لا مفاجأة في عنصرية إسرائيل بقلم : حماد صبح
من الغرائب في نظرتنا لإسرائيل أن بعضنا يبدو متفاجئا أحيانا مما يسمع من مظاهر عنصريتها ، والصحيح أنه لا مفاجأة في هذا ، فالصهيونية التي أنشأت إسرائيل حركة عنصرية استيطانية ، وهكذا صنفتها الأمم المتحدة ، ثم تراجعت عن هذا التصنيف بعد سنوات . ومسوغ وصف الصهيونية بالعنصرية أنها أنشأت بالقوة والتآمر دولة في أرض ليست لها . وهذه قمة العنصرية ، وأبشع تجلياتها عندما تسرق ما ليس لك ، وتزعم أنك أحق به من صاحبه الأصلي . أنت هنا تستعلي عليه فعليا ، وتسلبه حقه في الملكية والحياة السوية والأمن . والحركة الصهيونية في فعلها في فلسطين اعتمدت ذات المفاهيم والأساليب التي اعتمدها الاستعمار الأوروبي في بلاد الهنود الحمر وفي أفريقيا وآسيا . وأشد هذه المفاهيم عنصرية الزعم أن أهل البلاد التي اجتاحها المستوطنون الأوروبيون همج متخلفون لا يحسنون زراعة أو صناعة أو فنا ، وأنهم أقرب إلى الحيوانات ، وأن المستوطنين الأوروبيين أحق باستغلال ثروات أراضي هؤلاء الهمج المتخلفين ، وأنهم ، لحسن نيتهم وإنسانيتهم ، سيمنحونهم بعض ثمار هذا الاستغلال . والمعروف تاريخيا أن الهنود الحمر والأفريقيين والآسيويين سبقوا هؤلاء المستوطنين الاستعماريين في التحضر بآلاف السنين . الحركة الصهيونية وظفت نفس المفهوم الذي وظفه الاستعمار الأوروبي ، أي التفوق الحضاري في جانبها ، والتخلف الحضاري في جانب العرب . ومثلما وسع الاستعمار الأوروبي هذا المفهوم ، فتحدث مفكروه وساسته عن شعوب مؤهلة فطرة للتقدم والتحضر ولحكم غيرها من الشعوب ، وشعوب عاجزة فطرة عن التقدم والتحضر ، ومؤهلة لأن يحكمها غيرها ؛ وسعت الحركة الصهيونية المفهوم ذاته ، فتحدثت عن صيرورة دولتها المستقبلية واحة إشعاع حضاري في الصحراء العربية والشرق المتخلف .
وقالت في أدبياتها إنها ستستعين "بالقليلين المتخلفين المتوحشين " في فلسطين في القضاء على ما في فلسطين من ذئاب وثعابين ! وفي حرب 1948 انطلق بعض يهود أميركا يهتفون في مكبرات الصوت : " ادفع دولارا تقتل عربيا !" . وبعد احتلال الضفة وغزة في 1967 كان الجنود الإسرائيليون ينادون الفلسطيني : " تعال هون يا حمار ! " وله دلالته أن هذا النداء العنصري الفاجر اختفى تماما بعد حرب 1973 التي قذف فيها الجيش المصري والجيش السوري إسرائيل في أسبوعها الأول إلى حافة الهزيمة . ولا حصر لعنصرية إسرائيل المتجذرة في تكوينها التاريخي وفي هويتها الدينية ذات الجوهر الانعزالي ، وتفوقت هذه العنصرية في تطبيقاتها على عنصرية الاستعمار الأوروبي الذي وظفت بعض مفاهيمه ، ولا يقلل من بشاعتها وفظاظتها أن بعض اليهود يستنكرونها ، فهم قلة صغيرة لا تأثير لها على التيار العنصري الشامل المسيطر على قناعات إسرائيل وتوجهاتها ومسلكياتها . وفي ضوء هذه الخلفية التاريخية العنصرية للحركة الصهيونية ، وتباعا إسرائيل ، لا مفاجأة في ما نشر هذه الأيام من حديث عنصري كريه للحاخام أليعيزر كاشتئيل مدير كلية بني ديفيد في مستوطنة عيلي في الضفة الغربية عن حب العرب للعبودية ، وعبودية اليهود تحديدا . وفي نفس الكلية عبر حاخام آخر هو غيورا ردلر عن إعجابه بفكر هتلر العنصري الذي أعلى الجنس الآري على سواه من الأجناس ، وإذن فنظرية أفضلية جنس على غيره من الأجناس صحيحة علميا أخذ بها غير اليهود ، وفي رأي ردلر ، مثلما فهمنا من جملة كلامه ، أن خطأ هتلر كان فقط في عدم تفضيله لليهود على سواهم أسوة بالجنس الآري ، كأن في العالم الآن سلالة يهودية نقية عرقيا ، لا متهودين من أجناس أخرى رغم اختلاف اليهود عن المسلمين والمسيحيين في أنهم لا يهتمون بنشر اليهودية بين الأجناس الأخرى اعتقادا بأن الله _ سبحانه _ خصهم بها وحدهم لتميزهم على بقية البشر .
ومن يتخذ اليهودية دينا من هذه الأجناس يتخذها ذاتيا دون دعوة من متهودين آخرين . وبما أن عنصرية إسرائيل أصيلة بحكم نشأة الحركة الصهيونية والانغلاق الديني اليهودي فالمنطقي ألا نتفاجأ بأي مظهر من مظاهر هذه العنصرية الشاذة البغيضة ، والمنطقي الفعال أيضا أن نحرك طاقاتنا ، وهي كثيرة متنوعة ، إلى دحضها وصدها ، وتعرية جذورها الفاسدة الباطلة ، والتصرف بعزة وثقة كبيرة في ذاتنا القومية ، فنحن أمة عظيمة بمكونها العربي والإسلامي ، وفي قلبها وفي يدها نور كتاب الله _ سبحانه _ الذي نزل بالنور والرحمة وقيم العدل والمساواة للناس كافة ، ووحد معيار قيمة الإنسان ، أي إنسان ، بالمنافسة في التقوى ، وما أفسح وأعمق مفهوم التقوى المقصود في النص القرآني : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ( الحجرات : 13 ) . ومشكلتنا المعقدة في نوعية الأنظمة التي تتحكم في العالم العربي ، وهي إما قبلية لم تأخذ من الدولة إلا شكلها الخارجي ، وإما عسكرية جامدة ، والنوعان لا ينتجان مجتمعات قوية مفجرة لطاقات مواطنيها ، والنوعان بصورة أو بأخرى من صناعة الغرب الحاضن لإسرائيل التي هي ليست أكثر من موقع أو إمارة صليبية معاصرة لهذا الغرب الذي تهيمن عليه أميركا ، ولو أوقف احتضانه لها ولعنصريتها وعدوانيتها لكان مصيرها أسوأ من مصير النظام الأبيض العنصري السابق في جنوب أفريفيا ، والآخر الذي كان في روديسيا . ليس خطيرا ما يقوله الأعداء عنا أو يفعلونه بنا ، الأخطر الحاسم هو نفعله نحن بأنفسنا .
من الغرائب في نظرتنا لإسرائيل أن بعضنا يبدو متفاجئا أحيانا مما يسمع من مظاهر عنصريتها ، والصحيح أنه لا مفاجأة في هذا ، فالصهيونية التي أنشأت إسرائيل حركة عنصرية استيطانية ، وهكذا صنفتها الأمم المتحدة ، ثم تراجعت عن هذا التصنيف بعد سنوات . ومسوغ وصف الصهيونية بالعنصرية أنها أنشأت بالقوة والتآمر دولة في أرض ليست لها . وهذه قمة العنصرية ، وأبشع تجلياتها عندما تسرق ما ليس لك ، وتزعم أنك أحق به من صاحبه الأصلي . أنت هنا تستعلي عليه فعليا ، وتسلبه حقه في الملكية والحياة السوية والأمن . والحركة الصهيونية في فعلها في فلسطين اعتمدت ذات المفاهيم والأساليب التي اعتمدها الاستعمار الأوروبي في بلاد الهنود الحمر وفي أفريقيا وآسيا . وأشد هذه المفاهيم عنصرية الزعم أن أهل البلاد التي اجتاحها المستوطنون الأوروبيون همج متخلفون لا يحسنون زراعة أو صناعة أو فنا ، وأنهم أقرب إلى الحيوانات ، وأن المستوطنين الأوروبيين أحق باستغلال ثروات أراضي هؤلاء الهمج المتخلفين ، وأنهم ، لحسن نيتهم وإنسانيتهم ، سيمنحونهم بعض ثمار هذا الاستغلال . والمعروف تاريخيا أن الهنود الحمر والأفريقيين والآسيويين سبقوا هؤلاء المستوطنين الاستعماريين في التحضر بآلاف السنين . الحركة الصهيونية وظفت نفس المفهوم الذي وظفه الاستعمار الأوروبي ، أي التفوق الحضاري في جانبها ، والتخلف الحضاري في جانب العرب . ومثلما وسع الاستعمار الأوروبي هذا المفهوم ، فتحدث مفكروه وساسته عن شعوب مؤهلة فطرة للتقدم والتحضر ولحكم غيرها من الشعوب ، وشعوب عاجزة فطرة عن التقدم والتحضر ، ومؤهلة لأن يحكمها غيرها ؛ وسعت الحركة الصهيونية المفهوم ذاته ، فتحدثت عن صيرورة دولتها المستقبلية واحة إشعاع حضاري في الصحراء العربية والشرق المتخلف .
وقالت في أدبياتها إنها ستستعين "بالقليلين المتخلفين المتوحشين " في فلسطين في القضاء على ما في فلسطين من ذئاب وثعابين ! وفي حرب 1948 انطلق بعض يهود أميركا يهتفون في مكبرات الصوت : " ادفع دولارا تقتل عربيا !" . وبعد احتلال الضفة وغزة في 1967 كان الجنود الإسرائيليون ينادون الفلسطيني : " تعال هون يا حمار ! " وله دلالته أن هذا النداء العنصري الفاجر اختفى تماما بعد حرب 1973 التي قذف فيها الجيش المصري والجيش السوري إسرائيل في أسبوعها الأول إلى حافة الهزيمة . ولا حصر لعنصرية إسرائيل المتجذرة في تكوينها التاريخي وفي هويتها الدينية ذات الجوهر الانعزالي ، وتفوقت هذه العنصرية في تطبيقاتها على عنصرية الاستعمار الأوروبي الذي وظفت بعض مفاهيمه ، ولا يقلل من بشاعتها وفظاظتها أن بعض اليهود يستنكرونها ، فهم قلة صغيرة لا تأثير لها على التيار العنصري الشامل المسيطر على قناعات إسرائيل وتوجهاتها ومسلكياتها . وفي ضوء هذه الخلفية التاريخية العنصرية للحركة الصهيونية ، وتباعا إسرائيل ، لا مفاجأة في ما نشر هذه الأيام من حديث عنصري كريه للحاخام أليعيزر كاشتئيل مدير كلية بني ديفيد في مستوطنة عيلي في الضفة الغربية عن حب العرب للعبودية ، وعبودية اليهود تحديدا . وفي نفس الكلية عبر حاخام آخر هو غيورا ردلر عن إعجابه بفكر هتلر العنصري الذي أعلى الجنس الآري على سواه من الأجناس ، وإذن فنظرية أفضلية جنس على غيره من الأجناس صحيحة علميا أخذ بها غير اليهود ، وفي رأي ردلر ، مثلما فهمنا من جملة كلامه ، أن خطأ هتلر كان فقط في عدم تفضيله لليهود على سواهم أسوة بالجنس الآري ، كأن في العالم الآن سلالة يهودية نقية عرقيا ، لا متهودين من أجناس أخرى رغم اختلاف اليهود عن المسلمين والمسيحيين في أنهم لا يهتمون بنشر اليهودية بين الأجناس الأخرى اعتقادا بأن الله _ سبحانه _ خصهم بها وحدهم لتميزهم على بقية البشر .
ومن يتخذ اليهودية دينا من هذه الأجناس يتخذها ذاتيا دون دعوة من متهودين آخرين . وبما أن عنصرية إسرائيل أصيلة بحكم نشأة الحركة الصهيونية والانغلاق الديني اليهودي فالمنطقي ألا نتفاجأ بأي مظهر من مظاهر هذه العنصرية الشاذة البغيضة ، والمنطقي الفعال أيضا أن نحرك طاقاتنا ، وهي كثيرة متنوعة ، إلى دحضها وصدها ، وتعرية جذورها الفاسدة الباطلة ، والتصرف بعزة وثقة كبيرة في ذاتنا القومية ، فنحن أمة عظيمة بمكونها العربي والإسلامي ، وفي قلبها وفي يدها نور كتاب الله _ سبحانه _ الذي نزل بالنور والرحمة وقيم العدل والمساواة للناس كافة ، ووحد معيار قيمة الإنسان ، أي إنسان ، بالمنافسة في التقوى ، وما أفسح وأعمق مفهوم التقوى المقصود في النص القرآني : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ( الحجرات : 13 ) . ومشكلتنا المعقدة في نوعية الأنظمة التي تتحكم في العالم العربي ، وهي إما قبلية لم تأخذ من الدولة إلا شكلها الخارجي ، وإما عسكرية جامدة ، والنوعان لا ينتجان مجتمعات قوية مفجرة لطاقات مواطنيها ، والنوعان بصورة أو بأخرى من صناعة الغرب الحاضن لإسرائيل التي هي ليست أكثر من موقع أو إمارة صليبية معاصرة لهذا الغرب الذي تهيمن عليه أميركا ، ولو أوقف احتضانه لها ولعنصريتها وعدوانيتها لكان مصيرها أسوأ من مصير النظام الأبيض العنصري السابق في جنوب أفريفيا ، والآخر الذي كان في روديسيا . ليس خطيرا ما يقوله الأعداء عنا أو يفعلونه بنا ، الأخطر الحاسم هو نفعله نحن بأنفسنا .