الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الكمين بقلم:جاسم محمد كاظم

تاريخ النشر : 2019-05-25
الكمين بقلم:جاسم محمد كاظم
الكمين قصة قصيرة 

جاسم  محمد  كاظم 

في  آخر الشتائات الباردة من زمن الخدمة الآيلة للنهاية يقوم ذلك المتسربل بالخاكي المتسخ  بشطب  يوم من أيام الحياة   .

يختلف  طول الأيام عن بعضها البعض  يتجمد الزمن داخل  هذا الثكنة المتسخة  حيث الأوامر كالمطر  بدئا  بحراسة باب النظام وانتهاء  بحفر المواضع في  التربة الدبقة  وردمها  من جديد .

 لتجد  نفسك في آخر المطاف  كومة لحم بارد   تبحث  عن قطعة ارض يكسوها التراب   تتمدد فيها أشبة بالميت .

توقفت  يداه  وهي  تضع علامة X  على  الأيام  المتبقية المحفورة بقلب الحائط الترابي حين بدا  شبح  بعيد يقترب من  باب نظام الثكنة  .

وشيئا فشيئا  كشف  هذا الشبح عن هويته في  الظلام الذي  بدا يصبغ  كل المكان مع سؤاله الأول .

هل أنت الحرس .

نعم  سيدي .

وأين آمركم.

في  أجازة  .

ومن  المسئول  .

المساعد 

فترة زمن حرجة  تجمعت كل الثكنة    خلف  المساعد المذهول  من رسول  أول الليل .

   هل  أنت المساعد المسئول ... نعم .. عليكم تنفيذ  أمر رئيس الأركان.

  جملة بدت معتمة على الفهم  وكأنهم لم يسمعوا  بهذا الاسم من قبل .

ماذا يعمل رئيس الأركان هذا ؟؟؟

هز  النقيب  يده وهي  تمسك  بالعصا بنصف دائرة مع   ضحكة  طبعا انتم لا تعرفون لأنكم لستم بالجنود الحقيقيين ...وشاركه ذلك الضخم الواقف على جانبه   .

أتعرفون ماذا يسمونكم في مقر الفرقة ..؟

أجاب الملازم الأول الطبيب   ...لا 

وضحك النقيب مع  صاحبة الضخم ذو الشوارب الكثة ..

 وحدة النستله.  شيراتون  الجيش  

واسترسل  النقيب  مخاطبا الجنود الواقفين على شكل نصف حلقة .

عليكم اليوم  مسك الكمين ....الكمين اليوم هو  واجبكم  الأول. 

الكمين  ...ماذا يعني هذا الاسم ..؟؟

كلمة غامضة  بدت  وكأنة يسمعها أول مرة  رغم  خدمته  العسكرية التي  تجاوزت السنتين .

وحين عرف النقيب  أن  هؤلاء لا يعرفون ماذا يقول من نظرات  عيونهم المذهولة  .غير من حدة كلامه بالأمر وبدا وكأنة يشرح لهم  محاضرة .

 الكمين هو أن تقوم مجموعة منكم  بالمبيت  أمام   مقر الفرقة  ..على مسافة كيلو متر واحد  أو اثنين  .يجب  أن تختفي  بين  أكوام القصب .

واجبها الرئيسي  أن تعترض  كل من يحاول التسلل إلى مقر الفرقة وقتلة  أثناء  الليل  .

وأحس  أنة يشاهد  فلم مدبلج بلا نهاية  مع  هذا الشبح الأسود وضاعت الكلمات الباقية  من إدراكه حين  بدأت الثكنة تستجمع جسدها المشتت لتنفيذ أمر رئيس الأركان.

سار  مع  ثلاثة من رفاقه على طول طريق  يشق القصب الكثيف  بمسافة بدت  وكأنها لا تنهي  توقفوا على  صوت سمعوه.

وبدا النقيب يظهر من جديد من بين الظلام في الطريق  الضيق المتعرج  مع مساعدة الضخم الذي  تكلم .  

 تذكروا  جيدا أن الإغفاءة في الكمين معناها الموت  بحد الحراب ...ستفقدون رقابكم ..  

وضحك النقيب  على كلمات هذا التابع  .. وخفف من حدة الرعب في  وجه المجموعة   الانتباه هو من  يدفع عنكم الأذى .. لا تغمضوا عيونكم ابدأ ..عليكم تمييز الأصوات في الليل فللماء  صوت ..وللهواء  صوت حين يضرب وجه المستنقعات المليئة بالقصب  وللمتسللين  صوت   آخر  .

وقادهم في الظلام  إلى فناء  مهجور ..عليكم اليوم المبيت هنا ومراقبة الطريق  حتى الصباح .

تركهم وتبدد  في الظلام مع مساعدة  الضخم  في الطريق نحو الوحدة  العسكرية  .

   جلس في الفناء الكبير المظلم مع رفاقه  تهمس الأرض المكسوة بالحصى   ..يالة من حصى  غريب  متناثر في  كل مكان   رائحة تشبه روائح الزيت المحروق .

كيف نرتب الكمين ..على طول الليل . علينا  السهر  فالمكان مخيف ...

تمددت المجموعة تنظر كلها للطريق الترابي ومن خلفه القصب الكثيف الممتد بلا نهاية في  مياه أهوار تنبعث  منها رائحة شبيهة برائحة العفن .

 ومع تقدم  الليل المظلم  ذو النجوم الصغيرة بدا  هناك  ضوء    ينسل مع ظهور جزء  من القمر باستحياء كمن لا يريد الظهور وفجأة  تجمعت أجسادهم  سوية  على صوت يشبه ففففففففففففففففففففففففف يملى المكان واتى من بعيد   عواء  لكلاب  تبدوا  جائعة من  أصواتها التي  تنتهي  بالصفير  .

غيرت الطرق  ألوانها  بعد منتصف الليل حتى نهايات القصب  أصبحت رمادية أول الأمر   ثم كساها بياض باهت وسمعوا أصواتا لالتطام جزئيات الماء مع بعضها البعض    .

 وقبل أن  تطبق جفونهم   من  ثقل نعاس  صاح احدهم :

 انظروا إلى  منتصف الطريق.

 ماذا هناك ..أنة   خروف...

خروف ... وضحكوا  بقوة علية .وماذا يفعل الخروف  في منتصف الليل ...هل  هو  في  كمين .

وحدقوا جيدا في الشكل الذي  بدا أمامهم   ..نعم ..أنة خروف ..حروف  صغير .

ظلت عيونهم تراقب  الخروف الصامت وكأنة ينظر إليهم .

انه  طنطل . جن   بشكل  خروف .يظهر  في الليل ..تكلم أولهم 

تقول  جدتي  الطناطل  سوداء اللون  تظهر في فقط في الليالي المظلمة   وأضاف الثاني   الطنطل  يستطيع امتطاء الإنسان وتغييب وعيه وجعله أشبة بالدابة  يقوده كيف  يشاء .

  ساعات الليل الغارقة في  ظلام الصمت  أرخت  ثقلها في  آخر الأمر لتغلق  جفونهم المملوءة   بالسهر  ..

وفي  كل مرة أفاقوا مرعوبين على أصوات تشبه سحب  أشياء  ثقيلة   على الأرض   أدركوا أنهم  يتخيلون   شكل الرعب الذي  تجسد  إمامهم  أصواتا وإشكالا  تشبه الخراف وأشباحا تحمل الحراب  تريد قطع رقابهم  .

ساعات طويلة  فتح في  أخرها حدقات عينية    بعدما خرج النهار  من صمته الطويل   سحب جسده   بتثاقل مرير كمن لا يريد  النهوض  يتزود  بالراحة القليلة المتبقية من الليل  وعرف أن يوما آخر لابد أن يقع من الحساب   نظر إلى الأفق الواسع ونهايات القصب الممتد    وتذكر  خروف الليل .

ورفع صوته عاليا في المجموعة الشبيهة بالأموات وهي تعود للحياة من جديد وتجد  نفسها  راقدة تماما على أرضية يكسوها غائط متيبس  لجنود  من عشرات السنين  مصبوغ  ببقايا الزيوت المسكوبة في  هذا الفناء المملوء بالسكراب والحديد  ..

تحيط  بهم  مجموعة كبيرة من كلاب  مسالمة بدت وكأنها تريد تكوين  صداقات مع هؤلاء الزوار  الجدد  .

 ما هذا بحق كل  اللعنات  نبحت  الكلاب  وأخرجت  ألسنتها   وفوقهم بدت أعداد كبيرة من الحمام تمدد أجنحتها فوق الآليات المعطوبة في الفناء الكبير  الممتلي ببقايا الدبابات وقطع الحديد والجنازير المتهرئة .

وقبل أن  يسحبوا بنادقهم  وجهوا أنظارهم نحو الخروف الذي  بدا وأنة قد غادر مكان الكمين .

أين  ذلك الخروف ؟  .  

سار  نحو  الأمام بخطوات طويلة   للبحث عن خروف الليل   وعاد  للمجموعة   يحمل  خرقة  قماش  صفراء .

هذا  هو خروف  الليل   خرقة  تلتف  على  قصبة   يحركها هواء الليل .    

عادوا  يضحكون نحو الوحدة يريدون أن يذكروا  للجميع  قصة الكمين الأول  الممتعة حيث لا وجود  لأشباح سوداء  تخرج في الليل تمسك الحراب وتقطع رقاب الجنود  .

وقبل أن  يجتازوا  ممر القصب الطويل  الضيق  توقفوا  على صوته.

  ما رأيكم أن  نطلب  من  رئيس  الأركان عبر  هذا  النقيب  بمسك كل  الكمائن  لكي  نعيش  الليل وحدنا مع   أصوات الحمام ورفقة  الكلاب المسالمة  وننظر  في الليل إلى أشباح الخراف  الجميلة وهي تسرح تحت ضوء القمر  تسهر مثلنا في  كمائنها الليلية  الممتعة ...

//////////////////////م

جاسم محمد كاظم 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف