محمد حلمي الريشة
قصيدة "مُحَاوَلَاتٌ لِاشْتِبَاهِ الْمَوْتِ
(إِلَى حِلْمِي .. أَبِي)"
جمالية الأدب أنه يدخلنا إلى العقل الباطن للكاتب/للشاعر، فيكشف لنا حقيقة ما يُقدم، إن كان صادر من القلب أم من الفم، الثنائية في الكلمات/الحروف، والتشابه في المعاني والألفاظ، تتكامل بين الفقرات/الأبيات كلها تسهم في تأكيد الفكرة التي تطرح، وأيضا تُجمل النص/القصيدة وتجعلها أكثر اشراقا وتألقا.
في قصيدة "" نجد الحب ليس من خلال المضمون/الأفكار المباشرة فحسب بل من خلال (ثنائية) الكلمات والحروف:
"مِنْ بَعْدِ وَجْهٍ كَانَ لِي غَيْمًا عَلَى جَدْبٍ تَخَطَّتْنِي الْقَصِيدَةُ مَرَّتَيْنْ
وَأَنَا.. أَنَا"
أثر الموت نجده في الألفاظ "بعد، كان لي، جدب، تخطتني" وهي بمجملها ألفاظ حزن وألم، والبياض جاء في "وجه، والقصيدة" لكن هناك ثنائية في"مرتين، وأنا.. أنا" وهذا يشير إلى حنين الشاعر وتماهيه مع حدث الغياب.
"أَنَا يَا أَبِي
زَرَعَتْ دُمُوعِي فِي عُيُونِي إِصْبَعَيْنْ"
إذا ما تجاوزنا المضمون الحزين في "دموعي" يمكننا أن نجد حزن آخر راء الكلمات، فالثنائية في "عيوني، أصبعين" تشير إلى حاجة الشاعر للغائب، للأب، فهو أمسى وحيد، لهذا يركز على المثنى، ليستعيد ما فقده.
"لَمْ تَبْلُغِ الْأَلْفَاظُ هَزَّتَهَا بَعِيدًا، بَلْ أَرَى
الرَّائِيَّ رُؤْيَتَهُ ذَهُولًا إِذْ مَضَى
جَسَدٌ مِنَ الْأَبْنُوسِ مُنْسَابًا كَمَاءٍ مِنْ يَدَيْنْ"
صدمة الغياب نجدها في "هزتها، ذهولا، مضى" ونجدها في تكرار "أرى، الرائي، رؤيته" هذه الاشتقاقات لفعل رأى، تؤكد حاجة ورغبة الشاعر في الرؤيا/المشاهدة للأب الغائب.
وتستوقفنا العلاقة بين المذكر والمؤنث، "وجه والقصيدة، عيوني وأصبعين، الألفاظ وجسد" والتي تشير إلى ضرورتها لاستمرار الحياة، وكأن الشاعر من خلال تذكره للمؤنث والمذكر يشير إلى حبه وحاجته للحياة الطبيعية، "وخلقناكم ازواجا" فالحياة بحاجة إلى هذه الثنائية، هذه الثنائية ما كانت لتكون لو أن الشاعر يكتب لمجرد الكتابة، لكن القصيدة هي من كتبته، فكان العقل الباطن هو الذي يسير الشاعر، ويحدد الألفاظ المستخدمة، ما الشاعر إلا (وسيط/ناقل) لها.
"قُلْتُ: انْتَظِرْنِي قَبْلَ مَوْتِكَ، بَعْدَ مَوْتِكَ، لَا يَهُمُّ الْوَقْتُ فِي
حَالِ انْحِنَاءَاتِ الْفُصُولِ جَمِيعِهَا"
تكرار "موتك" يشير إلى حجم الفاجعة، ويشير أيضا إلى سخط الشاعر على "الموت"، ونجد علاقة بين "قبل وبعد، وانتظرني والوقت" وكلها تقترب من فكرة الثنائية، وأيضا تخدم فكرة الحزن والأم على الغائب.
"فَجَمِيعُهَا ثِقَلٌ عَلَى الصَّدْرِ الصَّرِيحِ، وَلَا تُرَدُّ الْفَاجِعَةْ
عَمَّا بِهَا مِنْ وَرْدَةِ الْبَرْقِ - الْحَرِيقْ"
التكرار/الثنائية نجدها "جميعها و فجميعها"، وهناك تقارب بين "ثقل والفاجعة، والبرق والحريق" وهذا يشير إلى أن الشاعر مسكون بالأب الغائب،
"وَإِذَا بِهِ عَتْمُ المَسَافَةِ بَيْنَ سَهْمٍ خَوَّرَ الْأَنْفَاسَ فِي
فَمِهِ، وَبَيْنَ قَذَى الطَّرِيقْ"
رغم عدم وجود ألفاظ مكرر، إلا أننا نجد التقارب بين "المسافة والطريق، وإذا ما توقفنا عند الألفاظ المؤنثة في "انحناءات، الفاجعة، وردة" نجد الحاجة ورغبة الشاعر في حياة الطبيعة "وخلقناكم ازدواجا".
"لَمْ أَسْتَمِعْ، مِنْ قَبْلُ أَوْ مِنْ بَعْدُ، لِلْمَوْتَى يُعِدُّونَ الْخَسَارَةَ، إِنَّمَا
دَوَّى بُلُوغُ الْعُمْرِ أَصْفَرَ فِي رُتُوقِ الْوَقْتِ.. لَا
جَدْوَى افْتِرَاضْ"
العلاقة بين "من قبل ومن بعد، استمع ودوي، الخسارة ورتوق" تشير إلى حالة الثنائية التي تلازم الشاعر، فهو حاضرة في عقله الباطن، لهذا نجدها مستمرة في القصيدة.
"أَنْ هَامِشًا لِلْقَلْبِ قَدْ يَبْقَى لِتَبْقَى لَذَّةُ الْعَيْنَيْنِ.. يَا
عَيْنَيْ أَبِي
لَكَمِ انْتَظَرْتُ قَصِيدَةً ذَهَبَتْ، وَلَمْ أَجِدِ الْبَيَاضْ"
التكرار في "يبقى ولتبقى، العينين وعيني" والتقارب في "العينين/القصيدة والبياض" والطبيعية بين "يبقى وذهب، تشير إلى وحدة القصيدة والتكامل/التوحد مع الشاعر.
وما يلفت الانتباه أن القصيدة جاءت بثلاثة مقاطع، وهذا ما يشير إلى (قدسية/دينية) الحدث، فهناك موت، والموت يحصل بإرادة ربانية عليا، فكان لا بدمن تقديمه بالشكل الديني، فكان الرقم ثلاثة المقدس.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.
قصيدة "مُحَاوَلَاتٌ لِاشْتِبَاهِ الْمَوْتِ
(إِلَى حِلْمِي .. أَبِي)"
جمالية الأدب أنه يدخلنا إلى العقل الباطن للكاتب/للشاعر، فيكشف لنا حقيقة ما يُقدم، إن كان صادر من القلب أم من الفم، الثنائية في الكلمات/الحروف، والتشابه في المعاني والألفاظ، تتكامل بين الفقرات/الأبيات كلها تسهم في تأكيد الفكرة التي تطرح، وأيضا تُجمل النص/القصيدة وتجعلها أكثر اشراقا وتألقا.
في قصيدة "" نجد الحب ليس من خلال المضمون/الأفكار المباشرة فحسب بل من خلال (ثنائية) الكلمات والحروف:
"مِنْ بَعْدِ وَجْهٍ كَانَ لِي غَيْمًا عَلَى جَدْبٍ تَخَطَّتْنِي الْقَصِيدَةُ مَرَّتَيْنْ
وَأَنَا.. أَنَا"
أثر الموت نجده في الألفاظ "بعد، كان لي، جدب، تخطتني" وهي بمجملها ألفاظ حزن وألم، والبياض جاء في "وجه، والقصيدة" لكن هناك ثنائية في"مرتين، وأنا.. أنا" وهذا يشير إلى حنين الشاعر وتماهيه مع حدث الغياب.
"أَنَا يَا أَبِي
زَرَعَتْ دُمُوعِي فِي عُيُونِي إِصْبَعَيْنْ"
إذا ما تجاوزنا المضمون الحزين في "دموعي" يمكننا أن نجد حزن آخر راء الكلمات، فالثنائية في "عيوني، أصبعين" تشير إلى حاجة الشاعر للغائب، للأب، فهو أمسى وحيد، لهذا يركز على المثنى، ليستعيد ما فقده.
"لَمْ تَبْلُغِ الْأَلْفَاظُ هَزَّتَهَا بَعِيدًا، بَلْ أَرَى
الرَّائِيَّ رُؤْيَتَهُ ذَهُولًا إِذْ مَضَى
جَسَدٌ مِنَ الْأَبْنُوسِ مُنْسَابًا كَمَاءٍ مِنْ يَدَيْنْ"
صدمة الغياب نجدها في "هزتها، ذهولا، مضى" ونجدها في تكرار "أرى، الرائي، رؤيته" هذه الاشتقاقات لفعل رأى، تؤكد حاجة ورغبة الشاعر في الرؤيا/المشاهدة للأب الغائب.
وتستوقفنا العلاقة بين المذكر والمؤنث، "وجه والقصيدة، عيوني وأصبعين، الألفاظ وجسد" والتي تشير إلى ضرورتها لاستمرار الحياة، وكأن الشاعر من خلال تذكره للمؤنث والمذكر يشير إلى حبه وحاجته للحياة الطبيعية، "وخلقناكم ازواجا" فالحياة بحاجة إلى هذه الثنائية، هذه الثنائية ما كانت لتكون لو أن الشاعر يكتب لمجرد الكتابة، لكن القصيدة هي من كتبته، فكان العقل الباطن هو الذي يسير الشاعر، ويحدد الألفاظ المستخدمة، ما الشاعر إلا (وسيط/ناقل) لها.
"قُلْتُ: انْتَظِرْنِي قَبْلَ مَوْتِكَ، بَعْدَ مَوْتِكَ، لَا يَهُمُّ الْوَقْتُ فِي
حَالِ انْحِنَاءَاتِ الْفُصُولِ جَمِيعِهَا"
تكرار "موتك" يشير إلى حجم الفاجعة، ويشير أيضا إلى سخط الشاعر على "الموت"، ونجد علاقة بين "قبل وبعد، وانتظرني والوقت" وكلها تقترب من فكرة الثنائية، وأيضا تخدم فكرة الحزن والأم على الغائب.
"فَجَمِيعُهَا ثِقَلٌ عَلَى الصَّدْرِ الصَّرِيحِ، وَلَا تُرَدُّ الْفَاجِعَةْ
عَمَّا بِهَا مِنْ وَرْدَةِ الْبَرْقِ - الْحَرِيقْ"
التكرار/الثنائية نجدها "جميعها و فجميعها"، وهناك تقارب بين "ثقل والفاجعة، والبرق والحريق" وهذا يشير إلى أن الشاعر مسكون بالأب الغائب،
"وَإِذَا بِهِ عَتْمُ المَسَافَةِ بَيْنَ سَهْمٍ خَوَّرَ الْأَنْفَاسَ فِي
فَمِهِ، وَبَيْنَ قَذَى الطَّرِيقْ"
رغم عدم وجود ألفاظ مكرر، إلا أننا نجد التقارب بين "المسافة والطريق، وإذا ما توقفنا عند الألفاظ المؤنثة في "انحناءات، الفاجعة، وردة" نجد الحاجة ورغبة الشاعر في حياة الطبيعة "وخلقناكم ازدواجا".
"لَمْ أَسْتَمِعْ، مِنْ قَبْلُ أَوْ مِنْ بَعْدُ، لِلْمَوْتَى يُعِدُّونَ الْخَسَارَةَ، إِنَّمَا
دَوَّى بُلُوغُ الْعُمْرِ أَصْفَرَ فِي رُتُوقِ الْوَقْتِ.. لَا
جَدْوَى افْتِرَاضْ"
العلاقة بين "من قبل ومن بعد، استمع ودوي، الخسارة ورتوق" تشير إلى حالة الثنائية التي تلازم الشاعر، فهو حاضرة في عقله الباطن، لهذا نجدها مستمرة في القصيدة.
"أَنْ هَامِشًا لِلْقَلْبِ قَدْ يَبْقَى لِتَبْقَى لَذَّةُ الْعَيْنَيْنِ.. يَا
عَيْنَيْ أَبِي
لَكَمِ انْتَظَرْتُ قَصِيدَةً ذَهَبَتْ، وَلَمْ أَجِدِ الْبَيَاضْ"
التكرار في "يبقى ولتبقى، العينين وعيني" والتقارب في "العينين/القصيدة والبياض" والطبيعية بين "يبقى وذهب، تشير إلى وحدة القصيدة والتكامل/التوحد مع الشاعر.
وما يلفت الانتباه أن القصيدة جاءت بثلاثة مقاطع، وهذا ما يشير إلى (قدسية/دينية) الحدث، فهناك موت، والموت يحصل بإرادة ربانية عليا، فكان لا بدمن تقديمه بالشكل الديني، فكان الرقم ثلاثة المقدس.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.