الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ذاكرة ضيقة على الفرح 4

تاريخ النشر : 2019-07-29
ذاكرة ضيقة على الفرح 4
سليم النفار


4

من يافا الى غزة كان خيار جدّي ، فلم يختر أي مكانٍ آخر ، وفي غزة لم يعجبهُ أي مكان غير ذلك المكان المُحاذي لموجة البحر ، تماماً كما كان بيتنا في يافا في حي العجمي ، وعندما تسأله جدّتي أسماء عن ذلك الاختيار يُجيبُ بتأففٍ : بعد هذا العمر لسّا ما عرفتي يا أسما ليش؟! ... وكذلك والدي الذي أُبعد في العام 1968 من قبل المُحتل الى الأردن ، كان يقضي معظم أيامه في الساحل السوري ، في جبلة واللاذقية حيث القاعدة البحرية الأكثر أهمية في قرية برج اسلام ، والتي كان سكانها من  السوريين التركمان ، أو في منطار طرطوس هناك حيث يتم إعداد العمل البحري المقاوم لحركة فتح ، هناك في رؤوس الهضاب المُطلة على البحر ، أو في مخيم الرمل المُنبسطِ على صفحة البحر، هناك كان خيار والدي في التواجد المؤقت طبعاً ، لأنه كان يعتبر كلّ تلك الأمكنة ليست سوى اقامات مؤقتة ، أو ممراتٍ الى غزة ويافا ، الى جغرافيا الروح ، حيث تعمّد جسدهُ بملح الموجات ، وها نحن ننضم إليه ، هاربين من جحيم أيلول لنقيم معاً في اللاذقية ، في مخيم الرمل وفي حارة يافا ، حيث استأنس السُّكنى بين أهل مدينته ، فالعائلات اليافاوية كان وقتذاك مازال فيها من الكبار ، الذين يعرفون والده " جدي" وأعمامه وذلك ما يشعره بالدفء ، و يخفف من وطأة الغربة ، فكثيراً ما كان يقضي وقته بعد العودة من القاعدة البحرية ، بين أبناء مدينته يستذكرون  الأيام الجميلة ليافا وأهلها ، يتحدثون عن بحرها وشوارعها وليالي السمر هناك ، عن السينما والساعة وسبيل أبو نبوت ، عن الجيران المختلفين في دياناتهم ، المتفقين في انتمائهم للمكان ، وفي حبهم وتسامحهم فقد كانوا أسرة واحدة ، هكذا كان يقول أبو مصطفى الاسكندراني ابن حي المنشية ، والذي يكبر والدي بعقدٍ من الزمان آنذاك ، أو ربما أكثر قليلاً .

هناك في أزقة ذلك المخيم ، نما الطفل الذي كنتُ ، متآلفاً مع أترابه اللاجئين من يافا وحيفا وعكا ، وقرى الطنطورة وعين غزال واجزم وترشيحا ، فكان خالد متولي ومحمود أبو حامد وحمزة البشتاوي وياسر ياسين وبلال نجيب وآخرون ، نلتقي في مدرسة " الخيرية وجبع "

في مقاعد الدراسة أو ساحة المدرسة تحت أشجار الكينا ، نتداول الحكايات التي نسمعها من أمهاتنا في الليل ، أو نلعب الكرة في ذلك الملعب الصغير ، نتشاجر أحياناً ونتخاصم ، ولكن سرعان ما نعاود اللعب معا ، متناسين خلافاتنا الطفولية البريئة ، تلك التي لم تتجاوز اختلافاً على من يكون كبتن الفريق ، عندما نلعب مع فريق الصف الآخر ، أو من سيذهب لبيت الاستاذ محمد فانوس ليحضر العود في درس الموسيقا ، لكي نسعد باقتناص لحظة فرح ، بعيداً عن قسوة الدرس ، نحلّق كالفراش مع أغاني فيروز ، التي غالباً ما كان الاستاذ يُطربنا بها : تك تك تك يا ام سليمان

تك تك تك جوزك وين كان

ولأن الاستاذ الصارم كان يعي أهمية درس الموسيقا ، وضرورة اعطائنا فسحة من الحرية ، فقد كان درساً جميلاً مُستحباً ، الى درجة أن البعض يُحدث جلبةً مُستحبة على قلب الاستاذ ، فيتبارون بالطلب منه أن يغنوا هم ، أو يغني لهم هو بعض الأغاني ، وكأننا في برنامج – ما يطلبهُ الجمهور- فينداح الاستاذ معهم الى أبعد الحدود ، صانعاً بهجة جميلة في تلك الحصّة وغالباً ما كنتُ أنا الذي يُحضرُ العود له من البيت ، أو خالد متولي من الشعبة الأخرى ونغني معه أو أطلبُ منه أن يغني لنا أغنية فيروز التي كنتُ أُحبها آنذاك :

 قمرة يا قمرة لا تطلعي عالشجرة

والشجرة عالية وانتِ بعدك زغيّرة

يا ... يا قمرة

لم تكن أعمارنا في تلك المرحلة قد تجاوزت العقد من الزمان ، غير أنَّ الحزن والآلام التي وعيناها مبكراً ، في وجوه أهلنا وأحوالهم المرتبكة دائماً ، تركت ندباً عميقة في أرواحنا، وبفضل المعلمين البارعين المخلصين ، اضافةً الى توقنا للفرح ، حاولنا أن نوسع كوَّة الفرح فهل استطعنا الى ذلكَ ممراً ؟

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف