الأخبار
علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقطأبو ردينة: الدعم العسكري والسياسي الأمريكي لإسرائيل لا يقودان لوقف الحرب على غزة
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

استقلال الوظيفة القضائية بقلم: د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2019-04-18
استقلال الوظيفة القضائية بقلم: د.عادل عامر
استقلال الوظيفة القضائية

الدكتور عادل عامر

تقوم الدولة الحديثة على وجود سلطات ثلاث تمارس أدواراً مختلفة بحسب ما تنص عليه نصوص الدستور من اختصاصات ومهامها بيد أن تلك المهام قد تبدو متداخلة حيناً ومتقاطعة حيناً آخر. ومن شأن هذا التداخل أو التقاطع أن يزيل التمايز بين السلطات ممّا قد يضعف من أهمية توزيع الاختصاصات القائمة على أسس كثيرة لعلّ أهمها هو الوصول إلى حسن الأداء الحكومي في الدولة وضمان سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات.

وهكذا نجد أنَّ السلطة التنفيذية تمارس المهام والاختصاصات التنفيذية في الدولة منها الإدارية والمالية وتنفيذ القوانين كما نجد أن السلطة التشريعية تمارس المهام التشريعية والرقابية في بعض الأنظمة السياسية وفي الوقت نفسه توجد السلطة القضائية وهي تمارس مهمة تطبيق القوانين وحسم النزاعات والرقابة.

و بالرغم من أن الدساتير عادة ما تنصّ على وجود هذه السلطات ، بيد ان الملاحظ عليها انها تولي الاهتمام و الحرص على تبيان تشكيل السلطتين التشريعية و التنفيذية وتفصل مهامهما ما خلا السلطة القضائية حيث تكتفي الدساتير بتبيان الخطوط العامة و الرئيسة في تنظيمها واختصاصاتها تاركة التفاصيل للقوانين العادية ، و بالتالي فإن الدستور يترك السلطة القضائية مرهونة بيد السلطة التشريعية من زاوية تنظيمها ، فأما تأتي نصوص القوانين مفصلة بشأن تنظيم هذه السلطة و بيان اختصاصاتها أو على العكس قد تأتي مختزلة ، و الخشية تكون أن تأتي النصوص حاملة في طياتها جوازاً لتدخل السلطة التنفيذية بتنظيم السلطة القضائية .

وهكذا نكون أمام احتمالات كثيرة بشأن تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية بعمل السلطة القضائية. من النقطة المتقدمة يظهر مبدأ استقلال القضاء بوصفه من المبادئ الدستورية التي تجعل السلطة القضائية بعيدة عن احتمالات التدخل في اختصاصاتها من قبل باقي السلطات. لذا كان لزاماً توضيح ماهية مبدأ استقلال القضاء وتطوره وارتباطه بالحقوق والمبادئ الدستورية الأخرى، وبيان استقلال القضاء عن باقي السلطات في الدولة، ثم الاسترسال في بحث ضمانات الاستقلال.

ولكي تعم الفائدة وليكون هذا الكتيب مرجعاً للقضاء و العاملين و الحقوقيين و المهتمين و سائر الأفراد آثرنا أن نورد فيه اهم الاعلانات و المواثيق الدولية و نصوص الدساتير خاصةً العربية منها التي ركزت على مبدأ استقلال القضاء ،كما فضلنا تسمية الكتيب باستقلال الوظيفة القضائية وعدم تسميته باستقلال القضاء أو استقلال السلطة القضائية لأن تسميته – مثلاً- استقلال القضاء يفهم منه احد معنيين، فقد يعني استقلال القرارات القضائية فقط ، أو استقلال القضاة فقط، وذلك لأن كلمة قضاء قد يراد منها معنى عضوي ونعني به رجال القضاء أو معنا موضوعي يراد به قرارات القضاء مما يؤدي إلى عدم الإحاطة باستقلال السلطة القضائية ،

اما إذا سمينا الكتيب باستقلال السلطة القضائية فإننا نكون أمام معنا واسع جداً لأن هناك جهات وأفراد – من غير القضاة – يتمتعون بسلطات قضائية مما تقتضي الضرورة التعريج على اختصاصاتهم وهو خارج الموضوع الذي نريد تناوله، لذا فضلنا أن تكون التسمية (استقلال الوظيفة القضائية) حتى تشمل استقلال القضاء بمعنييه العضوي والموضوعي كما يشمل استقلال السلطة القضائية محصورة في دائرة ما يتمتع به القضاة فقط من سلطات قضائية.

إذا كان مبدأ استقلال القضاء يعني تحصين السلطة القضائية من التدخل، فهل هذا المبدأ يعني الانفصال التام للقضاء أو التحرر المطلق له عن باقي السلطات؟ ربما تسهل الإجابة إذا ما حددنا فيما إذا كان استقلال القضاء وسيلة ام غاية بحد ذاتها، فإذا ما قلنا إنها غاية – جدلاً – فإننا قد نسمح بالتحرر المطلق أو الانفصال التام للقضاء مما ينذر باستبداد محتمل للقضاء أو ما يعرف بنشوء حكومة القضاة، أما إذا قلنا إن الاستقلال وسيلة توصل لتحقيق أهداف اخرى من أبرزها سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات فإن استقلال القضاء بهذا الوصف لا يتعدى حدود عدم التدخل بشؤونه من قبل باقي السلطات من دون ان يصل الى الانفصال أو الانعزال. فالاستقلال يعني عدم خضوع القضاء في تنظيمه إ

لا لسلطة القانون بحيث يكون عمل القضاء في سبيل إقرار الحقْ والعدل خاضعاً لما يمليه عليه القانون وضمير القاضي واقتناعه الحر السليم. استناداً لهذا فأن استقلال القضاء لا يلغي علاقة السلطة القضائية بغيرها من السلطات، سيما ان السلطة التشريعية تمارس دوراً مهماً في تنظيم القضاء من خلال اصدار التشريعات، كما أن السلطة التنفيذية تمارس دوراً غير قليل بما يختص بالشؤون الإدارية لأعضاء الهيئات القضائية •

ان السلطة القضائية تقف ازاء سلطتين أقوى منها فالسلطة التشريعية تمثل إرادة الشعب ، وتصدر تشريعات ملزمة للسلطة القضائية و لغيرها ، اما السلطة التنفيذية فتزاول اختصاصاتها من خلال إصدار قرارات تنظيمية وتكون مسؤولة عن تنفيذ القوانين فضلاً عن دورها في التدخل بتنظيم الجهاز القضائي ، وبالتالي نجد ان اختصاص السلطة التشريعية و التنفيذية ايجابياً في حين ان اختصاص السلطة القضائية سلبياً في الأعم الأغلب ، فهو يقتصر على تطبيق القانون في حالة الطلب من احد المتنازعين ، أي بمناسبة إقامة الدعاوى ، وبالتالي يتبين ضعفها إزاء باقي السلطات .

•إن طبيعة الوظيفة القضائية قائمة على تحقيق العدالة وحماية حقوق الافراد وحرياتهم واحترام القانون توجب عدم التدخل في عمل القضاء حتى يتمكن من تحقيق وظيفته وبخلافه فإن القضاء سوف يحقق أغراضه مما يؤدي إلى حدوث الاضطراب في المجتمع وزعزعة الثقة بالقانون لدى الافراد.

•مادام القانون يمثل قوة إلزام لأفكار سامية وموضوعية حيادية ولا تميل أي ميل طبقي أو عشائري أو حزبي أو شخصي، إلا ان هذه الأفكار الملزمة لا تستطيع تطبيق نفسها بنفسها، مما يتطلب وجود جهاز قضائي يتمتع بالمواصفات نفسها التي يتمتع بها القانون من سمو وموضوعية وحيادية، مما يستوجب التركيز والمناداة بضرورة استقلال القضاء.

•وكون القضاء يمثل الوسيلة المتاحة والسهلة للمواطنين للجوء إليه في عرض ظلماتهم بمعنى أن القضاء يمثل في نظر الأفراد الجهة الحيادية لذا فإن الإصرار والمناداة باستقلاله يعزز ثقة المواطنين بالدولة من جهة ومن جهة أخرى يولد الشعور لهم بالأمان والطمأنينة والتفاؤل بوجود جهة مستقلة قادرة على حمايتهم سواءً من الحكومة أو المؤسسات أو الأفراد.

ولكن هل المناداة بهذا المبدأ تتوقف عند حد عدم تدخل باقي السلطات في عمل القضاء، أم أنَّه يحمل معنى متوازن ومتقابل أي وجوب عدم تدخل القضاء في عمل باقي السلطات؟

أن القضاء يتمتع بالولاية العامة على الاشخاص والمنازعات في الدولة كافة، لذا فأن وظيفته هذه تستوجب مراقبة عمل السلطة التشريعية حيناً فيما يعرف بالرقابة على دستورية القوانين، أو النظر بعمل السلطة التنفيذية حيناً اخر عند الفصل في الخلافات التي تكون فيها الحكومة ومن يمثلها طرفاً فيها أو طرفاً وحيداً فيها كالقضايا المتعلقة بالفساد الاداري على سبيل المثال.

إن مبدأ استقلال القضاء يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمبدأ الفصل بين السلطات لأن مقتضى هذا المبدأ أن يقوم القضاء بوصفه سلطة تقف على قدم المساواة بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأنّ تكون مستقلة عنها كي تمارس اختصاصاتها بحماية حقوق الأفراد وحرياتهم بوصفها ضامناً على تلك الحقوق والحريات.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف