الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

السياسات والمؤامرات التي مهدت للنكبة بقلم:د.رائد ناجي

تاريخ النشر : 2019-07-03
السياسات والمؤامرات التي مهدت للنكبة بقلم:د.رائد ناجي
السياسات والمؤامرات التي مهدت للنكبة

د.  رائد ناجي

المقدمة

المطلب الاول: النكبة الفلسطينية

الفرع الاول:  مفهوم النكبة

اولا:  تعريف النكبة

ثانيا: التمهيد للنكبة

الفرع الثاني: الاطماع الاستعمارية في فلسطين

اولا: مؤتمر كامبل بنرمان

ثانيا : اتفاقية سايكس بيكو

المطلب الثاني:  بريطانيا و العصابات اليهودية

الفرع الاول:  الوجود البريطاني

اولا: وعد بلفور

ثانيا: الانتداب

الفرع الثاني : انشاء المؤسسات المالية اليهودية ولجنة الترحيل


المقدمة

          كان الشعب الفلسطيني يهنأ في ارضه، وكانت معظم المدن الفلسطينية مزدهرة والحياة تسير بشكل طبيعي، ولكن فجأة حدث كابوس ما يسمى "بالانتداب البريطاني على فلسطين الذي هو بمثابة النكبة الحقيقية الاولى للشعب والارض، فهو لم يكن وليد الصدفة وانما كان بناء على دراسات شاملة مختلف المجالات السياسية والجغرافية والاقتصادية والعرقية والدينية لتمرير مؤامرة كبرى بتسليم فلسطين لليهود وانشاء وطن قومي لهم. ونفذت هذه المؤامرة وتم اعلان دولة اسرائيل وتهجير الفلسطينيين من ارضهم يوم 16/05/1948 وكتب بهذا التاريخ مأساة فلسطين وشعبها.

المطلب الاول: النكبة الفلسطينية

مزقت النكبة أوصال الشعب الفلسطيني وفصلت الشعب عن أرضـه وحكمت عليه بالإبادة الجغرافية الديمغرافيـة، حتى تحول الفلسطيني الى لاجئ  بسبب عمليات الطرد الممنهجة التي اتبعتها العصابات الصهيونية وبشتى الوسائل من قتل وترويع وبطش وإرهاب جسدي ونفسيبهدف تغير الطابع الديمغرافي لفلسطين لمصلحة قدوم المهاجرين اليهود  وأدت السياسات الصهيونية التي اتبعها اليهود في بداية إقامة الدولة عام 1948 إلى نزوح حوالي 800000 لاجئا تركوا أرضهم بسبب قسوة الممارسات اليهودية من قتل وتشريد وتعذيب[1].

الفرع الاول: النكبة وبدايتها

لا شك ان فكرة انشاء وطن قومي لليهودي فكرة قديمة، وانما تبلورت في القرن الثامن والتاسع عشر، وسبقت انشاء الوطن القومي العديد من المؤتمرات والمؤامرات لدعم اليهود، وبعد اطمئنان بريطانيا لهذه السياسة فقامت بضرب الانتداب على فلسطين، واصدرت وعده بلفور المشؤوم بعد موافقة الدول الاستعمارية ودعمت قرارها، وبفضل السياسية الخبيثة البريطانية ساعدت على تهجير الفلسطينيين وابعادهم عن ارضيهم وفي المقابل استقدام واحلال اليهود مكانهم، وبمجرد دخول اليهود فلسطين هاجمت العصابات اليهودية القرى الفلسطينية.

اولا: تعريف النكبة

1.            النكبة لغة:

النكبة لغة هي مصيبة نازلة توجع الانسان بما يعز عليه من مال او حميم تصيبه بخسارة عظيمة، وهي الفاجعة ايضا.

وايضا يذهب معنى النكبة اللغوي الى نازلة عظيمة  ومصيبة جماعية تحل بعدد كبير من الناس.[2]

2. النكبة اصطلاحا:

تعرف الموسوعة الحرة ويكيبيديا النكبة " مصطلح فلسطيني يبحث في المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره".[3]

لقد التصق اسم النكبة بما حدث فلسطين في 16/05/1948 من تهجير ونهب للقرى والبلدات الفلسطينية وتشريد اكثر من 800000 الف فلسطيني من ارضه الى دول الجوار والعالم، ولكن تعريف الويكيبيديا يبقى منقوصا اذا ان النكبة ليست فقط هي المأساة انما تمتد الى التطهير العرقي ومن قام به والغرض من هذا التطهير.

 وبتعريف اشمل للنكبة النكبة هي الكارثة والمأساة التي حلت على الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية خاصة في اراضي 48، نتيجة قيام القوات اليهودية  بعملية تطهير عرقي وطرد الفلسطينيين "السكان الاصليين" عن ارضهم بغرض انشاء وطن قومي لليهود.

فأدت عملية تشريد الفلسطينيين واقتلاع ارضهم غصبا منهم الى الاستيلاء على اراضي فلسطين التاريخية وتدمير حوالي 550 قرية وبلدة فلسطينية وتشريد 85 بالمئة  من سكانها.[4]

ثانيا: التمهيد للنكبة

ان احتلال فلسطين واقتلاع ارضها عنوة، وتشريد الشعب الفلسطيني لم يكن صدفة كما اشرت سابقا، وانما سبق هذا الاحتلال البغيض الذي أدى إلى نكبة الشعب الفلسطيني إعدادا وتمهيدا وهذا ما سنتحدث عنه في هذا الفرع.

1.           ظهور الحركة الصهيونية

ظهر إبان القرن الثامن والتاسع  عشر عدد من المفكرين اليهود ورجال الدين، الذين نشروا كتبهم وابرزوا المسألة اليهودية كأقلية مضطهدة من جهة ومن جهة اخرى الارتباط الديني اليهودي بأرض فلسطين، وقد كسبوا التعاطف والتأييد الاوروبي، ولم يكتفوا بذلك بل تم عقد العديد من المؤتمرات والملتقيات لدعم فكرة إنشاء دولة يهودية بأرض فلسطين، ولهذا الغرض برزت الحركة الصهيونية نهاية القرن التاسع عشر.[5]

ارتكزت هذه الحركة على بعض البحوث التراثية التي أعدها باحثون يهود لتحديد الارض المقدسة كما ورد في التوراة، وحسب ما صرح به "هرتزل" زعيم هذه الحركة "ان ما يجب ان نرفعه هو فلسطين، داوود، سليمان" وبالرغم من ارتكاز الحركة الصهيونية على الحجج الدينية والتاريخية وتأثرها بالنزعة القومية التي سادت أوروبا إلا أنها ارتبطت بهدف سياسي وهو الهودة الى فلسطين واقامة دولة يهودية.[6]

وقد افضى نشاط الحركة الصهيونية إلى عقد مؤتمر بازل 1897 بسويسرا، الذي يعد بمثابة حجر الاساس الذي بنى عليه اليهود فكرتهم باشراك يهود العالم للقيام بعمل موحد يعتمد على التمويل الذاتي.[7]

وقد تقرر في هذا المؤتمر توحيد جهود اليهود تحت لواء الحركة الصهيونية، واقامة دولة يهودية في فلسطين، وتم تحديد شكل العلم والنشيد القومي.[8]

وانطلقت الحركة الصهيونية بعد هذا المؤتمر الى تجسيد ما تم الاتفاق عليه،ووضعه على ارض الواقع، وقامت الحركة بالاتصال بأصحاب القرار في الدول الاستعمارية، وانشاء البنوك، والعمل على تفريغ فسطين من سكانها.

2.           الهجرة اليهودية

بدأت الهجرات اليهودية في أواخر القرن التاسع عشر بشكل غير منتظم، ولكن بعد اتصال الحركة الصهيونية بالصهاينة الانجليز أمثال تشرشل، آرثر بلفور، ساعدت حكومة الانتداب البريطانية الهجرات اليهود وسهلت لهم الطريق بل وفتحت الباب على مصراعيه وشجعت الوكالة اليهودية والوكالات التابعة لها في اوروبا على الهجرة بكافة الوسائل.[9]

وانطلقت الهجرات اليهودية بشكل مكثف واكثرها بالهجرة غير الشرعية الى فلسطين، وقد عمد اليهود الى الاستيلاء على الاراض الفلسطينية، وانشأت الحركة الصهيونية وكالات وبنوك لمحاولة شراء الاراضي وتفريغها من اهلها.

الفرع الثاني: الاطماع الاستعمارية في فلسطين

نظرا لأهمية موقع فلسطين فهي الجزء الذي يربط الجزء الاسيوي بالإفريقي، فقد كانت دائما محور صراع واطماع للدول الغازية والمستعمرة، وفي العصر الحديث بدأ الصراع بين بريطانيا وفرنسا، ولكن بريطانيا كانت حريصة ان تبقي فلسطين في يدها ناكثة  وعودها للشريف حسين حاكم مكة.[10]

أولا: مؤتمر كامبل بنرمان سنة1907.

طرح رئيس وزراء بريطانيا مشروع الجبهة الاستعمارية الموحدة بين فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، البرتغال، اضافة الى بريطانيا، وخلص هذا المؤتمر الى انشاء لجنة مشتركة لبحث المصالح الاستعمارية المشتركة، وخلصت هذه اللجنة الى ضرورة اقامة حاجز بشري يمنع توحيد الوطن العربي ولا يتأتى ذلك إلا بفصل الجزء الاسيوي عن الجزء الافريقي ولا يكون ذلك الا باحتلال فلسطين.

ويعتبر هذا المؤتمر الضوء الاخضر للسياسة البريطانية والحركة الصهيونية في انتزاع فلسطين وتشكيل نواة استعمارية، تؤمن استمرارية النفوذ الاستعماري في المنطقة.

ثانيا: اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916.

بعد الاتفاق على تقسيم املاك الدولة العثمانية بين الدول الاستعمارية الكبرى روسيا، بريطانيا، فرنسا، فقد تقرر في اتفاقية بطرسبورغ سنة 1916بين هذه الدول بمنح روسيا مناطق الاناضول، وبالتالي تكون قد خرجت روسيا من الارض العربية، وفي نفس العام عقد اتفاق بين بريطانيا وفرنسا على تقيم الارض العربية والتي كانت موضوع اتفاق بين الشريف حسين – مكماهون وأطلق على هذا الاتفاق سايكس – بيكو.

وتم تقسيم مناطق النفوذ في المنطقة العربية وتم تلوين مناطق النفوذ الفرنسي باللون الازرق ومناطق النفوذ البريطاني باللون الاحمر، ونص الاتفاق على انشاء ادارة دولية في فلسطين لون باللون البني، وبالرغم من انه لم يرد ذكر اليهود  في هذه الاتفاقية ولكن كانت بوادر المؤامرة ظاهرة.[11]

المطلب الثاني:  الوجودالبريطاني والعصابات اليهودية في احداث النكبة

لعبت السياسة الغربية الماكرة بشكل عام والبريطانية خاصة دورا كبيرا في قيام دولة يهودية في فلسطين وتهجير وتشريد وتقتيل الشعب الفلسطيني الى جانب العصابات اليهودية .

الفرع الاول: الوجود البريطاني

بعد اتفاقية سايكس بيكو عملت بريطانيا على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بينها وبين الحركة الصهيونية من جهة وبينها وبين دول الاستعمار المؤيدة لليهود من جهة اخرى وقد اتخذت في سبيل ذلك خطوتين.

اولا: اصدار وعد بلفور

 بدأت امال اليهود بالتبدد بعد قبل الحرب العالمية الاولى، وتشرذم اليهود مرة اخرى بين الكتلتين المتحاربتين فكل جهة يهودية انحازت إلى جهة، ومن هنا تم الضغط على بريطانيا بواسطة الحركة الصهيونية لاستصدار وعد يمنح لهم فلسطين كوطن قومي.

وفي عام 1917 خلفت بريطانيا وعودها للعرب، واصدرت وعدا وعد من لايملك لمن لا يملك ايضا بإنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين.[12]

ووافق تشرشل على النص 17 اكتوبر1917، واقره مجلس الوزراء بتاريخ 02 نوفمبر 1917،وهذا يعتبر التاريخ الرسمي للاستعمار في فلسطين، وقد اصدرت بريطانيا هذا الوعد تحت عدة دوافع كالدوافع الجيوسياسية، والاقتصادية والاستعمارية وحتى الدينية.[13]

وهذا الوعد هو الذي عجل واثار نشاط الحركات اليهودية والحركة الصهيونية لإقامة دولة يهودية في فلسطين حيث ان حلمهم بات قريبا بعد وعد بلفور.

ثانيا: الانتداب البريطاني

ان نظام الانتداب البريطاني هو نظام ابتدعه ميثاق عصبة الامم، وارتبطت به الدول المشاركة في مؤتمر الصلح سنة1919.وجاء هذا النظام كبديل عن الاستعمار وهذا ما نصت عليه المادة 22 من الميثاق، وفي 18 جوان 1919 صدر صك الانتداب الذي صاغه اليهودي بنيامين كوهين.[14]

وجاء في صك الانتداب" ان دول الحلفاء قد وقعت على وعد بلفور وعلى ان تكون الدولة المنتدبة مسؤولة على التنفيذ اعترافا بالصلة التاريخية التي تربط اليهود بفلسطين".[15]

اعلن عن مشروع الانتداب من قبل عصبة الأمم بتاريخ 06 جويلية 1921، وفي 11 سبتمبر 1922 اقرت عصبة الامم الانتداب بشكل رسمي  على اساس وعد بلفور، وكلفت بريطانيا كدولة منتدبة تتحمل مسؤولية تهيئة الظروف السياسية والاقتصادية التي تضمن تأسيس الوطن القومي لليهود في فلسطين، وبناء على هذا عينت بريطانيا "صموئيل هربرت" اليهودي مندوبا ساميا على فلسطين، وشرع الاخير مباشرة بتهيئة الظروف المواتية لإقامة دولة يهودية، حيث اقام جهازا حكوميا ونصب على رأس كل دائرة من دوائر هذا الجهاز موظفا انجليزيا يهوديا او مسيحيا، وعلى رأس هذا الجهاز مجلس تنفيذي يتألف من المندوب وثلاثة كتّاب هم بمثابة وزراء فواحد للمالية واخر للعدالة واخر للداخلية، والهدف من ذلك تهيئة فلسطين اداريا، عسكريا، اقتصاديا وتشريعيا لإقامة الوطن القومي.[16]

واجهت الهجرة اليهودية وصك الانتداب الغضب الفلسطيني والعربي، وثارت موجة عارمة من الاحتجاجات التي عمت فلسطين، وامام هذا الوضع اصدرت الحكومة البريطانية كتابها الابيض الاول الذي لم يتناقض مع وعد بلفور ولا مع صك الانتداب انما اكد تشرشل وزير المستعمرات ارتباط اليهود بفلسطين تاريخيا، وعلى استمرار الهجرة اليهودية الى فلسطين.[17]وهذا ما الهب فتيل المقاومات الفلسطينية في مدن فلسطين وقراها.

ثالثا: المساعدات البريطانية

اضافة الى ما سبق، فقد قامت بريطانيا بالاستيلاء على الاراضي الفلسطينية وغيرت ملامحها وتقسيمها بإصدار قوانين وامتيازات تغلب مصلحة اليهودي وتنزع الحق من صاحب الارض الاصلي.

1.   استغلال واستحواذ الأرض الفلسطينية

انشأت صناديق لشراء الاراضي من الفلسطيني تحت اجباره والضغط عليه وقتله اذا لم يستجب للمطالب الصهيونية البريطانية وفي سبيل هذا الغرض فرضت حكومة الانتداب البريطانية ظروفا معيشية قاسية على الفلسطينيين، وجندت موظفي حكومة الانتداب لإعطاء اليهود حق امتياز استغلال الاراضي التي اعتبرت املاك دولة. كما انشات بريطانيا دائرة للمساحة بهدف تحديد ملكية كل ارض وكيفية الاستيلاء عليها، بل عمدت الى نزع الاراضي من الفلسطينيين ومنحها لليهود .[18]

ثم عمدت بعد ذلك الى الغاء جميع القوانين ونظم ملكية الارض التي وضعتها الدولة العثمانية بغية السيطرة على الارض الفلسطينية تطبيقا للمادة السادسة من صك الانتدابعدا عن القانون الذي خول المندوب السامي بمصادرة اي ارض للنفع العام حسب القانون.[19]

2.   المشاريع البريطانية في فلسطين

جعلت بريطانيا الاقتصاد الفلسطيني بيدها، وعملت على اتباع سياسات اقتصادية تجعل من القلة اليهودية هي المسيطرة على الاقتصاد الفلسطيني، ومن اجل ذلك مثلا قامت بفرض ضرائب باهظة على المنتجات التي تأتي من الدول العربية او الاجنبية الى فلسطين، وفي المقابل فرضت قوانين جمركية وضرائب على تصدير المنتوجات الفلسطينية لانهاك الاقتصاد الفلسطيني وجعل اعتماد الفلسطيني على المنتوجات اليهودية.

كما انشأت بريطانيا عددا من المصانع كالإسمنت واستخراج الزيوت، ومنحتها لليهود، بل وتعدت انشاء المصانع الى منح حق الامتياز لشركات ورؤوس اموال يهودية فلي فلسطين كمنح مشروع "روتنبرغ" لليهودي روتنبرغ بنحاس من اجل استغلال مياه نهر الاردن والاستفادة من الكهرباء واستغلال مياه نهر العوجا.[20]

الفرع الثاني :المؤسسات المالية اليهودية ولجنة الترحيل

رفع الصهاينة بعد مؤتمر بازل شعار ارض بلا شعب لشعب بلا ارض، ورفعوا شعارات اخرى لترحيل العرب سواء بالمكر والدهاء او بالقوة المسلحة ، ومن اجل ذلك، قامت الحركات الصهيونية بتأسيس عددا من الوكالات والصناديق للاستيلاء على الاراضي الفلسطينية، وايضا اسست عصابات مسلحة لتنفيذ الشق الثاني من شعارهم "الترحيل بلغة القوة"

اولا: المؤسسات المالية اليهودية والصهيونية التي لعبت دورا في الاستيلاء على الاراضي.

أسست عدة جمعيات من طرف الحركات الصهيونية والتي دعمها رجال الاعمال اليهود والدول الاستعمارية، وعلى راسهم بريطانيا التي سهلت مهمة هذه الجمعيات والوكالات، وشرعت لها القوانين التي تساعدها في مهمتها.

1. الجمعية اليهودية للاستعمار (البيكا) :وهي من أقدم هذه المؤسسات وقد استولت على مساحات كبيرة من الأراضي في فلسطين، أنشأها رجل المال والأعمال اليهودي البريطاني البارون "أدموند دي روتشليد" عام 1883، هدفها الأول إيجاد طبقة من الفلاحين اليهود قادرة على الارتباط بالأرض عن طريق تمليكها الأراضي الزراعية بالمجان أو بأسعار رمزية.

2 - الصندوق القومي اليهودي (الكيرنكاييمت) تأسس هذا الصندوق عام 1901 ومهمته استملاك الأراضي في فلسطين، ما يقارب 60 ألف دونما من الأراضي الفلسطينية و تمكن الصندوق أيضا من إضافة (275) ألف دونم بشكل غير قانوني إلى أملاكه حتى وصل مجموع ما استولى عليه الصندوق حتى العام 1948 حوالي (936) ألف دونم وصلت في نهاية العام حوالي 1.022.657 من أخصب أراضي فلسطين من خلال عمليات النهب والسلب أثناء حرب 1948 من خلال قانون "مصادرة الأراضي ساعة الطوارئ" حيث إن الدروس التلمودية التي يعكف اليهود عليها توجب على اليهودي أن يستحل في معاملة غيره كل وسيلة قبيحة كالسرقة والخداع والظلم والغش والربا بل والقتل[21]، وعلى ذلك فقد استولت السلطات الصهيونية على أراضي الفلسطينيين عبر أكبر عملية نهب منظم في التاريخ وعمدت فوراً إلى نصب شبكة من القوانين للاستيلاء والاستحواذ على هذه الأراضي حتى لا تصطدم الصهيونية بالمجتمع الدولي، فأصدرت قانون أملاك الغائبين عام 1950م، والذي يعتبر كل فلسطيني خارج أرضه هو غائب عنها ويحق لإسرائيل الاستيلاء على كل أرض لا يوجد صاحبها فيها، إذن وفق هذا القانون اعتبر اللاجئ غائباً واعتبر الفلسطيني الذي بقي في فلسطين المحتلة عام 1948 هو غائب أيضاً حتى لو كان غيابه وتواجده في قرية مجاورة، وهنا تم تحويل هذه الأراضي إلى ما يسمى الحارس على الأملاك والمتصرف بالأراضي[22].

3- شركة تطوير الأراضي الفلسطينية :وهي مؤسسة يهودية تأسست عام 1908 هدفها الحصول على الأراضي الفلسطينية بشتى الوسائل حيث تبقى الأراضي في حيازتها لفترة قصيرة إلى أن توزع على المؤسسات أو الشركات أو الأفراد اليهود دون ربح، وقد سهلت بريطانيا عمل هذه الشركة حيث استولت عام 1935 على 512.979 دونم وكذلك حصلت الشركة على حق امتياز سهول الحولة الذي أطلق يد الشركة عام 1934 بمساحة قدرها (165) الف دونم، وكذلك حصلت الشركة على ما مجموعه (25.351) دونماً من أراضي بئر السبع.

4- الصندوق الفلسطيني التأسيسي (الكيرنها يسود) :أنشئ عام 1920 بهدف شراء الأراضي والاستيلاء عليها من الفلسطينيين وتحويلها إلى اليهود بشرط الإقامة في هذه الأرض والزراعة فيها وعدم استخدام عمال غير يهود، وقد استولى هذا الصندوق على مساحات كبيرة جداً من فلسطين[23].وهكذا ساهمت هذه المنظمات والمؤسسات الصهيونية في الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وتحويلها إلى الملكية اليهودية من أجل تعميق الصلة بين المستوطنين والأرض باعتبار أنها جذور أساسية لإنشاء كيان مستقل في فلسطين بالإضافة إلى إنشاء الصندوق القومي وبنك الاستعمار من اجل مساعدة اليهود على الهجرة للأراضي التي يتم الاستيلاء عليها[24].

ثانيا:  تأسيس لجنة الترحيل

 معظم زعماء اليهود كانوا يؤمنون بفكرة ترحيل الفلسطينيين الى خارج فلسطين ولو بالقوة، واعتبار فلسطين اراض يهودية ستقام عليها دولة يهودية محضة، ولكن سرعان ما ثارت الثورات الفلسطينية التي طالبت برحيل اليهود والانجليز معا، الى ان تم تشكيل لجنة بيل للتحقيق، ونجح اليهود في تضمين قرار اللجنة فكرة تقسيم فلسطين ولكن وجدت هذه الفكرة اصداء يهودية مناوئة للفكرة، وفي كل الاحوال كان الزعماء اليهود يرفعون شعار لا يمكن اقامة دولة يهودية بدون الترحيل الاجباري للفلسطينيين.

1. تشكيل لجنة للترحيل: شكلت الوكالة اليهودية سنة 1937 بتوجيه من قرارات المؤتمر الصهيوني اول لجنة لترحيل الشعب العربي الفلسطيني من ارضه الى الدول المجاورة، وتوالت اجتماعات الوكالة اليهودية لمتابعة الترحيل.

2. خطة دالت للترحيل: أعدت العصابات اليهودية الارهابية المسلحة خطة تسمى "بخطة دالت" اثر صدور قرار التقسيم سنة 1947، وتضمنت هذه الخطة السيطرة على النقاط الاساسية داخل البلاد وعلى الطرقات قبل رحيل البريطانيين.[25]

وتضمنت الخطة ايضا تدمير القرى العربية المجاورة للمستعمرات اليهودية، وطرد سكانها وترحيلهم خارج فلسطين بالقوة، والسيطرة على الشرايين الرئيسة للمواصلات والمواقع الاستراتيجية في القدس، يافا، اللد، الرملة وحيفا، ولما أعلن بن غريون عن مخططه في 07/02/1948 بدأت العصابات اليهودية الهاغانا والأرغون وشتيرن بممارسة الإرهاب وحرق القرى الفلسطينية وارتكاب المجازر المروعة مثل مجزرة دير ياسين وكفر الشيخ القريبة من حيفا وغيرها والجماعية لترحيل  العرب من مدنهم وقراهم تحقيقا لخطة دالت لاقتلاع العرب من اراضيهم واحلال المهاجرين اليهود بدلا منهم.[26]

الخاتمة

ان احتلال فلسطين وتهجير شعبها والاستيلاء على ارضها لم يكن بين عشية وضحاها، انما هي مؤامرات احيكت على مدى اكثر قرن من الزمان، تقاربت فيها النظرة اليهودية–المسيحية والعنصرية اليهودية بالاستعمار الغربي، واتفقت المصالح الغربية مع المصالح اليهودية ضد العرب وطيلة عام واليهود يحاولون غرس فكرة انشاء وطن قومي لهم بفلسطين، عن طريق مفكريهم وحاخاماتهم وأصحاب المال، وقد استطاعوا زرع هذه الفكرة في العقل اليهودي وتجمعيهم ضمن حركات يهودية منظمة كالحركة الصهيونية، وبدروها هذه الحركات نجحت في إقناع العقل الغربي بضرورة إنشاء وطن قومي لليهود، ورفع شعار ارض بلا شعب لشعب بلا ارض، تضافرت جهود هذه الحركات مع الحكومات الاستعمارية، التي مهدت ومنحت اليهود الحق في انشاء دولة لليهود في فلسطين متجاوزة السكان الفلسطينيين مما احدثت مأساة بشرية من اكبر المآسي في العالم، لا تزال اثارها ترزح على الشعب الفلسطيني المهجر من ارضه والمشتت في اصقاع المعمورة.

المراجع

اولا: المؤلفات

1.   ابراهيم احمد العدوي، تاريخ الصراع بين الامة العربية والاستعمار الجديد، دار النهضة المصرية، القاهرة،1969.

2.   احمد ابراهيم خليل، اسرائيل فتنة الاجيال، مكتبة الوعد العربي،1970.

3.   احمد الشقيري، صفحات في القضية العربية، المؤسسات العربية للدراسات والنشر، ط1، بيروت، 1979.

4.   آلان تايلور ، تاريخ الحركة الصهيونية "تحليل للدبلوماسية الصهيونية" 1887-1994، ترجمة بسام ابو عز الله، دار الطباعة، بيروت،1966.

5.   سلمان أبو ستة ، حق العودة  مقدس وقانوني وممكن، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2001.

6.   سهيل حسين الفتلاوي، جذور الحركة الصهيونية، دار وائل ، عمان، 2002.

7.   صبري جرسي، السياسة والمجتمع اليهودي في فلسطين خلال الانتداب البريطاني 1918-1948، مطبعة الجامعة، الموصل،1983.

8.   عبدالله التل ، خطر اليهودية على الاسلام والمسيحية، قطر الكتاب، الجزائر،1964.

9.   عبدالوهاب الكيالي، الموجز في تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للنشر،بيروت،1971.

10.  عبدالوهاب الكيالي، وثائق المقاومة الفلسطينية العربية ضد الاحتلال البريطاني والصهيوني 1918-1939،مؤسسة الدراسات الفلسطينية،بيروت،1968.

11.  عبدالمالك خلف التميمي، المياه العربية ،التحدي والاستجابة، الوحدة العربية، بيروت،1999.

12.  غازي حسين، الاستيطان اليهودي  من الاستعمار الى الامبريالية، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق،2003.

13.  غازي ربايعة ، القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي 1948-1988، ط2، مكتبة الرسالة، عمان، 1989.

14.  محسن صالح، الحقائق الاربعون في القضية الفلسطينية، المركز الفلسطيني للاعلام،، 2003.

15.  محمد حسنين هيكل، المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل،ج1،ط1،دار الشروق ، القاهرة،1996.

16.  محمد عبدالرحمن برج، دراسة في التاريخ العربي الحديث والمعاصر، مكتبة الانجلو مصرية، القاهرة، 1972.

17.  محمد عزة دروزة، مختارات قومية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،1988.

18.  محمد كافوري، نشأة الصهيونية وآثارها الاجتماعية، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة- مصر، 2002.

19.  محمود عادل رياض : الفكر الإسرائيلي وحدود الدولة، معهد البحوث والدراسات العربية، دار النهضة العربية، بيروت، 1989.

20.  نديم روحانا واريج الصباغ محرران، الفلسطينيون في اسرائيل، مدى الكرمل ، 2011.

21.  نور الدين مصالحة، طرد الفلسطينيين، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1999.

22.  هند البربري، اراضي فلسطين بين المزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ، جامعة الدول العربية، الامانة العامة،القاهرة، 1998.

ثانيا:  المواقع الالكترونية

1.   قاموس المعاني الالكتروني 

2.   الموسوعة الحرة ويكيبيديا

[1]. محمود عادل رياض : الفكر الإسرائيلي وحدود الدولة، معهد البحوث والدراسات العربية، دار النهضة العربية، بيروت، 1989م، ص 77-81.

.2  قاموس المعاني الالكتروني 

[3]. الموسوعة الحرة ويكيبيديا 

[4].نديم روحانا واريج الصباغ محرران، الفلسطينيون في اسرائيل، مدى الكرمل ، 2011، ص16 وما بعدها.

[5]. ألان تايلور ، تاريخ الحركة الصهيونية "تحليل للدبلوماسية الصهيونية" 1887-1994، ترجمة بسام ابو عز الله، دار الطباعة، بيروت،1966،ص18 وما بعدها.

. سهيل حسين الفتلاوي، جذور الحركة الصهيونية، دار وائل ، عمان، 2002، ص153 وما بعدها.[6]

[7]. محسن صالح، الحقائق الأربعون في القضية الفلسطينية، المركز الفلسطيني للإعلام،، 2003، ص05.

[8]. محمد كافوري، نشأة الصهيونية وآثارها الاجتماعية، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة- مصر، 2002، ص11 وما بعدها.

[9]. عبدالله التل ، خطر اليهودية على الاسلام والمسيحية، قطر الكتاب، الجزائر، 1964،ص284.

[10]. انظر صبري جرسي، السياسة والمجتمع اليهودي في فلسطين خلال الانتداب البريطاني 1818-1948، مطبعة الجامعة، الموصل،1983،ص384-385 .

. عبدالوهاب الكيالي، الموجز في تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للنشر،بيروت،1971، ص37.[11]

[12]. احمد الشقيري، صفحات في القضية العربية، المؤسسات العربية للدراسات والنشر، ط1، بيروت، 1979، ص10.

[13]. عبدالله التل، مرجع سبق ذكره، ص35-36

[14]. محمد حسنين هيكل، المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل،ج1،ط1،دار الشروق ، القاهرة،1996،ص 105 وما بعدها.

[15]. احمد ابراهيم خليل، اسرائيل فتنة الاجيال، مكتبة الوعد العربي،1970، ص358.

[16]. انظر : محمد عزة دروزة، مختارات قومية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،1988،ص542.

[17]. عبدالوهاب الكيالي، وثائق المقاومة الفلسطينية العربية ضد الاحتلال البريطاني والصهيوني 1918-1939،مؤسسة الدراسات الفلسطينية،بيروت،1968،ص187.

[18]. محمد عبدالرحمن برج، دراسة في التاريخ العربي الحديث والمعاصر، مكتبة الانجلو مصرية، القاهرة، 1972، ص66 وما بعدها.

[19]. ابراهيم احمد العدوي، تاريخ الصراع بين الامة العربية والاستعمار الجديد، دار النهضة المصرية، القاهرة،1969،ص169 وما بعدها

[20]. لمزيد من الاطلاع راجع: عبدالمالك خلف التميمي، المياه العربية ،التحدي والاستجابة، الوحدة العربية، بيروت،1999، ص68-69.

[21].غازي ربابعة، القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي 1948-1988، ط2، مكتبة الرسالة، عمان، 1989، ص 33

[22].سلمان أبو ستة ، حق العودة  مقدس وقانوني وممكن، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2001، ص 53

[23].هند البربري، اراضي فلسطين بين المزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ، جامعة الدول العربية، الأمانة العامة،القاهرة، 1998،ص41

[24]. غازي حسين، الاستيطان اليهودي  من الاستعمار الى الامبريالية، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق،2003، ص37 وما بعدها

[25]. لمزيد من الاطلاع :نور الدين مصالحة، طرد الفلسطينيين، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1999، ص18 وما بعدها.

[26]. نور الدين مصالحة/ مرجع سابق ذكره،ص67 وما بعدها.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف