الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة نقدية في مقهى نزار قباني بقلم:أ‌.روان أحمد شقورة

تاريخ النشر : 2019-07-20
أ‌. روان أحمد شقورة.
عند تقليب صفحات الماضي في دفاتر دقات قلب شاعر، ينبثق طيف وجدان نزار قباني على الأذهان البشرية، ذاك الشاعر الذي بني صرح من الأوراق على أسطر عشق الغرام في حديقة زهور النساء...
ومع بزوغ شعاع الشمس على عيني، قررت فتح بدايات الهيام في ديوان "قالت لي السمراء"، وانتقيت منه قصيدة "في المقهى"؛لتمثل نهج منهج الديوان، وسأسترسل في تحليلها ودراستها...
في البداية، اعتمدت أسطر القصيد على الأسلوب القصصي في بناءها المعتمد على عناصر القصة من شخصيات وأحداث وحوار ومكان وزمان ونهاية..
"ﰲ ﺍﳌﻘﻬﻰ"
سطر عنوان القصيد بلغة واقعية، حين استخدم كلمة"المقهى"؛لدلالة على مكان اللقاء، ولدلالة على علانية البوح بما يختلج بواطن الفؤاد، وتناسب ذلك مع حرف الجر-في-؛لدلالة على الظرفية وثنايا نبضات الوجدان، واستخدم شبه الجملة الضعيفة لغوية-في المقهى-؛لدلالة على لقاء موعد عابر بينهما، ولم يستقر على مر الزمان والمكان، وانتهت تقفية العنوان بالألف اللينة في كلمة-المقهى-؛لدلالة على انطلاق بعفوية وعنفوان عن تسطير أسطر دقات القلب على الأوراق...
"ﺑﺠﻮاري اﺗﺨﺬت ﻣﻘﻌدها
كوﻋﺎء اﻟﻮرد ﻓﻲ اﻃﻤﺌﻨﺎﻧﻬﺎ
وكتاٌب ﺿﺎرٌع في ﻳﺪها
ﻳﺤﺼﺪ اﻟﻔﻀﻠﺔ ﻣﻦ إﻳﻤﺎﻧﻬﺎ"
افتتحت الأسطر بوصف الحالة الشعورية النفسية حين جلوس أنثى بجوار شاعر مرهف الحس، فقد طغى اللاشعور على العقل الصارم بواسطة الأسلوب الانزياحي السياق-بجواري-، حيث انزاح السياق التركيبي للجملة، واستخدم حرف الجر-الباء-؛لدلالة على الالتصاق وقرب المسافة بينهما، وأكد القرب بإضافة ياء المتكلم إلى اسم المجرور -جواري-، وانساق السياق بالفعل الماضي-اتخذت-؛لدلالة على حتمية اللقاء، والتصق فاعلها بتاء التأنيث، ومفعولها-مقعدها-، وهنا تبرز شخصيات القصة-الشاعر، الموصوفة-، ثم اتشح المعنى بالجمال البلاغي البياني بالتشبيه المركب، حين صور جلوسها على المقعد كوجود الورد في الوعاء، فوجه الشبه الاستقرار والسكون، وما زال الشاعر يسرد حدث الجلوس، حين وصف الكتاب في يدها بجواره، فشبهه بآلة تحصد الحسن والفضائل من إيمان الموصوفة، وأثبت التشبيه باسم الفاعل-ضارع-؛لدلالة على المشاركة و المفاعلة، واستخدم الفعل المضارع-يحصد-؛لدلالة على الاستمرار في الحصاد، واستخدم حرف الجر-من-؛لتبعيض، فقد حصدت فضلى الأخلاق من كمال إيمانها...
" ﻳﺜﺐ اﻟﻔﻨﺠﺎن ﻣﻦ ﻟﻬﻔﺘِﻪ
ﻓﻲ ﻳﺪي ﺷﻮﻗًﺎ إلى ﻓﻨﺠﺎﻧﻬﺎ
ﺁﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻌِﺔ اﻟﺸﻤﺲ التي
ﻳﻠﻬُﺚ اﻟﺼﻴﻒ على ﺧﻴﻄﺎﻧﻬﺎ
ﺟﻮﻟﺔ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ركبتها
زﻟﺰﻟﺖ روﺣﻲ ﻣﻦ أركانها"
وما زالت أحداث القصة مستمرة بالفعلين المضارعين اللازمين-يثب، يلهث-؛لدلالة على شدة الشوق العامر في أركان الروح العاشقة منذ النظرة الأولى، وفاعلهما-الفنجان، الصيف-، وتعلقت بهما شبه جملة ضعيفة-من لهفته، على خيطانها-واتشح بالجمال البلاغي البياني، حين صور الفنجان بإنسان يقفز بلهفة شوق إلى المحبوبة؛لتشخيص والتوضيح، وحين شبه الصيف بإنسان يلهث، وغطى الجمال البياني والسياقي بحرفي الجر-من-؛لابتداء الغاية المكانية، و-إلى-؛لانتهاء الغاية المكانية، فابتدأ الشوق ملتهفا من شعوره الباطني إلى فنجانها الخارجي، فانبثق الشعور الداخلي إلى الخارج، وبلج الوصف الشعوري بحال-شوقا-؛لدلالة على اشتعال واضطرام روح تعلقت بالجوار، ثم برز زمن القصة حين صور شعاع شمس الصباح الساطع على ركبتيها بإنسان متجول في أركان تفاصيل الأجزاء، واستخدم اللون البديعي بالتناسب بين-شمس، صيف- فالأبرز ما تكون الشمس بالصيف، ولجأ إلى التكرار في حرف الجر-على-؛للاستعلاء المعنوي، وقد أضفى التكرار الإيقاع الموسيقى والنغم الصوتي الداخلي في القصيد، حيث كرر حرف الجر-على،من-، واستخدم الفعل الماضي-زلزلت-؛لدلالة على حتمية الارتجاف والنبض القلبي على أوتار الفؤاد، واستعمل اسم فعل الأمر-آه-؛لدلالة على التوجع والضجر، فقد توجع من غيرته الملتهبة من شعاع بقع الشمس المتساقط على الموصوفة، وهنا برز الزمان بالرمز شعاع شمس ولهث صيف على ركبتها، فقد كان اللقاء في صيف النهار الغرامي، وجاءت أحداث الأفعال متتابعة دون روابط عطف؛لدلالة على عفوية وتلقائية تداعي إلهام الكلمات على دفقات متتالية دون فواصل في الأحداث المسطر على قدر أوراق الحياة...
" هﻲ ﻣﻦ ﻓﻨﺠﺎﻧﻬﺎ ﺷﺎرﺑﺔ
وأﻧﺎ أﺷﺮُب من أﺟﻔﺎﻧﻬﺎ
ﻗﺼﺔ اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ..ﺗﺴﺘﻌﺒﺪﻧﻲ
ﻣﻦ رأى اﻷﻧﺠﻢ ﻓﻲ ﻃـُﻮﻓﺎﻧﻬﺎ
كلما ﺣﺪﻗُﺖ فيها ﺿﺤﻜْﺖ
وﺗﻌﺮى اﻟﺜﻠﺞ ﻓﻲ أﺳﻨﺎﻧﻬﺎ "
ثم يسرد جمال عينان المحبوبة وأجفانها، فالعيون نافذة الروح والقلب البشري، ومنها ارتوى نزار في دواوينه الشعرية الإلهامية، وهنا ارتوى من ظمأ القلب مثلما ارتوت شفتيها من فنجان مقهى، ولجأ إلى المحسن البديعي الالتفات بين الضمائر هي-للغائب و-أنا-للمتكلم؛لامتزاج المحبوبة الغائبة بالمتكلم في وجدان الشاعر، والالتفاف من الماضي إلى الحاضر في الأفعال-شاربة، أشرب-؛لامتزاج الماضي في الحاضر الفعلي الواقع، ولجأ للجمال البياني بالج؛از المرسل-فنجانها-، فذكر المحل وهو الفنجان، وأراد ما بداخل الفنجان-القهوة-، واستخدم حرف الجر-من-؛لتبعيض، فقد شربت جزء من قهوتها الصباحية، ثم ارتشف جزء من جفن عينها، واستخدم اسم الفاعل-شاربة-؛لدلالة على المشاركة والتفاعل بين الخيال والواقع، فقد شربت قهوتها الواقعية وشرب من أجفانها الخيالية،ثم يصف قيد وأسر الهوى من عينين ثائرتين، و حلى باللفظ الدال على تمرد عينيه- طوفانها-، فقد أسر بتمرد عينين جامحتين بجواره كتمرد الطوفان في نجوم السماء، ثم استخدم أداة الشرط الغير جازمة-كلما-الدالة على الاستمرار، فكلما حدق وأبصر في تلك العينين ضحكت، وجاء الفعلين ماضيين-حدقت،ضحكت-؛لدلالة على حتمية وقوع الفعل، واستخدم كلمة-حدقت-؛لدلالة على إمعان النظر،ثم أتبع بفعل ماض-تعرى-، وأتبع بصورة جمالية، حيث صور بياض أسنانها بالثلج في بياضه؛لتوضيح، وكرر حرف الجر-في-"في طوفانها،فيها ضحكت، في أسنانها"؛لدلالة على الظرفية؛ولدلالة على الولوج داخل الموصوفة، فقد دخل في عينها، فبرز ثلج شفاها...
"ﺷﺎركيني ﻗﻬﻮة اﻟُﺼﺒﺢ ..وﻻ
ﺗﺪﻓﻨﻲ ﻧﻔﺴِﻚ ﻓﻲ أشجانها
إﻧﻨﻲ ﺟﺎُرك يا ﺳﻴﺪﺗﻲ
والربي ﺗﺴﺄُل ﺟﻴﺮاﻧﻬﺎ ﻋﻦ
ﻣﻦ أﻧﺎ ؟ خلي اﻟﺴﺆاﻻت
أﻧﺎ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺒﺤُﺚ عن أﻟﻮاﻧﻬﺎ
ﺳﻴﺪﺗﻲ، ﻣﻮﻋﺪًا، واﺑﺘﺴﻤْﺖ
وأﺷﺎرْت ﻟﻲ إﻟﻰ ﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ ..
وﺗﻄﻠﻌﺖ ﻓﻠْﻢ أﻟﻤْﺢ ﺳﻮى
ﻃﺒﻌِﺔ اﻟﺤﻤﺮة ﻓﻲ ﻓﻨﺠﺎﻧﻬﺎ"
وفي نهاية القصيد امتزج الحوار الداخلي في ثنايا الحوار الخارجي، وفي بداية الأسطر ظهر الحوار الداخلي الخيالي ثم الحوار الخارجي الواقعي، فقد برز الحوار الداخلي في ضمائر المتكلم"شاركيني، إنني، سيدتي"و المخاطب"تدفني، جارك"والحوار الخارجي في ضمائر المتكلم"من أنا، لي، تطلعت،ألمح"والغائب"ابتسمت، أشارت، عنوانها، فنجانها"، واستخدم ألفاظ دالة على شجن الموصوفة-لا تدفني، أشجانها-، فقد شربت قهوة الصبح مغمورة في حزنها، ثم يرتجي سؤال عن حاله من الموصوفة، وطلب السؤال بأسلوب خبري طلبي-إنني جارك-؛ليؤكد الخبر لشاك، فطلب السؤال؛لجلوسها جواره وقربه، وهذا يدلل تأثر الشاعر بالموروث الثقافي للعادات الاجتماعية التي تحض على سؤال الجار، وشبهها بالروابي الخضراء؛لجمالها وحسنها، ثم يصف شخصه بالجمال البياني، فقد صور نفسه بلوحة فنية فقدت ألوانها، وأخذت أبجديات روح غرامه تائهة باحثة عنها بجمال الموصوفة، وقد كرر النداء-يا سيدتي-؛لتعظيم الموصوفة وتبجيلها، وفي نهاية الخيال ابتسمت على طلب موعد غرام، وخرجت من العالم الواقعي، وحدق في مكان وجودها الفارغ فلم يبصر سوى بقعة حمرة على فنجانها، وهنا تكتمل معاني الأنوثة في القصيد، حيث ذكر جمال فتنة العين والجفن ويباض الأسنان و حمرة الشفاه، واستخدم بحر مهمل ألا وهو البحر المتئد-فاعلاتن، فاعلاتن، مستفع لن-وهذا يشي بخصائص الشعر الحديث الذي خرج عن المألوف والمكرر والمتعارف والمتعاهد على أبيات الشعر في أذهان الإنسان، وهذا ما عهدناه على نزار المتمرد الثائر على التقاليد الحياتية...
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف