الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تأثير لوحات المستشرقين إلى انعكاس الصورة في الواقع العربي المعاصر

تأثير لوحات المستشرقين إلى انعكاس الصورة في الواقع العربي المعاصر
تاريخ النشر : 2019-06-13
بشرى بن فاطمة
 
جسد المرأة والتوظيف التشكيلي

من تأثير لوحات المستشرقين إلى انعكاس الصورة في الواقع العربي المعاصر

علاقة المرأة "الجسد" بالفنون والفن التشكيلي العربي بالخصوص هي علاقة تتداخل في جوانب تناولها والتعبير عنها من ناحية الحضور والفكرة بين الرمزية والجسد بين التعبير والتشييء بين التحريم والاباحة بين الرسالة والديكور التزييني، فعلاقتها لا تختلف عن الانتماء للوطن والعادات والطقوس والأرض والطبيعة والهوية والرمزية المكثفة التي تطرحها بصورتها جسدا وكيانا وقضية مهما اختلفت أساليب التعبير.

 فمنذ الخطوات الأولى التي اعتُمدت فيها كعنصر من عناصر العمل التشكيلي أو التي حوّلتها بدورها إلى مُنفّذ للعمل الفني، لم تنفصل في تنفيذ تشكيلاتها عن الرؤية الفنية في لوحات المستشرقين تلك المرحلة التي أثرت بأسلوب ملفت في أعمال التشكيلين العرب وخلقت الجرأة في التعبير والتماهي في اعتماد الجسد مع الفكرة فقد تلازمت فكرة حضور المرأة مع تأثيث اللوحة وإشباعها بالشهوة والإثارة، غير أن العديد من التجارب نضجت وتخلصت من أطر تلك الرؤية ومن سطحية تقييد المرأة في الجانب التزييني الجسدي والإيروتيكي وتحوّلت بها نحو الواقعية أكثر وأعمق للوصول للتعبير عن القضايا والتطور ولذلك فإن تسليط الضوء على هذا التأثير والنضج الذي رافق احتواء المرأة كيانا ورمزا بنى الفكرة وأسس للرؤية الحداثية التي خلقت جدليات بحثية نابعة من الذوات الفردية إلى المجتمع.

من أعمال جيللز


  ظلت المرأة الشرقية أيقونة المستشرقين بعالم بدت فيه صورتها مغرية وراء ستار "الحريم" وأحجبة "الحر ملك" والغرف المغلقة والمغلّفة، ما ربط فضاءاتها بالغموض المثير والشهواني، فأصبح ذلك العالم المحرّم ملهما لسرد الحكايات وتحوّلت صورة المرأة إلى خيالات بالغت اللوحات الفنية الاستشراقية في تصويرها بأشكالها الملونة والبديعة الباذخة والمترفة، فكانت مرحلة الانبهار بالألوان والأسرار المثيرة والأضواء بجاذبيّة وجرأة وفتنة متقنة التفصيل التشخيصي والتشكيلي.

فابيو فابي 

حيث كانت المرأة العربية الشرقية الموضوع الفني المفضّل، تجلّت في صور متعدّدة، تجسّدت في اللوحة بألوان مختلفة صوّرتها بين الوسائد الحريريّة، عارية أو مغلفة بالأثواب الثمينة فكان تأثيرها ايروتيكي المشاهد التي سكنت الذهن الغربي حيث اعتمدها كعلامة ثابتة تدل على فتنة الشرق.

ليوبول كارل 

وظلّت تلك الصورة مؤثّرة على الفنانين العرب أنفسهم لأنهم تتلمذوا على لوحات الغرب وفي أكاديمياته الفرنسية والإيطالية والانجليزية فكانت المرأة رمز العري الفاتن الذي حمل عدة تأويلات تمثلت في الخصوبة والحب لتقع كمشهد غير مألوف ومفاجئ ومخالف لعادات وتقاليد الشرق العربي الظاهرة والمكشوفة بتلك الجرأة فقد دعت تلك المشاهد إلى تجريب الفكرة المبنية على الانفتاح والتحرر في الفن فبين التحريم أو الرفض وأثيرية الجسد وإغراء الفكرة ظهرت صورة المرأة في الفن التشكيلي العربي مشابهة لرؤية الغرب الاستشراقية.

  فكانت في البداية رؤية العرب الفنية متقبلة لذلك المصدر مما أوقع صورتها وصورة الشرق عموما في اختلافات وتناقضات، وقد ربطت المجتمعات العربية المتقبلة لصورة المرأة تلك بمدى تحررها من رجعيتها في رؤيتها للمرأة اللوحة وفي صورتها أمام تذوق الجانب الفني فيها مع تفاوت كبير من بلد لآخر ومن فنان لآخر، خاصة وأن بعض الفنانين العرب وتفاديا لمواجهة النظرة الرجعية لرمزية المرأة الجسد أو التصادم مع المجتمع الرافض لتلك الصورة والفن عموما تحول بأفكاره الفنية نحو التجريد والسريالية والمفاهيمية للتعبير عن التحرر برؤى وتقنيات أخرى مختلفة ومواكبة للفكرة المعاصرة والتحديثية في الفن.

ومع بروز قضايا التحرير والتحرر في العالم العربي والنهضة الاجتماعية، تحولت صورة المرأة وحضورها داخل اللوحة إلى رمز آخر منبثق من الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي لا من الواقع الخيالي الحالم فجسدت في الأعمال الفنية لتلك القضايا بكل معاني الاستقلال والتحرير والمشاركة والندية والتحمل والأمومة والأسطورة وأصبحت صورتها تحمل معان اكتنزها المجتمع في مسيرته نحو تحقيق الاستقلال والانعتاق وأصبحت تختصر في شكلها وأزيائها ومواقفها محنة الشعب ونضاله وتشبثه وتمسكه بالذاكرة والحنين والمكان المسلوب وصارت صورتها تحمل مفاهيم الحرية والأرض خصوصا عندما خاضت المرأة نفسها المجال الفني وصارت تعبّر عن صورتها بذاتها وعن قضاياها من معايشتها.

التشكيلية البحرينية بلقيس فخرو 

لتظهر صورة المرأة "الرمز" المتعدّد الدلالات التي تجلّت بأساليب متنوعة في عدة تجارب عربية منها التجارب الفنية الخليجية التي تشير إلى ضرورة الخروج بصورة المرأة من المباشرة إلى التعبير عن مشاكلها وصداماتها ورغبتها في النهوض بكيانها، أو التجارب العراقية التي عبرت عن الذات الموجودة والفاعلة لكيان المرأة الضاربة في عمق التاريخ والأسطورة، أو التجارب التشكيلية المصرية بتفاصيل تراثها الشعبي وانتمائها للبيئة والأرض، وتجارب منطقة المغرب العربي التي صورت المرأة المتصادمة مع المجتمع والناهضة نحو آفاق مختلفة لمواجهة كلاسيكية الصورة وقيود المجتمع وسجن الجسد والنظرة الذكورية في المجتمع.

وفي التجربة التشكيلية الفلسطينية كانت المرأة رمزا للوطن والأرض بشكل يتفاعل مع الواقع السياسي والحدث التاريخي الصادم، فهي الأم والابنة والحبيبة هي المواطنة التي تمتزج بقصائد الانتماء هي المقاتلة وأم الشّهداء، تتجلى بعمق في اللوحات بكل جمالها الفلسطيني الثابت البارز هي الشعبية الشامخة الضاربة في عمق التاريخ وأساطيره، ورمز لاستمرارية الحياة وبقاء الأرض والعودة.

التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور 

من اعمال التشكيلي الفلسطيني عبد الرحمان المزين

كما لم تنفصل رمزية المرأة صورة جسدا وكيانا عن قضاياها في الفكرة الفنية التشكيلية فالكثير من التشكيليين المعاصرين أخذوا على عاتق فنهم تعرية المجتمع والنبش في قضايا الجسد لدى سلطة المجتمع الموجّهة ضد المرأة وحضورها بتقليب التابوهات من المجتمع والتماس مع المقدس كما في تجربة التشكيلي خالد ترقلي أبو الهول الذي تجسد لوحاته التوترات المشحونة في الأحاسيس والأفكار والانفعالات التي تلامس المعاني المرجوة من التعبير لتتجادل فنيا من خلال الأشكال ومزاج الألوان ومجاز الرمز بتمثلات الحرف العربي على الجسد حتى يمازج بين الحدة والضيق من الحرف والأشكال والملامح والألوان ودرجاتها بين الفاتح والداكن بين الأحمر والأسود وبالتالي طال السلوكيات المتناقضة التي تحاول كبت الحياة وتعتيم الصورة وإقصاء الجسد بين الحق المنقوص والواجب المفروض، فاللون الأحمر عبر عن تلك التناقضات فهو لون الدم والعنف ولون الرومنسية والحب، والأسود عكس درجات الحضور العتمة انغلاق المنافذ والكبت، ليحيل على كيان أنثوي احتوى الحياة بين العنف والأمل والتهميش والحضور والعدم في هواجس وطقوس وانفصال وانفعالات حاول بها أن يتمرّد على السائد الاجتماعي الذي ينعكس على المرأة ككيان ليخرس أفكارها أو ليقصي تعبيراتها أو ليجبرها على التبعية أو ليسلط عنفه المشكل في ذبذبات تلغي حضورها.

من أعمال خالد ترقلي أبو الهول 

تجربة الفنان التشكيلي الفلسطيني أيمن عيسى بدت في خروجه من الإطار العام لصورة المرأة الفلسطينية وربطها بالجوانب السياسية فأعماله اتسمت بخطواته الجريئة التي كسرت حواجز الرمزية الكلاسيكية للشخصية الفنية الخاصة بالمرأة سواء في ملامحها شكلها وتوظيفات جسدها وشخصيتها كأيقونة تشير لانبعاثات الحياة، للرمزية الأسطورية الطافحة بالحب والأمل والجمال، برؤيته سلط ألوانه على المرأة كجسد ظاهر شكّل نظرته الماورائية الخاصة، لذلك الجسد، التي يرى فيه امتلاءها وخصوبتها كجمال حقيقي متفجر في حضورها بعيدا عن الموديلات المقولبة في الدعايات وعروض الأزياء تلك التي تضعها في سجن المقاييس وفي الشحوب والهزال.

  فهو يرتقي بها إلى عوالم خارقة للجسد كمعنى ومحتوى، بتوازن في اكتمالاته التي تتواتر مع توترات الواقع لتتفاعل وتنطلق وتحرّر ذاتها في الكيان وفق رمزيات تتخلص من الايروتيكي لتطال الأسطوري الخارق في الحضور الواقعي والمتفاعل مع كل لون وكل امتزاجات المزاج في الحالة التي يرسمها ويجسدها ويحاكيها فهو يمنحها الإحساس بالهيبة في والامتلاء الحضور الطاغي الحضور المتفرد متماثلا مع دور المرأة سواء مع ذاتها ككيان أو مع كيانها في المجموعة.


أيمن عيسى 

التشكيلية العراقية ليلى كبة عبّرت برمزية طافحة بالشجن والحنين عن الأنثى والمرأة جسدا وتاريخا عابقا بصور العراق الأرض والتاريخ والحضارة فلوحاتها حملت بصمتها الممزوجة بأنوثة التعبير وعمق الطرح في تأثيرات إنسانية متنّوعة ومثيرة تصل بالمتلقي إلى التّأمل والاستبطان ومحاولة احتواء الروح والإمساك بالمادة مما يعادل نظرة غير محدودة بين الشّكل واللّون والظّلال لأنها تقتنص الفكرة المعبرة عن المرأة من شفافية العمق بين ثنايا الأسطورة فهي تجمع رمزية الآلهة القديمة وتستجمع منها سحر الأنثى وخلود الحياة المكثفة بالعلامات بين اللون والشكل والزينة فهي تعيد للعراقية صفاء الحضور وقوة الكيان وتستخرج من الأسطورة دهشتها لتوازن الإيقاع مع الاثارة.

أعمال ليلى كبة


إن صورة المرأة في الفن التشكيلي العربي تختزل تلك المرحليّة وذلك التحول من التلقين والتقليد إلى الابتكار والتعبير الذاتي أي من صورة نساء الحريم في الجسد كشكل ثم النساء الملهمات والارستقراطيات والعاريات إلى الرمز والتراث والهوية والوطن والحرية والندية والمساواة والمفهوم فتحولت بجسدها إلى الرمز من مجرد مثال ملهم إلى عنصر فاعل في اللوحة له حسه وأبعاده وقيمته الفنية وتساؤلاته واشكالياته وكيانه.

الأعمال المرفقة:
*متحف فرحات الفن من أجل الإنسانية

Farhat Art Museum Collections
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف