الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل روسيا ستغزو السويد قبل عام 2033؟ بقلم:إيهاب مقبل

تاريخ النشر : 2019-07-18
*إيهاب مقبل*

*تسعى دوقية موسكو لتكون روسيا دولة عظمى تهيمن على العالم، إذ تعمل اليوم على تعزيز الهيمنة على المنطقة الإقليمية، كخطوة أولى للوصول إلى قلب القارة الأوروبية، فمن دون الوصول إلى قلب القارة الأوروبية لن تتمكن روسيا العظمى من
تحقيق أهدافها العالمية. وتقع هذه المنطقة الإقليمية تحديدًا في بحر البلطيق، وما يحاذيه من بلدان ساحلية، كاستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وألمانيا وفنلندا والدنمارك والسويد. ولكن تغطي السويد المساحة الساحلية الأكبر المحاذية لبحر البلطيق، حيث تشغل نحو 1572 كيلومتر من طول البحر البالغ نحو 1601 كيلومتر، أي إنها تغطي نحو 98% من الساحل الغربي للبحر، مما يجعلها هدفًا
إستراتيجيًا للمؤسسة العسكرية الروسية**.*

*وفي الواقع، فإن هذا الهدف الإستراتيجي الروسي ليس وليد اليوم، فقدْ نشبَ بين روسيا والسويد أكثر من عشرة حروب دامية منذ القرن الثاني عشر الميلادي، وتركزت أسباب الصراع حينها حول الرغبة الروسية بالسيطرة على بحر البلطيق لأسباب
إقتصادية وسياسية وعسكرية وأمنية ودينية. وقدْ حاولَ إيفان الرهيب، أمير موسكو العظيم وقيصر عموم روسيا الأول (1530 - 1584م)، الوصول إلى بحر البلطيق عِبر دول البلطيق وفنلندا، إلا ان محاولاته باءت بالفشل الشديد، حيث كانت كفة نتائج
الصراعات في الكثير من الأحيان لصالح المؤسسة العسكرية السويدية الحليفة للإمبراطورية العثمانية، ونتجَ عنها على سبيل المثال معاهدة ستولبوفو بين روسيا والسويد في عام 1617م، والتي منحت السويد السيطرة الكاملة على بحر البلطيق وفنلندا وإستونيا وغرب روسيا مع تراجع الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية
مقابل صعود الكنيسة البروتستانتية السويدية، وكذلك إجبار روسيا على دفعَ نحو عشرين ألف روبل كتعويضات للسويد، كما سمحت هذه المعاهدة للسويد بالمحافظة على جميع غنائم الحرب، فلم يكن بمقدور روسيا آنذاك تحمل قوة المجهود العسكري السويدي لجبهة واحدة فقط**.*

*ولكن تمكنت موسكو لاحقًا من فتح بوابة إلى العالم عِبر البحر الأبيض المتوسط، إلا أن هدفها الإستراتيجي للوصول إلى الطريق الشمالي وبحر البلطيق لم يتحقق إلا بعد معاهدة نيستاد سنة 1721م، والتي أنهت حرب الشمال العظيمة خلال الأعوام
1700 -1721م. واستحوذت روسيا بموجب هذه المعاهدة على أراضي إستونيا وليفونيا وإيغريا، فضلاً عن كاريليا وعدد من الجزر السويدية في بحر البلطيق، وحل بطرس الأول قيصر روسيا محل الملك فريدريك الأول ملك السويد كحاكم للمقاطعات التي أستولى عليها، حيث كانَ الخطأ الفادح الذي وقعَ فيه الجيش السويدي آنذاك بأنه اعتمد على الضرائب والسلب والنهب من المقاطعات والمدن التي كانت تحت سيطرته لتمويل أفراده وشراء المعدات العسكرية، مما أدى إلى إضعافه داخليًا**.*

*وترى دوقية موسكو إن روسيا ينبغي أن تكون قوة بحرية نافذة للوصول إلى قلب القارة الأوروبية، وأن توسيع الأمة الروسية ينبغي أن يمر عِبر بحر البلطيق والبحر الأبيض والبحر الأسود وشواطئ شرق آسيا. وينظر الروس إلى الأمر بصورة طبيعية: «يجب أن يكون للأمة الروسية العظيمة حرية الوصول إلى المحيطات».
ولذلك، تكافح روسيا من أجل السيطرة على بحر البلطيق، وذلك لأن بحر البلطيق كانَ ومازال هدفًا إستراتيجيًا للمؤسسة العسكرية الروسية. ولذلك، ما تزال روسيا تسيطر على منطقة كالينينغراد الألمانية الواقعة بين بولندا وليتوانيا على بحر البلطيق منذ إحتلالها وطرد سكانها الألمان الأصليين خلال أحداث الحرب
العالمية الثانية**.*

*وقد نشرت القوة البحرية الروسية في سنة 2001م، نشرة تعريفية بمباديء السياسة البحرية الروسية، وطالبت بإستخدام القانون البحري الدولي لتحقيق مصالح روسيا على محيطات العالم بما تضمه من موارد. وبحسب هذه العقيدة فإن هذا المطلب يُعد من الإتجاهات الرئيسية للسياسة البحرية الروسية لتطوير الحضارة الروسية العالمية في ثلث الألفية «أي من سنة 2001م إلى سنة 2033م». ولذلك، طرحت دوقية موسكو الكبرى في اكتوبر تشرين الأول 2016م مشروع ينص على ضرورة إنشاء قواعد عسكرية دائمة في طرطوس واللاذقية للهيمنة على البحر الأبيض المتوسط وموارده، فالصراع على محيطات العالم متصل بالحروب على البحار الإقليمية، وهو أمر لا مفر منه خلال السنوات القليلة القادمة**.*

*ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى ان البحرية الروسية مؤلفة أساسًا من الوحدات الإستراتيجية التالية: «الأسطول الشمالي ويصل إلى القطب الشمالي والمحيط الأطلسي؛ وأسطول الهادئ والذي يتمركز في المحيط الهادئ؛ والأسطول الأسود ويصل إلى البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط؛ وأسطول قزوين ويتمركز في بحر قزوين؛ وأسطول البلطيق ويتمركز في كالينينغراد على بحر البلطيق». ويتألف أسطول بحر البلطيق في الأساس من المدمرات والطرادات والحوامات ومدارج الهبوط
والصواريخ والزوارق والغواصات وسفينة هجومية برمائية، بجانب 24 طائرة من نوع سوخوي سو - 27، و29 طائرة من نوع سوخوي سو - 24، و46 مروحية للعمليات البحرية*
*.*

*وشهدت العلاقات الروسية - السويدية خلال العقود الأخيرة توترًا كبيرًا في بحر البلطيق، ففي السابع والعشرين من أكتوبر تشرين الأول سنة 1981م أرسلت موسكو غواصة سوفيتية على متنها أسلحة نووية بالقرب من مدينة كارلسكرونا الواقعة على
المياه الإقليمية السويدية، وقدْ أصدرت القوات البحرية السويدية حينذاك الأوامر بإطلاق النار على الغواصة. كما شهدَ بحر البلطيق الكثير من الحوادث البحرية، حيث تحاول روسيا بين الحين والآخر خرق المياه الإقليمية السويدية للقيام بأنشطة تجسسية وجمع المعلومات عن القدرات العسكرية السويدية**.*

*وقد ساءت العلاقات بين روسيا والسويد بصورة أكبر بعد رفض دوقية موسكو الكبرى خطط الإتحاد الأوروبي بعقد قمة أوروبية في ستوكهولم بحجة أن السويد غير حيادية. كما شهدت العلاقات بين البلدين تدهورًا ملحوظًا على إثر اعتراف روسيا بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بعد حرب أوسيتيا الجنوبية سنة 2008م، حيث وصفَ وزير الخارجية السويدي السابق كارل بيلدت تصرفات روسيا بالعدوانية، بينما طالبَ الرئيس السابق لحزب الليبراليين السويدي يان بيوركلوند بنشر قوات عسكرية في جزيرة غوتلاند السويدية الواقعة في بحر البلطيق تحسبًا لنشوب حرب بين روسيا
والسويد**.*

*وزيادةً على ذلك، لعبَ خط أنابيب غاز نورد ستريم الممتد من مدينة فيبوغ الروسية إلى مدينة غرايفسفالت الألمانية عِبر بحر البلطيق دورًا رئيسيًا في تفاقم الصراع، حيث وجه الخبراء العسكريين والأمنيين السويديين وعددًا آخر من الاقتصاديين والسياسيين وحماة البيئة تحذيرات كثيرة من خطورة هذا الخط، والذي يمكن إستخدامه لأغراض سياسية واستخباراتية في المنطقة الإقتصادية السويدية، كما بمقدوره التأثير سلبيًا على حياة الطيور والحياة البحرية في بحر البلطيق.
وازدادت التحذيرات السويدية بعد تلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإستخدام أسطول بحري روسي في بحر البلطيق لضمان السلامة البيئية للخط، فهو يمر أساسًا في مناطق بحرية تعتبر إشكالية للبيئة ومحفوفة بالمخاطر لوجود العديد من الألغام البحرية والمواد السامة المتروكة منذ الحرب العالمية الثانية. ومع
ذلك، منحت الحكومة السويدية في نوفمبر تشرين الثاني سنة 2009م موافقتها على المشروع، كما دعت بنفس الوقت إلى التعاون مع دول بحر البلطيق لمراقبة الخط بدلًا من روسيا**.*

*وعلاوة على ذلك، شهدت السنوات الأخيرة حوادث كثيرة ناجمة عن بلطجة روسية علنية في المياه الإقليمية السويدية، وقد اعترضت المقاتلات الحربية السويدية في مارس آذار سنة 2015م أربع طائرات روسية كانت تحلق فوق بحر البلطيق دون
تشغيل أجهزة إرسال واستقبال الإشارات، مما يعني أن هدف هذه الطائرات التجسس على القدرات العسكرية السويدية. كما نشرَ مركز الأبحاث الأمريكي سيبا تقريرًا يؤكد فيه أن روسيا أجرت مناورات عسكرية بمشاركة 44 ألف جندي بهدف تدريبهم على
إجتياح جزيرة غوتلاند السويدية في بحر البلطيق، وذلك في الفترة بين 21-25 من مارس آذار سنة 2015م. كما كشفت صحيفة سفنسكا السويدية في اغسطس اب سنة 2015م عن نية روسيا إجراء مناورات عسكرية في بحر بارنتس على بعد نحو 2750 متر من الساحل الشرقي للسويد، وذلك بإستخدام ثلاث غواصات نووية عملاقة يحملن 48 صاروخ نووي جاهزات للانطلاق تحت مستوى سطح البحر، وهو ما يجعل روسيا دولة عظمى كما
كانت خلال الحرب الباردة حسب الصحيفة**.*

*ونشرت السويد في مطلع يوليو تموز العام الحالي، 2019م، منظومة صواريخ أرض جو «بي إيه إم إس إي - إس آر إس إيه إم» في جزيرة غوتلاند السويدية في بحر البلطيق. وجاءت الخطوة في أعقاب ضم روسيا شبه جزيرة القرم، والنزاع في
أوكرانيا، ودخول طائرات حربية روسية المجال الجوي السويدي، إضافة إلى عملية بحث بحرية في أرخبيل ستوكهولم بعد الاشتباه برصد غواصة**.*

*وتمتلك السويد قوة بحرية لايستهان فيها، ولديها خمس غواصات فعالة في بحر البلطيق، إثنان منها حديثة وتتمركز في جزيرة غوتلاند. وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك السويد جيش نظامي مؤلف من قوة جوية، وثلاث أفواج من القوات المدرعة،
وفوج مدفعية، وفوج دفاع جوي، وكتيبتين من سلاح الفرسان. وبجانب ذلك، يمكن أن تكون الطبيعة الجغرافية في السويد مهلكة لأي مغامرة للقوات البرية الروسية بسبب كثرة الغابات والمرتفعات. وزيادة على ذلك، تُعد السويد واحدة من البلدان
التي لديها أعلى رأس مال اجتماعي مع نجاحات في معالجة الفساد الإقتصادي. وقدْ تلعب ألمانيا دورًا رئيسيًا في بحر البلطيق، وهي الدولة التي تمتلك نحو أحدى عشر غواصة، وتوازي قوتها البحرية القوة البحرية الروسية. فهناك فرصة لالمانيا والسويد لإبعاد التهديد الروسي من بحر البلطيق ومنطقة شمال أوروبا بصورة عامة، ولكن هذه الفرصة قدْ تختفي في أية لحظة أمام غموض وجنون دوقية موسكو الكبرى**.*
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف