
مقبرة العدم
السَّماءُ مُظلمةٌ و سوداء قاتمة جداً على غير العادة ،الهُدوءُ يَعمُ أرجاءَ مَقبرة العدم الحالكة و لكن لا هدوءَ في الهدوءِ ، لا اسمع أي صوت سِوى صوتُ عقاربِ ساعةِ يدي ، أُحدِقُ بها و انتظر تلاقي العقربين عند الثَّانية عشر .
تِك تاك تِك تاك ،قُرِعت أجراسُ الثَّانية عشر بعد منتصف الهلاك ، و بدأت الأصوات ترتفع و تعلو ، أصواتٌ متشابكة كلعنات الشياطين و تعويذات المشعوذين ، ضجيجٌ صاخبٌ عّم أرجاء المقبرة بأسرها ، اسمعُ صوت ألحان سيمفونية قديمة و
مُخيفة تُصدرُ من القبر المجاور للقبر الذي أجلس عليه الآن ، الصوت يزداد رُعباً و صُخباً و القبر بدأ يهتز هزاتٍ مُدويةً تلو الأخرى ، التراب الذي يغطيه بدأ يتبعثر و يتناثر و كأن هناك شيءٌ بداخلِ القبر يدفعه لأعلى ، اسمع صوت طرقٍ على الواح الأخشابِ و طلاسم غير مفهومة ابداً و خُزعبلات من كل
القبور المهجورة منذ زمنٍ بعيد ، ثم فُتحَ القبر و يليه جميع القبور واحداً يلو الأخر إلا القبر الذي اجلس عليه ، و فجأةً هبت ريحٌ عاتية بأصواتٍ رهيبةٍ ، ثم نظرت الى القبر الذي يصدر منه صوت السيمفونية و إذ يخرج من قعرِ القبرِ هيكلٌ عظميٌّ مبتور اليدين ، هياكلٌ عظميةٌ بيضاء و سوداء و حمراء في كل مكان
، و هناك هياكلٌ باشكالٍ فظيعةٍ جداً لونها أسود نصفها عِظام و النصف الاخر يكسوه اللحم و الشحم و الدماء الحمر يسيل على هيئةِ خُيوطٍ لزجةٍ ، و هناك هياكلٌ حمراء منقطة و يكسوها الشعر ، و هياكل تتخلل عظامها الديدان .
ثم صرخوا جميعهم بأعلى صوت ، و صرخات أرواحهم المبحوحة و كأنها تحتضر جعلت القبور تغلق و تصبح المقبرة أرضاً مستوية ، ثم جلسوا جميعهم مشكلين حلقة و بدأ
كل نَفَر فيهم بعزف سيمفونية من شريط ذكرياته و أنا أشاهدهم بدهشةٍ و أُراقب حركاتهم الجنونية كطرق رؤوسهم في الأرض ، و كغرس السكاكين بين عظامهم .
بدأ نفرٌ منهم يعزف ألحان الكمان التي تهز الكيان و دموع شوقه تملىءُ المكان ، جميعهم هياكلٌ مُرهقة و أرواحهم مُنهكة ، جميعهم أُهلِكوا في الدركِ الأسفلِ من الهلاك ، كلهم أودوا بأنفسهم الى الهاوية و مشارف الردى و أدخلوا أنفسهم بسراديب الأوجاع ، هناك المشتاق و الحزين منهم و هناك من أرهقهم الهوى
البَعيدْ و هناك من كان كلامهم أشبه بهواجس المختلين ذوي الأمراض العقلية فكلامهم ولا يتقبله منطقٌ و لا يفسره عالمٌ ابداً .
و هناك هيكلٌ يحمل بيده اليسرى كؤوساً و باليمنى زجاجة نبيذ و يقوم بسكبِ النبيذ و يقدمه للهياكل الأخرى واحداً يلو الأخر لربما يخفف من وطأة وجعهم .
وبقوا هَكَذَا يتبادلون الهموم الى أن بدأت شمس السنة القادمة بالإشراق و بدأت القبور تُفتح و عاد كل واحد فيهم الى قبره منتظراً ليلة الخروج الى الأرض من كل عام ..
كانت ليلة عاصفة بالأشجان و ماطرة بدموع الشوق و الحنين و انتهت .
السَّماءُ مُظلمةٌ و سوداء قاتمة جداً على غير العادة ،الهُدوءُ يَعمُ أرجاءَ مَقبرة العدم الحالكة و لكن لا هدوءَ في الهدوءِ ، لا اسمع أي صوت سِوى صوتُ عقاربِ ساعةِ يدي ، أُحدِقُ بها و انتظر تلاقي العقربين عند الثَّانية عشر .
تِك تاك تِك تاك ،قُرِعت أجراسُ الثَّانية عشر بعد منتصف الهلاك ، و بدأت الأصوات ترتفع و تعلو ، أصواتٌ متشابكة كلعنات الشياطين و تعويذات المشعوذين ، ضجيجٌ صاخبٌ عّم أرجاء المقبرة بأسرها ، اسمعُ صوت ألحان سيمفونية قديمة و
مُخيفة تُصدرُ من القبر المجاور للقبر الذي أجلس عليه الآن ، الصوت يزداد رُعباً و صُخباً و القبر بدأ يهتز هزاتٍ مُدويةً تلو الأخرى ، التراب الذي يغطيه بدأ يتبعثر و يتناثر و كأن هناك شيءٌ بداخلِ القبر يدفعه لأعلى ، اسمع صوت طرقٍ على الواح الأخشابِ و طلاسم غير مفهومة ابداً و خُزعبلات من كل
القبور المهجورة منذ زمنٍ بعيد ، ثم فُتحَ القبر و يليه جميع القبور واحداً يلو الأخر إلا القبر الذي اجلس عليه ، و فجأةً هبت ريحٌ عاتية بأصواتٍ رهيبةٍ ، ثم نظرت الى القبر الذي يصدر منه صوت السيمفونية و إذ يخرج من قعرِ القبرِ هيكلٌ عظميٌّ مبتور اليدين ، هياكلٌ عظميةٌ بيضاء و سوداء و حمراء في كل مكان
، و هناك هياكلٌ باشكالٍ فظيعةٍ جداً لونها أسود نصفها عِظام و النصف الاخر يكسوه اللحم و الشحم و الدماء الحمر يسيل على هيئةِ خُيوطٍ لزجةٍ ، و هناك هياكلٌ حمراء منقطة و يكسوها الشعر ، و هياكل تتخلل عظامها الديدان .
ثم صرخوا جميعهم بأعلى صوت ، و صرخات أرواحهم المبحوحة و كأنها تحتضر جعلت القبور تغلق و تصبح المقبرة أرضاً مستوية ، ثم جلسوا جميعهم مشكلين حلقة و بدأ
كل نَفَر فيهم بعزف سيمفونية من شريط ذكرياته و أنا أشاهدهم بدهشةٍ و أُراقب حركاتهم الجنونية كطرق رؤوسهم في الأرض ، و كغرس السكاكين بين عظامهم .
بدأ نفرٌ منهم يعزف ألحان الكمان التي تهز الكيان و دموع شوقه تملىءُ المكان ، جميعهم هياكلٌ مُرهقة و أرواحهم مُنهكة ، جميعهم أُهلِكوا في الدركِ الأسفلِ من الهلاك ، كلهم أودوا بأنفسهم الى الهاوية و مشارف الردى و أدخلوا أنفسهم بسراديب الأوجاع ، هناك المشتاق و الحزين منهم و هناك من أرهقهم الهوى
البَعيدْ و هناك من كان كلامهم أشبه بهواجس المختلين ذوي الأمراض العقلية فكلامهم ولا يتقبله منطقٌ و لا يفسره عالمٌ ابداً .
و هناك هيكلٌ يحمل بيده اليسرى كؤوساً و باليمنى زجاجة نبيذ و يقوم بسكبِ النبيذ و يقدمه للهياكل الأخرى واحداً يلو الأخر لربما يخفف من وطأة وجعهم .
وبقوا هَكَذَا يتبادلون الهموم الى أن بدأت شمس السنة القادمة بالإشراق و بدأت القبور تُفتح و عاد كل واحد فيهم الى قبره منتظراً ليلة الخروج الى الأرض من كل عام ..
كانت ليلة عاصفة بالأشجان و ماطرة بدموع الشوق و الحنين و انتهت .