الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

على ضفاف نهر الحب (٢)بقلم: طارق ناجـح

تاريخ النشر : 2019-05-02
على ضفاف نهر الحب (٢)

----------------

مَرَّت أيام وراء أيام ، والحال كما هو الحال ، إلى أن جاء يوم تَغَيَرَّت فيه الأحوال . لقد قام صاحب  المصنع ( أطلاله ) بتأجير الأرض كمخزن وورشة لإحدى الشركات الأجنبية العاملة في مصر . فأصبح المكان يموج بالحركة والنشاط بعد أن كان غارقاً في الصمت والثَبَاتْ . و غَيَّر مهران نشاطه ليلائم الوضع الجديد . فقام بعمل " عِشَّة " مستغلاً بعض الأخشاب والأبواب القديمة الملقاة في أحد الأركان ، في عمل جدرانها و دِّكَّة ومِقْعدَين وبينهما ما يشبه المنضدة ، ليُقَدِّم للوافدين " العاملين " الجُدُد الشاي وخلافه ، وبعض الأطعمة الجافة من جِبَنْ وسمك السَلامون أو التونة المُعَلَّبَه . وكانت زوجته وأبنته تساعدانه إذا ما طلب هو منهُنَّ ذلك . وكانت سميرة قليلة الظهور خاصةً بعد أن عرفت أن الوافدين الجدد القادمين من أماكن بعيدة ومتفرَّقة من داخل القاهرة .. من المطرية ،الحِلمِيَّة ، شبرا الخيمة ، بولاق الدكرور ، والسيدة زينب ، بل وبعضهم من خارج القاهرة ، من الصعيد ، الشرقية ، ودمياط . . ما هُمْ إلا خليط من البشر جمع بينهم اللَّهاث من أجل بضع جنيهات ، وإن زادت نوعاً ما مع الشركة الأجنبية ، ليَّسِدّوا بها حاجة ذَِويهُمْ .. اب أو أم .. أخ أو أخت .. زوجة أو أبناء . فهؤلاء لا يَعنيها أمَْرهُم في شئ .. ففي النهاية هم أيضاً مساكين لا يملكون لها نفعاً ، ولا ضَرَّاً .

كان الوقت مساء يومٍ من أيام الشتاء ، و البرد قارص ، والهواء الشديد البرودة القادم من النيل يتسلل إلى جلدك  و مَسامَك  وينفُذ إلى عظامك مهما أرتديت من رداء أو حتى غطاء ، خاصة وأنت في الخلاء . إلتف الأربعة العاملين بالوردية الليلية بشركة الأمن المُكَلَّفَة بحراسة المكان ، حول المنضدة التي قام بتجميعها مهران من قطع خشبية مختلفة الأطوال والثَخَانة . كانوا شَابِّين و رجل في منتصف العمر ، والأخير ،  عم إبراهبم ، وهو قد تجاوز الستين عاماً بقليل ولَكِنْ بسبب معاشه الضئيل الذي لا يكفي إحتياجات أسرته ، إضطرَّ أن يعمل كفرد أمن مع إبنه ياسر ، والذي يعمل ميكانيكياً بأحد الورش  خلال النهار ، وكفرد أمن طوال الليل لِيتمَكَّن من سداد دِيوُن زواجه التي طال سدادها ، خاصة وأنه سيرزق بطفل خلال شهور قليلة . أما الرجل الذي في منتصف العمر ، فهو سعيد النقَّاش ، وهو لا يَمُتْ بصلة لأديبنا الكبير والناقد القدير رجاء النَقَّاش ، وإنما ما هو إلَّا "نقَّاش" على باب الله ، يعمل أسبوع وباقي الشهر ؟؟ .. هو وحَظَّه !!!!  وهو لا يستطيع أن يُقامر برزق أولاده ، ففضَّل أن يعمل كفرد أمن إلى جانب عمله بالدهانات . أما رابعهم فهو يوسرراى  ف الطالب بنهائي كلية التجارة ، جامعة حلوان ، والذي إنضم لهم للتو .

مهران :- مِشْ هتعرَّفنا على الراجل الجديد ، يا عم إبراهيم ؟

عم إبراهيم :-  إنت على طول كده مستعجل .. مِشْ تستنَّى لمَّا نتعشَّى ، ونِحْبِس بكوبَّاية شاي في البَرد ده !

مهران :- ماشي يا عم إبراهيم ! 

ثُمَّ منادياً :- هاتي عشر إرغفة يا ياسمين !

ظهرت ياسمين من وراء الباب ، فَطَغِيَ نور جمالها على ضوء اللمبة الهالوجين المٌعَلَّقَة بأحد الجذوع الخشبية بسقف العِشَّة . فألقت التحية على عم إبراهيم ، وهي تنظر إلى يوسف الذي قد وضع يديه ما بين رجليه من شدة البرد ، وهو ينظر إليها ، وقد سرت في جسده قشعريرة ليس سببها لسعة البرد بقدر ما سبَبَّها رؤية ياسمين .

فأجابها عم إبراهيم كالعادة :- مساء الفُل يا عروستنا !

إنسحبت ياسمين في هدوء ، وقد ألقت نظرة أخيرة على يوسف قبل أن تختفي .

وبدأ العشاء وسط همهمات عما صادفه كل واحد منهم خلال يومه ، ما عدا يوسف الذي حاول أن يبدو منتبهاً للحديث ، بينما عقله وقلبه قد ذهبا وراء ياسمين .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف