الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مناقشة "سماء الفينيق في دار الفاروق

تاريخ النشر : 2019-05-05
مناقشة "سماء الفينيق في دار الفاروق
ضمن الجلسة نصف الشهرية التي تعقدها دار الفاروق في نابلس، لمناقشة الأعمال الأدبية، تم مناقشة كتاب "سماء الفينيق" للكاتب الأردني مفلح العدوان، وهو من إصدارات وزارة الثقافة الفلسطينية لعام 2017.
وقد افتتح الجلسة الشاعر "جميل دويكات" قائلاً: نتمنى لزميلنا الروائي محمد عبد الله البيتاوي التوفيق برحلته إلى أبو ظبي والعودة بالسلامة، ثم قال: بخصوص العمل المطرح أمامنا اليوم، نستطيع القول أن وزارة الثقافة الفلسطينية تستمر بالاهتمام بالإنتاج الأدبي العربي، وها هي تصدر هذا الكتاب الجميل والذي يؤكد على أن وحدة ضفتي النهر هي حالة طبيعة، فجغرافية المكان واحدة، وتجمعهما علاقات اجتماعية منذ القدم، الجميل في الكتاب أنه قدم هذه الفكرة بطريقة أدبية رائعة، فالكتاب قريب من أدب الرحلات، لكن أثر المكان على الكاتب واضح وقوي، وهذا ما يجعلنا نقول أنه قريب من أدب الرحلات، فالتحدث عن المكان بهذه الطريقة تشير إلى (هيمنة وسطوة) المكان على الإنسان، وهذا ما يجعل القارئ يشعر بالعلاقة الحميمة التي تجمع الكاتب بالمكان.
ثم تحدث الأستاذ "همام طوباسي" قائلاً: الموضوع جميل، ولغة الكاتب سهلة، أما بخصوص الفكرة فهي بالتأكيد جاءت لتؤكد على وحدة المنطقة والإنسان، فالكاتب يتوغل في التاريخ القديم، فيحدثنا عن سيدنا إبراهيم عليه السلام، ويمر على العديد من الشخصيات الأدبية في فلسطين، ويحدثنا عن المدن التي زارها كرام الله وأريحا ونابلس والخليل، وأخيرًا أقول أن الكتاب ممتع وشيّق.
أما الشاعر عمار خليل فقال: كتاب سماء الفينيق يُظهر احترافية الكاتب في اختيار عنوانًا لنصّه، منسجمًا ومعجونًا بمفردات النص ومختمرًا إلى حد النضج والحُمرة اللذيذة والممتعة، هذا ما قام به مفلح العدوان، فقد أفلح مفلح في دخول الفردوس المفقود، والجنة المغلقة، وأنه أشهر عداءه لكل شيء بغيضٍ سلب هذه الأرضَ الأم الطاهرةَ والمُطهرة. "سماء الفينيق" بدت كمذكراتِ سائح عاشت النشوة والانتماء في ذات الوقت، ازدواجية الروح الوليدة من رحم الوطن الواحد، الأردن وفلسطين ثنائية الحب المقدس والمعمد بماء الحياة. هذا النص إذ تمتع باللغة المتينة والقوية والجميلة، وبرسم أحداث بدت لي سريعة ومنقوصة بعض الشيء، لقد خيّل لي أن الكاتب كان يكتب وهو يعدو، خطاهُ تسارع الزمن وتلتهم الأماكن، لعل ذلك يرجع لضيق زمن ذلك التصريح الطارئ بين يديه. كان خط المسير من أريحا إلى رام الله إلى القدس تخيلاً إلى نابلس إلى الخليل إلى بيت لحم وعودة مع ظلال الشمس والمآب إلى حافة الرجوع المشحون بالشوق المتجدد في الروح والجسد. في هذه المسيرة وصف لنا الكاتب المكان فهو البطل الحقيقي في سطوره، واستعان بأسطورة الفينيق ليجعل للمكان بعده التاريخي المتجذّر في أعماق الزمن والوجود، وقد استعان الكاتب بالفينيق لوصوله إلى مبتغاه، رؤية الأرض والذوبان في هوائها، من هنا طعّم الكاتب نصه بالمعلومة التاريخية، وأعطى القارئ كثيرًا من الزخم المعلوماتي والتراثي والتاريخي والديني، مما أثرى بها ذاكرة القارئ والزمان. كيف غاب عن الكاتب يا ترى ذكر تلك المستوطنات الجاثمة على كتف الجبال الممتدة من أريحا إلى القدس إلى رام الله إلى نابلس، فكيف لم يرَ ذلك الوجود الطارئ على قمم الوطن، أم انه أراد اختصار نصه، وفي رأيي مثل هذا الوجع لا يختصر. كما لم يذكر الكاتب المدن الفلسطينية الأخرى، فهل يعتبر ذلك نقصًا، وإن لم يكن للكاتب الوقت الكافي لزيارتها، كان بإمكانه الاستعانة بالفينيق عارضًا تلك المدن بفنتازية سريعة، فلكان النص أكثر شمولية وخاصة أن العنوان يقول: "رحلتي إلى فلسطين"، وفلسطين تحب من يحبها".
ثم تحدث الاستاذ "سامي مروح" فقال: "سماء الفينيق" طائر يرمز إلى تجدد الحياة، فهو يتماثل مع الحالة الفلسطينية التي تظهر في كل فترة بصورة رفض لاحتلال، فالكاتب يمكننا أن نضعه تحت بند أدب الرحلات، فقد أبدع الكاتب عندما ربط بين شرق النهر وغربه، وهذه الفكرة كافية ليكون الكتاب مهمًا، وإذا أخذنا اللغة السهلة والممتعة التي استخدمها الكاتب نضيف عنصر جمالي آخر، وقد وجدت تلاقي بين "سماء الفينيق" وبين "مجانين بيت لحم" لأسامة العيسة، فكلاهما يهتم بالمكان وبالإنسان، لكن لي ملاحظة على الكتاب، وهي أنه كان على الكاتب أن يهتم ويذكر مدينة "شكيم/ تل بلاطة" التي تعتبر من أقدم المدن في فلسطين.
وتحدث الفنان "سمير عودة" قائلاً: قدم الكاتب وجبة تاريخية جغرافية، تتمحور حول جغرافية فلسطين وتاريخها الممتد لأكثر من خمسة ألاف عام، فالكاتب بيّن عمق الروابط الاجتماعية بين ضفتي النهر، والجميل في هذا الكاتب، عندما تحدث عن تأسيس رام الله والأسود الخمسة، وعن العائلة التي جاءت من شرق النهر، نتأكد أننا مجتمع واحد، وما الاحتلال إلا معيق لهذه الواحدة. ويقدم المجتمع المتعدد والمتنوع، فهو يتحدث عن المسيحي والمسلم. والكاتب يحدثنا عن مشاعره عندما خطى أول خطوة على الأرض المحرمة، فبدا وكأنه يتحدث عن فتاة فائقة جميلة، لهذا جاءت لغة مترعة بالمشاعر الجياشة، فانعكاس المكان وأثره على الكاتب ظهر من خلال اللغة الجميلة، فجمال اللغة جاء كمرآة لجمال طبيعة فلسطين.
ثم تحدثت الروائية "خلود نزال" قائلة: اتخذ الكتاب شكل مقالات منفصلة لكنها في نفس الوقت مرتبطة بالموضوع، موضوع الحنين إلى فلسطين وفرحة الكاتب بلقائها، فالكاتب يتراوح بين أدب الرحلات والشعر، فجاءت اللغة سهلة وجميلة من خلال مونولوج داخلي انتقل به ما بين رام الله إلى بيت لحم ونابلس والخليل، وأريحا، والقدس التي تعذر عليه دخولها، ونجد في هذا الكتاب الحكاية الشعبية والتاريخ وقصص تتراوح بين الماضي والحاضر بأسلوب شيّق تجعل المتلقي كأنه هو صاحب الرحلة وطائر الفينيق الذي فيها.
وتحدثت القاصّة "فاطمة عبد الله" قائلة: يعد الترحال جزءًا من حياة الأفراد تتنوع أغراضه بين استجمام وطلب علم أو تجارة أو حج، وما أجمل أن يكون الرحالة أديبًا يدوّن مشاهداته ويصف المجتمعات المختلفة متعرضًا لعادات أهلها وتقاليدهم ومعتقداتهم، بسرد أدبي ممتع. وجرت العادة أن يكون هذا الأدب من أهم مصادر التعرف على البلدان جغرافيًا وتاريخيًا واجتماعيًا، حيث يستقي الكاتب معلوماته من المشاهدة الحية والتصوير المباشر، فهو أدب واسع الشمول يحتوي على عدة أصناف أدبية، فهو نثر بهيج الإيقاع يضج بمختلف العواطف، وقص يتسع فيه المكان والرؤية الزمانية بطلّة الرحالة، وشعر حين تتملك العاطفة والخيال من الرحالة. كل هذا يتشكل بناؤه وصوغه حسب عوامل كثيرة تتبع شخصية الكاتب، وطبيعة الرحلة ووقتها وما شاهد فيها، فالرحلة نص مفتوح لا يمكن أن نجنسه بخانة أدبية محدودة تضيق عليه وهو المتحرر باتساعه "سماء الفينيق" رحلة إلى فلسطين للكاتب الأردني مفلح العدوان، حيث يبدأ الكاتب رحلته ممتطيًا الخيال بجناحي طائر أسطوري حاملاً رسائل المحبة والشوق من بلده عمان إلى أرض فلسطين وقد تقمصته روح طائر الفينيق، وقبل الجسر ص9 ينبش الذاكرة ويقلب أوراق التاريخ والجغرافيا في وصف حي متميز وتعابير سهلة ناضجة غنية المعنى بعيدة عن العبث اللفظي ."قهوة حنا" في ما كان جالس متخيلاً كيف كانت هذه القهوة والاستراحة سابقًا ونبش ذاكرة المكان وسرد قصة صاحب المقهى. "جفرا وهي يا الربع" سردي إبداعي عميق المضمون في قالب إنساني يكشف معاناة الجسر عن قرب لتلمع في ذهن الكاتب قصيدة الشاعر "محمود درويش" وأنت تعدّ فطورك فكر بغيرك لا تنس قوت الحَمَام.. حتى أخر القصيدة ليقف قبالة جندي إسرائيلي يسأله تصريحًا للدخول" .حديث القلوب" في نقطة العبور الأولى يجلس منتظرًا ثلاثة من الأصدقاء هم سامح خضر وزياد خداش ويوسف الشايب، دون أن يعرف أن عليه أن يستقل الحافلة إلى استراحة أريحا ينتظر عبثًا لأكثر من ساعة يسلي نفسه بشعر صوفي يبرز أدبية الشاعر. "لا مسافة تذكر" بين هنا وهناك يلامس عاطفة القارئ حيث يظهر ما في قلبه حين يتحدث عن عادة لقبيلته العدوان حين كانوا يمشون من الشونة إلى مقام النبي موسى، حيث لم تكن هناك الحدود، يدفنون موتاهم هناك، لم تكن تبعدهم الجغرافية الوهمية، يصف مقام النبي موسى ذاكرًا تاريخه ومن بناه... وقبل الخروج من أريحا يعود في ذاكرته إلى أصل التسمية ومكانتها الحضارية والتاريخية. "وين على رام الله" أغنية يعيشها الكاتب مفلح العدوان ساردًا قصة الأغنية ومن لحنها ومن غناها، معنى رام الله وفي طريقه إليها يصف ما يشاهده ليصل إلى (مقهى رام الله) حيث ملتقى الأدباء والمثقفين والساسة، يلتقي بأصدقاء له، بعضهم يعرفه وبعضهم لا يعرف شخوصهم فيلتقيهم للمرة الأولى... نتعرف معه على (أبو إلياس) صاحب المقهى (دوار المنارة) من خلال عين وفكر وذاكرة الكاتب في نص قصصي شيق يحكي قصة (صبرة وراشد) موثقًا العلاقة الوطيدة بين الأردن وفلسطين، ويمضي نحو "الحياة حتى أخر قطرة" ص37 في حديقة البرودة حيث ضريح الراحل الشاعر محمود درويش يعيد قراءة قصيدته "الحياة حتى آخر قطرة" من ديوانه (أثر الفراشة) وكأن تلك القصيدة كتبها ليوم موته. في مكان ضيق متحف درويش يستعد بالرؤية البصرية لما هو أوسع من المكان وأبعد من زمان يقف فيه مع صديقه سامح خضر مدير المتحف يعرفه على محتوياته يزور مركز السكاكيني ويحضر السكاكيني في قصيدة وبعض رذاذ من حياته، ويسير مارًا بالمقاطعة يسرد كيف احتجز فيها الشهيد ياسر عرفات من قبل قوات الاحتلال ثم يتوجه حيث يدفن الرمز الأسطورة (الشهيد ياسر عرفات) يقرأ الفاتحة ويرحل في سطور. لا زال في (رام الله التحتا) في (المغارة) ليسهر على أنغام شادي زقطان وحميمية المكان العابقة في التاريخ. (نابلس.. دمشق الثانية) ص46 خطابًا أدبيًا آخر يعيشه بروحه وجوانحه يتفاعل فيه المكان والزمان الماضي والحاضر.. متحدثًا بشمولية واقتضاب عن تلك المدينة حيث تتقاطع التراجم والتاريخ والجغرافية والسجل الاجتماعي والخبر والرسالة والشعر...في نابلس. (القدس.. زيارة لم تتحقق) ص56 في رحلة فلسفية من قلنديا على جناح الفينيق وعلى كلمات أغنية زهرة المدائن يحلق بعدما منعه الاحتلال من الدخول إلى القدس. يصوغ نصه في منظومة تاريخية أدبية سردية لا تخلو من العاطفة والتحسر والفقد لمهد الديانات وقداسة الأرض. يعود الواقعة حيث يقف ليركب الحافلة إلى الخليل (بيت تعمر) يودعه طائر الفينيق ويقاسم ركاب الحافلة معاناة الطريق ليلتقي بصديقه (أكرم الحمري) يزور عائلته ويحدث عن سبب تسمية تلك القرية (بيت تعمر) بهذا الاسم. يصف اللهجة المحلية ويتحدث عن ثقافة السكان ويعرض بعضًا من أخلاقهم في نص قصصي قوامه (الأنا) والآخر كل ما يحيط به. (جولة في جبل الفريديس) تصور المكان ومعالمه تاريخه ومكانته يظهرها فيما يدل على ثقافته وسعة اطلاعه بالمكان والتاريخ.
ثم تحدث رائد الحواري قائلا: عندما نقرأ كتاب ونجد فيه أنفسنا، فنكون نحن من يتحدث/يصف/يصور ما جاء فيه، بالتأكيد سيكون أثره مذهل علينا، لا أقول أن "سماء الفينيق" من أدب الرحلات فحسب، بل من أدب الوجدان والعاطفية، فهو يتحدث عن أريحا، ورام الله، ونابلس، والقدس، والخليل، وبيت لحم، ويعطي لمحة عن تاريخ ومكانة كل مدينة، ويربطها بكاتب أو أكثر، "حليل السكاكيني، محمود درويش، باسم خندقجي، سامح خضر، زياد خداش، يوسف الشايب، عز الدين المناصرة، ابراهيم طوقان وغيرهم، كل هذ يأتي من خلال مشاعر متّقدة تجاه فلسطين وأهل فلسطين:
"ها أنا أصاحب طائر الفينيق، أرافقه ليدلني على فلسطين التي أحب، وأريد، فألوح من بعيد، للأشقاء هناك وهم يحرسون التاريخ والأمكنة والذاكرة، وأقبل أشجار الزيتون، وعتبات البيوت، ووجوه الجدات، ونقوش التفاصيل، مرددًا:
جفرا وهي يا الرابح .. بين البساتين
مجروح جرح الهوى.. يا مين يداويني" ص17.
فالكاتب يجمع بين الجغرافيا والإنسان، فهم معًا يقيمون/يشكلون شيء جديد، مكون من الأرض والإنسان، فهو يتعاطى بحيوية وتفاعل بين رؤيته وعاطفته تجاه الأرض وأهلها.
من يدخل فلسطين أول مرة يصاب برعشة، فهي القريبة والبعيدة في آن، يُعبر الكاتب عن هذا الأمر:
"... وفتحت باب الجسر من الجهة الأخرى.. ها أنا في ال "هناك".
استنشق أول فلسطين، أو إطلالة على مرآة روحي، هذا يعني أنني وطأت الأرض التي أحب... كانت الإطلالة الأولى، تحمل أعمق رعشة هزتني، وقرب البوابة، جلست على أول مقعد صادفته، وكأنني بلغت نشوة مقام الوصول، كأني وصلت، فجلست" ص20. هذه هي فلسطين، فلسطين التي نسمع بها وعنها، لكننا لا نستطيع دخولها.
الكاتب يفيض بالمشاعر والأحاسيس الإنسانية قبل أن تكون مشاعر وطنية أو قومية، وقد استطاع أن يجمع بين مشاعره وبين ما كان قبل الاحتلال، بين ما يجب أن يكون بعد زاول الاحتلال، فيحدثنا عن العلاقة بين شرق النهر وغربه:
"...كأنها مدينة واحدة.. كان التحرك شرقًا غربًا، لا بشكل طولي، غير منطقي، كما هو الحال الآن" ص14. الجميل في هذا المقطع أن الكاتب ربط بشكل موضوعي بين الجغرافيا، فالعلاقة بين مدن ضفتي النهر يجب أن تكون بشكل أفقي وليس طولي.
والكاتب لا يقدم فكرة جميلة فحسب، بل نجده يتألق في طريقة تقديمها:
"...وأمام البرج كان حديث شيق مع كهل يشوي اللحم في محل صغير مقابل مسجد النصر، وكأنه حارس ذاكرة المكان..
قال الكهل: الساعة أقدم من المسجد، فهي من عهد السلطان عبد الحميد، أما المسجد فقد أعاد بناءه الحسيني، وهو في الأصل من أيام صلاح الدين الأيوبي، كان قد بُني على أثر كنسية بيزنطية" ص53. من يعرف نابلس، يعرف أن الكاتب يتحدث عن "أبو عماد أبو حلاة" فهو حارس ذاكرة المكان، ليس في نابلس وباب الساحة فحسب، بل في يافا، وفي القدس، فهو من أقدم المناضلين الشيوعيين الفلسطينيين الذين واجهوا الاستعمار الانجليزي والحركة الصهيونية، وذاكرته خصبة وحية بالعلاقة التاريخية بين ضفتي النهر، فقد شارك في الحملة الانتخابية ليعقوب زيادين في القدس والتي فاز فيها بمقعد نيابي، وكنا نتمنى على "يوسف الشايب" أن يعرف أكثر على "أبو عماد أبو حلاة" ليثري "مفلح العدوان" معرفيًا وتاريخيًا وعاطفيًا، هذه علاقة الفلسطيني بالمكان، وهذه علاقة الفلسطيني بكل من كان هنا، وأقام بيننا وعلى أرضنا/أرضه.
وفي نهاية الجلسة تقرر أن تكون الجلسة القادمة مناقشة كتاب "ذاكرة المغلوبين، الهزيمة والصهيونية" للناقد والمفكر الفلسطيني فيصل دراج، في لقاءها الأول بعد عيد الفطر، والذي سوف يُحدد تاريخه لاحقًا، والكتاب من إصدارات وزارة الثقافة أيضًا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف