الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الصَبّار بقلم سليم النجار

تاريخ النشر : 2019-05-25
الصَبّار رواية لسحر خليفة

الصبار رواية لسخر خليفة من اصدارات دائرة الاعلام والثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية ودار الجليل تقع على 223 صفحة من القطع المتوسط.

في الصبار وتتمتها عباد الشمس تقدم سحر خليفة صورة عن حياة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو وظروف الاحتلال ضمن مقطع زمني معين ومحدد، عمل روائي سلس يقطر الما ووجعا وهو يصور لنا معاناة ونضال شعبنا ضد الاحتلال واجراءاته العنصرية بصورة صادقة ومعبرة بعيدة عن صيغ التجميل والتزويق.

تدور احدث الرواية في فترة السبعينيات من القرن المنصرم في فلسطين(نابلس) حيث تصور فيها سحر خليفة مظاهر الحياة الاجتماعية والانماط والقيم السائدة وتطرح للنقاش من خلال نص الرواية مشكلة وآفة اجتماعية مثلت ارقا وحالة من التوهان في صفوف الشعب الفلسطيني ونضاله؛ وهي موضع نقاش فكرة الرواية الاساسية ألا وهي فكرة العمل في المستوطنات الاسرائيلية وفكرة العمل تحت ارادة وامر ومصلحة ولحساب المحتل الاسرائيلي بشكل عام.

هذا طبعا دون ان تغفل الرواية عن مناقشة بعض الظواهر الاخرى السائدة في المجتمع او بعض الظواهر التي تتعلق بقيم مغيبة ومصادرة من المجتمع كحرية المرأة مثلا والحب والعمل في بلاد النفط او في بلد خارج الوطن واشكالية نظرة الداخل للخارج والعكس صفحة 107 ايضا، هذا بالاضافة الى اطلالة رائعة على كيفية التكني بالاسماء والالقاب في الحالة الفلسطينية مثل قصة اسم ابو العز وكيف جاء ومناسبة ذلك الاسم كما وردت القصة في الصفحات 127-130، اضافة الى طرح عديد من الاسئلة الشائكة والمعقدة والنابعة من الرحم المُعاش مثل :" من المسؤول عن عدم تصنيع البلد؟ من المسؤول عن تخلف العمال؟ لا ثقافة ولا تقنية ولا انتماء حقيقي للوطن" صفحة 133.

بطل الرواية اسامة الكرمي يعود لفلسطين عن طريق لم الشمل بعد ان فقد مواطنته بعد حرب النكسة في حزيران عام 1967 حيث كان يعمل في بلاد النفط ويدرس في الجزائر وسوريا. يعود الى ارض الوطن يتفاجأ بحالة من التماهي مع الاحتلال والتعاطي معه وكأنه امر عادي، تؤلمه تلك الحالة وتصبح موضع نقاش وحوار من زوايا ورؤى مختلفة:"

فمثلا تجد في الصفحة 74 رايا يقول: "كان الوف الفرنسيين يعملون في المصانع الحربية لهتلر.اتصدق؟".

وفي راي اخر تشكل لدى صاحبه من مواقف متعددة نجد تبريرا لهذا الموقف في الصفحة 86 يقول:" بعد ما رجعنا من الكويت اشتغلت بمعصرة زيتون. حاول ان يستغلني صاحب العمل بسبب قلة الاشغال. قرفت وتركت العمل عنده وحلفت ما ارجعله لو بموت من الجوع. بعدين اشتغلت سواق سرفيس على خط رفيديا نابلس وكانت الحالة مستورة. وسحبوا مني العرصات الرخصة . بدون سبب وحياة شواربك. وقعدت في الدار زي النسوان. وفي يوم كنت قاعد بالقهوة وايدي على خدي. كان في جيبتي70 قرش بالعدد. قال لي ابو النوف ما رايك ؟ الشركة الفلانية بحاجة لسواق...فكرت بالموضوع. قلتة يا زهدي يا ابو العيال بدل ما تهاجر وترتمي في بلاد الناس خليك في بلدك وحط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس...."

هذا عداك عن الوهم المتبادل في التواكل والاتكال بين ثنائية الخارج والداخل وايصال الناس والشعب الى هذا الحال من التوهان والضبابية للصورة وعدم وضوح الموقف؛ وهذا ما يتجلى بوضوح في الحوار الدائر في الصفحة 92:" سأله ابو صابر فجأة: وماذا في الخارج؟ اهناك بشائر حرب ام لا؟ طمني. قال اسامة، الاعتماد على الموجودين هنا. فالناس في الخارج يؤكدون بأن الاعتماد على الناس الموجودين هنا في الداخل".

هذا عداك عن تصاعد حدة الحوار الى ان يفضي الى مناكفة "ومعايرة" وتبادل الاتهام بين الخارج والداخل وهذا ما نلمسه في الصفحة107:" سمعت من العمة انهم طردوك من العمل في بلاد النفط. اصحيح هذا؟ توقف اسامة وضرب صدره بقبضته، تقصد لولا انهم طردوني من هناك ما عدت هنا، اليس كذلك؟ قل لا تصمت. اليس هذا ما تقصد؟
فسر كما شئت .
تفسيري الوحيد هو انكم تخلفتم عن الركب الثوري. الناس في الخارج يلاحظون هذا ويكتبون عنه.
يكتبون عنه ؟ دعهم يلاقوا ما نلاقي وسنرى اي الامراض ستظهر".

وفي خضم تصاعد حدة النقاش وتباين الرؤى المتعددة حول موضوع العمل في المنشآت الاسرائيلية او تحت سلطة وامر المحتل تبزغ على سطور الكتاب ابجدية مهمة ومحط تقدير وتلخيص للموقف برمته وللحالة الفلسطينية في الارض المحتلة في تلك المرحلة بشكل عام، وهذا ما نجده بوضوح على ظهر الصفحة 91 :"مرض. غبار. عدم وضوح في الرؤية . للصورة اكثر من بعد واحد، بعد الهزيمة والاحتلال. احتلال هذا ان انحلال؟ سيان يا بلدي سيان".

تمرّ عدة اسابيع على تواجد اسامة في الداخل، ولم يستطع تنفيذ اي من مخططاته ومهامه. كان يؤمن ايمانا لا جدال فيه بانه يجب مهاجمة ونسف باصات شركة ايجد التي تنقل العمال كي يكف العمال عن عملهم ودورهم المشؤوم صفحة 95.

تبدأ اولى مخططات اسامة الكرمي(بطل الرواية)بالظهور في الصفحة171 عندما يقرر ان يطعن ضابطا اسرائيليا بخنجر في منتصف سوق البلد وعلى مرأى من الجميع وهروبه وسط الجموع وهو ملثم بكوفية والده البيضاء، وفعلا هذا ما حصل.

ورغم تخفيه بكوفية والده البيضاء الى ان جنود الاحتلال يستدلون عليه ويقتحمون منزله بحثا عنه صفحة 177 ويعيث الجنود في البيت فسادا وتخريبا.

يلتجىء اسامه ومجموعة من الرفاق الى الجبل ويعتكفون به ويقررون ان يهاجموا باصات شركة ايجد بالقنابل :
قال اسامة : " العمال ارهبوهم فقط، لا تضربوا بالمليان صفحة 193" وهذا ما يحدث على ظهر الصفحة 194؛ ينهمر الرصاص وتنفجر قنبلة بالقرب من الشاحنة فتتناثر الشظايا في كل اتجاه وتنفجر الاطارات ودارت الشاحنة حول نفسها والعمال يصرخون. وفتح احدهم الباب والقى بنفسه. وتبعه اخرون...وصاح اسامة اضرب الباص الثاني. وانهمر الرصاص وتطايرت الشظايا وانفجرت الاطارات. وتوقفت الباصات الاخرى في المسافات البعيدة واستدارت وولت الادبار...".

يتفشى الخبر بين الناس كالنار في الهشيم :" الفدائيون هاجموا باصات العمال، معركة بين الفدائيين والجنود في منطقة دير شرف، اصابة بعض العمال، واستشهاد بعض الفدائيين، ومقتل بعض الجنود، ولا احد يعرف بقية التفاصيل" صفحة 204. ومن عند هذا السؤال والاستفهام المطروح في هذه الصفحة( لا احد يعرف بقية التفاصيل) تترك الرواية الاسئلة مفتوحة على نهايات متعدد وتترك المجال لان تعود بعض شخصيات الرواية لان تكمل المشوار في الجزء الثاني"عباد الشمس" .

لا تخلوا الرواية من بث وتصوير لبعض الافكار والمعتقدات الثورية في تعبير كامن من قبل الكاتبة عما يدور بخلدها من افكار ومعتقدات مستقاة من رحم الواقع ومن طبيعة البيئة المعاشة ومن تراكم ضغوط وتجارب اثرت في طبيعة وبنية وتفكير البشر تحت الاحتلال ومنهم الكاتبة نفسها، كل هذا طبعا رغبة منها لاحداث التغيير المطلوب في المجتمع من اشاعة قيم الحرية والتمرد والثورة والاستقلال (وقد يكون لتجربة الكاتبة الشخصية اثر كبير في ذلك) :"كان اسامة يعتقد ان لو عادل خرج من المنطقة والتقى بالرفاق في الخارج لاختلف الوضع. فهذه المنطقة المحصورة بين النهر وسياج العدو باتت تشكل خطرا جسيما على الفكر الثوري في المنطقة . لقد استوعبوهم ، أبطروهم، وغسلوا ادمغتهم بالاكاذيب والليرات"صفحة 96.

بقي ان نقول لقد نجحت سحر خليفة في رائعتها الروائية الصبار في ان تجسد لنا معنى الوطن وان تتغنى بكل ذرة تراب فيه دون ان تنسى ان لكل ذرة تراب معنى وحكاية، واحسنت كل ذلك وابدعت حين اوجزت كل تلك الافكار والمعاني فيما ذهبت اليه عندما قالت في سطور هذه الرواية:"
كل حبة تراب في هذا الوطن لها قيمة...
كل حبة تراب لها معنى...
كل حبة تراب هي قصيدة ....
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف