الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المعايير الدولية لمكافحة الفساد بقلم: د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2019-06-15
المعايير الدولية لمكافحة الفساد بقلم: د.عادل عامر
المعايير الدولية لمكافحة الفساد

الدكتور عادل عامر

إن الفساد يمكن ملاحقته بعد وقوعه، ولكنه وقبل كل شيء يتطلب الوقاية. وبموجب المادة (5) من الاتفاقية فإن كل دولة طرف تقوم، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بوضع وتنفيذ أو ترسيخ سياسات فعالة ومنسقة لمكافحة الفساد والتي تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون، والإدارة السليمة للشؤون العامة والممتلكات العامة، والنزاهة، والشفافية، والمساءلة

لان المعايير الدولية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب العهود والاتفاقيات الدولية ترتب التزامات على الدول، وبالتالي فان التركيز على أشكال معينة من الفساد يساعد في تحديد الأفراد المتضررين والذين يحق لهم تقديم شكاوى من ناحية وتحديد الجهة التي يجب عليها اتخاذ الإجراء المناسب لوقف هذا الفساد وحماية الأفراد الذين لحقهم الأذى جراء فعل الفساد. إن الفهم الواضح للعلاقة الواقعية والمباشرة بين الفساد وحقوق الإنسان سيعمل على تمكين الأفراد الذين لهم حقوق مشروعة للمطالبة بهذه الحقوق التي تم انتهاكها جراء أفعال الفساد

وسيدفع ذلك بالدولة والسلطات العمومية لاحترام وحماية حقوق الإنسان وتحمل الدولة لمسؤولياتها. وفيما إذا تم إيجاد الارتباط اللازم بين الفساد وحقوق الإنسان فانه سيصبح بالإمكان متابعة انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن أفعال الفساد من خلال الآليات الوطنية والإقليمية والدولية المتاحة بموجب العهود والمواثيق الدولية وليس أقلها أهمية الاحتكام إلى هذه العهود والمواثيق الدولية في المحاكم الوطنية، ذلك أنها، أي العهود والمواثيق الدولية، تسمو على القوانين الوطنية بعد مصادقة الدولة عليها.

ولا بد من التذكير في هذا المقام أن كافة إجراءات مكافحة الفساد يجب أن تلتزم كذلك بمبادئ حقوق الإنسان ولا يجب أن تفتئت على هذه الحقوق. ومن الأمثلة الصارخة على ارتباط الفساد بانتهاكات حقوق الإنسان الاتجار بالبشر والاتجار الجنسي بالنساء والأطفال وعمالة الأطفال. فلقد أصبح ارتباط الفساد بالجريمة المنظمة عبر الحكومية واضحاً وجلياً وخاصة في المجالات الثلاثة السابقة.

إن الاتجار بالبشر والبغاء وعمالة الأطفال التي غالباً ما تنطوي على أفعال فساد تنتهك العديد من الحقوق منها الحق في الحياة وفي السلامة الجسدية والحق في العدل والمساواة والحق في الصحة والحق في الحماية من الاستغلال الجنسي والاختطاف والحق في التعليم بالنسبة للأطفال خاصة.

إن للفساد آثاراً كارثية بالنسبة للفقراء بالمقارنة مع غيرهم من فئات المجتمع. فالفساد يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية مما يؤثر على حياة الفقراء بشكل غير مباشر، كما أنه يؤثر بشكل مباشر على مداخيلهم عندما يضطرون لدفع الرشاوى من اجل الحصول على الخدمات المقررة لهم قانوناً. كما أن الفساد السياسي يؤدي إلى تشويه السياسات التنموية التي تهدف إلى مساعدة الفقراء والأقل حظاً عن طريق توجيه الاستثمارات والإنفاق على مجالات تخدم المستفيدين والتي غالباً ما تكون على حساب مصالح الفئات الأكثر حاجة للخدمات.

تتمتع جمهورية مصر العربية بالكثير من الموارد الطبيعية والزراعية والصناعية، فنجد أرضها غنية بالبترول والغاز الطبيعي والمعادن الطبيعية والتي يتم تصديرها إلى كثير من بلدان العالم فضلا عن تنوع محاصيلها الزراعية التي يتهافت عليها المستوردون.

ولا ننسى ذلك الموقع الجغرافي الفريد لمصر الذي يجعلها من أكثر بلدان العالم نشاطا في الحركة الملاحية والجوية وجذبا للسياحة وهو ما يقطع أن هناك عوائد مالية طائلة تدرها تلك الموارد

وكان يتعين معه والحال كذلك أن يرتفع الدخل القومي للبلاد ومستوى معيشة الفرد بها إلا وأننا نجد الحال معكوسا الأمر الذي وأن دل فأن يدل على وجود إساءة في استغلال تلك الموارد قد يكون نتيجة إهمال أو تعمد وكلاها يعبر عن وجود فساد متنوع بالدولة.

أما في مجال الحقوق المدنية والسياسية فان من المعروف أن بعض الحقوق أصبحت على علاقة مباشرة مع منع الفساد، ومن هذه الحقوق على سبيل المثال الحق في حرية التعبير والحق في التجمع والتنظيم والحق في المشاركة السياسية والعامة والحق في الحصول على المعلومات. فضمان الحق في التعبير والحق في التجمع والتنظيم وحمايتهما يتيحان للأفراد فضح ممارسات الفساد والاحتجاج عليها ورفع الوعي بمخاطرها.

والحق في المشاركة السياسية واتخاذ القرار يفسح المجال أمام رسم سياسات عامة حساسة للاحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع عامة وللفئات الأكثر عرضة للانتهاك خاصة كالنساء والأطفال والمهاجرين والمعوقين والعمال الأجانب.

كما أن الحق في الحصول على المعلومات يفسح المجال للوصول إلى المعلومات التي تستند إليها الحكومة والسلطات الحاكمة في صنع القرارات الحكومية التي تؤثر على حياتهم, خاصة وأن عدداً من المحاكم الدولية أقرت أن هذا الحق لا يقتصر على الحق في وصول الأفراد إلى المعلومات فحسب بل انه يشمل كذلك واجب الدولة في نشر المعلومات والوثائق العامة التي تتعلق بالسياسات والقرارات الحكومية.

وعلى الرغم من أن هناك حاجة إلى التكييف القانوني اللازم الذي يجرم الفساد كانتهاك لحقوق الإنسان ليصبح بالإمكان مقاضاة الفاسدين بموجب المعايير الدولية لحقوق الإنسان، فانه بدأ يستقر في الأذهان بان أي تحليل للفساد في علاقته مع حقوق الإنسان يجب أن يأخذ في الحسبان الأضرار التي يلحقها بالأفراد والمجتمعات. ومن هذا المنظور بالذات فان القول بان الفساد يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان أصبح من المعتقدات المسلم بها.

وهذا يعني فيما يعني انه عندما ينتشر الفساد فان حقوق الأفراد في العدل والأمان والحياة الكريمة تصبح غير مضمونة، ويصبح هدف المسؤولين السعي لتحقيق مصالحهم الشخصية أكثر من حمايتهم للقانون وتطبيقه، كما يتم تجيير الخدمات العامة لمن يستطيع الدفع للموظفين الفاسدين وليس للعامة. وتكون المحصلة العامة لكل ذلك أن الفساد يصبح مشجعاً على التمييز، ويزيد في حرمان الفئات المهمشة، ويمنع الأفراد من التمتع بحقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تلك الحقوق التي ضمنها الدستور والعهود والمواثيق الدولية. تبدو الرابطة بين الفساد وحقوق الإنسان أمرًا بديهيًّا عند الكثيرين، فحينما تكون القوانين قابلة للبيع، وللعدالة سعر، تتحدد معاملة الحكومة للمواطنين أكثر فأكثر على أساس قدرتهم على الدفع، لا على أسس جوهرية أخرى، مثل النزاهة والإنصاف واحترام سيادة القانون. لكن هل يمكن اعتبار الفساد الممنهج في حد ذاته انتهاكًا لحقوق الإنسان؟

ففي تونس التي عرفت مظالم اقتصادية مزمنة أشعلت موجة من الثورات في العالم العربي، يتبنى نشطاء هذه القضية تمامًا. في تونس مثلا كشفت تحقيقات اللجنة عن شبكة فساد واسعة النطاق وشديدة التنظيم. وقد تم حصر أكثر أجزاء الاقتصاد ربحية في أيدي الأقارب والأعوان المفضلين لرئيس تونس المخلوع، بينما أصبحت ماكينة الحكم -المصارف والسلطات الضريبية ومنظومة العدل-أدوات لمكافأة المقربين ومعاقبة المنشقين، أي جزءًا وربما كان الأمر الأكثر أهمية هو حرمان المواطنين العاديين من الفرص الاقتصادية حرمانًا كاملاً. وفي الحقيقة لقد كانت تضحية محمد بوعزيزي بنفسه عام 2011 -بائع الفاكهة التونسي الذي أحرق نفسه بسبب الإهانات الصغيرة للفساد اليومي-هي الشرارة التي أطلقت الثورة التونسية ومجمل ما تلاها من ثورات الربيع العربي.

هناك اتفاق بالفعل بين معظم الأكاديميين وصناع السياسات على أن الفساد المتفشي يمكن أن يقوض العديد من حقوق الإنسان، أو يقود بشكل غير مباشر إلى مخالفات لحقوق الإنسان. لكن فكرة أن الفساد المنهجي يمكن أن يشكل في حد ذاته مخالفة لحقوق الإنسان، قد تتطور على الفور لتصبح مسألة دولية، وتدفع مجمل حركة حقوق الإنسان الدولية لمحاربة الفساد.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف