الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رحيلُ الرئيس التونسي حزنٌ وأملٌ بقلم:د. مصطفى يوسف اللداوي

تاريخ النشر : 2019-07-28
رحيلُ الرئيس التونسي حزنٌ وأملٌ بقلم:د. مصطفى يوسف اللداوي
رحيلُ الرئيس التونسي حزنٌ وأملٌ  

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

لست ممجداً أو معظماً، أو مادحاً ومشيداً، وإن بدت بعض كلماتي كذلك، بل أردته بين السطور عظةً ودرساً، ورسالةً وعبرةً، فالباجي قايد السبسي أول رئيس عربي منتخب ديمقراطياً، بعد ما يسمى بالربيع أو الخريف العربي، يلقى وجه الله عز وجل وهو في سدة الرئاسة في ظل ولايته الدستورية، ويتوفى وفاةً طبيعية سببها السن والمرض، ومن قبل القضاء والقدر وانتهاء الأجل، لكنه يرحل رئيساً غير مقالٍ أو مخلوعٍ، ودون انقلابٍ عليه أو إقصاءٍ له، بل يرحل وهو يحظى بإجماعٍ على شخصه، والتفافٍ على صفته، وتقديرٍ لجهده، واعترافٍ بفضله، وقبولٍ بسياسته، والتزامٍ بقوله، واحترامٍ لمقامه.

يرحل الباجي قايد السبسي وشعبه عنه راضٍ وله محب، وعلى وفاته حزينٌ، ولغيابه قلقٌ، فقد أرسى الرجلُ التسعيني العمر قواعد الديمقراطية في تونس، وأشرف على أول انتخاباتٍ فيها، وناضل من أجل الشراكة المجتمعية، وأصر على القبول بخيارات الشعب، ووافق راضياً على إرادته، ورفض إقصاء فريقٍ أو حرمانه، ولم يستجب للضغوط الخارجية بتصنيف بعض فئات شعبه بالإرهاب، ولم يقبل بعزلهم عن الشعب وإبعادهم عن الحكم، ورفض مشاركتهم في تسيير شؤون الحياة السياسية التونسية، بل أعلن تضامنه معهم، وانبرى للدفاع عنهم، وصد الهجمات دونهم، فحفظ له التونسيون مواقفه، وأكبروا فيه ثوابته.

نعاه التونسيون على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية، القومية واليسارية والإسلامية، رجلاً وطنياً ورئيساً صادقاً، اجتمعوا عليه واتفقوا على قيادته، ونفوا عنه التلوث والتلون، والفتنة والفساد، وميزوه عن العهدة القديمة والحقبة البائدة، بنظافة الكف وطهر النفس، وسعدوا أنه خرج منهم وانبت عنهم، ولم تصبه معرتهم أو تلحق به سبتهم، ولم يحمل وزرهم ويتورط مثلهم، بل حافظ على صفائه وكسب بين الشعب نقاءه، فما فقده قديماً مّنَّ الله به عليه فيما بعد، وأكرمه بما هو أنظف وأفضل، إذ أطال في عمره وختم بالخير حياته، وكتب له بين شعبه حسن الخاتمة.

الباجي قايد السبسي يخط برحيله درباً لأمثاله سهلاً، ويشق لهم طريقاً حسناً، ويرسم لنفسه بينهم خاتمةً جميلةً ونهاية كريمةً، يحفظ بها آخرته، ويصون بها سمعته، ويبقي في البلاد ذكره، ويردد على ألسن العباد بالخير اسمه، فقد جاءت به صناديق الانتخابات النزيهة، والتزم مقام الرئاسة السامي فصان العهد والقسم، والتزم بالدستور دون تغييرٍ وتبديل، أو تعديلٍ وتصحيحٍ، وحافظ على الصلاحيات الممنوحة له دستوراً، فلم يزاحم لسلطةٍ أو ينازع لمصلحةٍ، بل أعلن قبل أشهرٍ من وفاته عن عزمه على عدم الترشح لولايةٍ ثانية، وقد ارتضى شكل الحكم ونمط القيادة في بلاده فلم يتدخل، ولم يطمع في المزيد، ولم يورث الحكم لولدٍ أو يوصي به لحفيدٍ، بل سلم الراية برحيله لمن نص عليه دستور لبلاده، ولحظ صفته عند غيابه.

الشعوب العربية تترحم على الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي، وتدعو الله له بالمغفرة والرحمة، والرضوان والقبول، وتشهد له بالقدوة الطيبة والمثال الحسن، وتسأل الله عز وجل أن يلهم قادتها وحكامها، وملوكها ورؤساءها، أن يكونوا مثله، وأن يحذو حذوه، وأن يتأسوا به قولاً وفعلاً، وأن يحفظوا شعوبهم ويصونوا بلادهم، وأن يكونوا أمناء على مقدراته، وأوصياء على خيراته، وأن يحافظوا على كرامته ويدافعوا عن عزته، فلا يفرطوا في شيءٍ منها خضوعاً لأعدائها، واستجابةً لضغوطهم، أو نزولاً عند شروطهم، أو التزاماً بسياستهم وطمعاً في عونهم ومساعدتهم، التي تستهدف وحدة الأمة وتماسك الشعوب.

الأمة العربية تتوق إلى رئيسٍ سابقٍ عفيفٍ، أو قائدٍ راحلٍ زاهدٍ في السلطة، تترحم عليه، وتدعو له، وتتمنى الاستمرار على نهجه، والإصرار على سياسته، والمحافظة على إنجازاته، وتدافع عنه في غيابه، وتبقي على صوره معلقة وشعاراته ممجدة، وكلماته محفوظة وأقواله محترمة، لإخلاصٍ وجدوه فيه وصدقٍ عنده، وشفافية تحكمه ومصداقية تسيره، وحبٍ لشعبه يحركه، وغيرةٍ عليه تحفظه.




ولا تتمنى أمتنا أن يستمر قادتها الجدد في لعن من سبقهم، وجلد سلفهم، وفضح سياستهم وكشف أسرارهم وهتك أستارهم، وتصوير أنفسهم أنهم القادة المخلصون، والزعماء الملهمون، وأنهم الحكماء الواعون والخلفاء الراشدون، بينهما هم في حقيقتهم الشر بعينه والسوء بشخصه، والفساد كله، الذي يترجم على الأرض ظلماً وجوراً وفسقاً ضلالاً، واستغلالاً واستبداداً، ونهباً وسرقةً، وانحرافاً وشذوذاً وضلالاً، وكبتاً وجبراً، وسطوةً وقهراً، وتكميماً للأفواه وجلداً للظهور بالسياط، وقتلاً وسفكاً للدماء وإعداماً جائراً مخالفاً للقانون، وتغييباً للمواطنين والمعارضين سنين طويلة في السجون والمعتقلات.

رحم الله الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، وغفر له وأكرمه، وعوض شعبه خيراً منه، رجلاً يستلم من بعده الراية، ويحمل الأمانة، ويصون الأمة، ويصدق الوعد، ويقود الشعب ويخلص له، ويحقق ما وعد، ويحفظ ما أنجز، وينفذ ما خطط، ويتم ما بدأ، ويكون من بعده خير خلفٍ لخير سلفٍ.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف