الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حزام السلطان والشاعر كرمان بقلم:عبدالرزاق دحنون

تاريخ النشر : 2019-06-15
حزام السلطان والشاعر كرمان بقلم:عبدالرزاق دحنون
حزام السلطان والشاعر كرمان                                           عبد الرزاق دحنون 

على دكَّة مرتفعة وسط الخباء العظيم تربع تيمور لنك حيث فُرشت أرض الخيمة بسجاد عجمي فاخر, انتشرت دنان الخمر في أرجاء الخباء الفسيح, في الخلف جلس أهل الموسيقى مع آلاتهم, عند قدمي السلطان جلست الحاشية والبطانة, كان أدناهم إلى السلطان الشاعر المشهور كرمان. التفت تيمور لنك إلى الشاعر قائلاً: 

-  بكم تشتريني يا كرمان لو عُرضت للبيع غداً في بازار مدينة سمرقند؟ 

أجاب الشاعر:

 -بخمسة وعشرين ديناراً يا حضرة السلطان.

 دهش تيمور لنك من ردِّ الشاعر كرمان, ولكنه ابتسم قائلاً: 

-  حزامي وحده يساوي أكثر من هذه القيمة.

 أجاب الشاعر: 

- إنما كنت أفكر بحزامك وحده, لأنك أنت نفسك لا تساوي ديناراً واحداً.              

الحكاية بهذا التفصيل تحمل دلالات مغيبة بين السطور, لأنني أتصور أن السلطان يمارس سلوكاً عنيفاً يصل إلى حد الغضب المستعر, بل يمارس الانتقام والتصفية الدموية الفعلية حين  يتجرأ أحدهم على هيبة الدولة وسطوتها ممثلة بحضرة السلطان,  فيكفيه في حالة الشاعر كرمان أن ينادي يا جلاد حتى يطير رأس الشاعر في الهواء. والسؤال هنا متى تبدي السلطة تسامحاً مُعلناً مع خطاب انتقادي يصل حد السخرية المرة كما في حالة  الشاعر؟ وهل  المثقف -ممثلاً بالشاعر- استعمل هذا النوع من الخطاب المستتر بالغفلة كي يخرج رأسه سالماً من محنة ألمت به؟ أم أن الأمر برمته كان ملحة في مجلس سمر السلطان؟ 

مهما كان الأمر فنحن لا يمكننا غض الطرف عن دلالة هذه الحكاية التاريخية دون النظر إليها من خلال  الدور المنوط بالمثقف. ولا مانع عندي أن يتخذ المثقف في محنة كهذه دور المهرج ويستعمل هذا النوع من الخطاب  المستتر بالغفلة و الذي يهمس به من وراء ظهر السلطان وهذه الحيلة تعود بنا إلى الحديث النبوي : أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. و لخطورة الحديث نثبت سنده, فقد أخرجه أحمد في المسند وابن عساكر في تاريخ دمشق والنسائي والترمذي في السنن والخطيب في تاريخ بغداد. ورواياته تتفاوت في العبارة وتلتقي في المضمون. والحديث هنا لا يحدد سمت الكلمة ولبوسها. هل هي لينة أم غليظة؟ والمثل يقول: البس لكل عيشة لبوسها, والقرآن يخاطب النبي بآية هي في لفظها ومضمونها من ألطف ما سمع البشر على مر العصور "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك". كان النبي  لين العريكة كالعشب يميل مع الريح إن هبَّت. وهي خطوة ضرورية في تمكين مفهوم النبوة.                                               
المثقف يرسم استراتيجية دفاعية مراوغة ناعمة منسوجة من خيوط حرير لا تنقطع, وعلى الرغم من ملمسها الناعم الرقيق تأتي أُكلها, وهذا هو المقصود من كلمة حق في الحديث. فهل أمعن الشاعر في تجريد السلطان من هيبته والتورط في فضاءاته الموحشة وهو ما يجعل الحضور داخلها مجازفة خطيرة قد يترتب عليها في كثير من الأحيان نتائج وخيمة تصل حد التصفية الفعلية مادياً ومعنوياً؟ على حد تعبير الدكتورة هالة أحمد فؤاد, أم أن الشاعر هنا يتمثل قول أفلاطون الذي نقله أبو حيان التوحيدي في كتابه الخطير مثالب الوزيرين  "من يصحب السلطان فلا يجزع من قسوته وبطشه, كما لا يجزع الغواص من ملوحة البحر" على أي حال, مهما كانت دلالة هذه الحكاية فإنها تطرح  علاقة ملتبسة مليئة بالتناقض بين المثقف والسلطان. والذي لا يكف -أي المثقف- عن مراوغة السلطة بشتى الوسائل مستجدياً عطفها ورضاها مضمراً احتقارها, جهلها وحماقتها. وهذا يدفعنا للتذكير بالكتاب الخطير الذي ألفه جيمس سكوت تحت عنوان: "المقاومة بالحيلة...كيف يهمس المحكوم من خلف ظهر الحاكم".    
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف