الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إلى الذين (يهمزون ويلمزون) حول قبور الأئمة والفقهاء وأولياء الله الصالحين

تاريخ النشر : 2019-07-16
إلى الذين (يهمزون ويلمزون) حول قبور الأئمة والفقهاء وأولياء الله الصالحين
الى الذين (يهمزون ويلمزون) حول قبور الائمة والفقهاء وأولياء الله الصالحين: 

عالمة الآثار المصرية الأستاذة الدكتورة سعاد ماهر محمد، وكتابها:

(مشهد الإمام علي في النجف، وما به من الهدايا والتحف)


بقلم: أ. د. إبراهيم العاتي 

(اكاديمي وباحث)

إن مشاهد ومساجد الأنبياء والأولياء والصالحين، كانت ومازالت موضع اهتمام المؤرخين والباحثين في ميدان العمارة الإسلامية، وذلك للدور المهم الذي قامت وتقوم به في حياة المجتمعات العربية والاسلامية، على مستوى الافراد والجماعات. فحولها او على مقربة منها مساجد يعبد فيها الله، وتقام فيها الصلوات، وتقرأ الأدعية والأذكار، كما تنتظم فيها حلقات الدروس الدينية، ويلقي كبار الفقهاء والمراجع محاضراتهم، كما تنعقد فيها مجالس الخطابة والوعظ، وتعلن قرارات الحرب والسلام، وغير ذلك من النشاطات الدينية والادبية والاجتماعية. لذا فان الكتابة عنها ليست حديثا عن احجار صمّاء، وانما هو حديث عن تاريخ حضاري حي نتعرف من خلاله على التطور الروحي والعلمي والثقافي للمجتمع، وعلى الاثر القيمي والخلقي والانساني الذي تتركه تلك الشخصية التي ضمها الثرى على زوارها، الذين تلهمهم شحصية الإمام علي (ع) بكثير من المعاني والحكم! 

اما مشهد الامام علي (ع) في النجف، فهو كتاب في غاية الاهمية، لأن مؤلفته ممن شُهد لها بالخبرة العلمية والعملية في ميدان الآثار، وهي اول سيدة تشغل منصب عميدة كلية الآثار في جامعة القاهرة، وكانت قد اصدرت كتابا عن  الآثار النبوية التي اختير لها مسجد الحسين بالقاهرة، فلقي هذا الكتاب صدى واسعا في مصر والعراق ودولاَ عربية واسلامية اخرى، تقول د. سعاد: ((وبذلك أتيح لي للمرة الثانية شرف الكتابة عن مشهد الامام علي بن عم رسول الله –ص- وزوج ابنته فاطمة البتول، وابي السبطين ريحانتي الرسول، لأتناول بالدراسة والفحص ما به من التحف والآثار. وهكذا تحقق لنا أمل كان بعيد المنال، لما يكتنف الوصول الى هذه التحف ورؤيتها من الصعاب، اذ كانت محفوظة في مخازن أبوابها مغلقة بالبناء منذ أوائل القرن العشرين، خشية ان تمتد الها يد السراق، كما حدث للتحف التي كانت بمشهد بكربلاء. فتضافرت جهود الجامعيين، وعلية المثقفين وكبار رجال الدولة، وفقهاء الشيعة وسادن مشهد الامام علي، لتذليل كل الصعاب التي كانت تعترض طريقي منذ سنة 1958، للوصول الى التحف والهدايا المخزونة بالمشهد))(1)

وتضيف: ((فأخذنا نجول بين رحاب مشهده في النجف الاشرف جولات وجولات، مع المشتغلين بالآثار تارة ، ومع المؤرخين من فقهاء الشيعة تارة، مستعينين بالله ولي التوفيق في جميع الحالات. وقد أمضينا معه عشر سنوات بدأت سنة 1958 حين ندبنا للعمل بكلية الآداب بجامعة بغداد، غير حاسين للزمن والنَصَب حساباً، وتغلغلنا مع الامام في ثنايا عصره ومصره، ننهل...من فيض علمه ووعظه، ونتصفح عنه الكتب والمراجع والمخطوطات، ثم نقف معه عند كل مرجع نستشيره فيشير علينا، ونستوضحه فيوضح لنا معالم الطريق)) (2). فكانت بذلك اول سيدة سمح لها أن ترى وتفحص الكنوز والتحف المحفوظة في خزانة مشهد امير المؤمنين علي (ع).

وتستمر الدكتورة سعاد فتقول:  ((الامام علي غني عن الترجمة والتعريف، وحسبنا أنه ولد داخل الكعبة، وربى في منزل الوحي، وتتلمذ للقرآن الكريم واستوحاه، فأوتي الحكمة وفصل الخطاب. وهو الذي يقول: سلوني، فوالله لاتسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا أنا أعلم أبالليل نزلت أم بالنهار، أم في سهل أو في جبل وقال: والله ما أنزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت)) (3).

وهو كما قال عنه الحسن البصري: ((كان والله سهماً صائباً من مرامي الله على عدوه، رباني هذه الأمة، أعطى القرآن عزائمه وعلم ما فيه حتى قبضه الله اليه. فكان إمام الفقهاء وعلماء الشريعة، وأقدرهم على استنباط الأحكام الدينية، وإليه رجع الخلفاء من قبله في مشكلات الحكم والقضاء)) (4).

اما المكانة التي اضفاها مرقد الامام علي (ع) على مدينة النجف، فترى د. سعاد ماهر: ((وقد كان لمرقد الامام علي بمدينة النجف آثاره، فأضفى عليها شرفاً وفضلاً، قل أن يحظى بهما غيرها من المدن الاسلامية، فأصبحت مزاراً يحج – يقصد- اليه الشيعة من كل صوب كما كانت قبلة الكتاب والشعراء والمؤرخين في وصفها، فاختص كل منهم بعصر بعينه أو ميزة بذاتها فيما أرخوه أو وصفوه، ولكن أحداً منهم لم يعن بالحديث عنها من حيث موقعها الجغرافي، ولا من نواحيها التاريخية الحضارية قبل الاسلام وبعده، لذلك رأينا أن نجمع شتات ما كتب عنها في هذه الموضوعات جميعها، حتى يجد القارئ ما يروي ظمأه من شوق لمعرفة تاريخ وتراث هذا البلد السعيد)) (5).

    وترى الباحثة الدكتورة سعاد: ان قبر الامام علي وما بني عليه وحوله من عمائر ومبان لم يعن حتى اليوم بدراسته دراسة أثرية معمارية، الأمر الذي جعلنا نعيره اهتماماً خاصاً، حتى نكشف للناس بعض ما يكنه المسلمون على اختلاف مذاهبهم للامام على أولاده الأئمة الطاهرين من محبة ووفاء يقصر عنهما الوصف. وقد أطلق على مرقد الامام اسم المشهد، والمشهد لغة هو مجمع الناس ومحفلهم، وكل مكان يشهده الخلق ويحتشدون به فهو مشهد. وكذلك كان ولا يزال مرقد الامام على تجتمع الناس فيه ويقصدونه من أدنى البلاد واقصاها للتبرك بزيارته، وقد عرف بالمشهد حتى كاد يختص به، ولهذا يقال في النسبة اليه (مشهدي) كما يقال (نجفي)  (6).

وتشير الكاتبة الى قضية مهمة جدا وهي انه رغم كثرة ما كتب عن مشهد الامام علي (ع) في النجف، لكن لم يتناول احد ممن كتبوا تلك التحف الثمينة التي اهديت الى الامام عبر العصور بالفحص والدراسة من النواحي الفنية والصناعية، لانها سوف تسلط الاضواء على تطور الحرف والصناعات وفنون الزخرفة وغيرها في كل عصر. كما انها من الناحية الروحية ((تعبر عما يحسه ويشعر به مقدموها من مودة صادقة وحب عميق وعواطف جياشة للإمام علي واولاده الأئمة، لم يخمد جذوتها طول الزمن ولم يضعفها بعد الشقة، فقد بذلوا في سبيل اظهار هذه العواطف واعلان تلك المشاعر، كل مرتخص وغال. ولا عجب في ذلك بل العجب ألا يكون، فإن مودة أهل البيت  ومحبتهم واجب على كل مؤمن، والمرء يحشر مع من أحب . وقد سئل رسول الله لما نزلت الآية الكريمة (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، من قرابتك الذين وجبت مودتهم، قال: علي وفاطمة وولدها)) (7).

توزعت محتويات الكتاب على اربعة ابواب ومقدمة وفهارس مختلفة وجداول احصائية للتحف في خزانة الروضة الحيدرية. الباب الاول، عن الإمام علي (ع)، والثاني عن تاريخ مدينة النجف، والباب الثالث عن مشهد الإٌمام علي (ع)، أما الباب الرابع فهو عن التحف والهدايا بمشهد الإمام، وهو باب غني وجديد في مضامينه ولعله يطرق لأول مرة.

إن الكتاب في مجمله تعبيرعن حالة روحية ودافع معرفي، الاول يتمثل في حب المؤلفة وإخلاصها للنبي المصطفى (ص) وأهل بيته الاطهار (ع)، والثاني يتمثل في اختصاصها الذي يفتش وينقّب في المباني والتحف، ليتعرف على خصائصها المعمارية، ومزاياها الجمالية، وتراكيبها المادية، وتاريخها العلمي والديني، وكأنه عرض للحضارة الإسلامية في تجلياتها المختلفة. ولذا تحدثت عن تاريخ مدينة النجف وكيف تمصرت واضحت مدينة كبيرة ولها هندستها المعمارية واسوارها، واحياءها المعروفة، ومساجدها. كما تضمن الكتاب وصفا دقيقا للكنوز الاثرية وما تدل عليه، والتي شملت الصناعات الفضية والذهبية، وصناعة الحرير والسجاد، والسيوف، طبقا للبلدان التي وردت منها، كالهند وايران وآسيا الصغرى وتركيا والعراق وغيرها(8) .

وإن أنس فلا أنس وقفتها الجريئة في الثمانينيات من القرن الماضي، دفاعا عن مشهد الإمام الحسين (ع ) في القاهرة، حينما سلم مشروع ترميمه لأحدى شركات المقاولات المعروفة، وكان رايها أن المشروع ، يجب أن تشرف عليه لجنة من علماء الآثار والعمارة الاسلامية، لأن المشهد الحسيني قد مرت عليه تطورات معمارية مختلفة، منذ ان شيد في العصر الفاطمي، ثم ما حصل عليه من تطور في العصر الايوبي فالمملوكي وحتى يومنا هذا، وتلك امور لا تعرفها حق المعرفة شركة مقاولات همها الربح المادي قبل كل شئ، وقد تعرض هذا الأثر التاريخي للخطر.

وفي الختام وجهت د. سعاد الشكر الى سادن الروضة الحيدرية السيد حسن الكليدار، والى اخيه طيب الذكر السيد حسين الكليدار، والى الاستاذ الدكتور عبد الرزاق محي الدين وزير الوحدة ، وللدكتور عبد العزيز الدوري رئيس جامعة بغداد، والاديب الشاعرالدكتور يوسف عز الدين، والدكتور فيصل الوائلي، مدير الأثار العراقية وآخرين، لما قدموه لها من مساعدات سهلت لها مهمتها التي كادت ان تكون شبه مستحيلة. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الدكتورة سعاد ماهر محمد: مشهد الإمام علي في النجف وما به من الهدايا والتحف، ص6، دار المعارف، القاهرة، 1969.

(2) وبقية الهوامش (3-7) من المصدر نفسه، ص6-9. (8) م.ن، ص117 وما بعدها. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف