِ الإسرائيليةُ أحلامَنا و كلَّ ما نملُكُ و أحبتَنا ، رُحماكَ ربِّي لم نقدر على الفراقِ فصبرنا ، مر علينا العيدُ و نحنُ في أصعبِ الأوقاتِ و بعد خمسةٍ و خمسينَ يوماً منَ الحربِ المتواصلةِ التي فقدنا فيها أغلى ما نملُكُ بفعل العنف لآلاتِ الموتِ العسكريةِ الإسرائيلية الذي مورِسَ و يُمارسُ ضدَّ شعبِنا الفلسطينيِّ ، عُقِدَ اتُّاقُ الهُدنةِ بينَ المقاومةِ الفلسطينيةِ التي ضحَّت من أجلِ كرامةِ الشعبِ الفلسطينيِّ و بينَ العدوِّ الصهيونيِّ بتدخُّلٍ من أطرافٍ دوليَّةٍ ، عدنا يا خزاعةُ ، فأينَ أنتِ يا خزاعةُ؟ لم نعرفُ مدخلَ خزاعةَ لم نعرف طُرُقَ خزاعةَ ، فقط كُنَّا نعرفُ رائحةَ الموتِ في كلَّ مكانٍ ، هل خزاعةُ ضربَها زلزالٌ مدمٍّرٌ ؟ هل خزاعةُ ضربتها قذائفُ تحمِلُ رؤوساً نوويةً أم ماذا؟ البيوتُ مدمرَّةٌ ، المساجدُ مهدومةٌ ، الطرُقُ محفَّرةٌ ، و لا يوجدُ بنيةٌ تحتيَّةٌ نهائياً فقد دُمِرَّت ، خزاعةُ عادتْ إلى العصرِ الحجريِّ فلم تعد صالحةً للعيشِ الآدميِ حتَّى الحيواناتُ قُتِلَت ، و لكن بتحالُفِ و تماسُكِ أبنائها و عائلاتِها و بحبَّهم لوطنِهم و بحكمةِ أهلها أعادوا بناءَ خزاعة بالمحبةِ ، فخزاعةُ و أهلُها كانوا دائما يردِّدون تلك الكلماتِ التي تحتوي على حبهم لوطنِهم و التضحية لهذا الوطنِ : "فانظروا في وطنِكم و شاركوا في بنائِه و طنٌ لا نشاركُ في بنائِه لا نستحقُّ العيشَ في فنائِه ، وطن يُطينا و لا نُعطيه ذلك هو الظلم بعينِه" فأهلُ خزاعةَ شاركوا في بناءِ هذا الوطنِ المِعطاءِ و ضحَّوا من أجلِه و دفعوا فلذاتِ أكبادِهم و مهجةَ قلوبِهم من أجلِ الوطنِ ، فهذا باختصارٍ و المصيبةُ أكبرُ من ذلك ، رحِمَ اللهُ الشهداءَ و نتمنَّى الشفاءَ العاجلَ لجرحانا و الحريةَ لأسرانا البواسلِ.
بقلم / تامر قديح
تخصص : قانون دولي
ذكرى الحربِ هي ذكرى الفراقِ و الألمِ ذكرى الوجعِ الموجودِ في كلِّ قلبِ كلِّ بيتٍ في كلِ شارعٍ في كلِّ زقاقٍ من أزقةِ قطاعِنا الحبيبِ و أَذْكُرُ في هذا المقالِ الموجزِ الذي لا يكفي للحديثِ عن ألمِ الوجعِ عن ألمِ الفراقِ و هذه الذكرى لا تحتاجُ الى مقالٍ أو كتابٍ أو مجلدٍ بل تحتاجُ الى العديدِ من المجلداتِ و الملفاتِ التي ستثاقلُ من حجمِ الألمِ التي ستحملُه .
في يومِ الثلاثاء الموافقِ 22/7/2014 ، 25 رمضان ، كنتُ أنا و مجموعةٌ من أصدقائي الذين أصبحوا في هذا اليومِ ذكرى فقد فرقتنا به آلةُ الحربِ الإسرائيليةُ التي هدمت كلَّ أحلامِنا ، كنا قد ذهبنا لأداءِ صلاةِ العشاءِ وفي بدايةِ الصلاةِ بدأتِ الحِمَمُ البركانيةُ( الصواريخُ و القذائف ) بالتساقط بجوار المسجد الذي كنا نصلي فيه و أفزعتِ الجميع َ من شبابٍ و أطفالٍ و شيوخ و بعدَ أن انتهينا من الصلاةِ قام الإمامُ و في عيونِه الخوفُ و القلقُ و قال لن نصليَ اليوم صلاةَ التراويحِ بسببِ الظروفِِ التي نمرُ بها و في تلك اللحَظَّةِ بدأت الطائراتُ تستهدفُ ( خزاناتِ المياهِ المغذيةِ للبلدةِ و خطوطِ الكهرباءِ و الشوارعِ الرئيسيةِ وقطعِ الطريقِ أمامَ سياراتِ الإسعافِ) بلدتي الجميلةُ خزاعةُ، سارع الجميعُ من هولِ الموقفِ وشدةِ القصف مسرعين كلٌ منا إلى بيتِه أو إلى أقرب بيت يحتمي بداخلِه ، قُطِعتِ الكهرباءُ فإذا خزاعةُ تغوصُ في ظلامٍ دامسٍ لا ترى أيَّ شيءٍ لا تسمعُ سوى صوتِ الإنفجاراتِ تهزُّ البيوتَ، ما هذا! هل خزاعة تُضربُ بقذائفَ عنقوديةٍ ، أم ماذا؟ رائحةُ البارودِ في كل مكانٍ تكادُ أن تختنقَ من شدتها ، الخوفُ في كل مكانٍ ، الأطفالُ تبكي ، النساءُ تبكي ، الشيوخ تدعو الله أن يحميَنا و يحميَ رجالَ المقاومةِ الذين يدافعون عنا بكلِ قوةٍ و شجاعةٍ ، بدأتِ الأخبارُ تصلُ و كانت أخباراً صادمةً أولُها صديقي قد استُشهِد و قُصِفَ منزلُهم و أمُّه و أختُه قد استُشهدوا أيضاً و أبوه قد أصيب ، يا اللهُ! ما هذا الذي يحدث؟! عندما تسألُ أحد أصدقائك على الهاتف عن شخصٍ (حبيبٍ او صديقٍ أو أحد الجيرانِ أو الأقاربِ ) و يقولُ لكَ قد استُشهِد أو أُصيب ، مرتِ هذه الليلةُ و كانت ليلةً صعبةً على جميع سكان بلدتي حيث ظهرت عنجهيةُ آلةِ الاحتلال الإسرائيليِ في قتلِ الأطفالِ و الشباب و الشيوخ الآمنينَ العزلِ الذين لا يمتلكون إلَّا الدعاء لله ، و معَ بدايةِ اليومِ الثاني كانت أصعبُ المواقفِ التي رأيتُها و سمعتُها في حياتي عندما خرجت جارتي صارخةً و تبكي بأعلى صوتِها : استُشهِدَ زوجي و لكن لا أحدَ منا يستطيعُ الوصولَ اليها ؛ لوجودِ قناصةِ الاحتلال تقتلُ كلَّ من يتحركُ فطلبنا منها الدخولَ و بعدَ دقيقةٍ خرجت مرةً أخرى و لكن هذه المرةُ تزُّفُ شهيداً جديداً و تقولُ : استُشهِدَ ابني ، يا اللهُ ماذا يحدث؟ هل سنموتُ جميعاً اليوم؟ فلم يستطع أحدٌ الوصولَ إلى تلك المرأة التي فقدت فلذاتِ كبدِها فقد نامت هذه المرأة بينَ أحبابِها آخرَ مرةٍ و لكن كانوا جثثاً هامدةً و لا أحدَ منا يستطيعُ تصورَ الموقفِ من شدتِه، وفي هذا اليومِ بدأَ كلُّ شيءٍ بالنفاذِ الماءُ و بطارياتُ الهواتف حتى الهواءُ قد نفذَ من كثرةِ رائحةِ البارودِ و الدخانِ الناتجِ عن حرقِ البيوتِ و هدمِها ، الأرضُ ضاقتْ علينا بما رَحُبَت كلُّ الأخبار التي نسمعها إما عن طريقِ الهواتفِ او عن طريقِ التحدثِ معَ من خلفَ الجدران كانت كارثيةً و كان الخبرُ المفجعُ عندما سمعتُ خبرَ انه تمَّ قصفُ منزلِ استاذٍ فقد استُشهِدَ هو و ابنُه و ابنتُه ، لا مكانٌ آمنٌ فرائحةُ الموتِ في كل مكانٍ فالعدوُّ لا يفرِّقُ بينَ مدنيٍّ او عسكريٍّ فهو يريدُ قتلَ كلِّ من يراه و من لا يراه ، اشتدَّ الحربُ على خزاعةَ و أخذت القذائف تتساقط بشكل عشوائيٍّو كثيفٍ جداً و في تلك اللحظةِ اتفقَ السكانُ المدنيون على الخروجِ إلى الشوارعِ حاملينَ الرًّاياتِ البيضاءَ دلالةً على الاستسلام و الخوفِ و أن يتوجهوا لشارعٍ اسمُه في خزاعةَ (آل ابو رجيلة) حتى يتمكنوا من الخروجِ خرجَ الناس من الإسرائيلية البيوت حاملين الرَّاياتِ البيضاءَ دلالةً على الاستسلام و الخوفِ و هنا كانت المصيبةُ عندما خرجَ ألفانِ مواطنٍ مدنيٍّ حاملينَ الرَّاياتِ البيضَ كنتُ أنظرُ لهذا المشهدِ فلم أصدق ما يحدثُ الكلُّ خائفٌ ذلك الذي على كرسيِّه المتحرِّكِ خائفٌ و الشيخ الذي يرتكزُ على عُكَّازِه خائف و في عيونِه الخوفُ و الحزنُ ، و ذلك الشاب الذي يسألُ عن أصدقائِه فيتفاجأُ بخبرِ استشهادِهم ، كانت فاجعةً بمعنى الكلمةِ، الأطفالُ تبكي ، النساء تبكي ، تجمَّعنا في هذا الشارعِ و بدأنا بالتقدُّم تُجاهَ مدخلِ خزاعةَ حاملينَ الرَّاياتِ البيضاءَ و دعاءُ النساءِ و الشيوخِ يعلو تدريجياً في كلِّ مكانٍ حتى وصلنا مدخلَ البلدةِ و تفاجأنا بوجودِ آلياتِ الاحتلال (دباباتٍ و جنودٍ ) و بدأت بفتحِ نيرانِ رشَّاشاتِها علينا و نحن عُزَّلٌ حاملينَ الرَّاياتِ البيضاءَ ، فأُُصيبَ الكثيرُ منا من أطفالٍ و نساءٍ و أذكرُ هنا قد أُصيبت امرأةٌ حاملٌ كانت بجواري و أصيب شابٌّ في مقتبلٍ العمرِ بطلقٍ ناريٍّ في ظهرِه و أيضاً أذكرُ قد استُشهِدَ العديدُ من الذينَ كانوا معَنا و منهم تلك المُقعَدةُ التي على كُرسيِّها المتحرِّكِ فلم يشفع لها ذلك الكرسيُّ أمامَ عُنفِ الآلة ، فإسرائيلُ لا تحترمُ الاتفاقياتِ الدوليةِ و المعاهداتِ و لا القانونَ الدوليَّ الإنسانيَّ ، ولم تحترمْ قانونَ حقوقِ الإنسانِ وجميعُ القوانين و الأعرافِ الدوليَّةِ منحتِ المدنينَ في الحربِ حقوقاً و أبسطُها حقُّ الأمانِ و عدمِ التعرَّضِ لهم و توفيرِ لهم احتياجاتِهم من أجلِ العيشِ و لكنَّ إسرائيلَ بجبروتِها و عدمِ احترامِها للقوانين قد قتلتِ الأطفالَ و النساءَ و الشيوخَ عندما رَجَعنا من حيثُ أتَيْنا كانت هناك عيادةٌ خاصةٌ لأحدِ أطبَّاءِ هذه البلدة فسارعَ في انقاذِ المصابينَ رغمَ قلَّةِ الامكانيات و كثرةِ الإصاباتِ ، بدأتِ الناسُ تتجمع كلُّ خمسينَ شخصٍ في بيتٍ واحدٍ أطفالٌ نساءٌ و شبابٌ و سيوخّ جرحى ، و بعدَ ساعةٍ قُصِفتِ العيادةُ التي كان الطبيبُ يُضَمِّدُ الجرحى بها و أُصيبَ الطبيبُ و استُشهِدَ أخوه ، بدأَ الأمرُ يشتَدُّ أكثر مما كان عليه نفِذ الماءُ لم يبقَ شيءٌ لا يوجَدُ طعامٌ ، كلُّ شيءٍ نَفِذ حتى بدأَ الظَّلامُ يعود ، يا ربي لا نقدرُ على هذا الظلامِ و ظلمِ العالمِ العربيِّ الذي لا يُحَرِّكُ ساكناً ، يا ربي ارحمنا ما لنا إلا انت هذه الكلماتُ التي كانت تُقالُ في كلِّ بيتٍ في تلك اللَّحَظاتِ بإجراءِ اتصلت معَ الصليبِ الأحمرِ . و الهلالِ الأحمرِ من أجلِ التنسيقِ لخروجِنا و كانتِ الإجابةُ كالتالي ( أجرينا بعضَ الاتصالات معَ دولةِ الاحتلال فرفضوا دخولَ سيَّاراتِ الإسعافِ وقالوا: إنَّ بلدةَ خزاعةَ مِنطقةٌ عسكريةٌ مغلقةٌ من يحاولِ الدخولَ لها سيُقتل، ومن يتحرَّكْ بداخلِها سيُقتل أيضاً ، هنا تأكَّدتُ تماماً أنَّنا سنموتُ جميعاً و في اليومِ التالي بدأت مِدفعيةُ الاحتلال الصهيونيِّ تقصفُ البيوتَ بشكلٍ عشوائيٍّ و استهدفتِ البيوتَ التي يحتمي بها المدنيونَ من أجل ِ قتلِ أكبرِ عددٍ منهم ، تَجَمَّع مجموعةٌ من الأشخاصِ و قاموا بالنداءِ اخرجوا جميعاً سنخرجُ من الطريقِ الفرعيِ الذي يربطُ بلدة خزاعةَ ببلدةِ عبسانَ ، بدأ الناس بالخروج من المنازل التي كانوا يختبئون بها و لم تتوقفْ طائراتُ الاحتلال و المدفعيةُ عن القصفِ ، أتذكرُّ انه عندما خرج مجموعةٌ من السكانِ المدنيننَ الذينَ كانوا يختبئون فيه قد قُصِفوا بمدفعيةِ العدوِّ الثقيلةِ و وقعوا ما بين شهيدٍ و جريحٍ و كانَ من ضمنِهم الشهيدُ الطفلُ ، أنس حاتم قديح ذلك بعد أن أُصيبَ إصابةً حَرجِةً و تُرِكَ ثلاثةَ أيَّامٍ في الشارعِ ثم فارقَ الحياة ليعيشَ حياةً أفضلَ منَ الحياةِ التي يعيشُها في الدنيا الفانيةِ ، وعندَما خرجتُ منَ البيتِ الذي كنتُ أحتمي به معَ عددٍ كبيرٍ من المدنيين لأرى ما لم يرَه أحدٌ و لا يخطرُ على بالِ بشر ، فكان كلُّ شيءٍ قد تمَّ تسويتُه بالأرضِ ، البيوتُ ، و أعمدةُ الإنارةِ ، و الأشجارُ المعمرةُ ،حكاياتنا ، وابتساماتُنا ، كلُّ شيءٍ قد تمَّ هدمُه ، نظرتُ أمامي و رأيتُ رجلاً يحملُ امرأتَه على ظهرِه ؛ لأنَّها لا تستطيعُ السيرَ بسببِ الإصابةِ و شابَّاً أيضا كذلك ، و طفلٌ تحملُه أمُّه و تبكي عليه لأنَّه مصاب و لا تقدرُ على مساعدتِه ، يا اللهُ ماذا أفعلُ ؟ ما هذا الذي يحدثُ ؟ أخذتُ أنظرُ يميناً و يساراً لأجدَ شيئا أفعلُه لهؤلاء الناسِ المصابين فلم أجدْ إلَّا تلك العربةَ التي يجرُّها الحصانُ او البغلُ (كارَّةٌ يُقالُ لها في القريةِ) قمتُ بجرِّها و وضعتُ عليها المرأةِ و الشابَ و الشيخَ المصابَ و الطفلَ و أمَّه و أختَه ، و أخذتُ أجرُّها حتَّى دخلتُ بتلكَ الطريقِ التي تربطُ بلدتي ببلدةِ عبسانَ ، و كانَ عددُنا ما يقاربُ ألفَ شخصٍ و تفاجئنا بوجودِ تلك الآلياتِ المتغطرسةِ التي تخطفُ الأحلامَ و تخطفُ من نحبُّ تقفُ أمامنا و يعلوها جنديٌ صهيونيّ لم يتجاوزِ العشرين من عُمُرِه ، و طلبَ منَ الجميعِ رفعَ أيديهم إلى الأعلى و بدأ يطلق النارَ على رؤوسِهم ، و في السماءِ ؛ ليرعبَ النساء و الأطفالَ الشيوخَ ، و كلَّما كانَ يُطلقُ النارَ كانت صراخُ و بكاءُ النساء تزيد و هو يُطلقُ النار مبتسماً ، ثمَّ طلبَ منا السَّيرَ في طريقٍ حدَّدَها و أن نرفعَ الرَّاياتِ البيضاءَ ، و أنا أجر تلك العربةَ أنظرُ خلفي و أمامي و جانبي تذكرّْتُ تلك المشاهدَ التي رأيناها في مسلسلِ التغريبةِ الفلسطينيةِ عندَما أخرجوا أهلَنا قصراً كما أخرجونا الآنَ ، كانت عيني قد امتلئتْ بدمعةِ الحزنِ على هذا الحالِ الذي نحنُ فيه ، وصلنا بلدةَ عبسانَ و كانت سياراتُ الإسعافِ تنظرُنا لتنقلَ الجرحى و المصابينَ ، توجّهنا الى مجمَّعِ ناصرِ الطبيِّ في وسطِ المدينةِ ، عندَما وصلتُ المجمَّعَ نظرت إلى جميعِ الاتجاهات لا أجدُ إلَّا آهاتِ الألمِ و آهاتِ الفراقِ تملأُ المكانَ و رائحةُ الموتِ في كلِّ مكانٍ ، و بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ من خروجِنا و هجرتِنا من خزاعةَ زارَنا العيدُ ، بأيِّ حالٍ أتيتَ يا عيدُ؟ و قد أخذت منا الآلاتُ العنفِ الإسرائيليةُ أحلامَنا و كلَّ ما نملُكُ و أحبتَنا ، رُحماكَ ربِّي لم نقدر على الفراقِ فصبرنا ، مر علينا العيدُ و نحنُ في أصعبِ الأوقاتِ و بعد خمسةٍ و خمسينَ يوماً منَ الحربِ المتواصلةِ التي فقدنا فيها أغلى ما نملُكُ بفعل العنف لآلاتِ الموتِ العسكريةِ الإسرائيلية الذي مورِسَ و يُمارسُ ضدَّ شعبِنا الفلسطينيِّ ، عُقِدَ اتُّاقُ الهُدنةِ بينَ المقاومةِ الفلسطينيةِ التي ضحَّت من أجلِ كرامةِ الشعبِ الفلسطينيِّ و بينَ العدوِّ الصهيونيِّ بتدخُّلٍ من أطرافٍ دوليَّةٍ ، عدنا يا خزاعةُ ، فأينَ أنتِ يا خزاعةُ؟ لم نعرفُ مدخلَ خزاعةَ لم نعرف طُرُقَ خزاعةَ ، فقط كُنَّا نعرفُ رائحةَ الموتِ في كلَّ مكانٍ ، هل خزاعةُ ضربَها زلزالٌ مدمٍّرٌ ؟ هل خزاعةُ ضربتها قذائفُ تحمِلُ رؤوساً نوويةً أم ماذا؟ البيوتُ مدمرَّةٌ ، المساجدُ مهدومةٌ ، الطرُقُ محفَّرةٌ ، و لا يوجدُ بنيةٌ تحتيَّةٌ نهائياً فقد دُمِرَّت ، خزاعةُ عادتْ إلى العصرِ الحجريِّ فلم تعد صالحةً للعيشِ الآدميِ حتَّى الحيواناتُ قُتِلَت ، و لكن بتحالُفِ و تماسُكِ أبنائها و عائلاتِها و بحبَّهم لوطنِهم و بحكمةِ أهلها أعادوا بناءَ خزاعة بالمحبةِ ، فخزاعةُ و أهلُها كانوا دائما يردِّدون تلك الكلماتِ التي تحتوي على حبهم لوطنِهم و التضحية لهذا الوطنِ : "فانظروا في وطنِكم و شاركوا في بنائِه و طنٌ لا نشاركُ في بنائِه لا نستحقُّ العيشَ في فنائِه ، وطن يُطينا و لا نُعطيه ذلك هو الظلم بعينِه" فأهلُ خزاعةَ شاركوا في بناءِ هذا الوطنِ المِعطاءِ و ضحَّوا من أجلِه و دفعوا فلذاتِ أكبادِهم و مهجةَ قلوبِهم من أجلِ الوطنِ ، فهذا باختصارٍ و المصيبةُ أكبرُ من ذلك ، رحِمَ اللهُ الشهداءَ و نتمنَّى الشفاءَ العاجلَ لجرحانا و الحريةَ لأسرانا البواسلِ.
بقلم / تامر قديح
تخصص : قانون دولي