الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فهمي عمر مذيع الثورة بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم

تاريخ النشر : 2019-07-29
فهمي عمر مذيع الثورة بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
فهمي عمر مذيع الثورة
بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
الإذاعي القدير فهمي عمر من مواليد 6 مارس عام 1928 م في قرية الرئيسية مركز نجع حمادي بمحافظة قنا ولم تكن بقريته مدرسة ابتدائية بل كانت بمدينة دشنا ولذا كان يعبر النيل بمركب ويقطع مسافة 20 كيلو متر في نحو 90 دقيقة للوصول إلى المدرسة.
في عام 1940 حصل فهمي عمر على حصل الشهادة الابتدائية والتحق بمدرسة قنا الثانوية وكان يسافر بالقطار لأجل تحقيق حلمه بالالتحاق بكلية الطب أو بالمعهد العالي للكيمياء الصناعية ولكن التحق بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية التي كان اسمها جامعة فاروق الأول وأثناء دراسته كان يسكن فى بنسيون يملكه يونانى بالإسكندرية التى كانت فى ذلك الوقت مليئة بالأجانب أكثرهم يونانيين وكانت الجامعة فى أوائل سنة 1946 تموج بالمظاهرات التى تطالب برحيل الاستعمار وكان يؤجج شعلة المظاهرات مجموعة من الطلاب على رأسهم الشاعر الكبير محمد التهامى الذى كان يلهب خيالنا بقصائده الوطنية بالإضافة إلى سعد التائه الخطيب المفوه وعشق فهمي عمر كرة القدم والرياضة وكان يحرص على مشاهدة مباريات الاتحاد السكندرى والأوليمبى ومتابعة مباريات كرة السلة بين أندية الأهلى والجزيرة والزمالك واليونانى وسبورتنج وسان مارك وفي عام 1949 حصل على الليسانس وانتظر للالتحاق بالنيابة العامة ومرت الشهور دون ظهور أية نتيجة تبشر بالالتحاق بالنيابة العامة وفى تلك الأثناء حضر فهمي عمر للقاهرة وتدرب في مكتب الدكتور محمد صالح عميد الحقوق الأسبق وفى أحد الأيام جلس مع صديق لأحد أقاربه وصهر الدكتور محمد صالح وهو المهندس أبو الفتوح طلبه صقر فأشار على فهمي عمر بالتقدم للعمل بالإذاعة البعيدة عن خاطره وتطلعاته.
المهندس أبو الفتوح قدم طلب فهمي عمر لاختبارات الإذاعة وبعد أيام قليلة وصل خطاب بالبريد على عنوان فهمي عمر فى القاهرة وكانت سطور الخطاب تقول : يجب أن تذهب فى اليوم الفلانى إلى مبنى ستديوهات الإذاعة فى رقم 5 شارع علوى لأداء الامتحان أمام لجنة اختبار المذيعين وفي يوم 15 إبريل عام 1950 ذهب إلى مكان الاختبار فوجد عشرات الشبان والشابات قد سبقوه لكى يؤدوا الامتحان وكانت أعصابه هادئة وكانت المفاجأة أن اسمه كان من بين الشبان الذين سيحضرون فى الغد للتصفية وفى التصفية كان اسمه ضمن التصفية التالية التى ستجرى بعد غد إلى أن صدر قرار تعيينه بالإذاعة وشعر الإذاعي فهمي عمر من خيبة الأمل عندما قالت لجنة اختبار المذيعين فى تقريرها أن صوته صالح للميكروفون ومخارج الألفاظ عنده سليمة والحنجرة قوية ولكن يشوب أداؤه لهجة صعيدية عندئذ عرف لماذا كانت تصله ضحكات لجنة الاختبار وهو فى ستديو الامتحان بعد كل حوار يجرى بين أعضائها وبينه وسأله أحدهم : لماذا تقول (جلنا) و(جال) ولماذا تعطش الجيم ولماذا لا تتحدث باللهجة القاهرية ؟ وكان فهمي عمر يصر على عدم التحدث إلا باللهجة الصعيدية لذلك ظل طيلة 15 شهرا يعمل خارج الهواء ولم ينطق بكلمة واحدة فى الميكروفون وكان يستقبل التسجيلات الإذاعية ويقوم بإعداد الميكروفون وتعرف على العديد من ضيوف الإذاعة من المتحدثين الذين سجل لهم مثل عباس محمود العقاد ومحمد فريد أبو حديد والدكتور محمد عوض محمد والفنان سليمان نجيب وفكرى أباظة وغيرهم وجاهد كثيرا لأن يصبح مذيعا يقرأ نشرة الأخبار ويقدم فقرات البرنامج وبالتالى يعرفه الناس ويصبح نجما إذاعيا معروفا ومع الوقت عشق العمل بالإذاعة وكان يلح فى طلبه لعقد امتحان له حتى يستطيع العمل مذيع هواء وظل هذا الحال قرابة العام حتى استطاع التخلص من اللهجة الصعيدية شيئا ما أمام لجنة الاختبار وفي يوم 23 أغسطس عام 1951 خرج صوته أخيرا عبر الأثير وقال : هنا القاهرة.
عمل فهمي عمر بالإذاعة لم يعجب والده بالإذاعة وأمر ألا يفتح الراديو فى المنزل وكان جهاز الراديو في ذلك الوقت يعمل بالبطارية السائلة كبيرة الحجم ويتم شحنها كل أسبوعين على الأكثر حيث يذهب أحد الأشخاص إلى مدينة نجع حمادى لتظل فى الشحن حوالى 5 ساعات ويعود بها لتركب بمقابض تتصل بسلك مع الراديو وكانت الرحلة من القرية إلى نجع حمادى تتم عن طريق ركوب الحمار والذى يقطع المسافة فى ساعتين ذهابا ومثلهما إيابا وذات مرة فاجأه الباشا مدير قنا فى جلسة مع عمد المراكز وسأله : كيف استطاع ابنك يا عمده أن يصبح مذيعا أنا أسمعه دائما ودى حاجة عظيمة وبعد العودة من الجلسة أمر والد فهمي عمر بفتح الراديو وأصبحت الفترة التى ينفذها فهمي عمر في الصباح أو الظهر أو المساء ووالده خلالها كان لا يغادر المنزل حتى تنتهى الفترة الإذاعية.
اشتهر الإذاعي فهمي عمر فى بداية عمله بالإذاعة بلقب المذيع الصعيدى حيث تم تعيينه مذيعا لكن مع إيقاف التنفيذ بسبب لهجته الصعيدية وكتب عنه جليل البندارى مقالا فى مجلة آخر ساعة حكى فيه قصة لهجة فهمي عمر الصعيدية وكيفية التخلص منها فى أواخر عام 1951 والتصق هذا اللقب به وكان سعيدا به وعرفه النجوم وقتها بهذا اللقب مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ.
يوم الأربعاء 23 يوليو عام 1952 وحسب جدول العمل بقسم المذيعين كان فهمي عمر المذيع الذى سينفذ فترة الصباح من البرامج وثورة 23 يوليو بدأت فجر ذلك اليوم وكان الإرسال صباح كل يوم يبدأ فى الساعة السادسة والنصف وبالتالى كان لزاما على فهمي عمر التواجد فى استديوهات الإذاعة حوالى الساعة السادسة صباحا وأثناء ذهابه للإذاعة وفي شارع الشريفين استرعى انتباهه الحصار المفروض حول مقر الإذاعة من رجال الجيش وعندما حاول دخول الشارع استوقفه ضابط من القوات المسلحة برتبة ملازم ثان ولما عرفه بنفسه رحب به وصعد معه سلالم المبنى إلى أن وصل إلى استراحة المذيعين حيث كان يجلس البكباشى أي المقدم محمد أنور السادات فعرفه على الفور لأنه كان ملء السمع والبصر وقرأ عنه الكثير وأدرك فهمي عمر أن الضباط والجنود الذين ملأوا جنبات الإذاعة والشوارع المحيطة بها جاءوا من أجل تحقيق الحلم الذى داعب خيال الشعب المصري سنوات طويلة وهو جلاء المستعمر والقضاء على فساد الملك والأحزاب.
قال المقدم محمد أنور السادات للإذاعي فهمي عمر : هناك بعض التعديلات على برامج الإذاعة وأنه سيقوم بإلقاء بيان خلال الميكروفون عقب بدء الإرسال مباشرة ولم يتردد فهمي عمر لحظة واحدة فى تلبية الطلب وقال لأنور السادات : سأقول بعض الكلمات التى نحيى بها المستمعين.
دخل السادات الاستديو وكان يعتزم إذاعة البيان بعد المارش العسكري الذي يعقب افتتاح المحطة الذي كان ينتهي في السادسة واثنتين وثلاثين دقيقة ولكن علم فهمي عمر من المهندسين أثناء إذاعة المارش العسكري بأن الإرسال قد قُطع من محطة أبو زعبل ولمَّا علم السادات خرج من الاستديو وأبلغ الموقف للقيادة وواصل فهمي عمر تقديم فقرات البرنامج اليومي وفقاً للمواعيد رغم علمه بانقطاع الإرسال وبعد حوالي أربعين دقيقة من انقطاع الإرسال عاد الإرسال مرة أخرى وكان ذلك في حوالي الساعة السابعة وثلاث عشرة دقيقة فبادر فهمي عمر بإبلاغ السادات بعودة الإرسال فسأله : هل يمكن إلقاء البيان ؟ فقال فهمي عمر : بعد دقيقتين ستنتهى إذاعة القرآن الكريم وسوف يتلوه حديث دينى لمدة عشر دقائق فقال السادات : لا.. أنا سأذيع البيان بعد القرآن مباشرة وفى الساعة السابعة والربع تماما تأهب الإذاعي فهمي عمر لتقديم السادات لإذاعة البيان وإذا بالمهندسين يبلغونه مرة أخرى بأن الإرسال قد قُطع ثانية ولكن هذه المرة من مصلحة التليفونات وليس من (أبو زعبل) وثار السادات غاضبا وقال : إيه ده تانى .. وأسرع إلى التليفون حيث عاود اتصاله بالقيادة وفى الساعة السابعة وسبع وعشرين دقيقة عاد الإرسال مرة أخرى وكان ذلك من المصادفات الحسنة لأن نشرة الأخبار كان موعدها فى السابعة والنصف صباحاً وهو أفضل موعد يستمع فيه الناس إلى نشرة الإذاعة.
عندما دقت الساعة معلنة السابعة والنصف تأهب الإذاعي فهمي عمر لتقديم محمد أنور السادات بالصفة التى طلبها وهى أنه مندوب القيادة فقد رفض أن يقدمه باسمه .. دقت الساعة وقال فهمي عمر : سيداتى وسادتى أعلنت ساعة جامعة فؤاد الأول السابعة والنصف من صباح الأربعاء الثالث والعشرين من يوليو وإليكم نشرة الأخبار التى نستهلها ببيان من القيادة العامة للقوات المسلحة يلقيه مندوب القيادة وانساب صوت محمد أنور السادات يعلن أول بيان للثورة واستغرقت تلاوته دقيقتين ونصفا واختتم القراءة بذكر موقع البيان اللواء أركان حرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة وواصل فهمي عمر قراءة نشرة الأخبار التي كان معظمها خاصا بمراسم تشكيل وزارة نجيب الهلالى ومقابلات الملك مع رئيس الوزراء والوزراء وقد سأل السادات قبل قراءة النشرة : هل يحذف منها شيئا فقال : أقرؤها كلها كما هى .. وما كاد السادات ينتهى من قراءة البيان حتى تركه لأحد الضباط القائمين على حراسة الإذاعة وعاد إلى مبنى رئاسة الجيش ولم يتم تسجيل البيان عند إلقائه فى المرة الأولى بصوت أنور السادات .. لأنه لم يكن معروفاً لدى الإذاعة وقتئذ نظام التسجيل بالأشرطة البلاستيك بل كان التسجيل يتم بأشرطة صلب بماكينات كبيرة وصغيرة بعد وصول المهندس المختص بعد الساعة التاسعة صباحاً يوميا.
بعد إذاعة بيان الثورة امتلأت الشوارع المحيطة بالإذاعة بالآلاف من المواطنين وهم يقبلون جنود القوات المسلحة وقدموا لهم الشاى والبسكويت مرددين ( تحيا مصر) وبعد مغادرة محمد أنور السادات دار الإذاعة بعد إلقائه البيان الأول كثرت الاتصالات مع الإذاعة لإعادة إذاعة البيان نظراً لأن فئات عديدة من الشعب لم تتح لها فرصة الاستماع إليه وعندما استأنفت الإذاعة إرسالها فى فترة الضحى التى تبدأ فى العاشرة صباحاً وتنتهى فى الحادية عشرة والنصف كان المهندس أحمد عواد المختص بالتسجيل قد وصل وطلب المذيعون من أحد الضباط القائمين بالحراسة إلقاء البيان بصوته ليسمعه أولئك الذين فاتهم الاستماع إليه فى الفترة الصباحية وتقدم الصاغ محيى الدين عبد الرحمن وألقى البيان على الهواء مباشرة فى العاشرة صباحا وتمكن المهندس أحمد عواد من تسجيله وبدأت محطة الإذاعة تذيعه على فترات ليسمعه أكبر عدد من المواطنين ولكن قراءة الصاغ محيى الدين عبد الرحمن كانت مليئة بالأخطاء اللغوية إلى الحد الذى أثار ثائرة الكثيرين وجعلهم يتصلون بالقيادة لتدارك الموقف وبالفعل اتصلت قيادة الحركة بالرائد محيى الدين عبد الرحمن وطلبت منه وقف تلاوة البيان بصوته وتكليف واحد من المذيعين بتلاوة البيان بطريقة صحيحة وكان أول مذيع يقرأ البيان بصوته هو المذيع صلاح زكى كما أذاعه المذيع جلال معوض بصوته فى نشرة أخبار الثامنة والنصف مساءً ولم يسجل البيان بصوت أنور السادات إلا خلال الاحتفال الذى أُقيم بمناسبة مرور ستة أشهر على قيام الثورة أى فى يوم ٢٣ يناير ١٩٥٣
لم يكن هذا البيان هو البيان الوحيد للثورة ولكن كان هناك بيان ثان توجه به اللواء محمد نجيب إلى القوات المسلحة جاء فيه : تعلمون جميعا الفترة العصيبة التى تجتازها البلاد ورأيتم أصابع الخونة تتلاعب بمصالح البلاد فى كل فرع من فروعها وتجرأت حتى تدخلت فى داخل الجيش وتغلغلت فيه وهى تظن أن الجيش قد خلا من الرجال الوطنيين وإننا فى هذا اليوم التاريخى .. نطهر أنفسنا من الخَوَنة والمستضعفين ونبدأ عهدا جديدا فى تاريخ بلدنا وسيسجل لكم التاريخ هذه النهضة المباركة أبد الدهر ولا أظن أن فى الجيش من يتخلف عن ركب النهضة والرجولة والتضحية التى هى واجب كل ضابط منا والسلام.
فى أحد الأيام جاءت أم كلثوم إلى استديو رقم 1 بمبنى الاستديوهات لتستمع إلى تسجيل الحفل الغنائى الذى تقيمه فى الخميس الأول من كل شهر وكانت تحرص على الحضور إلى الاستديو لتجهيز بعض الأغانى لإذاعتها حسب رضاها ودخل الإذاعي فهمي عمر الاستديو ليبحث عن سماعة الأذن الخاصة به والتى نسيها فى الاستديو فى اليوم السابق ففوجئ بوجود أم كلثوم بالاستديو وكان إلى جوارها ابن شقيقتها المهندس محمد دسوقى الذى كان يعمل فى إدارة تشغيل استديوهات الإذاعة فقال لفهمي عمر : أهلا .. اتفضل تعالى سلم على الست .. وقال لها : ده فهمي عمر المذيع الصعيدى .. فقالت وهى تسلم على فهمي عمر : يعنى اللى بيسلم عليه يقول صعيدى .. وظل هذا اللقب ملازما للإذاعي فهمي عمر.
ظل الإذاعي فهمي عمر يمنى نفسه بتقديم حفل من حفلات كوكب الشرق أم كلثوم وفى نهاية شهر فبراير عام 1954 أبلغ فهمي عمر بأنه سيكون مذيع حفل أم كلثوم ليلة الخميس الأول من شهر مارس وكان الحفل بمسرح الأزبكية وتوجه فهمي عمر إلى خلف المسرح حيث كانت كوكب الشرق تأخذ أهبتها لبدء الحفل وعندما دخل عليها استقبلته بابتسامة عريضة وعرفها به للمرة الثانية ابن شقيقتها محمد الدسوقى فقالت على الفور : أنا فاكراه المذيع الصعيدى وضحكت ضحكة عالية ورتبت على كتفه مشجعة مما ادخل الطمأنينة إلى قلبه .. وحان موعد البدء وانتقل الميكروفون من الاستديو إلى مكان الحفل بمسرح الأزبكية وأخذ الإذاعي فهمي عمر يتحدث على مدى خمس دقائق قبل أن يرتفع الستار عن كوكب الشرق أم كلثوم وعندما بدأت دقات المسرح التقليدية الثلاث التى تسبق رفع الستار انطلق صوت عمر بقوله : والآن أيها الستارة ترتفع السادة عن أم كلثوم وفرقتها الموسيقية لتغزلنا وكانت هذه هفوة طريفة ضحك لها زملائه الذين استمعوا له وقالوا : بتحصل مع أحسن المذيعين.
بدأت علاقة الإذاعي فهمي عمر مع العندليب عبد الحليم حافظ من خلال تواجد عبد الحليم كعازف موسيقى فى فرقة موسيقى الإذاعة وكان له حضور ويتحدث مع المذيعين ويتجاذب معهم أطراف الحديث كان عبد الحليم يغنى فى الأركان الإذاعية مثل ركن الريف والعمال وكان يجلس مع المذيعين فى استراحة المذيعين عقب الانتهاء من تسجيلات الفرقة الموسيقية وكان يحاول أن يثبت لهم بأنه يجيد الغناء وشهدت شقة الإذاعي جلال معوض بشارع سليمان جوهر بحى الدقى أمسيات جميلة وكثيرا ماذهب عبد الحليم مع فهمي عمر لمشاهدة مباريات كرة القدم وتعرف على نجوم كرة القدم عصام بهيج ويكن حسين وعلاء الحامولى وكانت له سهرات وفى نهاية الموسم الكروى 1976 وصل إلى تقابل الأهلى مع الاتحاد السكندرى في نهائي كأس مصر والتقى عبد الحليم مع فهمي عمر فى طرقات الإذاعة فقال : طبعا حنكسب الكأس فقال له فهمي عمر الاتحاد سيكسب الكأس ولو كسب الاتحاد سنحتفى به فوافق على الفور وفاز الاتحاد فاتصل فهمي بعبد الحليم حافظ ووفى بوعده وحضر فريق الاتحاد إلى منزل عبد الحليم الذي قدم للاعبين هدايا قيمة وأقام حفل عشاء وغنى لهم على العود وسجل فهمي عمر فقرات الحفل وأذاعها فى البرامج الرياضية
أيضا كان الإذاعي فهمي عمر السبب فى صداقة عبد الحليم ومجدى العمروسى لأن مجدى كان زميل فهمي عمر في الدراسة بكلية الحقوق بالإسكندرية وكان شديد الاهتمام بالموسيقى والمطربين وفى إحدى المناسبات تمت دعوة فهمي عمر مع مجموعة من الأصدقاء من بينهم عبد الحليم حافظ ومحمد الموجى وجلال معوض وفى ذلك اليوم تعرف مجدى العمروسى على عبد الحليم وتشاء المقادير أن تتوثق الصلة بينهما إلى درجة كبيرة جدا حتى أصبح العمروسى مستشاره القانونى.
أيضا نذكر ليلة زفاف ابنة الرئيس السادات على المهندس محمود ابن عثمان أحمد عثمان كان الإذاعي فهمي عمر أحد المدعوين وعندما لمحه الرئيس السادات قال : تعالى يا واد يا صعيدى وسلم على فهمي عمر بحرارة وقال للمهندس عثمان أحمد عثمان : أهو ده يا عثمان الولد اللى فتح لى الميكروفون يوم 23 يوليو عام 1952 لإذاعة بيان الثورة.
من البرامج الشهيرة التي قدمها الإذاعى فهمي عمر برنامج ساعة لقلبك الذي كان له فضل تألق مشاهير نجوم الكوميديا في مصر وفي عام 1954 دخل أيضا ميدانا جديدا لم تعرفه الإذاعة المصرية وذلك بالبرامج الرياضية وجمع عشاق كرة القدم حول ميكرفون الإذاعة لمتابعة تعليقاته وتحليلاته لمباريات كرة القدم حتى أصبح يطلق عليه شيخ الإعلاميين الرياضية ومؤسس وصاحب أول تعليق وتحليل لمباريات دوري الكرة في مصر والمؤسس الحقيقي لإذاعة الشباب والرياضة.
قام الإذاعي فهمي بتغطية دورة ألعاب البحر المتوسط التي نظمتها برشلونة أوائل عام 1955م وكانت المرة الثانية التي يركب فيها الطائرة حيث كانت المرة الأولى خلال سفره مع صلاح سالم إلى الأردن كما قام الإذاعي فهمي عمر بتغطية 6 دورات اوليمبية من روما عام 1960م إلى لوس انجلوس عام 1984م كما قام بتغطية كأس العالم الذى نظمته المكسيك عام 1970 وفي يوم 12 ديسمبر عام 1982 صدر قرار تعيين فهمي عمر رئيسا للإذاعة المصرية وكان الكاتب الكبير ثروت أباظة أول من نقل للإذاعي فهمي عمر خبر تعيينه رئيسا وقبل خروجه بعام للمعاش ترشح لعضوية مجلس الشعب وظل نائبا في البرلمان منذ عام 1987م حتى عام 2000م عن دائرة نجع حمادي وفى عام 1995 م راح ابنه الشهيد المهندس عمر ضحية الغدر والخسة في جريمة عبثية ارتكبتها يد الجهل والدناءة.
قدم الإذاعي فهمي عمر ذكرياته في كتاب بعنوان (نصف قرن مع الميكروفون) وصدر عن دار المعارف.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف