الأخبار
"التربية" توضح طبيعة أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلبة غزةسلطة النقد تصدر تعليمات للمصارف برفع نسبة الإيداعات الإلكترونية لمحطات الوقود إلى 50%يوم دامٍ في غزة: أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى والمفقودينإعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث "صيغاً مخففة" لإنهاء الحرب على غزةجيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمنأول اتصال هاتفي بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنواتبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن 14 أسيرًا من قطاع غزةتوجيه تهم القتل والشروع به لـ 25 متهماً في قضية الكحول بالأردنالسعودية تسجل أعلى درجة حرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضيةمصر: أمطار غزيرة تفاجئ القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارةمسؤولون إسرائيليون: تقدم في محادثات صفقة المحتجزين.. والفجوات لا تزال قائمة(كان): قطر تسلّم إسرائيل مقترحًا جديدًا لوقف لإطلاق النار في غزةترامب: سأكون حازمًا مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة وأتوقع هدنة خلال أسبوعوزير الخارجية المصري: خلافات تعرقل الهدنة في غزة والفرصة لا تزال قائمة للتوصل لاتفاقجامعة النجاح الوطنية: الجامعة الفلسطينية الوحيدة في تصنيف U.S. News لأفضل الجامعات العالمية 2025/2026
2025/7/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دكة الأوزار بقلم:حسين أبو سعود

تاريخ النشر : 2019-07-24
دكة الأوزار

حسين أبو سعود

في ساعات الصباح الأولى كنت قد تركت ورائي كل ما عندي من شغف بالأشياء هناك عند النهر الأسود عند دكة الاوزار قابلني الشيطان، رأيت وجهه المقسوم الى نصفين، نصف قبيح ونصف مليح.

رغّبني، هددني أخافني ، جلس قبالتي كان يمد اياديه الالف نحوي، يدغدغني، يتلمس اعضائي، يهيجني، يحيطني بحنان خبيث، صرخت بأعلى صوتي المبحوح، اريد ان اغتسل الغسل الأخير، اريد ان يدرج اسمي في قائمة الانقياء، اتركني اذهب بسلام واطفئ الشمعة الأخيرة بسلام.

ادار عينيه نحو الشمال، تنحنح حتى اهتزت الأرض من تحتي، فشعرت باني سأستسلم مرة أخرى لا محالة.

اخذني الخوف بعيدا نحو مهاوي الضلال وظلمات الرعب، وكنت بحاجة لكي يسدل الستار واتخلص من هذا الكابوس المرعب، وفجأة هطل مطر خفيف أزال الألوان من على تمثال الشيطان حتى اضمحلت حروفه ش ي ط ا وقبل ان يضمحل حرف النون سمعت من خلفي وقع اقدام، التفت وإذا بطفلة تبدو تائهة يعتليها علامات الحيرة، رشيقة كعود الخيزران شعرها الطويل استرسل كالشلال على الكتفين، نظراتها كانت تستجدي الحنان والدفء والأمان.

ما ان رأتني ورأت اثار الشيب الذي يعتليني، وامارات الحكمة في عيوني فتحت ذراعيها واحتضنتني، بقيت على تلك الحال فترة من الزمن امتدت لأعوام، ثم شعرت ان الطفلة بدأت تكبر فانتفض نهداها كقطة مترقبة واستطالت يداها وصارت تصل الى أماكن ابعد في جسمي، وانفاسها صارت تثيرني حد التحفيز، جسدها صار اكثر امتلاءا واكتنازا، التصاقها صار مثيرا للريبة ، يا الهي انها جسد امرأة في العشرين يحمل في انحائه شهوات كل نساء الجزيرة، شعرت انها ملّت من الوقوف بهذه الطريقة، ثنتني بلطف حتى اجلستني على اريكة خشبية مغطاة بورود حمراء وصفراء قطفت للتو فصارت تنظر اليّ وانا اتعمد النظر نحو الأفق تارة ونحو الأرض تارة، تكلمت عن نفسها قليلا وتكلمت عني كثيرا، كانت تعرف عني كل شيء منذ كنت جنينا قلقا في بطن امي حتى شيخوختي اليائسة مرورا بأدوار الطفولة والصبا والشباب والكهولة تعرف عني كل الاسرار التي نسيت بعضها ولم اعد اتذكرها، شعرت بدوار ثم شعرت بجفاف مرير في حلقي وبدأت اثار الظمأ الازلي فتسارعت دقات قلبي، غابت عني قليلا لتاتي لي بكاس من الكريستال الأصفر فيه شراب لذيذ افقدني الوعي بالكامل، تحركت الأشجار من حولي لتكون ستارا عازلا عن الفضاء الممتد والأرض الممتدة، قامت المرأة بحركة وكأنها كانت تطفئ الانوار فصرت اشعر وكأني في قارب واسع من اللذة والشهوة والراحة تصاحبها ارتعاشات تقطر حنانا ولذة.

ظللت هكذا اتقلب بقوة واندفاع نحو الأعلى والاسفل واليمين والشمال حتى ارتخت كل مفاصلي وشعرت برغبة قوية في النوم، فقامت المرأة بسرعة مذهلة تجمع ملابسها الشفيفة وهربت باتجاه خامس ماسكة نعليها بيدها اليمنى، اختفت، وجدت نفسي عاريا مثقلا بالأوزار مرة أخرى، جالسا على دكة الاوزار، سمعت صوت الشيطان وهو يضحك بصوت مخيف يريد ان يقول لقد خسرت الجولة الأخيرة.

وجدت النهر الذي صار اسودا من كثرة من اغتسل فيه من المذنبين وتطهروا قبل ان يغادروا هذا المسرح، وجدت النهر ينحب وقد جف ماؤه حتى اخر قطرة والاسماك التي كانت تتقافز في تلك المياه تختنق ببطء الواحدة بعد الأخرى وقبل ان اختنق انا أيضا من الحسرة ونغزات الضمير رأيت في الضفة الأخرى الأنبياء والصالحين وهم يمدون أيديهم الى اكداس من البشر الذين يريدون العبور، ناديتهم كثيرا فلم يرد عليّ أحد، رفعت يدي ملوحا لهم بقطعة من قماش ابيض تحول بعض بياضه الى سواد، لوحت لهم فلم يرني أحد.

لقد خسرت الجولة الأخيرة أيضا

29 نوفمبر 2018
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف