الأخبار
الاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوعنعيم قاسم: لن نكون جزءاً من شرعنة الاحتلال في لبنان ولن نقبل بالتطبيعفتوح: تهجير عشرات العائلات من عرب المليحات امتداد مباشر لسياسة التطهير العرقي والتهجيرالنيابة والشرطة تباشر إجراءاتهما القانونية في واقعة مقتل شابة في مدينة يطا
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خزاعة الكارثة والبطولة بقلم:تامر قديح

تاريخ النشر : 2019-07-30
خزاعة الكارثة والبطولة

ذكرى الحربِ هي ذكرى الفراقِ و الألمِ ذكرى الوجعِ الموجودِ في كلِّ قلبِ كلِّ بيتٍ في كلِ شارعٍ في كلِّ زقاقٍ من أزقةِ قطاعِنا الحبيبِ و أَذْكُرُ في هذا المقالِ الموجزِ الذي لا يكفي للحديثِ عن ألمِ الوجعِ عن ألمِ الفراقِ و هذه الذكرى لا تحتاجُ الى مقالٍ أو كتابٍ أو مجلدٍ بل تحتاجُ الى العديدِ من المجلداتِ و الملفاتِ التي ستثاقلُ من حجمِ الألمِ التي ستحملُه .
في يومِ الثلاثاء الموافقِ 22/7/2014 ، 25 رمضان ، كنتُ أنا و مجموعةٌ من أصدقائي الذين أصبحوا في هذا اليومِ ذكرى فقد فرقتنا به آلةُ الحربِ الإسرائيليةُ التي هدمت كلَّ أحلامِنا ، كنا قد ذهبنا لأداءِ صلاةِ العشاءِ وفي بدايةِ الصلاةِ بدأتِ الحِمَمُ البركانيةُ( الصواريخُ و القذائف ) بالتساقط بجوار المسجد الذي كنا نصلي فيه و أفزعتِ الجميع َ من شبابٍ و أطفالٍ و شيوخ و بعدَ أن انتهينا من الصلاةِ قام الإمامُ و في عيونِه الخوفُ و القلقُ و قال لن نصليَ اليوم صلاةَ التراويحِ بسببِ الظروفِِ التي نمرُ بها و في تلك اللحَظَّةِ بدأت الطائراتُ تستهدفُ ( خزاناتِ المياهِ المغذيةِ للبلدةِ و خطوطِ الكهرباءِ و الشوارعِ الرئيسيةِ وقطعِ الطريقِ أمامَ سياراتِ الإسعافِ) بلدتي الجميلةُ خزاعةُ، سارع الجميعُ من هولِ الموقفِ وشدةِ القصف مسرعين كلٌ منا إلى بيتِه أو إلى أقرب بيت يحتمي بداخلِه ، قُطِعتِ الكهرباءُ فإذا خزاعةُ تغوصُ في ظلامٍ دامسٍ لا ترى أيَّ شيءٍ لا تسمعُ سوى صوتِ الإنفجاراتِ تهزُّ البيوتَ، ما هذا! هل خزاعة تُضربُ بقذائفَ عنقوديةٍ ، أم ماذا؟ رائحةُ البارودِ في كل مكانٍ تكادُ أن تختنقَ من شدتها ، الخوفُ في كل مكانٍ ، الأطفالُ تبكي ، النساءُ تبكي ، الشيوخ تدعو الله أن يحميَنا و يحميَ رجالَ المقاومةِ الذين يدافعون عنا بكلِ قوةٍ و شجاعةٍ ، بدأتِ الأخبارُ تصلُ و كانت أخباراً صادمةً أولُها صديقي قد استُشهِد و قُصِفَ منزلُهم و أمُّه و أختُه قد استُشهدوا أيضاً و أبوه قد أصيب ، يا اللهُ! ما هذا الذي يحدث؟! عندما تسألُ أحد أصدقائك على الهاتف عن شخصٍ (حبيبٍ او صديقٍ أو أحد الجيرانِ أو الأقاربِ ) و يقولُ لكَ قد استُشهِد أو أُصيب ، مرتِ هذه الليلةُ و كانت ليلةً صعبةً على جميع سكان بلدتي حيث ظهرت عنجهيةُ آلةِ الاحتلال الإسرائيليِ في قتلِ الأطفالِ و الشباب و الشيوخ الآمنينَ العزلِ الذين لا يمتلكون إلَّا الدعاء لله ، و معَ بدايةِ اليومِ الثاني كانت أصعبُ المواقفِ التي رأيتُها و سمعتُها في حياتي عندما خرجت جارتي صارخةً و تبكي بأعلى صوتِها : استُشهِدَ زوجي و لكن لا أحدَ منا يستطيعُ الوصولَ اليها ؛ لوجودِ قناصةِ الاحتلال تقتلُ كلَّ من يتحركُ فطلبنا منها الدخولَ و بعدَ دقيقةٍ خرجت مرةً أخرى و لكن هذه المرةُ تزُّفُ شهيداً جديداً و تقولُ : استُشهِدَ ابني ، يا اللهُ ماذا يحدث؟ هل سنموتُ جميعاً اليوم؟ فلم يستطع أحدٌ الوصولَ إلى تلك المرأة التي فقدت فلذاتِ كبدِها فقد نامت هذه المرأة بينَ أحبابِها آخرَ مرةٍ و لكن كانوا جثثاً هامدةً و لا أحدَ منا يستطيعُ تصورَ الموقفِ من شدتِه، وفي هذا اليومِ بدأَ كلُّ شيءٍ بالنفاذِ الماءُ و بطارياتُ الهواتف حتى الهواءُ قد نفذَ من كثرةِ رائحةِ البارودِ و الدخانِ الناتجِ عن حرقِ البيوتِ و هدمِها ، الأرضُ ضاقتْ علينا بما رَحُبَت كلُّ الأخبار التي نسمعها إما عن طريقِ الهواتفِ او عن طريقِ التحدثِ معَ من خلفَ الجدران كانت كارثيةً و كان الخبرُ المفجعُ عندما سمعتُ خبرَ انه تمَّ قصفُ منزلِ استاذٍ فقد استُشهِدَ هو و ابنُه و ابنتُه ، لا مكانٌ آمنٌ فرائحةُ الموتِ في كل مكانٍ فالعدوُّ لا يفرِّقُ بينَ مدنيٍّ او عسكريٍّ فهو يريدُ قتلَ كلِّ من يراه و من لا يراه ، اشتدَّ الحربُ على خزاعةَ و أخذت القذائف تتساقط بشكل عشوائيٍّو كثيفٍ جداً و في تلك اللحظةِ اتفقَ السكانُ المدنيون على الخروجِ إلى الشوارعِ حاملينَ الرًّاياتِ البيضاءَ دلالةً على الاستسلام و الخوفِ و أن يتوجهوا لشارعٍ اسمُه في خزاعةَ (آل ابو رجيلة) حتى يتمكنوا من الخروجِ خرجَ الناس من الإسرائيلية البيوت حاملين الرَّاياتِ البيضاءَ دلالةً على الاستسلام و الخوفِ و هنا كانت المصيبةُ عندما خرجَ ألفانِ مواطنٍ مدنيٍّ حاملينَ الرَّاياتِ البيضَ كنتُ أنظرُ لهذا المشهدِ فلم أصدق ما يحدثُ الكلُّ خائفٌ ذلك الذي على كرسيِّه المتحرِّكِ خائفٌ و الشيخ الذي يرتكزُ على عُكَّازِه خائف و في عيونِه الخوفُ و الحزنُ ، و ذلك الشاب الذي يسألُ عن أصدقائِه فيتفاجأُ بخبرِ استشهادِهم ، كانت فاجعةً بمعنى الكلمةِ، الأطفالُ تبكي ، النساء تبكي ، تجمَّعنا في هذا الشارعِ و بدأنا بالتقدُّم تُجاهَ مدخلِ خزاعةَ حاملينَ الرَّاياتِ البيضاءَ و دعاءُ النساءِ و الشيوخِ يعلو تدريجياً في كلِّ مكانٍ حتى وصلنا مدخلَ البلدةِ و تفاجأنا بوجودِ آلياتِ الاحتلال (دباباتٍ و جنودٍ ) و بدأت بفتحِ نيرانِ رشَّاشاتِها علينا و نحن عُزَّلٌ حاملينَ الرَّاياتِ البيضاءَ ، فأُُصيبَ الكثيرُ منا من أطفالٍ و نساءٍ و أذكرُ هنا قد أُصيبت امرأةٌ حاملٌ كانت بجواري و أصيب شابٌّ في مقتبلٍ العمرِ بطلقٍ ناريٍّ في ظهرِه و أيضاً أذكرُ قد استُشهِدَ العديدُ من الذينَ كانوا معَنا و منهم تلك المُقعَدةُ التي على كُرسيِّها المتحرِّكِ فلم يشفع لها ذلك الكرسيُّ أمامَ عُنفِ الآلة ، فإسرائيلُ لا تحترمُ الاتفاقياتِ الدوليةِ و المعاهداتِ و لا القانونَ الدوليَّ الإنسانيَّ ، ولم تحترمْ قانونَ حقوقِ الإنسانِ وجميعُ القوانين و الأعرافِ الدوليَّةِ منحتِ المدنينَ في الحربِ حقوقاً و أبسطُها حقُّ الأمانِ و عدمِ التعرَّضِ لهم و توفيرِ لهم احتياجاتِهم من أجلِ العيشِ و لكنَّ إسرائيلَ بجبروتِها و عدمِ احترامِها للقوانين قد قتلتِ الأطفالَ و النساءَ و الشيوخَ عندما رَجَعنا من حيثُ أتَيْنا كانت هناك عيادةٌ خاصةٌ لأحدِ أطبَّاءِ هذه البلدة فسارعَ في انقاذِ المصابينَ رغمَ قلَّةِ الامكانيات و كثرةِ الإصاباتِ ، بدأتِ الناسُ تتجمع كلُّ خمسينَ شخصٍ في بيتٍ واحدٍ أطفالٌ نساءٌ و شبابٌ و سيوخّ جرحى ، و بعدَ ساعةٍ قُصِفتِ العيادةُ التي كان الطبيبُ يُضَمِّدُ الجرحى بها و أُصيبَ الطبيبُ و استُشهِدَ أخوه ، بدأَ الأمرُ يشتَدُّ أكثر مما كان عليه نفِذ الماءُ لم يبقَ شيءٌ لا يوجَدُ طعامٌ ، كلُّ شيءٍ نَفِذ حتى بدأَ الظَّلامُ يعود ، يا ربي لا نقدرُ على هذا الظلامِ و ظلمِ العالمِ العربيِّ الذي لا يُحَرِّكُ ساكناً ، يا ربي ارحمنا ما لنا إلا انت هذه الكلماتُ التي كانت تُقالُ في كلِّ بيتٍ في تلك اللَّحَظاتِ بإجراءِ اتصلت معَ الصليبِ الأحمرِ . و الهلالِ الأحمرِ من أجلِ التنسيقِ لخروجِنا و كانتِ الإجابةُ كالتالي ( أجرينا بعضَ الاتصالات معَ دولةِ الاحتلال فرفضوا دخولَ سيَّاراتِ الإسعافِ وقالوا: إنَّ بلدةَ خزاعةَ مِنطقةٌ عسكريةٌ مغلقةٌ من يحاولِ الدخولَ لها سيُقتل، ومن يتحرَّكْ بداخلِها سيُقتل أيضاً ، هنا تأكَّدتُ تماماً أنَّنا سنموتُ جميعاً و في اليومِ التالي بدأت مِدفعيةُ الاحتلال الصهيونيِّ تقصفُ البيوتَ بشكلٍ عشوائيٍّ و استهدفتِ البيوتَ التي يحتمي بها المدنيونَ من أجل ِ قتلِ أكبرِ عددٍ منهم ، تَجَمَّع مجموعةٌ من الأشخاصِ و قاموا بالنداءِ اخرجوا جميعاً سنخرجُ من الطريقِ الفرعيِ الذي يربطُ بلدة خزاعةَ ببلدةِ عبسانَ ، بدأ الناس بالخروج من المنازل التي كانوا يختبئون بها و لم تتوقفْ طائراتُ الاحتلال و المدفعيةُ عن القصفِ ، أتذكرُّ انه عندما خرج مجموعةٌ من السكانِ المدنيننَ الذينَ كانوا يختبئون فيه قد قُصِفوا بمدفعيةِ العدوِّ الثقيلةِ و وقعوا ما بين شهيدٍ و جريحٍ و كانَ من ضمنِهم الشهيدُ الطفلُ ، أنس حاتم قديح ذلك بعد أن أُصيبَ إصابةً حَرجِةً و تُرِكَ ثلاثةَ أيَّامٍ في الشارعِ ثم فارقَ الحياة ليعيشَ حياةً أفضلَ منَ الحياةِ التي يعيشُها في الدنيا الفانيةِ ، وعندَما خرجتُ منَ البيتِ الذي كنتُ أحتمي به معَ عددٍ كبيرٍ من المدنيين لأرى ما لم يرَه أحدٌ و لا يخطرُ على بالِ بشر ، فكان كلُّ شيءٍ قد تمَّ تسويتُه بالأرضِ ، البيوتُ ، و أعمدةُ الإنارةِ ، و الأشجارُ المعمرةُ ،حكاياتنا ، وابتساماتُنا ، كلُّ شيءٍ قد تمَّ هدمُه ، نظرتُ أمامي و رأيتُ رجلاً يحملُ امرأتَه على ظهرِه ؛ لأنَّها لا تستطيعُ السيرَ بسببِ الإصابةِ و شابَّاً أيضا كذلك ، و طفلٌ تحملُه أمُّه و تبكي عليه لأنَّه مصاب و لا تقدرُ على مساعدتِه ، يا اللهُ ماذا أفعلُ ؟ ما هذا الذي يحدثُ ؟ أخذتُ أنظرُ يميناً و يساراً لأجدَ شيئا أفعلُه لهؤلاء الناسِ المصابين فلم أجدْ إلَّا تلك العربةَ التي يجرُّها الحصانُ او البغلُ (كارَّةٌ يُقالُ لها في القريةِ) قمتُ بجرِّها و وضعتُ عليها المرأةِ و الشابَ و الشيخَ المصابَ و الطفلَ و أمَّه و أختَه ، و أخذتُ أجرُّها حتَّى دخلتُ بتلكَ الطريقِ التي تربطُ بلدتي ببلدةِ عبسانَ ، و كانَ عددُنا ما يقاربُ ألفَ شخصٍ و تفاجئنا بوجودِ تلك الآلياتِ المتغطرسةِ التي تخطفُ الأحلامَ و تخطفُ من نحبُّ تقفُ أمامنا و يعلوها جنديٌ صهيونيّ لم يتجاوزِ العشرين من عُمُرِه ، و طلبَ منَ الجميعِ رفعَ أيديهم إلى الأعلى و بدأ يطلق النارَ على رؤوسِهم ، و في السماءِ ؛ ليرعبَ النساء و الأطفالَ الشيوخَ ، و كلَّما كانَ يُطلقُ النارَ كانت صراخُ و بكاءُ النساء تزيد و هو يُطلقُ النار مبتسماً ، ثمَّ طلبَ منا السَّيرَ في طريقٍ حدَّدَها و أن نرفعَ الرَّاياتِ البيضاءَ ، و أنا أجر تلك العربةَ أنظرُ خلفي و أمامي و جانبي تذكرّْتُ تلك المشاهدَ التي رأيناها في مسلسلِ التغريبةِ الفلسطينيةِ عندَما أخرجوا أهلَنا قصراً كما أخرجونا الآنَ ، كانت عيني قد امتلئتْ بدمعةِ الحزنِ على هذا الحالِ الذي نحنُ فيه ، وصلنا بلدةَ عبسانَ و كانت سياراتُ الإسعافِ تنظرُنا لتنقلَ الجرحى و المصابينَ ، توجّهنا الى مجمَّعِ ناصرِ الطبيِّ في وسطِ المدينةِ ، عندَما وصلتُ المجمَّعَ نظرت إلى جميعِ الاتجاهات لا أجدُ إلَّا آهاتِ الألمِ و آهاتِ الفراقِ تملأُ المكانَ و رائحةُ الموتِ في كلِّ مكانٍ ، و بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ من خروجِنا و هجرتِنا من خزاعةَ زارَنا العيدُ ، بأيِّ حالٍ أتيتَ يا عيدُ؟ و قد أخذت منا الآلاتُ العنفِ الإسرائيليةُ أحلامَنا و كلَّ ما نملُكُ و أحبتَنا ، رُحماكَ ربِّي لم نقدر على الفراقِ فصبرنا ، مر علينا العيدُ و نحنُ في أصعبِ الأوقاتِ و بعد خمسةٍ و خمسينَ يوماً منَ الحربِ المتواصلةِ التي فقدنا فيها أغلى ما نملُكُ بفعل العنف لآلاتِ الموتِ العسكريةِ الإسرائيلية الذي مورِسَ و يُمارسُ ضدَّ شعبِنا الفلسطينيِّ ، عُقِدَ اتُّاقُ الهُدنةِ بينَ المقاومةِ الفلسطينيةِ التي ضحَّت من أجلِ كرامةِ الشعبِ الفلسطينيِّ و بينَ العدوِّ الصهيونيِّ بتدخُّلٍ من أطرافٍ دوليَّةٍ ، عدنا يا خزاعةُ ، فأينَ أنتِ يا خزاعةُ؟ لم نعرفُ مدخلَ خزاعةَ لم نعرف طُرُقَ خزاعةَ ، فقط كُنَّا نعرفُ رائحةَ الموتِ في كلَّ مكانٍ ، هل خزاعةُ ضربَها زلزالٌ مدمٍّرٌ ؟ هل خزاعةُ ضربتها قذائفُ تحمِلُ رؤوساً نوويةً أم ماذا؟ البيوتُ مدمرَّةٌ ، المساجدُ مهدومةٌ ، الطرُقُ محفَّرةٌ ، و لا يوجدُ بنيةٌ تحتيَّةٌ نهائياً فقد دُمِرَّت ، خزاعةُ عادتْ إلى العصرِ الحجريِّ فلم تعد صالحةً للعيشِ الآدميِ حتَّى الحيواناتُ قُتِلَت ، و لكن بتحالُفِ و تماسُكِ أبنائها و عائلاتِها و بحبَّهم لوطنِهم و بحكمةِ أهلها أعادوا بناءَ خزاعة بالمحبةِ ، فخزاعةُ و أهلُها كانوا دائما يردِّدون تلك الكلماتِ التي تحتوي على حبهم لوطنِهم و التضحية لهذا الوطنِ : "فانظروا في وطنِكم و شاركوا في بنائِه و طنٌ لا نشاركُ في بنائِه لا نستحقُّ العيشَ في فنائِه ، وطن يُطينا و لا نُعطيه ذلك هو الظلم بعينِه" فأهلُ خزاعةَ شاركوا في بناءِ هذا الوطنِ المِعطاءِ و ضحَّوا من أجلِه و دفعوا فلذاتِ أكبادِهم و مهجةَ قلوبِهم من أجلِ الوطنِ ، فهذا باختصارٍ و المصيبةُ أكبرُ من ذلك ، رحِمَ اللهُ الشهداءَ و نتمنَّى الشفاءَ العاجلَ لجرحانا و الحريةَ لأسرانا البواسلِ.

بقلم / تامر قديح
تخصص : قانون دولي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف