الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المسلم " الربّاني" عند محمد إقبال- قراءة/ بقلم:علجية عيش

تاريخ النشر : 2019-05-19
يرى محمد إقبال أن الإنسان مطالب في هذا الوجود بأن يتعامل مع العالم، ويتكيف معه، ولا يقدر على ذلك إلا إذا غيّر ما بنفسه أولا، والإسلام في نظر محمد إقبال ليس رهبنة بل "دستورا" كليٌّا يحدد للإنسان ما له وما عليه، ويرى أنه في الوقت الذي لا يلقى الضعيف رحمة من أحد في العالم الدولي، والقويُّ وحده هو الذي ينال الإحترام، على شعوب الإسلام أن تتحرر وتستقل لتقيم دولة، ويعيب محمد إقبال  على جمهور المسلمين المتمسكين بالقديم بأنهم لم يدرسوا الفقه دراسة نقدية لأن مثل هذه الدراسة تمس الناس جميعا

لم يخلق المسلم ليكون تابعا لغيره ويندفع مع التيار ويساير الركب البشري في مساره واتجاهه، فهو خُلِقَ ليوجه العالم والمجتمع والمدنية وليفرض إرادته واختياراته عليها، لا يخضع،  بل يقوم بالثورة فيصارع  ويعارك، في حديث روحي ( مناجاة) مع الله يقول رجل الإصلاح محمد إقبال: سألني ربّي: هل ناسبك هذا العصر وانسجم مع عقيدتك ورسالتك؟ قلت: لا يا ربي، قال: فحطمه ولا تبال "، ولذا يؤكد محمد إقبال أن المسلم هو منبع التغيير والتجديد والإصلاح في التاريخ، وهو مصدر سعادة البشرية وراحتها في العالم، والمسلم والمؤمن يختلف كل واحد منهما عن الآخر، فالمؤمن يختلف عن المسلم في أنه إذا نادى الآفاق بآذانه أشرق العالم واستيقظ الكون، ويهتز له العالم المظلم فيحوله إلى نور، لأنه صاحب رسالة كبرى وأمانة عظمى هي "الخلافة" التي خصّه بها الله تعالى.

  يقول محمد إقبال: " المسلم الرّباني ليس شرقيًّا ولا غربيًّا ليس وطنيًّا دلهيا ولا أصفهانيا ولا سمرقنديا، إنما وطني العالم كله، والمسلم المؤمن عند محمد إقبال يحمل صفات الله ومتخلق بأخلاق الله، وفي ذلك يقول: "إن المؤمن هو الميزان العادل والقسطاس المستقيم، به يعرف الحسن من القبيح، وبه يعلم رضى الله وسخطه، يشتد غضبه للحق، وتشتد ثورته على الباطل،  ويشبه محمد إقبال المسلم بالشمس التي لا تغيب، فهي إن غابت في جهة طلعت في مكان آخر، والإنسان الكامل عند محمد إقبال كائن اجتماعي مرتبط بالجماعة ولا يمكنه أن يكون خارجا، ويقول: "الموجة هي موجة داخل النهر وخارجه لا تكون شيئا"، La vague est vague a l’interieur de la riviere en dehors elle n’est rien،  ولذا يرى محمد إقبال أن شخصية الإنسان الحقيقية ليست أشياء، بل سلسلة من الأفعال، وفي ذلك يقول: " وحقيقتي بتمامها في منزع تدبيري"، ثم يخاطب الأخر ( أنتَ) فيقول له ( لكَ)  فأنت لا تستطيع أن تدركني بوصفي  شيئا في مكان أو في مجموعة في تجارب في نظام زماني، بل يجب أن تفسرني، وأن تفهمني وأن تقدرني في أحكامي وفي منازعي الإرادية وفي أهدافي وآمالي".

ففكر محمد إقبال هو فكر المسلم الرافض أن يكون  المسلم المعاصر صورة الأوروبي المعاصر ورفض الإقتباس الأعمى من قبل المسلمين لفكر وعلم وثقافة الغرب الأوروبي الغازي، والتغير في العالم عنده لا يحصل بعيدا عن الإنسان، فهو الذي يحركه (اي الإنسان) للتلاؤم بين ذاته وبين مقتضيات ومستلزمات هذا التغيّر ويحرك في الإنسان دائما قوة الدفع للتغلب على ما يواجهه من ظروف ومعطيات جديدة، وفي هذا فالإنسان مطالب في هذا الوجود بأن يتعامل مع العالم، ويتكيف معه، ولا يقدر على ذلك إلا إذا غيّر ما بنفسه أولا، يقدم محمد إقبال تركيا كنموذج، باعتبارها الأمة الإسلامية الوحيدة التي  نفضت عن نفسها أسباب العقائد الجامدة واستيقظت من الرقاد الفكري، وهي وحدها التي نادت بحقها في الحركة العقلية، وهي وحدها التي انتقلت من العالم الثالث إلى العالم الواقعي، تلك النقلة التي تستتبع  كفاحا مريرا في ميدان العقل والأخلاق، أمّا باقي الشعوب الإسلامية فهي تعيش على التكرار (الإجترار) والآلية، فالتركي،  الحياة عنده تتحرك وتتغير وتنمو وتلد رغبات جديدة، وهو يدعو إلى حرية الفكر في الإسلام، يحذر  محمد إقبال في نفس الوقت من أن تكون هذه الحرية سبيلا إلى الإنحلال خاصة من فكرة القومية الجنسية السائدة في العصر الحديث، في سؤال طرحه إن كانت شريعة الإسلام قابلة للتطور أم لا؟، يستشهد محمد إقبال برأي المستشرق هورتن  الذي يرى في ظهور الفرق الدينية دليلا على مرونة التفكير الإسلامي، ويؤكد هذا المستشرق أن روح الإسلام رحبة فسيحة بحيث أنها تكاد لا تعرف الحدود، ولذا يعيب محمد إقبال  على جمهور المسلمين المتمسكين بالقديم بأنهم لم يدرسوا الفقه دراسة نقدية لأن مثل هذه الدراسة تمس الناس جميعا.

فماذا عن حرية النقد؟ والجواب أن محمد إقبال يدعو إلى ممارسة النقد، وأن يتحلى المسلم بروح نقدية لبلوغ أسمى مراتب التجديد والتطور، وبدون نقد لا يمكن أن نبلغ هذه المراتب، فكلما فتحت مسالك  جديدة للفكر، كلما أمكن الوصول إلى آراء أخرى، ويبين محمد إقبال قيمة النقد في تطوير المعرفة وبناء الحضارة وتحريك التاريخ، ولدا اهتم محمد إقبال بمشروع الإصلاح، وأراد بالإصلاح الفكر لا الدين من احل الإنتقال بحياة المسلم من حياة الركود والإنحطاط إلى جو الحركة والتقدم والإزدهار، للإشارة أن محمد إقبال كما وصفه الدكتور جيلالي بوبكر في كتابه "الإصلاح ونظرية الحضارة في فلسفة محمد إقبال" يعدُّ واحد من قادة الفكر والتجديد في العالم الإسلامي الحديث، رسم لفلسفته الإصلاحية هدفا هو إخراج الفكر الإسلامي من عالم التخلف والإنحطاط والسير به نحو النّماء والإزدهار في معترك حضاري وصراع ثقافي بين عالم متخلف فكريا وحضاريا والعالم الإسلامي جزء منه، وعالم متقدم علميا وتكنولوجيا بيده حضارة متطورة هي الحضارة الغربية التي بسطت يدها وسلطانها على العالم أجمع بفكرها وثقافتها المعارضة في العديد من الأمور، لم يكن مفكرا مصلحا فقط بل كان  ناقدا وجنديا في معركة النهضة.

و محمد إقبال من مواليد  البنجاب، عاش في مرحلة مليئة بالمتغيرات اثرت في حياته الفكرية، تلقى تعليمه عند المستشرق الإنجليزي سير طوماس أرنولد sir tomas arnold الذي مكنه من الوصول إلى الثقافة الشرقية والفكر الغربي على حد سواء، وهو الذي بعث به إلى أوروبا ليواصل دراسته، تنقل محمد إقبال بين إنجلترا وألمانيا إلى أن حصل على شهادة الدكتوراه حخول تطور الفلسفة الميتافيزية في بلاد الفرس قبل ان يعود إلى بلادهع ويستقر في لاهور، اصدر كتبا كثيرة بمختلف اللغات، الفارسين الإنجليزية والأوردية، توفي في 21 أفريل 1938 تاركا وراءه ذخيرة فكرية وثقافية، وهو يحتضر ترك مقالة شهيرة : "لماذا أخشى أن يصغرني الموت، إذا كنت أُمِيتُ ( بضم الألف وكسر الميم)  حيوانيتي من اجل أن أصيرا إنسانا"، وقد لفظ أنفاسه الأخيرة وعلى شفتيه ابتسامة مرتسمة.

قراءة علجية عيش
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف