عمار خليل
"اعتراف ما بعد الموت"
عندما تتحدث القصيدة عن ذات الشاعر يكون أثرها أقوى على المتلقي من تلك التي تتحدث عن آخرين، لكن هذا الشكل من الخطاب بحاجة إلى أدوات خاصة لينجذب القارئ للقصيدة، ومن ثمة يتوقف عندها، فما هي الأداة التي استخدمها "عمار خليل"؟:
"كلُ الدلائلِ ضِدي .. هكذا زعموا
كيف النجاةُ ؟ وحولي الملحُ والألمُ"
يستخدم الشاعر صوت المحكمة وليس صوته هو، ليخبرنا بأنه مدان، ويطرح الشاعر سؤال عن كيفية الخلاص من هذا الحكم، علما بأنه محاصر ويعيش حالة من الألم.
مثل هذه الفاتحة بالتأكيد تجذب القارئ للقصيدة، وتجعله يتقدم منها لمعرفة المزيد عن حال الشاعر والادانة التي تلاحقه:
"قد أوثقوني بجذع النخل واحتكموا
قالوا اقتلوه ، ليشهد موته العدمُ"
يستوقفنا صوت المحكمة/الادة التنفيذية عندما قالوا : "اقتلوه" وكأن الشاعر يريدنا أن نعرف حقيقة المحكمة وأدواتها التنفيذية، ومن ثم نتخذ موقفنا اتجاهها، وبالتأكيد سيكون هذا الموقف سلبي ومعارض لها ولأدواتها.
يدخلنا الشاعر إلى عالم المحاكم تنفيذ الأحكام بحق المدانين، وهنا يطالب بحقه الأخير في الحياة:
"فقلتُ هل لي بهذا اليوم من طلبٍ
قبل الرحيل وهذا العمر يختتمُ"
مطلب شرعي وقانوني لكن من ينفذ به حكم الاعدام، والجميل في طلب الشاعر أن خاتمة جاءت بحرف الميم المضموم، والذي يشير إلى حالة ختم الطلب بعد أن أخرج الفم آخر حرف.
وهنا يأتي الرد من المنفذين:
"قالوا عساك تريد العفو من ندمٍ
كلا خسئت فما يفيدكَ الندمُ"
تبادر إلى المنفذين أن الشاعر نادم على فعلته، فقد اقترف جريمة، وها هو يعبر عن ندمه من خلال ختم كلمته بحرف يغلق الفم، لهذا هم أيضا استخدموا كلمات تنتهي بضم الشفتين، كتأكيد على أن الحكم سينفذ لا محال، مهما كان حجم الندم وتوبة الشاعر.
"يا بأسَ مَن نطقوا ، إني لأعرفكم
فلستُ ممن بهذا الوهم أعتصم"
يفاجأ الشاعر المنفذين بهذا الصوت العالي، مبين لهم أنه غير نادم وما يطلبه شيء آخر، متعلق بموته وليس بحياته:
"أريدُ قبراً بقرب البحر أسكنه
عمري هناك برغم الموت يبتسم
سهم بقلبي أراه الآن أيقظني"
الجميل في رد/طلب الشاعر أنه جاء يشير إلى الحرية، إلى الطبيعة، إلى الجمال، والأجمل أنه يتناول الحياة التي افتقدها وفقدها في المحاكمة، بأنها أمامه ستمون في العالم الآخر، لهذا نجده "يبتسم" وهو أول فعل جميل يذكر في القصيدة بعد فعل "العفو" الذي توهمه المنفذون، واعتقد أن فعل "أيقظني" جاءت ليؤكد على الحياة الأخرى التي سيجدها/يرغبها الشاعر بعد الانتهاء من قذارة المحكمة ومنفذيها.
اعتقد كان يمكن للقصيدة أن تنتهي هنا، لأنها فتح الأبواب مشرعة أمام المنفذين وأمام المتلقي على مصرعيها، فرد الشاعر كان صاعقا ومدويا، وكان من المفترض أن بتوقف عند هذه الصعقة التي أحدثها، لكن الشاعر يستمر في القصيدة من خلال قوله:
دمي سيهزمكم والطفل والحلمُ"
عجز البيت الأخير جاء بشكل يوحي إلى انفعال الشاعر، وكأنه بهذه (الصرخة) اراد أن تكون آخر صفعة يوجهها للمحكمة والمنفذين، ولا أدري أن كانت هذه (الصرخة) خدمت (جمالية) القصيدة أم أضرت بها؟، اعتقد كان عليه أن ينهي القصيدة وهي في حالة الذروة، ذروة الراد على المنفذين، وذروة الفرح التي جاءت "يبتسم، أيقظني".
"اعتراف ما بعد الموت"
عندما تتحدث القصيدة عن ذات الشاعر يكون أثرها أقوى على المتلقي من تلك التي تتحدث عن آخرين، لكن هذا الشكل من الخطاب بحاجة إلى أدوات خاصة لينجذب القارئ للقصيدة، ومن ثمة يتوقف عندها، فما هي الأداة التي استخدمها "عمار خليل"؟:
"كلُ الدلائلِ ضِدي .. هكذا زعموا
كيف النجاةُ ؟ وحولي الملحُ والألمُ"
يستخدم الشاعر صوت المحكمة وليس صوته هو، ليخبرنا بأنه مدان، ويطرح الشاعر سؤال عن كيفية الخلاص من هذا الحكم، علما بأنه محاصر ويعيش حالة من الألم.
مثل هذه الفاتحة بالتأكيد تجذب القارئ للقصيدة، وتجعله يتقدم منها لمعرفة المزيد عن حال الشاعر والادانة التي تلاحقه:
"قد أوثقوني بجذع النخل واحتكموا
قالوا اقتلوه ، ليشهد موته العدمُ"
يستوقفنا صوت المحكمة/الادة التنفيذية عندما قالوا : "اقتلوه" وكأن الشاعر يريدنا أن نعرف حقيقة المحكمة وأدواتها التنفيذية، ومن ثم نتخذ موقفنا اتجاهها، وبالتأكيد سيكون هذا الموقف سلبي ومعارض لها ولأدواتها.
يدخلنا الشاعر إلى عالم المحاكم تنفيذ الأحكام بحق المدانين، وهنا يطالب بحقه الأخير في الحياة:
"فقلتُ هل لي بهذا اليوم من طلبٍ
قبل الرحيل وهذا العمر يختتمُ"
مطلب شرعي وقانوني لكن من ينفذ به حكم الاعدام، والجميل في طلب الشاعر أن خاتمة جاءت بحرف الميم المضموم، والذي يشير إلى حالة ختم الطلب بعد أن أخرج الفم آخر حرف.
وهنا يأتي الرد من المنفذين:
"قالوا عساك تريد العفو من ندمٍ
كلا خسئت فما يفيدكَ الندمُ"
تبادر إلى المنفذين أن الشاعر نادم على فعلته، فقد اقترف جريمة، وها هو يعبر عن ندمه من خلال ختم كلمته بحرف يغلق الفم، لهذا هم أيضا استخدموا كلمات تنتهي بضم الشفتين، كتأكيد على أن الحكم سينفذ لا محال، مهما كان حجم الندم وتوبة الشاعر.
"يا بأسَ مَن نطقوا ، إني لأعرفكم
فلستُ ممن بهذا الوهم أعتصم"
يفاجأ الشاعر المنفذين بهذا الصوت العالي، مبين لهم أنه غير نادم وما يطلبه شيء آخر، متعلق بموته وليس بحياته:
"أريدُ قبراً بقرب البحر أسكنه
عمري هناك برغم الموت يبتسم
سهم بقلبي أراه الآن أيقظني"
الجميل في رد/طلب الشاعر أنه جاء يشير إلى الحرية، إلى الطبيعة، إلى الجمال، والأجمل أنه يتناول الحياة التي افتقدها وفقدها في المحاكمة، بأنها أمامه ستمون في العالم الآخر، لهذا نجده "يبتسم" وهو أول فعل جميل يذكر في القصيدة بعد فعل "العفو" الذي توهمه المنفذون، واعتقد أن فعل "أيقظني" جاءت ليؤكد على الحياة الأخرى التي سيجدها/يرغبها الشاعر بعد الانتهاء من قذارة المحكمة ومنفذيها.
اعتقد كان يمكن للقصيدة أن تنتهي هنا، لأنها فتح الأبواب مشرعة أمام المنفذين وأمام المتلقي على مصرعيها، فرد الشاعر كان صاعقا ومدويا، وكان من المفترض أن بتوقف عند هذه الصعقة التي أحدثها، لكن الشاعر يستمر في القصيدة من خلال قوله:
دمي سيهزمكم والطفل والحلمُ"
عجز البيت الأخير جاء بشكل يوحي إلى انفعال الشاعر، وكأنه بهذه (الصرخة) اراد أن تكون آخر صفعة يوجهها للمحكمة والمنفذين، ولا أدري أن كانت هذه (الصرخة) خدمت (جمالية) القصيدة أم أضرت بها؟، اعتقد كان عليه أن ينهي القصيدة وهي في حالة الذروة، ذروة الراد على المنفذين، وذروة الفرح التي جاءت "يبتسم، أيقظني".