الأخبار
نتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدة
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حوار مع كتاب (عندما تتعرّى الآلهة) للشاعر حسن أبودية بقلم: إيمان أبو عاصي

تاريخ النشر : 2019-05-06
حوار مع كتاب (عندما تتعرّى الآلهة) للشاعر حسن أبودية بقلم: إيمان أبو عاصي
حوار مع كتاب (عندما تتعرّى الآلهة)*
للشاعر الفلسطيني حسن أبودية

بقلم: إيمان أبو عاصي

بعد أن ألقت خطواتي مراسيها بشغفٍ داخل هذا الكتاب، استوقفتني رائِحةُ الجراح، والغيمةُ الحَبلى بوجَع المنافي، أسدَلت ظلالها عَلى مناضِدِ الدّمع.
بعضُ الحروف تجرّ نفسها نحو أعْماق القارئ، تزرعُ خصراً فاتناً لبوحٍ معتّق في الحنجرة، كما لوحاتُ هذا الكتاب، كانت تقرأ الذّات بنبضٍ يشبهها، وبعد تنهيدةٍ رفرفت في الذّهن أصوات الوحْي. وليس في هذا محاولةٌ لمدح كاتبها المُعتّق بتعاويذ العمر المُنهك، بل أتوسّد من خلالِ هذه اللوحات رعْشة الإلهام بعد كلّ زفرةٍ تزفرها تلك الحروف.

في البدء أتشبّث بعُنق المساء، يغزو الشّوق مفاصلي "أتعانق مع العتمة، أخاصرها.. وتخاصرني" (8)، وبقيتُ منْتصباً فوق أزمنةٍ لا تمر، أفتعلُ صوراً بين الضّلوع، أصطفي نزق الرّيح وقد طوّقت إرنان المحروم بعد ممارسة الحنين، وفي دروب التأويل، كنت مكفوف الغِواية، زوبعة تجلّت بأحزاني، وإذ تطوّق عفّة المتعبّد في أحضانِ السّماء، كانت نقمة المنفيّ تعري الشّفاه المثخنة بالتّبغ المالح.

شيّأ الله فَقر اللّيالي...
"عبثاً يرفع القُبطان أشرعة آماله
وأشرعَة صلَواته
ويكتم النّحيب" (18)
ذُكرت بين الآهات الموصدة بعتم الصّمت، رواياتٌ تقصّها مدائن الحالمين، فوق الرصيف الملتهب، يرقب نجمٌ مسيرة الأكفان نحو العمر الفارغ، يقدّسه تائه مورقٌ بالأفول، حُشرت أمواجه المندفعة في صور الغروب، يشير إلى الرّعشات وفي كيانه تفسّر الأنفاس شغَبَ الأيام، وللصلاة يقفُ منهمكاً في الصّدى، إذ تقطر الأجفان مشاهدَ البوح، ينادي فتحضرُ دروب الخلاص في الحناجر، وتغتسل آفة الدّمع على مرآةٍ مشتعلة بصلواتِ المثقوبين.
"عندما تتعرّى الآلهة
سأشعلُ القلْب بخوراً..
ونئِد الظّلال" (51)
قبل أن يحلّق المنفيّ، يغرسُ جذور الوجعْ في التّراب العقيم، وبصوتِ التّرانيم يوقِد ما اغتالته الأيّام، يعرّي نسمة الخصام بين الذّوات النازفة، على منبر الخِطاب الأخير، يؤرجح ظلّه في متاهات المَنافي، وبعد أن ازْملّ صدرهُ بالشّوق، شدّ العهود إلى جسَد الطّير "فرقص رقصة الطّير الأخيرة، ومنح البحر ما تبقّى من دمه" (26). لصفة الغيابِ مآربٌ منسيّة، تصطفّ ابتساماتٌ فوق رمشٍ عَراهُ الحَنين، لم يصرخِ الرّفاق أو يسألوا أسطورَةً ما عن أثَرِ الطّعنات وهي تُدثّر عناوين العَجْز في الذّاكرة.

في سِفر الزلزلة خانني الدّمع مراراً، ولم أسأل البتة عن السّبب، اكتفيتُ بدسّ الدمع بينَ سُطورٍ اتخذتني زاداً لتوقد شعلة الإلهام في الرّوح.
"في سِفر الزلزلة
العابرون بالخَطايا،
يتوهون عن بوابات السّماء" (57)
بمحضِ احتراق، أزهَر الموجُ على شُرفات التائبين، وقد قدّ لهاث القلب بعد انهمار الخطايا، وما زال الغيم شاهداً على تأتأة الفقير وهو يمتهن الرّجاء في حِجر صلواته. تراه بين الأصابع الحائِرة، يفرش فضاءات التّيه بالضّياء.

"في سِفر القيامة
وحدهم الفقراء
يرقصونَ نزفاً على الصّراط" (73)
أيّها الدرب الغافي على خلاخل منْتشية، وأنت تزرع السّقيا العليلة في حناجر الفُقراء، كانت زفراتُ العائدين من الجُنون تزرعُ أنفاس موجوعٍ تَسَلّت عنه قُبَلُ الذّكريات.

تضيق بالغريب سُبل الأوطان، وتحفظه أرصفة المنافي، تُشرّع أنفاسه للمقاعد الفارِغة، فيكون الحِوار فارغاً في جِرار أعوامه الماضية، هناك تزهق ذكراه بعْد صرخةٍ عارية. "والقلْب لم يزل مثخناً بجراح المنافي"

أركّت الأرضُ من دمعِ الوَحيدْ...
فوْق أرواحِنا، تمرّ مراكبٌ مُحمّلة بالظلالِ الثّقيلَة، تَعبَثُ بغفَواتِ المنهكين عَلى سواحِل المَنافي، مرثيّة ضاعَ نَبضها وهي تُحررّ الدّماء المتجلطَة في أحشاء قفلٍ عصيّ، حكّة في القلْب، تستدرِجُ الحنين، فتصرخُ أفئدةٌ مغمضةُ الأجْفان، تعصرُ من النّبض الغافي إرنانَ المصْلوب: كفاكِ تَغْزلين من لُهاثِ الموج مَعابِر إلى مَواضِع التّنهيدات في الذّكرى، ومنْ خيْبة الحُلم تدسّين سُموم الصّمت بيْن خُطى العابِرينَ في جَنائز الغُرباء.

حبرٌ للوصايا، يجلِسُ الوحيدُ ملثّما ملامحه بآفاق البُعد، يهرعُ إلى حواراتِ التّبغ، يُصفّف ريشَ الحَمامِ على النّوافذ الفارِغة، يتلو صلواته بأدمعٍ تتلمّس آهات جسَدٍ موْشوم بالهَزائِم، يرتجفُ الرّصاص العالق في صَدرِه، فيعرقُ مستعجلاً سبيلَ العمر، يلوذُ بالصّراخ: "يا آيات الحُزْن، يا ظِلال الخُضوع"، والحيلةُ تقهقه إذ يتوسّل سُبل الضّياء، وتبقى الصّلوات في وجهِ الصّدى، يُناضِل بها ريْثما تهْتدي غُيوم التّيه، يُنادي الأفقَ الباكي "فأشرعني في وجه الغُرباء تراتيل عصيّة تعمدت بروح الله" (90) ليندَمل الجرحُ الحار.


*كتاب " عندما تتعرى الآلهة " للشاعر و الروائي الفلسطيني المغترب : حسن عبد السلام أبودية، صادر عن مكتبة كل شيء حيفا – 2019م.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف