
نحن أمة لا تقرأ ولا تهتم بالكتاب، وتحارب المعرفة والإبداع، وتعاني من تصحّر ثقافي و" كساح عقلي"، وتمجّد الأكاذيب والجهل، وتحفظ كتب تفسير الأحلام، ومغامرات إبليس، وعنترة ابن شداد، والزير سالم وأمثالها من " الكتب النفيسة "غيبا. في وطننا المثقفون الذين يتمّردون على الماضويّة والقوقعة ويطالبون بالحرية والتغيير، ويتصدون للطغيان، ويرفضون بيع أنفسهم للسلطان هم في مقدمة المغضوب عليهم الذين يتعرضون للاضطهاد والتهميش وعذاب السجون وأحيانا القتل، ويعانون من الغربة في أوطانهم وفي المهاجر؛ والجهلة والأميّون والمنافقون هم أباطرة العلم والمعرفة، وهم النخبة التي تتمتّع بمكانة اجتماعية مرموقة، وتشغل المناصب العليا في الدولة، وتتّخذ القرارات الهامة والمصيرية التي تهم الوطن والمواطنين، وتحظى باحترامنا وتقديرنا لها على ثقافتها المميزة، وسمو أخلاقها، وخدماتها الجليلة لدينها ووطنها والناس أجمعين!
التخلف في أقطارنا العربية لا يستثني شيئا؛ تعليمنا ما زال قائما على الحفظ والنقل ومحاربة العقل، ومناهج مدارسنا كتب صفراء محشوة بأكاذيب أو معلومات لا علاقة لها بالعالم الحديث. وجامعاتنا تخرّج أعدادا هائلة من حملة الشهادات بمعرفة ضئيلة وثقافة ضحلة لأننا حوّلناها إلى ساحات حرب حزبية وعشائرية ودينية وجهوية يشترك فيها الجميع؛ ومستشفياتنا من أحدث المستشفيات والذي يدخلها لإجراء أبسط العمليات الجراحية يودع أهله الوداع الأخير لأنه قد لا يفيق ولا يلتقي بهم ثانية إلا يوم يبعثون! ولهذا يذهب حكامنا الذين يصابون بالإنفلونزا للدول الأجنبية للعلاج؛ وخدمات الماء والكهرباء تطورت جدا إلى درجة أنها لا تعمل أكثر من يومين أو ثلاثة أسبوعيا، والزبالة تملأ شوارعنا. أما المجاري فإنها بألف خير حيث إن مياهها تختلط بمياه الشرب لتعقيمها، وتملؤ بقاياها الشوارع حرصا من الدولة على صحة المواطنين، فالدولة تقول، وهي صادقة، إن تعرض المواطن لمليارات جراثيم المجاري على مدار الساعة يقوي نظام مناعته ويطيل عمره ويزيد من نسبة ذكائه، ولهذه الأسباب فإنها تتركها كما هي حفاظا منها على صحة المواطن الجسديّة والعقليّة.
أما دوائرنا الحكومية فإنها تعامل المواطنين بكل أدب وشفافية ولا تعرف الواسطة والمحسوبية؛ ولهذا فإن اصدار شهادة ميلاد لطفل أو طفلة أو شهادة وفاة " شغل يوم كامل على الأقل" ويتطلّب عددا من الأختام والتواقيع ومشاوير ومواصلات وتكاليف و" بهدلات " من موظف الدائرة المحترم المعني بالأمر الذي لا.. يبصم ..على أي ورقة قبل أن يحصل على رشوة تلائم أهمية " المعاملة " المطلوب إنجازها.
والقانون عندنا لا قيمة له لأنه لا يطبق إلا على الفقراء والمساكين الذين لا يستطيعون تجاوزه بالواسطة والمحسوبية والرشوة التي أصبحت جزءا من حياتنا ويمارسها أهل القمة والقاعدة علنا ودون خوف أو وجل، ولهذا فإن أي مواطن غلبان تورط في قضية قانونية بسيطة قد يعاقب ويسجن بينما أبناء الذوات والعائلات والأغنياء وشيوخ القبائل" الواصلين " يسرقون ويعربدون ويعتدون على الآخرين دون عقاب " ولا من شاف ولا من دري."
وإن أكثر الوزارات فسادا وارتشاء هي وزارات الشؤون الاسلامية ومن لا يصدق هذا ويود التأكد من صحته ويريد ابنه أو بنته أن يعقد قرانه، عليه أن يذهب إلى فرع من فروع الوزارة المذكورة في أي مدينة عربية، وبعد دفع الرسوم للدولة وإتمام توقيع عقد النكاح، يبدأ الشيخ الجليل الذي قام بإتمام العقد بفرك يديه حتى يلقمه أحد أقارب العريس أو العروس ما تجود به نفسه، ويتقبّلها " فضيلة الشيخ " بسرور ويعتبرها حلوان حلال شرعا لأنه .. يؤمن .. أن الراشي والمرتشي في النار!
ونحن موحّدون سياسيا، ودينيا، واجتماعيا ولا فرق بيننا في ذلك؛ فكلنا محللون سياسيون، وفقهاء ووعاظ في الدين يكفّر بعضنا بعضا، وشيوخ عشائر وأكابر وقادة، وكل واحد منا يظن أنه أحسن من باقي الناس؛ ولأننا لا نملك الوقت الكافي للقيام بمهامنا هذه، فإننا نستورد ملايين الرجال والنساء من دول أخرى لينظفوا بيوتنا ويقودوا سياراتنا، ويربوا أطفالنا، وينظفوا شوارعنا إلخ.
قادتنا والحمد لله موحدون في سياساتهم وقراراتهم وتطلعاتهم ...الحكيمة...؛ فقد أضاعوا فلسطين والقدس والجولان وغيرها، ويزعمون أنهم يؤمنون بالأخوة العربية وان كل قطر عربي آخر هو " وطنهم الثاني"، ويتزاورون " وخذ يا بوس الحا "؛ لكنهم منافقون لا يثقون ببعضهم وكل منهم يتآمر على "أخيه"؛ وانهم جميعا يستبدون ويحتقرون شعوبهم، ويبيعون أوطانهم ومصادرها الطبيعية لمن يحميهم ويحافظ على استمرار عروشهم أو يدفع الثمن، ويتسابقون في خدمة أسيادهم في واشنطن وتل أبيب، ويقولون لنا نحن المواطنين إنهم يفعلون كل هذا لمصلحتنا ولخدمة الآجيال القادمة، ونحن نصدقهم، ونبارك خطواتهم، وسعة أفقهم، ونطلب من الله أن يحفظهم ويرعاهم، ويدعوا لهم ... مشايخنا من منابر مساجدنا ... بطول العمر، ودوام التوفيق على خدماتهم الجليلة للعرب والإسلام والمسلمين!
نحن أمّة موحدة في الألم والدموع والجهل والضياع والتخلف والذل والمعاناة الرهيبة ورفض التغيير وإعمال العقل والمنطق، وفي ولائها لحكامها الطغاة الفاسدين وطاعتها لأوامرهم وخوفها من مخابراتهم وسجونهم؛ ولهذا فإنها لا تستحق حكاما أفضل منهم، لأنها لو لم تكن مثلهم " ومن طينتهم " لما قبلت بهم! الزمن يجري والعالم يتغير على مدار الساعة، وسنكون موحدين في مصير أكثر سوادا في المستقبل إذا لم نستيقظ ونتمرّد على واقعنا ونعمل على إصلاحه قبل فوات الأوان.
التخلف في أقطارنا العربية لا يستثني شيئا؛ تعليمنا ما زال قائما على الحفظ والنقل ومحاربة العقل، ومناهج مدارسنا كتب صفراء محشوة بأكاذيب أو معلومات لا علاقة لها بالعالم الحديث. وجامعاتنا تخرّج أعدادا هائلة من حملة الشهادات بمعرفة ضئيلة وثقافة ضحلة لأننا حوّلناها إلى ساحات حرب حزبية وعشائرية ودينية وجهوية يشترك فيها الجميع؛ ومستشفياتنا من أحدث المستشفيات والذي يدخلها لإجراء أبسط العمليات الجراحية يودع أهله الوداع الأخير لأنه قد لا يفيق ولا يلتقي بهم ثانية إلا يوم يبعثون! ولهذا يذهب حكامنا الذين يصابون بالإنفلونزا للدول الأجنبية للعلاج؛ وخدمات الماء والكهرباء تطورت جدا إلى درجة أنها لا تعمل أكثر من يومين أو ثلاثة أسبوعيا، والزبالة تملأ شوارعنا. أما المجاري فإنها بألف خير حيث إن مياهها تختلط بمياه الشرب لتعقيمها، وتملؤ بقاياها الشوارع حرصا من الدولة على صحة المواطنين، فالدولة تقول، وهي صادقة، إن تعرض المواطن لمليارات جراثيم المجاري على مدار الساعة يقوي نظام مناعته ويطيل عمره ويزيد من نسبة ذكائه، ولهذه الأسباب فإنها تتركها كما هي حفاظا منها على صحة المواطن الجسديّة والعقليّة.
أما دوائرنا الحكومية فإنها تعامل المواطنين بكل أدب وشفافية ولا تعرف الواسطة والمحسوبية؛ ولهذا فإن اصدار شهادة ميلاد لطفل أو طفلة أو شهادة وفاة " شغل يوم كامل على الأقل" ويتطلّب عددا من الأختام والتواقيع ومشاوير ومواصلات وتكاليف و" بهدلات " من موظف الدائرة المحترم المعني بالأمر الذي لا.. يبصم ..على أي ورقة قبل أن يحصل على رشوة تلائم أهمية " المعاملة " المطلوب إنجازها.
والقانون عندنا لا قيمة له لأنه لا يطبق إلا على الفقراء والمساكين الذين لا يستطيعون تجاوزه بالواسطة والمحسوبية والرشوة التي أصبحت جزءا من حياتنا ويمارسها أهل القمة والقاعدة علنا ودون خوف أو وجل، ولهذا فإن أي مواطن غلبان تورط في قضية قانونية بسيطة قد يعاقب ويسجن بينما أبناء الذوات والعائلات والأغنياء وشيوخ القبائل" الواصلين " يسرقون ويعربدون ويعتدون على الآخرين دون عقاب " ولا من شاف ولا من دري."
وإن أكثر الوزارات فسادا وارتشاء هي وزارات الشؤون الاسلامية ومن لا يصدق هذا ويود التأكد من صحته ويريد ابنه أو بنته أن يعقد قرانه، عليه أن يذهب إلى فرع من فروع الوزارة المذكورة في أي مدينة عربية، وبعد دفع الرسوم للدولة وإتمام توقيع عقد النكاح، يبدأ الشيخ الجليل الذي قام بإتمام العقد بفرك يديه حتى يلقمه أحد أقارب العريس أو العروس ما تجود به نفسه، ويتقبّلها " فضيلة الشيخ " بسرور ويعتبرها حلوان حلال شرعا لأنه .. يؤمن .. أن الراشي والمرتشي في النار!
ونحن موحّدون سياسيا، ودينيا، واجتماعيا ولا فرق بيننا في ذلك؛ فكلنا محللون سياسيون، وفقهاء ووعاظ في الدين يكفّر بعضنا بعضا، وشيوخ عشائر وأكابر وقادة، وكل واحد منا يظن أنه أحسن من باقي الناس؛ ولأننا لا نملك الوقت الكافي للقيام بمهامنا هذه، فإننا نستورد ملايين الرجال والنساء من دول أخرى لينظفوا بيوتنا ويقودوا سياراتنا، ويربوا أطفالنا، وينظفوا شوارعنا إلخ.
قادتنا والحمد لله موحدون في سياساتهم وقراراتهم وتطلعاتهم ...الحكيمة...؛ فقد أضاعوا فلسطين والقدس والجولان وغيرها، ويزعمون أنهم يؤمنون بالأخوة العربية وان كل قطر عربي آخر هو " وطنهم الثاني"، ويتزاورون " وخذ يا بوس الحا "؛ لكنهم منافقون لا يثقون ببعضهم وكل منهم يتآمر على "أخيه"؛ وانهم جميعا يستبدون ويحتقرون شعوبهم، ويبيعون أوطانهم ومصادرها الطبيعية لمن يحميهم ويحافظ على استمرار عروشهم أو يدفع الثمن، ويتسابقون في خدمة أسيادهم في واشنطن وتل أبيب، ويقولون لنا نحن المواطنين إنهم يفعلون كل هذا لمصلحتنا ولخدمة الآجيال القادمة، ونحن نصدقهم، ونبارك خطواتهم، وسعة أفقهم، ونطلب من الله أن يحفظهم ويرعاهم، ويدعوا لهم ... مشايخنا من منابر مساجدنا ... بطول العمر، ودوام التوفيق على خدماتهم الجليلة للعرب والإسلام والمسلمين!
نحن أمّة موحدة في الألم والدموع والجهل والضياع والتخلف والذل والمعاناة الرهيبة ورفض التغيير وإعمال العقل والمنطق، وفي ولائها لحكامها الطغاة الفاسدين وطاعتها لأوامرهم وخوفها من مخابراتهم وسجونهم؛ ولهذا فإنها لا تستحق حكاما أفضل منهم، لأنها لو لم تكن مثلهم " ومن طينتهم " لما قبلت بهم! الزمن يجري والعالم يتغير على مدار الساعة، وسنكون موحدين في مصير أكثر سوادا في المستقبل إذا لم نستيقظ ونتمرّد على واقعنا ونعمل على إصلاحه قبل فوات الأوان.