الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حدوتة مصرية بقلم: عمر السيد عبد الرؤوف

تاريخ النشر : 2019-06-27
حدوتة مصرية
بقلم: عمر السيد عبد الرؤوف

أخذ يصرخ بصوت مرتفع ويرددها مرات عدة: نجحت، نجحت، وأخذ يصيح ويجري في أنحاء البيت، جاء أبوه الحاج "مصطفى" مسرعاً وقد تهللت أسارير وجهه قائلاً: أخيراً يا "سعد"، رفعت رأسي، قال "سعد": نعم يا أبي وحصلت على (٦٧٪‏ )وإن شاء الله سأقدم في الثانوي الزراعي في مدرسة الكفر، وسترى ابنك مستقبلاً حاجة مشرفة، وبإذن الله سأجعل قيراطين الأرض التي نملكها تنتج ما لا يقل عن خمسة طن من الحبوب، قال أبوه ضاحكاً، سنذبح عجلاً احتفالاً بهذه المناسبة، بادره "سعد" بالرد قائلاً: خسارة العجل يا أبي هو دكر بط كفاية، وزجاجة شربات ونفرحُ ويفرحُ الجميع معنا. امتلأ البيت بالأقرباء والأحبة؛ جاؤا للتهنئة ومشاركة الأسرة فرحتها.
وفي المساء تحدث أبو سعد لزوجته قائلاً: سعد ابننا البكر قد كبر وأصبح رجلاً، وأفكر بتزويجه من بنت الحلال، ردت الأم والابتسامة تعلو وجهها قائلة: لا يوجد أفضل من "وردة" بنت أختي، جمال وشطارة. هي نظرها ضعيف قليلاً لكنها بنت أصول. قال الأب: حسناً نبدأ أولاً الخطوبة وعندما ينتهي سعد من المدرسة سنزوجه إن شاء؛ لنرى أولاده ويملؤون علينا البيت فرحة وبهجة.
واصطحب الأب زوجته وابنه سعد وأخاه الصغير؛ لكي يخطب وردة لسعد، ووافق والدها وتم قراءة الفاتحة وصاح أبوها: ادخلي يا وردة سلمي على عريسك، فدخلت وردة مسرعة وأخذت تحملق في الحاضرين حتى وصلت لأم سعد ومدت يدها للسلام، وقالت: كيف حالك يا سعد، ألف مبروك، فردت الأم قائلة: يا بنيتي أنا خالتك، سعد على يمينك سلمي عليه، فأخذ سعد ينظر إليها وقد اتسعت عيناه قائلا: مبروك يا وردة، يا حبيبة القلب إن شاء الله ستسكنين روحي، وسأرويك بحبي وسأجعلك مثل شجرة الكافور. شعرت وردة بالحرج وطفر الدم إلى وجهها خجلاً وهمت بالخروج، ولكنها صدمت بالحائط ووقعت على الأرض، فجاء أبوها وأمسك بيدها وأخرجها من الغرفة.
بدأ سعد أول أيام دراسته في مدرسة الزراعة، وشعر بصعوبة بالغة في بادئ الأمر في فهم المواد، وكثيراً ما كان يطلب من أساتذته إعادة الشرح عدة مرات، وسرعان ما تحسن مستواه بسبب حبه للدراسة، وكان يتابع باستمرار البرامج التي تُعنى بمجال الزراعة، وكان يسير في القرية مزهواً بنفسه وكأنه أضحى خبيراً في مجال الزراعة، وكان يتحدث إلى الفلاحين ويخبرهم بضرورة الرجوع إليه؛ ليحصلوا على إنتاج أكبر لمحاصيلهم، كان محبوباً بين الجميع، وكان يحول كل شىء إلى نكتة طريفة مؤدبة، معين مرح لاينضب، مرت السنون سريعاً وأنهى "سعد" دراسته في مدرسة الزراعة، وبدأت الاستعدادات لإقامة حفل الزواج، كما وعده أبوه حالماً ينتهي من دراسته، أقيم الحفل وكان متواضعاً، جاء جميع أهل القرية لتهنئته، فرح به الجميع كباراً وصغاراً، و بعد ثلاثة أشهر كان عليه الذهاب إلى المنطقة العسكرية التابعة لمحافظته استعداداً لإجراءات الكشف الطبي. أنهى الإجراءات وجاءه خطاب الالتحاق بالخدمة، ذهب إلى أبيه وأمه لتوديعهما، ثم قبَّل جبين زوجته، فأشارت إلى بطنها والدموع تنهمر من عينيها تبشره بأنها حامل، لقد عرفتُ اليوم من طبيب الوحدة الصحية، فقال: إن شاء الله يكون سنداً وعوناً لنا يا وردة ، ثم همَّ بالخروج وذهب إلى الوحدة العسكرية، ثم بعدها سيكون توزيعه لإحدى المناطق العسكرية بمصر؛ ليقضي فيها خدمته العسكرية، وكان توزيعه إلى سيناء، فشعر بالفرح؛ لأن سيناء حبيبية إلى قلب كل مصري، أرض البطولات والانتصارات. تعرف على الكثير من الأصدقاء أثناء الخدمة وملك قلوب الجميع، كان أصدقاؤه في المساء يتحلقون حوله للاستماع إلى حكاياته الطريفة التي يسودها جو الفكاهة، وأحياناً المبالغة في سرد الأحداث بمرح وخفة ظل.
قضى عدة أشهر، نزل خلالها عدة مرات، للاطمئنان على أهله وخصوصاً زوجته التي شارفت على الولادة، وقبل سفره الأخير ضمته أمه طويلاً وهي ترجف قائلة: إني قلبي مقبوض يا بني، قال لها: لا تخافي يا أمي، عليكِ بالدعاء والله خير حافظ، وصل إلى وحدته، وكعادته حاملاً معه خيرات بيته من طعام أمه، وكان كريماً لا يتناول طعاماً قط، حتى يشاركه الجميع، وبعد الانتهاء من طعامه جاءه اتصال هاتفي من أبيه يبشره بأن زوجته وضعت مولوداً، اغرورقت عيناه بالدموع، وقال لأبيه أسموه "مصطفى"على اسمك يا والدي، وفجأة سمع الجميع طلق نيران عنيف، وصوت قنابل يدوي ويدك المكان، هرع الجميع إلى أسلحتهم يصوبونها نحو مصدر إطلاق النيران، جاءتهم رسالة من برج المراقبة، أن المتطرفين قد هجموا،اثبتوا يا أبطال، سنأتيكم بالدعم.
أصابهم وابل من الرصاص، نظر حوله فوجد الكثير من أصدقائه قد نالوا الشهادة، وارتقت أرواحهم إلى بارئها، طفر الدم إلى وجهه وانتفجت أوداجه، صارخاً أيها الأوغاد، أيها الأنذال، سأقتل منكم العشرات، بل المئات، وأخذ يصوب بندقيته على إحدى العربات فقتلت السائق وانحرفت السيارة وانقلبت، فأطلق رصاصة أخرى على خزان الوقود فانفجرت السيارة، وتحولت إلى أتون من النيران المشتعلة، أُطلقت عليه النيران من كل مكان، وأصابت رصاصة بطنه وأخرى رجله، تخضبت سترته العسكرية بالدماء لكنه تحامل على نفسه، وأخذ يزخر بندقيته ويطلق النيران، وأصاب اثنين من المهاجمين، وأصابت رصاصة رقبته، وبدأ يلفظ أنفاسه، ويردد الشهادة، وارتقت روحه إلى بارئها مسطراً أسمى معاني البطولة، تاركاً لابنه وزوجته وعائلته رصيداً من التضحية والفداء، شيعت جنازته في موكب مهيب، في نعش مسجى بالعلم المصري، بكى عليه الجميع كباراً وصغاراً، وحزنت القرية عليه، كرمته الدولة وأطلقت اسمه على المدرسة الزراعية التي كان يدرس فيها، وأسموها مدرسة "الشهيد سعد"
امتناناً لتضحياته من أجل الوطن.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف