الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تولستوي والحياة الزوجية بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة

تاريخ النشر : 2019-05-05
تولستوي والحياة الزوجية
د. محمد عبدالله القواسمة
ليو تولستوي (1828-1910) ذلك الأديب والروائي الروسي العالمي الذي أبدع روايات: "الحرب والسلم"، و"آنا كارنينا"، و"البعث" وغيرها، والذي كان من كبار الإقطاعيين في القرن التاسع عشر لم تكن حياته العائلية مستقرة مع ما كان يملك من ضياع، وما حظي من شهرة. فعندما أصبح كهلًا، وفترت همة الشباب سيطرت عليه نزعة إنسانية قوية، فراح يسترجع حياته الماضية فوجدها مليئة بالآثام، فتلبسته ثياب الخطيئة، وأراد أن يتخلص منها، فبدأ يدعو إلى الصلاح، ويعطف على الفقراء وعلى الفلاحين الذين كانوا يعملون في أرضه، فكان يدعوهم إلى بيته، ويطلب من زوجته صوفيا انديافنا أن تقدم لهم واجبات الضيافة، بل طلب منها أن ترضع أطفالهم.
لم يرق للسيدة صوفيا الأرستقراطية تصرفات زوجها وهي ابنة طبيب القيصر، المتعلمة التي تجيد ثلاث لغات أجنبية: الإنجليزية والفرنسية والألمانية؛ فنشبت الخلافات بينهما. لقد احتملت عناء إدارة بيتها الواسع، وإنجاب ثلاثة عشر ولدا فقدت ثلاثة منهم، كما ساعدت زوجها على جمع أعماله الأدبية والفكرية ونسخها ونشرها، فقد أعادت ــ على سبيل المثال ــ نسخ رواية "الحرب والسلم" سبع مرات، لكنها لم تستطع أن ترى زوجها يوزع ثروته على هؤلاء الفقراء وعبيد الأرض؛ فهي تريد أن تكون ثروة هذا الرجل لها ولأولادها لا لهؤلاء الخدم الذين لم تعتد على أن تخالطهم وتستضيفهم في بيتها. اضطرب عقلها وراحت تسيء إليه، وتتهمه بالنفاق والأنانية، وتشوه سمعته، وهددته بانتحارها، ووقف اثنان من أولادهما إلى جانبها، في حين وقف الآخرون إلى جانبه؛ فقد أحبوا أفكار أبيهم واتجاهاته الاشتراكية والإنسانية.
أخيرًا اضطر تولستوي أن يوزع أملاكه كلها بين زوجته وأولاده، لكنه رفض أن يتنازل لهم عن حقوق مؤلفاته التي طبعت بعد عام1881م، وتركها لأصحابه الفقراء. واستمرت صوفيا في مناكدته. وقد رأى صديقه الأديب الفرنسي رومان رولان أنها هي السبب في آلامه التي تكالبت عليه، وأن الخلاف بينهما كان الدافع القوي إلى أن يصل إلى موقفه الغريب من المرأة عندما رأى أن الذي يرغب في خدمة الله والإنسان عليه أن يبتعد عن أي علاقة بالنساء ولا يتزوج. وعلى هذه الفكرة قامت روايته " سوناتا كرويتزر ".
وكانت نهاية تولستوي وهو في الثانية والثمانين عندما هرب من المنزل في إحدى الليالي الباردة، ليصاب بالتهاب رئوي حاد في محطة للقطار ببلدة استابوفا التي غيرت اسمها بعد وفاته، لتسمى ليو تولستوي تكريمًا له، ويفارق الحياة، ولم يكن بجواره غير ابنته ألكسندرا التي كانت قد لحقت به. ترك قبل هروبه لزوجته خطابًا ظهر بعد وفاته بأعوام، ذكر فيه بأن ذهابه عن البيت سيزعجها، وهو يأسف لذلك، ويرجو منها أن تفهمه؛ فهو لم يستطع أن يعيش تلك الحياة الباذخة، وأن عليه ان يفعل ما يجب على من في عمره أن يفعله بأن يقطع كل صلة له بالعالم؛ ليعيش بقية حياته في عزلة وسكون. وفي نهاية الخطاب يطلب منها عدم اللحاق به إذا علمت بمكانه.
عاشت زوجته بعده سنوات طويلة وهي حزينة عليه، ونادمة على مناكدتها له. وكانت تحرص على زيارة قبره، وتطلب منه أن يصفح عنها. قالت في كتابها الذي نشرته بعد وفاته بمدة قصيرة بعنوان "يوميات الكونتيسة صوفيا تولستايا" والكتاب ترجمه عبد الله حبه، وصدر عن دار المدى عام 2018، اعترفت فيه صوفيا بتقصيرها مع هذا الأديب العبقري، تقول: "ليسامح الناس تلك المرأة التي ربما كانت عاجزة، منذ أعوام الشباب، عن أن تحمل على كتفيها الضعيفتين تلك المهمة الرفيعة: أن تكون زوجة رجل عبقري وإنسان عظيم". وتتحدث ابنتهما ألكسندرا في مقابلة معها عام 1970 عن العلاقة بين أبويها؛ فتقول إن أمها كانت امرأةً جيدة، ونزيهةً ومخلصةً لكنها لم تتقبل أفكار أبيها، التي تتغنى بالحياة البسيطة، ولم تتفهمها.
لقد كانت الحياة الزوجية لأديب روسيا الكبير عذابًا شديدًا وهي تشبه إلى حد كبير الحياة الزوجية للمؤرخ والناقد الإسكتلندي توماس كارلايل(1795-1881م) صاحب كتاب "البطولة وعبادة الأبطال". لقد ضاق كارلايل بزوجته جين ويلش وضاقت به حتى إنها نصحت بنات جنسها اللواتي يرغبن في الأمن والسعادة ألا يتزوجن بمؤلف. أخيرًا، إن التساؤل الذي يدور في النفس عن حياة تولستوي العائلية وأمثاله من الأدباء والمفكرين الذين كانوا على خلاف مع زوجاتهم: هل كانوا على حق فعلًا أم أنهم كانوا قساة وأشرارًا مع زوجاتهم؟!
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف