
بسم الله الرحمن الرحيم
متلازمة ستوكهولم
محمود الجاف
أحيانا تسلك الشعوب سُلوكا غريبا . وفي عصر الثورات والحُروب والمحَن تكاد تكون ردود أفعالها مُتشابهة خُصوصا عند التعاطف مع قاتليهم حيث يُصبح الوضع غير مفهوم . فرغم كل ما جرى مازال يدافع المَقموعون عن الخُميني الدجال ونظامه ؟ ورغم ارتكابه المذابح البشرية بحَق شعبه أولا ثم الأمتين العربية والإسلامية والعراق . والتي لم يشهد التاريخ لها مثيلا .
إنها مُتلازمة ستوكهولم : وهي ظاهرة نفسية تصيب الشخص الذي يتعاون مع عدوه ويُظهِر علامات الولاء له مثل تعاطُف المَخطوف مع المُختَطِف . حيث تُبدي الرَهينة الإنسجام والمشاعر الإيجابية تجاه المُجرم . قد تصل لدرجة الدفاع عنه . ويمكن اعتباره نوع من الارتباط الذي له علاقة بالصدمة فهو وثاق عاطفي قوي يتكون بين شخصين أحدهما يُضايق ويعتدي ويُهدد ويضرب ويُخيف الآخر بشكل مُتقطع أو مُتناوب . أطلق هذا الإسم على هذه الحالة نسبة إلى حادثة جرت في السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص على كريدت بانك في آب عام 1973 واحتجزوا عدداً من الموظفين كرهائن لمدة ستة أيام . خلالها تَعلقوا عاطفياً بالخاطفين رافضين المُساعدة بل دافعوا عنهم بعد انتهاء الأزمة . جاءت تسمية هذه الحالة من قبل نيلز بيجيروت المُختص بعلم الجرائم والأمراض النفسية الذي كان مُستشاراً للشرطة في وقتها . ولكن في الأصل عرَّفها فرانك اوكبيرغ الأختصاصي بعلم النفس للمساعدة في التعامل مع حالات الرهائن .
إحدى الفرضيات تقول ان التضامن مع المعتدي هو إحدى الطرق للدفاع عن الذات . خصوصا إن كنت تؤمن بنفس أفكاره وقيمه فلن تعتبرها تهديدًا أو تخويفا . ولكل حالة اعراض تميزها عن غيرها وعلامات لابد من تواجدها ضمن متلازمة ستوكهولم مثل :
المشاعر الإيجابية تجاه المُعتدي المُتسلط . والسلبية للضحية تجاه العائلة أو الاصدقاء أو من يحاول إنقاذهُم . ودعم وتأييد سلوك وتفكير المعتدي . والمشاعر الإيجابية لهُ تجاه الضحية وسلوكيات ساندة لهُ من قبلها . وأحياناً مُساعدته وعدم القدرة على المُشاركة في أي سلوك يُساعد على تحرير الضحية أو فك ارتباطها .
ويُفسر ذلك على أنهُ حل لمشكلة تعايش الرهينة مع وضع تكون فيه مسلوبة الارادة ومغلوبة على أمرها للحفاظ على حياتها وبقائها فإحدى المشاكل التي كانت تواجه النساء في المُجتمعات البدائية هي التعرض للخطف من قبل قبيلة أخرى واغتصابهن وقتل أطفالهن والتي تقاوم تعرض حياتها للخطر . وخلال فترات طويلة من التاريخ كان خوض الحروب وأخذ السبايا أمراً طبيعياً والأسيرة تتعايش وتندمج ضمن القبيلة وتخلص لها . ومازالت هناك أنواع من العلاقات في الوقت الحاضر تحمل بعض السمات النفسية للارتباط مع الخاطف مثل متلازمة الزوجة المتعرضة للضرب والعلاقة خلال التدريبات العسكرية الأولية وكذلك في بعض الممارسات الجنسية كالسادية والماسوشية .
لقد وجدت الأبحاث ترابطاً عاطفيا في حالات مختلفة من العلاقات الاضطهادية مثل :
الأطفال المعتدى عليهم
النساء المعتدى عليهن
المنتمون للطوائف الدينية المتطرفة
ضحايا اغتصاب المحارم أو ذوي القربى
سجناء المعتقلات
اليزابيث فريتزل : احتجزها والدها في قبو لمدة 24 سنة وكان يعتدي عليها ويغتصبها وأنجبت 7 أطفال عاشت مع 4 منهم ويعيش هو مع زوجته وبقية أولادها في المنزل . وقد كانت بعمر 18 سنة حين حبسها . ألقي القبض عليه حين احتاجت لعناية طبية لأحد أطفالها . ولم يكن أحد منهم قد رأى الشمس إلا عندما حررتهم الشرطة . وبسبب طول فترة احتجازها والعلاقة القائمة معه استمر تأثير متلازمة ستوكهولم عليها .
كولين ستان : حبست في صندوق بحجم التابوت تحت سرير الخاطف وزوجته لمدة 7 سنوات منذ 1977 إلى 1984 حيث كانت تقضي فيه 23 ساعة يوميا واستخدمها الخاطف لغرض الاستعباد الجنسي . كان يتلاعب بأفكارها ويعتدي عليها بمختلف الأشكال ويصطحبها في زيارة عائلتها دون كشف حقيقة ما يحدث لها . أما زوجته فهي التي أبلغت الشرطة . وتعتبر سيطرة هذا الخاطف على ضحيته بشكل كامل هو مثال على متلازمة ستوكهولم .
أما على صعيد الشعوب فيمكن ملاحظة هذا التأثير في الأنظمة التي لاتملك شرعية فتصبح وسيلة الحكم ضاغطة على المُجتمع ولمدة طويلة يُطور خلالها الأفراد علاقة خوف فيصبح ضحية ويدرك العملاء هذه الحالة مع الوقت حتى يتقنوا لعبة ابتزازهم . فيعتادون على الذل لدرجه تجعلهم يخشون من التغيير حتى وإن كان للأفضل ويظل يدافع عنهم ويذكر محاسنهم أو يخترعها لهم دون الإلتفات إلى مظاهر الظلم والفساد الكثيرة .
إن الشفاء منها يحتاج إلى قدر كبير من المجهود في المُعالجة السُلوكية إلى جانب عدد من الجلسات النفسية المُستمرة التي تعمل على توضيح معنى العدو عند الضحية أو تغيير صورة المُختطِف من كونهُ شخص جيد يجب الوثوق فيه إلى شخص مُجرم وسيء ولا يجب الوثوق فيه . أما مع الشعوب التي عشقت قاتليها فيحتاج الى تظافر الجهود الإعلامية وتعاون جميع مفاصل الدولة لاعادة برمجة الفكر بالشكل الصحيح الذي يُعيد التوازن الى المُجتمع بعد فرز الجراثيم التي أدت الى إصابته بهذه الأمراض النفسية بعد أن جثم على صدره أسوء احتلال عرفهُ تاريخ البشرية .
متلازمة ستوكهولم
محمود الجاف
أحيانا تسلك الشعوب سُلوكا غريبا . وفي عصر الثورات والحُروب والمحَن تكاد تكون ردود أفعالها مُتشابهة خُصوصا عند التعاطف مع قاتليهم حيث يُصبح الوضع غير مفهوم . فرغم كل ما جرى مازال يدافع المَقموعون عن الخُميني الدجال ونظامه ؟ ورغم ارتكابه المذابح البشرية بحَق شعبه أولا ثم الأمتين العربية والإسلامية والعراق . والتي لم يشهد التاريخ لها مثيلا .
إنها مُتلازمة ستوكهولم : وهي ظاهرة نفسية تصيب الشخص الذي يتعاون مع عدوه ويُظهِر علامات الولاء له مثل تعاطُف المَخطوف مع المُختَطِف . حيث تُبدي الرَهينة الإنسجام والمشاعر الإيجابية تجاه المُجرم . قد تصل لدرجة الدفاع عنه . ويمكن اعتباره نوع من الارتباط الذي له علاقة بالصدمة فهو وثاق عاطفي قوي يتكون بين شخصين أحدهما يُضايق ويعتدي ويُهدد ويضرب ويُخيف الآخر بشكل مُتقطع أو مُتناوب . أطلق هذا الإسم على هذه الحالة نسبة إلى حادثة جرت في السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص على كريدت بانك في آب عام 1973 واحتجزوا عدداً من الموظفين كرهائن لمدة ستة أيام . خلالها تَعلقوا عاطفياً بالخاطفين رافضين المُساعدة بل دافعوا عنهم بعد انتهاء الأزمة . جاءت تسمية هذه الحالة من قبل نيلز بيجيروت المُختص بعلم الجرائم والأمراض النفسية الذي كان مُستشاراً للشرطة في وقتها . ولكن في الأصل عرَّفها فرانك اوكبيرغ الأختصاصي بعلم النفس للمساعدة في التعامل مع حالات الرهائن .
إحدى الفرضيات تقول ان التضامن مع المعتدي هو إحدى الطرق للدفاع عن الذات . خصوصا إن كنت تؤمن بنفس أفكاره وقيمه فلن تعتبرها تهديدًا أو تخويفا . ولكل حالة اعراض تميزها عن غيرها وعلامات لابد من تواجدها ضمن متلازمة ستوكهولم مثل :
المشاعر الإيجابية تجاه المُعتدي المُتسلط . والسلبية للضحية تجاه العائلة أو الاصدقاء أو من يحاول إنقاذهُم . ودعم وتأييد سلوك وتفكير المعتدي . والمشاعر الإيجابية لهُ تجاه الضحية وسلوكيات ساندة لهُ من قبلها . وأحياناً مُساعدته وعدم القدرة على المُشاركة في أي سلوك يُساعد على تحرير الضحية أو فك ارتباطها .
ويُفسر ذلك على أنهُ حل لمشكلة تعايش الرهينة مع وضع تكون فيه مسلوبة الارادة ومغلوبة على أمرها للحفاظ على حياتها وبقائها فإحدى المشاكل التي كانت تواجه النساء في المُجتمعات البدائية هي التعرض للخطف من قبل قبيلة أخرى واغتصابهن وقتل أطفالهن والتي تقاوم تعرض حياتها للخطر . وخلال فترات طويلة من التاريخ كان خوض الحروب وأخذ السبايا أمراً طبيعياً والأسيرة تتعايش وتندمج ضمن القبيلة وتخلص لها . ومازالت هناك أنواع من العلاقات في الوقت الحاضر تحمل بعض السمات النفسية للارتباط مع الخاطف مثل متلازمة الزوجة المتعرضة للضرب والعلاقة خلال التدريبات العسكرية الأولية وكذلك في بعض الممارسات الجنسية كالسادية والماسوشية .
لقد وجدت الأبحاث ترابطاً عاطفيا في حالات مختلفة من العلاقات الاضطهادية مثل :
الأطفال المعتدى عليهم
النساء المعتدى عليهن
المنتمون للطوائف الدينية المتطرفة
ضحايا اغتصاب المحارم أو ذوي القربى
سجناء المعتقلات
اليزابيث فريتزل : احتجزها والدها في قبو لمدة 24 سنة وكان يعتدي عليها ويغتصبها وأنجبت 7 أطفال عاشت مع 4 منهم ويعيش هو مع زوجته وبقية أولادها في المنزل . وقد كانت بعمر 18 سنة حين حبسها . ألقي القبض عليه حين احتاجت لعناية طبية لأحد أطفالها . ولم يكن أحد منهم قد رأى الشمس إلا عندما حررتهم الشرطة . وبسبب طول فترة احتجازها والعلاقة القائمة معه استمر تأثير متلازمة ستوكهولم عليها .
كولين ستان : حبست في صندوق بحجم التابوت تحت سرير الخاطف وزوجته لمدة 7 سنوات منذ 1977 إلى 1984 حيث كانت تقضي فيه 23 ساعة يوميا واستخدمها الخاطف لغرض الاستعباد الجنسي . كان يتلاعب بأفكارها ويعتدي عليها بمختلف الأشكال ويصطحبها في زيارة عائلتها دون كشف حقيقة ما يحدث لها . أما زوجته فهي التي أبلغت الشرطة . وتعتبر سيطرة هذا الخاطف على ضحيته بشكل كامل هو مثال على متلازمة ستوكهولم .
أما على صعيد الشعوب فيمكن ملاحظة هذا التأثير في الأنظمة التي لاتملك شرعية فتصبح وسيلة الحكم ضاغطة على المُجتمع ولمدة طويلة يُطور خلالها الأفراد علاقة خوف فيصبح ضحية ويدرك العملاء هذه الحالة مع الوقت حتى يتقنوا لعبة ابتزازهم . فيعتادون على الذل لدرجه تجعلهم يخشون من التغيير حتى وإن كان للأفضل ويظل يدافع عنهم ويذكر محاسنهم أو يخترعها لهم دون الإلتفات إلى مظاهر الظلم والفساد الكثيرة .
إن الشفاء منها يحتاج إلى قدر كبير من المجهود في المُعالجة السُلوكية إلى جانب عدد من الجلسات النفسية المُستمرة التي تعمل على توضيح معنى العدو عند الضحية أو تغيير صورة المُختطِف من كونهُ شخص جيد يجب الوثوق فيه إلى شخص مُجرم وسيء ولا يجب الوثوق فيه . أما مع الشعوب التي عشقت قاتليها فيحتاج الى تظافر الجهود الإعلامية وتعاون جميع مفاصل الدولة لاعادة برمجة الفكر بالشكل الصحيح الذي يُعيد التوازن الى المُجتمع بعد فرز الجراثيم التي أدت الى إصابته بهذه الأمراض النفسية بعد أن جثم على صدره أسوء احتلال عرفهُ تاريخ البشرية .