يَرقبُ زلاتهما باهتمام دون هوادة ، يظلّ مصغيا بارتياح لكلّ تفاصيل عراكهما المبرر وغير المبرر، يستجيب لطلبات زوجته الصغرى تزوجها منذ سنة ليشبع حواسه وسمعه من كلمة الأبوة المقدسة ، كانت زوجته الأولى حورية المشارف عمرها على الخمسين تسند راحة وجعها على كتف دلاله طيلة ثلاثين سنة وهو عمر زواجهما ، فتح الكثير من المحلات التجارية من مالها الذي ورثته عن والدها المتوفي هي وإخوتها ، اغتبطت لاستثمارته المربحة ، سحب كلمات الغنج التّي خصها بها في لحظة سهو منها ، وقد تعهد سابقا بأنها ستغنيه بفيض مشاعرها عن كلّ الأطفال الذين لمْ تستطع انجابهم ، وقف على حافة الحيل توسعت تجارته لخارج مدينته المحاذية للبحر ، ليجد لها شبكة من الفروع المربحة في عديد المدن الداخلية ، دأب على استرداد الألبسة التركية الرّجاليّة والنسائية حتى صار مطلب محبي الأناقة والرفاهية ، ارتعش قلب حورية ذات ضعف وأهله يقترحون وجود سند لهما في كبرهما .انسكبت الكثير من دموع الغيظ التي كانت راكدة بمقلتيها سلمته لامرأة أخرى ستمنحها الفرح كما قال حسين ، حين قرب كلماته المنمقة بالهمس الرومنسي من وجعها قائلا :سيكون ولدي هو ولدك .أجهشت بالتفجع وهي تتفقد نمو بذور وعوده ، مرّت أربع سنوات رزق من زوجته ياسمين طفلين ، ترعرت تلك البذور لتصير أشواكا بمقل حورية تسقيها من دموع القهر والتجاهل ، حذرها المحامي الذي وكلته سرّا تتبع أمور تجارتها ، ألغت الكثير من العقود التّي تمكنه من خلالها التصرف في غيابها كمّا يشاء ،طفح الكيد بزوجته ياسمين ازداد حنقها حين اشترى لها حسين فيلا وسجلها باسمها ،قذفت بكلّ حقدها وهي تبعد طفليها أدركت تعلق ضرتها بهما ، أدخلتهما مدرسة في طرف المدينة ، لتقيم بسكنها الجديد تغلغل الشّك لقلب حورية لتؤكده الفواتير المالية المبالغ فيها وقفت في لحظة مكاشفة بباب غدره ، قبض على قبضة النّدم و المحامي يبلغه بسحب كلّ الوكالات منه دون أن يتمكن من اكمال تسديد الفيلا وبقية المحلات باسمه وباسم زوجته ياسمين تحررت حورية برفع قضية خلع بحجة تبذير أموالها دون علمها ، باغته المحامي برائحة مكره الدفين وزوجته ياسمين ، لمّ تزد حورية وهي ترى دبيب الندم يدق مسماره على لسانه قالت: سيجمعنا النقاء ...وعيناها تحدقان بالمحامي.
بقلم / فضيلة معيرش
بقلم / فضيلة معيرش