الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رسول الكتابة بقلم:المهدي أيت شعير

تاريخ النشر : 2019-05-27
رسول الكتابة
المهدي أيت شعير

"الكتابة بذهن مشتت، تشبه النوم أثناء السباحة، كلاهما يؤدي إلى الغرق".

  محمد حسن علوان

   في إحدى صباحات شهر مارس، حيث السحاب يغزو السماء ليعترض لهيب الشمس، كنت جالسا في مقهاي المعتاد، أتفرس في بعض المارة القلائل الذين يذهبون ويؤوبون، منهمكا في ارتشاف قهوتي السوداء كعادتي كل صباح.

فقدت قدرتي على الكتابة. خلاياي ناعسة منذ أيام، ودماغي صار منحوتة تجسد صحراء سيناء التي اجتاحتها الحرارة فجفت المياه في أنهارها، فلا هي تنبت أزهارا، ولا أنا أنبت أفكارا.

   عيناي تراقبان الشارع دون أن تلحظا أي شيء ملفت للانتباه. نظرت إلى الأوراق التي وضعتها أمامي لعل فكرة تأتي. إنها تتحرش بي، أما أنا، فسلاح الغواية نال منه الصدأ.

   سيجارتي المشتعلة تلعب بها شفتاي في نفاد صبر. رجلاي تضربان في الأرضية ضربات خفيفة تفضح ارتباكي. ساعتي تشير إلى السابعة والنصف. وقت وجيز وتأتي أفواج المارة التي تخطو بعجل؛ الكل سيهرول لبلوغ اللاشيء؛ روبوتات تجري وراء الكسب نهارا لتشبع غرائزها ليلا.

ساعتي هذه هي جزء من ذاكرتي. تعود بي عقدا كاملا لتحيي ذكريات دفنتها بنفسي في مقابر الزمن حين تسلمتها هدية في عيد ميلادي. لكن ذاكرتي، هذه الملعونة، لم تعد تطاوعني. ذكرياتي لم تمت، بل كانت خاضعة لسباتها الشتوي الذي دام طويلا. خلعتها من ساعدي، ودسستها في جيبي مع دراهمي القليلة.

رأسي ثقيلة مثل صخرة سيزيف. لم أذق طعم النوم بعد. الناس يتزاحمون ويتدافعون في الشارع على مقربة مني. رجل عجوز هرم يخترق هرولة الناس بخطواته الثقيلة الميتة. ظهره محدودب، وعلى عكازه أوساخ قديمة. يبدو تائها مثل بدوي في شوارع نيويورك.

كنت قد التفتت إلى أوراقي من جديد، حين سمعت صوت ارتطام. كان هو.. اصطدم به أحد المارة، وانهار فوق الرصيف في استسلام. مرت لحظات خرساء؛ لم يلتفت إليه أحد، وكأن الناس أصيبوا بالعمى على حين غرة. للحظات، ظل ينظر إلى كل من يمر بالقرب منه طالبا منه المساعدة بصوت غير مسموع.

   كانت ملامحه تحمل أحاسيس القهر والألم الشديدين. ففي كل طية من طيات وجهه ألمح صراعا مع الزمن، وملامحه ترفع الستار عن معارك ضارية خاضها ضد الظروف في سبيل العيش. لكنني مع ذلك أرى وراء صدره جبلا شامخا من الكبرياء يرفض الانحناء.

توجهت إليه. ساعدته على القيام. نبسَت شفتاه بكلمات شكر غير واضحة. قلت له كلمات لعلها تخفف من حاله. بدأت فكرة تشع في ذهني مستقبِلا إياها بشوق عارم.. إنه رسول من القدر منحني المفتاح الذي سألج به عالمي الخاص من جديد.

   كل ما فعلته أنني أجعلت سيجارة جديدة، وانهمكت في الكتابة عن المسحوقين.. مثلي. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف