
الأحد ...وكل يوم أحد 28-7-2019
هل نحن أمام الإنتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة
أم من مرحلة الدولة الوهمية الى المواجهة الشاملة
بقلم المحامي زياد أبو زياد
لا يزال قرار القيادة الفلسطينية بوقف العمل بالإتفاقيات الموقعة مع إسرائيل هو الموضوع الرئيسي للنقاش والجدل في الشارع الفلسطيني سواء ممن لا يزال يتساءل عن جدية القرار في ضوء ما حدث مع قرارات كثيرة سابقة مماثلة بعضها صدر عن المجلس المركزي والبعض عن أطر قيادية أخرى بما فيها اللجنة التنفيذية للمنظمة.
أول ما يُشار إليه في هذا الصدد هو أن القرار لم يكن بوقف العمل بالإتفاقيات وإنما ربط ذلك ب " تشكيل لجنة تضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لتنفيذ وقف العمل بالاتفاقيات " !.. ولم يحدد مدى أو فترة زمنية سواء لتشكيل اللجنة أو للانتهاء من عملها.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن عبارة " الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي " تشمل اعلان مباديء أوسلو الذي مهد للتفاوض العني المباشر بين إسرائيل والمنظمة ، والذي أسفر عن اتفاقية القاهرة ( أوسلو – 2 ) التي قامت السلطة الفلسطينية على أساسها والتي أسست للارتباط والتنسيق المدني (الشؤون المدنية ) والارتباط العسكري ( التنسيق الأمني ) وما تلا ذلك من اتفاقية باريس الاقتصادية ، فإن وقف العمل بهذه الاتفاقيات يعني الغاء كل ما انبثق عن هذه الاتفاقيات بما في ذلك السلطة نفسها.
فنحن مثلا في الشأن المدني ما زلنا حسب اتفاق القاهرة مرتبطين بالحاسوب المركزي بوزارة الداخلية الاسرائيلية لا نستطيع تسجيل مولود أو تسجيل حالة وفاة أو إصدار بطاقة هوية أو شهادة ميلاد أو رخصة سياقة أو رخصة سيارة أو إصدار أو تجديد جواز سفر.
ونحن أيضا مرتبطون بإسرائيل في شبكة الكهرباء والمياه ولا نستطيع العيش بدون ماء أو كهرباء ، ونحن نستورد معظم وارادتنا عبر الموانيء الإسرائيلية أو المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل ولا نستطيع استيراد إبرة وابور إلا من خلال البوابة الإسرائيلية.
بل وبالإضافة لذلك فإننا نشكل أكبر سوق استهلاكي للمنتجات الاسرائيلية سواء الأساسية منها أو الكمالية بحجم 5.8 ملياردولار سنويا منها 2.1 مليار دولار كهرباء وبترول ومياه والباقي يشمل المنتجات الصناعية والزراعية وغيرها . ووقف تصدير هذه المنتجات للسوق الفلسطينية سيخلق أزمة لا تتوفر حاليا ً إمكانية الاستغناء عنها مطلقا ً كالنفط والغاز أو من خلال الاكتفاء الذاتي الذي أهملنا العمل عليه خلال ربع القرن الماضي وفتحنا أسواقنا للمنتجات الاسرائيلية.
هذه بعض الأمثلة عن بعض جوانب الحياة المدنية المتداخلة والمرتبطة بإسرائيل ولا أريد أن أتطرق للجوانب الأخرى.
فهل وقف العمل بالإتفاقيات سيعني كل ما سبق وهل ستقبل إسرائيل أن يكون وقف العمل انتقائي وعلى مزاجنا ؟ أم أنها ستستغل ذلك لتقول لنا وبالخط العريض من هو رب البيت هنا !؟
يقول البعض بأن ليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها قرارات بوقف العمل بالاتفاقيات أو وقف التنسيق الأمني وأن إسرائيل تعرف أن المقصود من هذه القرارات هو امتصاص النقمة في الشارع الفلسطيني وخلق حالة في الشارع الفلسطيني تجعله يدرك حجم المخاطر التي تحملها أية مجازفة غير محسوبة وتجعله أكثر تفهما للصعوبات التي تواجهها السلطة وتقبلا ً لاجراءاتها ، وأن مجرد القول "تشكيل لجنة " يعني ترحيل القرار وتأجيل تنفيذه.
أما أنا شخصيا ً ومن خلال معرفني الشخصية بالسيد الرئيس فإنني لا أعتقد بأنه يناور ويراوغ ويتلاعب بالكلام وإنما أعتقد جازما ً بأنه هناك شيء ما في رأسه وأنه يعرف عما يتحدث وأنه مصمم عليه وأن عبارة وقف العمل بالاتفاقيات ربما تكون " كود " لشيء معين يقصده وينوي عمله وربما ناقش فيه بعض القيادات الاقليمية ممن يرى فيهم حلفاء للشعب الفلسطيني كالأردن وبعض الجهات الدولية لكي لا يفاجأ أحد به وأنه مقدم عليه لأن إسرائيل لم تترك أمامه خيارات أخرى.
أنا لا أستطيع فهم قول بعض المسؤولين الفلسطينيين المتنطحين لوسائل الإعلام بأننا على أبواب " الانتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة " وأعتبر مثل هذا الكلام كلاما ً غير مسؤول وكلام لا يدرك حجم التحدي الذي نواجهه والأخطار الداهمة التي نقف أمامها. وأنا في نفس الوقت أستطيع أن أفهم لو قال هؤلا المسؤولون بأننا أمام الانتقال من ترف سلطة اللاسلطة الى مرحلة جديدة من المواجهة لا يستطيع أحد التنبؤ أين ستنتهي وكيف.
نحن لسنا فقط تحت الاحتلال وإنما نحن نعيش في حالة حرب يومية وعلى مدار الساعة تشنها علينا إسرائيل ليس في القدس فقط بل على كل شبر من أرضنا الفلسطينية من الأغوار الى قرى وهضاب جبل الخليل وشمال الضفة.
هذه الحرب اليومية تتمثل في هدم المنازل والمنشئات الزراعية والصناعية حتى أشتال البندورة والخضروات بأواعها وأكشاك الارتزاق على قارعة الطريق لم تسلم منها.
هذه الحرب الاسرائيلية اليومية وعلى مدار الساعة ضد شعبنا في كل أماكن تواجده فوق أرض الوطن تستهدف إذلال وإفقار الشعب الفلسطيني والاستيلاء على كل مقومات ومقدرات حياته ووجوده. والخطأ كل الخطأ هو أن يعتقد أحد بأن هذه الهجمة هي على بقعة معينة أو مدينة معينة أو جزء معين من الوطن وإنما هي عاصفة هوجاء تعم كل أرجاء الوطن المحتل.
إن قائدا يتحمل المسؤولية إزاء شعب يتعرض لهذا الهجوم الشرس من احتلال غاشم ويعيش في ظل إهدار دمه وحقوقه ومقومات وجوده ولقمة عيشه ، لهو قائد يحمل عبئا ً تنوء به الجبال ، وهو قائد لا يُحسد على ما هو فيه ، ولا شك بأن لصبر هذا القائد حدودا ً لا يستطيع تجاوزها حتى لو أراد ذلك. ويبقى السؤال: هلى نحن على أبواب المواجهة الشاملة أم أن شيئا ً ما سيحدث ويحول دون الطوفان.
[email protected]
هل نحن أمام الإنتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة
أم من مرحلة الدولة الوهمية الى المواجهة الشاملة
بقلم المحامي زياد أبو زياد
لا يزال قرار القيادة الفلسطينية بوقف العمل بالإتفاقيات الموقعة مع إسرائيل هو الموضوع الرئيسي للنقاش والجدل في الشارع الفلسطيني سواء ممن لا يزال يتساءل عن جدية القرار في ضوء ما حدث مع قرارات كثيرة سابقة مماثلة بعضها صدر عن المجلس المركزي والبعض عن أطر قيادية أخرى بما فيها اللجنة التنفيذية للمنظمة.
أول ما يُشار إليه في هذا الصدد هو أن القرار لم يكن بوقف العمل بالإتفاقيات وإنما ربط ذلك ب " تشكيل لجنة تضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لتنفيذ وقف العمل بالاتفاقيات " !.. ولم يحدد مدى أو فترة زمنية سواء لتشكيل اللجنة أو للانتهاء من عملها.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن عبارة " الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي " تشمل اعلان مباديء أوسلو الذي مهد للتفاوض العني المباشر بين إسرائيل والمنظمة ، والذي أسفر عن اتفاقية القاهرة ( أوسلو – 2 ) التي قامت السلطة الفلسطينية على أساسها والتي أسست للارتباط والتنسيق المدني (الشؤون المدنية ) والارتباط العسكري ( التنسيق الأمني ) وما تلا ذلك من اتفاقية باريس الاقتصادية ، فإن وقف العمل بهذه الاتفاقيات يعني الغاء كل ما انبثق عن هذه الاتفاقيات بما في ذلك السلطة نفسها.
فنحن مثلا في الشأن المدني ما زلنا حسب اتفاق القاهرة مرتبطين بالحاسوب المركزي بوزارة الداخلية الاسرائيلية لا نستطيع تسجيل مولود أو تسجيل حالة وفاة أو إصدار بطاقة هوية أو شهادة ميلاد أو رخصة سياقة أو رخصة سيارة أو إصدار أو تجديد جواز سفر.
ونحن أيضا مرتبطون بإسرائيل في شبكة الكهرباء والمياه ولا نستطيع العيش بدون ماء أو كهرباء ، ونحن نستورد معظم وارادتنا عبر الموانيء الإسرائيلية أو المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل ولا نستطيع استيراد إبرة وابور إلا من خلال البوابة الإسرائيلية.
بل وبالإضافة لذلك فإننا نشكل أكبر سوق استهلاكي للمنتجات الاسرائيلية سواء الأساسية منها أو الكمالية بحجم 5.8 ملياردولار سنويا منها 2.1 مليار دولار كهرباء وبترول ومياه والباقي يشمل المنتجات الصناعية والزراعية وغيرها . ووقف تصدير هذه المنتجات للسوق الفلسطينية سيخلق أزمة لا تتوفر حاليا ً إمكانية الاستغناء عنها مطلقا ً كالنفط والغاز أو من خلال الاكتفاء الذاتي الذي أهملنا العمل عليه خلال ربع القرن الماضي وفتحنا أسواقنا للمنتجات الاسرائيلية.
هذه بعض الأمثلة عن بعض جوانب الحياة المدنية المتداخلة والمرتبطة بإسرائيل ولا أريد أن أتطرق للجوانب الأخرى.
فهل وقف العمل بالإتفاقيات سيعني كل ما سبق وهل ستقبل إسرائيل أن يكون وقف العمل انتقائي وعلى مزاجنا ؟ أم أنها ستستغل ذلك لتقول لنا وبالخط العريض من هو رب البيت هنا !؟
يقول البعض بأن ليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها قرارات بوقف العمل بالاتفاقيات أو وقف التنسيق الأمني وأن إسرائيل تعرف أن المقصود من هذه القرارات هو امتصاص النقمة في الشارع الفلسطيني وخلق حالة في الشارع الفلسطيني تجعله يدرك حجم المخاطر التي تحملها أية مجازفة غير محسوبة وتجعله أكثر تفهما للصعوبات التي تواجهها السلطة وتقبلا ً لاجراءاتها ، وأن مجرد القول "تشكيل لجنة " يعني ترحيل القرار وتأجيل تنفيذه.
أما أنا شخصيا ً ومن خلال معرفني الشخصية بالسيد الرئيس فإنني لا أعتقد بأنه يناور ويراوغ ويتلاعب بالكلام وإنما أعتقد جازما ً بأنه هناك شيء ما في رأسه وأنه يعرف عما يتحدث وأنه مصمم عليه وأن عبارة وقف العمل بالاتفاقيات ربما تكون " كود " لشيء معين يقصده وينوي عمله وربما ناقش فيه بعض القيادات الاقليمية ممن يرى فيهم حلفاء للشعب الفلسطيني كالأردن وبعض الجهات الدولية لكي لا يفاجأ أحد به وأنه مقدم عليه لأن إسرائيل لم تترك أمامه خيارات أخرى.
أنا لا أستطيع فهم قول بعض المسؤولين الفلسطينيين المتنطحين لوسائل الإعلام بأننا على أبواب " الانتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة " وأعتبر مثل هذا الكلام كلاما ً غير مسؤول وكلام لا يدرك حجم التحدي الذي نواجهه والأخطار الداهمة التي نقف أمامها. وأنا في نفس الوقت أستطيع أن أفهم لو قال هؤلا المسؤولون بأننا أمام الانتقال من ترف سلطة اللاسلطة الى مرحلة جديدة من المواجهة لا يستطيع أحد التنبؤ أين ستنتهي وكيف.
نحن لسنا فقط تحت الاحتلال وإنما نحن نعيش في حالة حرب يومية وعلى مدار الساعة تشنها علينا إسرائيل ليس في القدس فقط بل على كل شبر من أرضنا الفلسطينية من الأغوار الى قرى وهضاب جبل الخليل وشمال الضفة.
هذه الحرب اليومية تتمثل في هدم المنازل والمنشئات الزراعية والصناعية حتى أشتال البندورة والخضروات بأواعها وأكشاك الارتزاق على قارعة الطريق لم تسلم منها.
هذه الحرب الاسرائيلية اليومية وعلى مدار الساعة ضد شعبنا في كل أماكن تواجده فوق أرض الوطن تستهدف إذلال وإفقار الشعب الفلسطيني والاستيلاء على كل مقومات ومقدرات حياته ووجوده. والخطأ كل الخطأ هو أن يعتقد أحد بأن هذه الهجمة هي على بقعة معينة أو مدينة معينة أو جزء معين من الوطن وإنما هي عاصفة هوجاء تعم كل أرجاء الوطن المحتل.
إن قائدا يتحمل المسؤولية إزاء شعب يتعرض لهذا الهجوم الشرس من احتلال غاشم ويعيش في ظل إهدار دمه وحقوقه ومقومات وجوده ولقمة عيشه ، لهو قائد يحمل عبئا ً تنوء به الجبال ، وهو قائد لا يُحسد على ما هو فيه ، ولا شك بأن لصبر هذا القائد حدودا ً لا يستطيع تجاوزها حتى لو أراد ذلك. ويبقى السؤال: هلى نحن على أبواب المواجهة الشاملة أم أن شيئا ً ما سيحدث ويحول دون الطوفان.
[email protected]