الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الوطن في ديوان "ما يقلق الريح" سامر كحل بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-07-26
الوطن في ديوان "ما يقلق الريح" سامر كحل  بقلم:رائد الحواري
الوطن في ديوان
"ما يقلق الريح"
سامر كحل
بالمس القريب قرأت ديوان للشاعر الفلسطيني "إبراهيم خليل حسونة" ووجدت فيه حالة عدم الاستقرار والاضطراب واضحة في قصائده، وها وهو "سامر كحيل" يؤكد على أن الشعراء العرب يعانون، ولا تستقرون نفوسهم، فارتباطهم بالوطن، بالجغرافيا تجعلهم (وجودهم) في المكان/الوطن الجديد غير مستقرة، فهم بين برزخين، واعتقد أن هذه الحالة تؤكد للقاصي والداني أن شعراءنا منتمي للوطن، فرغم الرفاهية والاستقرار المادي والاجتماعي، وعدم وجود مطاردة امنية تحول حتى دون حصولهم حتى على لقمة العيش إلا أنهم متمسكون بالوطن، وهذا رد على اجهزة الامن التي تتهم كل من يخالف النظام بالعمالة الخارجية.
في هذا الديوان المتواضع بحجه والكبير بمحتواه سنجد أكثر من شاهد على الشاعر المنتمي، الشاعر الذي ما زال يتدفق عاطفة وحنين، يقول في قصيدة "في الجنوب .. فقط":
"في الجنوب .. فقط
في الجنوب..
بأقصى من الحزن
في ما نفته
المنافي
ومل قلم الله ظفر وصاياه
بالقرب من لا شاطئ
للروح
أو فسحة للأثير..
وبأضيق من بسمة
فوق ثغر فقير" ص7 و8.
حضور المكان من خلال "الجنوب، لا شاطئ" يؤكد الحنين الذي يكنه الشاعر "للجنوب، لا شاطئ" ورغم التناقض بين "الجنوب" الذي يشير إلى أرض/جغرافيا، وبين البحر الذي بلا شاطئ إلا أنه يخدم فكرة تعلق الشاعر بالوطن، وإذا ما توقفنا عند "بأقصى، بالقرب، للأثير، بأضيق" نجدها متعلقة بالمكان، بالجغرافيا، وهذا يعطنا دلالة إلى أن العقل الباطن هو الذي يسير الشاعر، بحيث يستخدم ألفاظ متعلقة بالمكان دون وعي بها، وهناك مجموعة ألفاظ تتعلق بالحنين: "الحزن، نفته، المنافي، بالقرب، للروح، بسمة" من هنا يمكننا أن نحصل على الفكرة حتى من خلال الألفاظ المجردة،.
إذن المكان/الوطن هو الذي يسير الشاعر (ويتحكم به) دون أن يعي أنه أسير له، يعود بنا الشاعر إلى الطريق التي سلكها عندما ترك الوطن:
" هناك..
كما ينبغي للمسافر
أو يستريح على مقعد
في محطة ناقلة
ستجيء
حقائبنا في الصباح
بكل صباح
نعيد بها طي كل الجراح
التي دثرتنا من الأمنيات
أو الحلم
في الليلة الفائتة..!" ص8و9.
المسافر وما يتعلق به حاضر من خلال: "يستريح، محطة، ناقلة، ستجيء، حقائبنا" فهذا الألفاظ تؤكد على ان حالة السفر لم تكن نزهة بالنسبة للشاعر، فاستخدامه للفظ: "الجراح" القاسي يعطنا دلالة إلى تألمه للخروج من الوطن، وهناك أيضا ألفاظ متعلقة بالحنين: "طي، دثرتنا، الأمنيات، الحلم" ويستوقفنا فعل "دثرتنا" التي تبدو في غير مكانها، فكيف للجراح ا، تكون "دثرتنا" لكن حالة الحنين تجعله يستخدم "دثرتنا".
ونجد حالة الحنين من خلال تناوله للوقت "الصبح"، فيستخدم صيغة المضارع "ستجيء حقائبا في الصباح" عندما يتحدث عن الحقائب، لكن وقت "الليلة الفائتة" يستخدم صيغة الماضي عندما يتحدث عن الامنيات والحلم، والماضي بالنسبة للعربي شيء مقدس، أو يحمل شيئا من القدسية، لهذا نجده دائما يعود إلى الماضي، وهذا ما يجعلنا نقول أن الشاعر ما زال يسيره العقل الباطن، وطريقة تفكير العربي.
قلنا في موضع غير هذا أن عناصر التخفيف، المهدئة هي المرأة، الكتابة/القراءة، الطبيعة، التمرد، فحالة الحنين عند الشاعر تجعله يتجه إلى أحد العاصر لتخفف عنه وطأة الحزن التي يمر بها:
"هل ستبكين
كل نزيف يطل من القلب
أو من وراء القلب
إذا ودعت شفتاي
عذوبة خدك
في ما يشبه
صبحا
إذا ..فأنظري:
للجنوب .. فقط" ص9و10.
إذا ما توقفنا عند السؤال: "هل ستبكين" ويبدو وكأن الشاعر بهذا السؤال يتهرب من حالته، من حزنه، وينسبه للمرأة، لهذا جعل الفاصل كبير بين السؤال، وبين سبب البكاء "إذا ودعت شفتاي" فهو الذي يودع، لكنه كشرقي يرفض أن يبدو ضعيفا، فنسب الضعف للمرأة، وما يجعلنا نؤكد هذا الأمر أنه يدعوها إلى النظر إلى الجنوب، إلى المكان الذي أتى منه.
"لا أبارح
إلا لنبع القصيدة
أو لاشتعال الرغيف
إذا
هل ستبكين كل نزيف..؟" ص10.
يتقدم الشاعر من "الكتابة/القصيدة لتخفف عنه ما حل به من ألم، من حنين، لهذا هو يعترف أنه لا أبارح إلا لنبع القصيدة" ونجد تعلقه بالأداة التي يرى نفسه كشاعر فيها "القصيدة" قد سبقها لفظ ناعم "نبع" وكأنه بهذا اللفظ أراد أن يرتوي بعد ظمأ، ويغتسل بعد تعب وارهاق، فتعلقه بما هو أدب/روحي جاء بصيغة ناعمة، لكن ما يتعلق بالمادي "الرغيف" جاء بلفظ قاسي "لاشتعال" وهذا الانحياز لما هو روحي يشير إلى أن الشاعر يتألم نفسيا/روحيا أكثر منه اقتصاديا/ماديا.
يختم الشاعر قصيدته:
"هنا..
في الجنوب القصي من الحلم
في عتمة الذكريات..
لنا نجمة
غافلت ليلها
واستحمت .. بلعنتنا
لتولد صبحا لنا
دون كل الجهات..."ص10و11.
وكأن الشاعر يستسلم لواقعه الجديد، لهذا جاء لفظ في البداية "عتمة الذكريات" وختمها ب "لتولد صبحا لنا" فالباديات كانت ألم وقسوة، والخاتمة/النهاية كانت فرح وبياض، وإذا ما توقفنا عند لفظ "واستحمت" والذي يشير إلى الانتقال من حالة اجتماعية/فكرية إلى حالة أخرى جديدة، وهناك تحول في رؤيته للجغرافيا/للمكان، فبدأ بالحديث عنى "الجنوب" وانتهى بمشاعية المكان/الجغرافيا دون كل الجهات، وكأنه تحرر من هيمنة المكان/الجنوب، وأصبح ينظر نظرة أممية/مشاعية لجغرافيا/للمكان/للوطن، فهل يمكننا القول أن الشاعر قبل/استسلم لوطنه للمكان الجديد؟.
يجبنا الشاعر على السؤال من خلال قصيدة "تحت دلف الروح" التي يحدثنا فيها عن تعلقه بالمكان، بالشام وبردى، يقول:
"كالماء ... تهرب من يدي الأشياء
يهرب من دمي
بردى
فيركض حافيا .. نبضي
يتيما ..في الزحام
أتغيب يا بردى
وهل تركوا منامي؟
ودمي .. وفردوسي..
وشامي..؟
نهبوا القصيدة من شراييني
وتوت صباي
وانتعلوا سلامي..!!
وبقيت أنزف عمري المهزوم
أذرف لعنة الأقدار
والزمن الفصامي..!!" ص52-53.
يفقد الشاعر عنصر الحياة "الماء، دمي" ونجده يستخدم افعال تشير إلى الفصل/الابتعاد/الخروج: "يهرب، يركض، أتغيب، نهبوا، انتعلوا، انزف، أذرف" وإذا ما توقفنا عند عدد هذه الأفعال وارتباطها "ببردى وشامي" يمكننا ان نصل إلى العلاقة الحميمة التي تجمع الشاعر بالمكان، وإذا ما أضفنا إلى ذلك الألفاظ السوداء والقاسية: "دمي، شراييني، حافيا، المهزوم، لعنة، الفصامي" نتأكد على أن الحنين/الحب ما زال متقدا عند الشاعر.
الشعراء انبياء هذا الزمن، وهم يسبقون عصرهم، يحدثوننا بما سيكون عليه حالنا في المستقبل، هذا ما وجحدناه عند العديد منهم، فما كتبوه رأيناه وعايشناه، "سامر كحل" يقدم لنا صورة طفل كوباني الذي هز العالم، قبل أن تحدث بأكثر من عشر سنوات، يقول في قصيدة "مفارقة":
"رصيف يفرفر
في جثة الطفل
عند زوايا المدينة
كان الرصيف
يعيد تناغم خطوات أحلامه
في الطريق إلى أول الماء
كان الشتاء
يسافر في برك الدم
والوقت يذوي
على شرفات ..!
وكان الصباح
مساء من الطائرات...!" ص27و28.
هناك مجموعة الفاظ مرتبطة بصور طفل كوباني: "رصيف، جثة، طفل، زاوية، المدينة، الطريق، الماء، يسافر، الدم، الوقت، يذوي، الطائرات" لا شك أن القصيدة حية وتتطابق تماما مع الصورة، من هنا نقول أن الشعراء انبياء، يحذروننا مما هو آت، لكننا نحن (الكفرة) للأسف لا نتعظ ونستمر في (طغياننا).
الديوان من منشورات دار الينابيع، دمشق، سورية، الطبعة الأولى 2005.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف