الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

البندقية السوداء - ذاكرة لا تنسى بقلم: قدس ماهر سعيد

تاريخ النشر : 2019-04-19
بسم الله الرحمن الرحيم

البندقية السوداء _ ذاكرة لا تنسى

عندما حل المساء كان قد نام كل أهالي القرية في سلام وأمان ، منهكين ومتعبين من أعمالهم الصعبة التي يكسبون بها رزقهم ولقمة عيشهم ، صمتها كان يخيفني جداً ، لم أستطع النوم حينها فوقفت على الشرفة أترشف القهوة اللذيذة من تحت يد أمي الحنونة وأنا مستمتع بالنظر إلى أشجار الزيتونة و اللوز شامختا تهتزا مع نسيم الرياح .
لم أكن اعلم ما وراء هذا الصمت ، وبعد مرور لحظات قررت أن اخلد إلى النوم لكي استيقظ باكرا وأذهب الى البستان مع أبي ، فسمعت ضجيجاً يعم المكان ، وخبطات أقدامً مرعبة ، وصرخات مترامية تعم المكان،انتابني القلق والرعب وذهبت مسرعاً إلى أبي لكي نرى ما الخطب ، وماذا يجري ، وكان قد أجتمع كل أهالي القرية ليرو ماذا يحدث ، كانت التساؤلات على أفواه أهالي القرية ، حينها ظهر مجموعة من الرجال الذين كانوا كالوحوش المفترسة بأنيابها الحادة والمخيفة ، ليهجموا على أهالي القرية دون رحمة وشفقة ، صاح أهالي القرية يطلبون المساعدة ويهتفون بأصوات ترتجف وتتألم ، ساعدونا ...ساعدونا ، كان ذلك الصوت يقتلني ويقطر من دمي ، حيث لأول مرة أرى أهالي قريتي في هذا الحال ، حاولنا الهرب لكن لم نستطيع ، ذهبت أنا ووالدي وأمي وأختي الصغيرة إلى زاوية ضيقة من زوايا القرية ، وبينما نحن مختبئين كنا نرى مناظر مرعبةً جداً حيث قاموا بقتل أولاد عمي بأسلوب بشع جداً ، لم نستطع تحمل تلك المناظر البشعة ، كانت روحي تنازع وتطلب الرحمة ، أنظر إلي من حولي لأجد أصحابي وأصدقاء طفولتي يتهاون على الأرض ، بكت عيني وجعاً وقهراً ، كنت قد فقدت عقلي من بشاعة المنظر وتوقفت عن التفكير بتاتاً ، سقط على ألأرض ولم أعد أتحرك ، يناديني أبي بصوت عالً وكله وجعاً –هيا يا بني ..تعال هيا لنختبئ ، صرخت وجعا لماذا!! لماذا!! ، ماذا يريدون منا نحن إناس بسطاء ، أحسست أنها النهاية وان واقعنا قد انتهى ولم يعد موجوداً ، كانت أشجار الزيتون شامخةً ملطخةً بالدماء الطاهرة ، وهي مفتخرة بهم ، عندها سمعت أصوات صغيرة تصرخ وتطلب النجدة ، وتنادي على أهاليها، كان قد استحكم الوجع قبضته مني ، فأنا لم اعد أتنفس كنت اشعر بالاختناق وأصبحت جسدا بلا روح .. جسداً متعطش ومهترأ جداً ... وبعد لحظات من التفكير ألتفت حولي وكانت هناك الصدمة ، أين امي و أبي !!!! أين هما ،رأيت امي تبكي متوجعة وقد فارقتها الحيلة ،ووقعت بين يداي ، ورحت أصيح أمي ما بك ، أين أبي .. عندها التفت ورائي رأيته ملطخ بالدماء شامخا معتزا ومبتسما أمام العدو ، ركضت إليه باكيا ، أبي لا تتركني أرجوك ... كان قد فارق الحياة وذهب الى ربه ، صرخت بكل وجع وقهر يا الله ...روحً تتعذب وقلبا مكسور ، ودموع تطلب الشفاء من الله ، لم أكن قادراً على الحركة ، لم أتمكن من الدفاع عن أبي ، أحسست في تلك اللحظة بأنني خائناً كبير لا يقدر على حماية أهالي قريته ، أصبح هذا الصمت ضجيجا وهذا الخضار أصبح ملطخاً بالدماء ، والهواء ملوث ... سرحت في تفكيري أتذكر كلام أبي ، حيث قال لي مرة ونحن نعمل في الحقل ، _ أسمع يا بني أن العالم مكان كبير وان لا مكان هناك للجبناء فيه _ حاولت أن أتمالك نفسي لكنني لم أستطع ، ماتت الفرحة في هذه القرية الجميلة ، وقد توفيت مع أهلها ، فهي لم تعد موجودة أيضاً ’ أراهم من جميع ألجهات يسقطون على الأرض نساء ، وأطفال ، شباب ،وشيوخ . نظرت للقرية من بعيد، ويداي مترابطتان من الخوف والفزع ، هناك يداً لمست كتفي فارتعبت كثيراً وهزلت ، وكأنها جمرةً من نار ، فالتفت حولي فإذا هي أم حسان تبكي وتقول بصوت حزين وهي فاقدة الأمل _هل رأيت حسان يا ولدي ، أين هو_ ، والدموع تسيل من عينها ، كنت سأخبرها أنني رأيته أشلائا على الأرض ، لكنني تراجعت ولم أستطع فقلت لها أنني لم أره ، وأنا ارتجف رعباً ، ذهبت وهي تعرج والدموع تسيل من عينيها تنادي باسمه . كنت قد تذكرت أمي وأختي الصغيرة (روزا) ، روحت أصيح أمي ...روزا أين أنتما فارتعبت كثيراً وخفت ان افقدهما مثلما فقدت ابي وذهبت أبحث عنهما بجنون وأنا أنادي متوجعاً ، بحثت عنهما بين الجثث الموجودة على الأرض التي لا تعد ولا تحصى وانا انظر الى صفوف الشباب التي وضعوها الجنود لكي يقتلوهم هؤلاء الوحوش الذين تخلصوا من أهالي قريتي ’ كنت قد يئست من البحث عنهما ، ذهبت الى بيتنا لكي اخذ ذكريات الطفولة والحنان ، والابتسامة التي كانت مرسومة على وجوهنا رغم الظروف الصعبة ، فاقداً حيلتي وقواي ، أنظر الى تلك المجزرة البشعة التي ستكون ذاكرةُ لا تنسى في تاريخ فلسطين ’وفي طريقي الى البيت رأيت أمي وأختي (روزا) ، مرتميتان على الأرض ، عندها أحسست بأن كومة سكاكين قد طعنت قلبي ومزقته ، كانت صدمة قاتلة بالنسبة إلي ، فما ذنبنا نحن ليقتلونا صلب أراضينا وموطننا ، هذا موطننا وسيبقى هكذا ، وبعد صراعً دار في داخلي ، قبلت أمي وأختي ,ودخلت الى البيت فوجدته بارداً ،لم يعد الدفء يملئه بعد ألان ، لان السعادة ذهبت ولم تعد ، هذه الصدمة لن تفارق ذاكرتي أبدا ...خمدت أصوات أهالي القرية ولم أعد اسمع لهم حساً ، فرحت ابحث عن احد نجا من هذه المجزرة غيري ، فلم أجد أي أحد ، كان منظراً بشعا جداً كل من حولي جثث هامدة، لم يعد لهذه القرية وجود بعد ألان كباقي القرى التي دفنها التاريخ ، أزداد القهر في داخلي ...حيث تحولت الى أسد يريد أن يلتقط فريسته ..رؤيتي لامي وأبي وأختي الصغيرة ، وكل أهالي القرية ، قد حولتني الى عاصفة قوية تريد عصف ما حولها ، كنت أسير في أرجاء القرية غاضبا بعيون ذابلة وخطوات غير ثابتة وجسداً مرهق ، وبعد لحظات من الصمت المخيف والرياح القوية ، سمعت تمتمتا غير مفهومة ...فذهبت مسرعا لأرى من هناك ، حيث كان هناك مجموعة من الجنود حاملة على صدرها بندقية سوداء ضخمة وتعالت أصوات قهقهتهم التي عمت المكان ، لا اعرف فيما كنت أفكر عندما سددت حجراً كبيراً الى أحدهم حينها انكضوا علي كفريسة تريد ان تلتهم بوحشية فريستها وبدأو بضربي بطريقة وحشية فلم اعد ارى سوى السواد امام عيني . بعد ذلك قادوني الى سيارة ضخمة والقوني فيها وكأنني بعثرة اوراق مترامية وتهاوت ارضا .
لا اعلم ان كانت تلك اخر لحظاتي في هذه الحياة لكن ما اعلمه انني لست الوحيد الذي سيرميهم بحجر صغير بل سيكبر الحمل الوديع داخل كل فلسطيني وسيدد لهم ضربة سيف قاضية تعيد لنا سياق الحياة من جديد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف