قصة قصيرة : على ضفاف نهر الحب (١)
------------------------------
فوق بقعة ما على ضفاف نهر النيل بمعصرة حلوان ، وبالقرب من " مَعَدِّيَة المعصرة - الحوامدية " ، كانت توجد أطلال وبقايا مبانٍ ، ومِدخَنَةٍ شاهقةٍ مُعلِنَةً أن هذا المكان كان في يومٍ من الأيام مَصنع للطوب الإسمنتي . ووسط هذه الأطلال نجد بيتً مازال قائماً . وفي واقع الأمر هو ليس ببيت بل مجرد حجرة بنيت بطريقة رديئة غُطِّي سطحها بألواح من الخشب والصفيح وضِع عليها طبقة من الأسمنت . في هذه الحجرة يعيش رجل و إمرأته وإبنتهما . يعيشون في هذه البقعة منذ زمن طويل . منذ أن كان المصنع يعمل ، وكان الرجل يقوم بحراسته .وبعد هدم المصنع و تَوَقُّف إنتاجه ، قام الرجل بِشراء عَرَبَة يد خشبيَّة ليبيع عليها صنوفاً من الحلوى والفول السوداني واللِّب .. مٌتَّخِذاً كورنيش النيل مكانه ، ومن العُشَّاق زبائنه . كان صاحبنا يُدعى مهران البحيري ، و يبلغ من العمر ٤٥ عاماً . و زوجته تُدعى سميرة ، وتَصغُره بعشر سنوات . أما إبنتهما و تُدعى ياسمين ، فَتبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً . كانت سميرة على قَدر عالٍ من السحر والدلال .. والملاحة والجمال . كانت إمرأةٌ لولبية ذات صدر ثائر .. وعيون وشَعر و أرداف يحتاجوا لوصفهم شاعر . إنها إحدى النساء التي تخطف الأبصار ، ولا يستطيع المرء من سحرها و جاذبيتها الفرار .. فعندما تراها فقد أصبحت لا تملك القرار .. فهي ستملك كل جوارحك مهما حاولت المقاومة بقوة وإصرار . وهي لكل هذا تشعر بالغرور والإفتخار . فهي تملك من أسلحة الأنوثة والإغراء ما يستطيع أن يغري التَقِّي البار . لقد كانت سميرة دائمة السخط والتذمُّر والإستكبار . فهي لا تُعجبها حياتها من فقر و مرار . فإن من لهُنْ مثل جمالها و دلالها غَيَّرنْ مسار التاريخ و الأقدار ، فلما لا تعيش عيشة الثراء والقصور والأبَّهة والإبهار .
أما ياسمين فهي صورة طبق الأصل من والدتها في الجمال والسحر ، ولكن تختلف عنها إختلافاً جذرياً في الأخلاق و القيم والفكر . كانت ياسمين تجيد القراءة والكتابة ، و إن كانت لم تستطيع إكمال تعليمها الإعدادي .. ليس لبلادتها و ضعف ذكائها ، و لكن لفقرها و قِلَّة حيلتها .. ولكِنِّها رغم ذلك كانت تقرأ جميع الصحف القديمة التي يُحضرها والدها لإستخدامها في لف بضائعه من حلويات و خلافه .. مما جعلها على قِدْرٍ لا بائس به من الثقافة جعلها تدرك ما يدور حولها من أحداث .
كان ثلاثتهم يمثلون ثلاثة إتجاهات .. الرجل يمُثِّل الجهل والتَخَلُّف .. المرأة تُمَثِّل الغرور والتعَجرُف .. والفتاة تَمَثِّل الإغتراب والتَفَلْسُف .
------------------------------
فوق بقعة ما على ضفاف نهر النيل بمعصرة حلوان ، وبالقرب من " مَعَدِّيَة المعصرة - الحوامدية " ، كانت توجد أطلال وبقايا مبانٍ ، ومِدخَنَةٍ شاهقةٍ مُعلِنَةً أن هذا المكان كان في يومٍ من الأيام مَصنع للطوب الإسمنتي . ووسط هذه الأطلال نجد بيتً مازال قائماً . وفي واقع الأمر هو ليس ببيت بل مجرد حجرة بنيت بطريقة رديئة غُطِّي سطحها بألواح من الخشب والصفيح وضِع عليها طبقة من الأسمنت . في هذه الحجرة يعيش رجل و إمرأته وإبنتهما . يعيشون في هذه البقعة منذ زمن طويل . منذ أن كان المصنع يعمل ، وكان الرجل يقوم بحراسته .وبعد هدم المصنع و تَوَقُّف إنتاجه ، قام الرجل بِشراء عَرَبَة يد خشبيَّة ليبيع عليها صنوفاً من الحلوى والفول السوداني واللِّب .. مٌتَّخِذاً كورنيش النيل مكانه ، ومن العُشَّاق زبائنه . كان صاحبنا يُدعى مهران البحيري ، و يبلغ من العمر ٤٥ عاماً . و زوجته تُدعى سميرة ، وتَصغُره بعشر سنوات . أما إبنتهما و تُدعى ياسمين ، فَتبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً . كانت سميرة على قَدر عالٍ من السحر والدلال .. والملاحة والجمال . كانت إمرأةٌ لولبية ذات صدر ثائر .. وعيون وشَعر و أرداف يحتاجوا لوصفهم شاعر . إنها إحدى النساء التي تخطف الأبصار ، ولا يستطيع المرء من سحرها و جاذبيتها الفرار .. فعندما تراها فقد أصبحت لا تملك القرار .. فهي ستملك كل جوارحك مهما حاولت المقاومة بقوة وإصرار . وهي لكل هذا تشعر بالغرور والإفتخار . فهي تملك من أسلحة الأنوثة والإغراء ما يستطيع أن يغري التَقِّي البار . لقد كانت سميرة دائمة السخط والتذمُّر والإستكبار . فهي لا تُعجبها حياتها من فقر و مرار . فإن من لهُنْ مثل جمالها و دلالها غَيَّرنْ مسار التاريخ و الأقدار ، فلما لا تعيش عيشة الثراء والقصور والأبَّهة والإبهار .
أما ياسمين فهي صورة طبق الأصل من والدتها في الجمال والسحر ، ولكن تختلف عنها إختلافاً جذرياً في الأخلاق و القيم والفكر . كانت ياسمين تجيد القراءة والكتابة ، و إن كانت لم تستطيع إكمال تعليمها الإعدادي .. ليس لبلادتها و ضعف ذكائها ، و لكن لفقرها و قِلَّة حيلتها .. ولكِنِّها رغم ذلك كانت تقرأ جميع الصحف القديمة التي يُحضرها والدها لإستخدامها في لف بضائعه من حلويات و خلافه .. مما جعلها على قِدْرٍ لا بائس به من الثقافة جعلها تدرك ما يدور حولها من أحداث .
كان ثلاثتهم يمثلون ثلاثة إتجاهات .. الرجل يمُثِّل الجهل والتَخَلُّف .. المرأة تُمَثِّل الغرور والتعَجرُف .. والفتاة تَمَثِّل الإغتراب والتَفَلْسُف .