الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية خريف يطاول الشمس نزهة أبو غوش بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-04-18
رواية خريف يطاول الشمس
نزهة أبو غوش
مأساة الفلسطيني تكمن فيه استمراريتها، في أنها ما زلت فاعلة ومؤثرة وحاضرة من خلال المخيمات، الأرض المحروم منها، المحروم والمنوع من مشاهدتها والعيش فيها، ومن خلال جنود الاحتلال الجاثمين على الأرض وما زالوا في فلسطين، يقومون بتهويد الأرض وقتل وطرد الفلسطينيين، من هنا تناول المأساة/التغريبة الفلسطينية ليست من باب الترف/المحاكة/الموضة بل هي ضرورة يفرضها الواقع على الفلسطيني.
ومن هنا نقول أن الأديب/ة الفلسطيني هو الحصن المنيع الذي يواجه الواقع ويقدم المجتمع من الحقيقة، والدور الموكول له حيوي وضروري فهو يثبت حق الفلسطيني في فلسطين، في الرواية "خريف يطاول الشمس" نجد الحالة الفلسطينية قبل قيام دولة الاحتلال وبعد قيامها، والملفت للنظر أن الساردة قدمت لنا المجتمع الفلسطيني ـ، قبل قيام دولة الاحتلال ـ بشكل متجانس، ويعيش في حالة سوية: "لو عرفتم بلدتي لفتا، ... كنا مجاورين الأحياء اليهودية في (دفعات شاؤول، ومحنى يهودا، وروميما) عادا عن ذلك أهل بلدتنا كانوا أكرم ناس، ويحبون التعليم، وتخرج من بلدتنا كثير من الأطباء والمهندسين والمعلمين.. كان أهلها أغنياء ـ الغنى غنى الله ـ يلبسون الحرير، وصفات الذهب على الرؤوس، كانت لنا كلمة وتأثير في الانتخابات في مدينة القدس، كلهم يحسبون لنا ألف حساب" ص5و6، هذا القول يؤكد على الرفاهية والحياة السوية التي نعمة بها فلسطين والفلسطيني، وتستوقفنا الحالة التعدد والتنوع في المجتمع الفلسطيني، فهو لم يكن طائفا أوعنصريا.
وتأكيدا على حالة الرفاهية التي تمتع بها الفلسطيني قبل قيام دولة الاحتلال تحدثنا وردة عن نفسها: "...يحسدنني على ثيابي الحريرية الملونة، والمقصبة، وعلى سبرات الشعر من كل الألوان، التي كان يحضرها لي أبي من مدينة القدس" ص52، مثل هذا المشاهد تؤكد على أن الفلسطيني كان يعيش حياته كإنسان سوي ـ رغم وجود الاحتلال الانجليزي ـ وقد عبرت "رفيقة" عمة "وردة" عن خطورة قيام دولة الاحتلال بقولها:"ـ كان الأتراك قاعدين على قلوبنا، نهبونا، وسجنونا، وعلقوا أولادنا على المشانق، وما رحلنا، وبعدهم الانجليز، عملوا فينا العجائب، وما رحلنا، لماذا؟ ما هو السر في هؤلاء اليهود؟ هل هم أقوى من هؤلاء الناس أو أشد وحشية؟" ص97، اسئلة مثيرة تستوقف القارئ، فالوقائع تؤكد صمود وثبات الفلسطيني رغم بطش الاتراك ووحشية الانجليز، لكن دولة الاحتلال نسفت هذا الصمود وجعلت من الفلسطيني مهاجر خرج وطنه وأرضه، وإجابة على الأسئلة التي طرتها "رفيقة" تكون: لأننا امام دولة احتلال استيطاني، تسعى على السيطرة على الأرض وتهجير/تفريغ السكان.
كان مجتمع واحد وموحد في مواجهة الأعداء، فلا نرى أي خلاف بين شخصيات الرواية إذا ما استثنينا الخلاف الذي نشأ بين "خديجة أم نمر ومحمود أبو حسن حول تزويج "وردة"، لأن زوجها "عبدالباسط ذهب إلى حرب تركيا ولم يعد:
" ـ كيف تجرؤ يا أبا حسن على تزويج البت قبل عودة أبيها؟ هل هان عليك أخوك بهذه البساطة؟
ـ خلينا واقعيين يا أم نمر، هل ما زلت تتوقعين عودة زوجك بعد كل هذه السنوات؟ والله فيك خير.
ـ أنا فاهمة ما الذي يدور برأسك يا محمود، والله لو جاءني ألف رجل، وقالوا لي إن عبد الباسط مات، فلن أصدق. هل فهمت" ص65، إذا ما تجاوزنا عن هذا الخلاف تبقى بقية الشخصيات منسجمة فيما بينها، وهذا ما يجعلنا نقول أن الفلسطيني قبل قيام دولة الاحتلال كان يعيش في حالة (سوية)، لكن بعد دخول الانجليز والسماح للمهاجرين اليهود بدخول فلسطين أصبح هناك الخلل في فلسطين وتركيبة شعبها.
لكن بعد قيام دولة الاحتلال تغير الحال، وأصبح الفلسطيني يعاني الفاقة والتشرد، واصبح هناك فجوة في المجتمع بعد أن ظهرت كلمة لاجئ في القاموس الفلسطيني:
"ـ أنتم اللاجئون، لا تكفون عن سكب المياه، بسبب وبدون سبب، وكأنكم تأخذونها من نهر جار... أنتم لاجئون عيونكم قوية، ولا تخجلون" ص152، بعد دولة الاحتلال اصبح المجتمع الفلسطيني يعاني من اللجوء واللاجئين، ليس على صعيد اقتصادي فحسب، بل على بينية ووحدة المجتمع الذي انقسم إلى قسمين.
وتفاقمت حالة اللجوء لتصبح عقدة الفلسطيني:"... أما حامد وخالد فقد سببت لهما تلك الكلمة عقدة نفسية من كثرة سماعهم لها" 156، وإذا ما قرنا بين الحال قبل قيام دولة الاحتلال وبعدها نجد الهوة الكبيرة والشاسعة بين الحالتين، وهنا تكون السادرة قد قدمت لنا أثر ووقع قيام دولة الاحتلال على المجتمع الفلسطيني بطريقة غير مباشرة،
وإذا ما توقفنا عند هجرة الفلسطيني لوطنه ومحاولته العودة إليه، يمكننا أن نجد الفرق بين الهجرة والعودة، ، فالهجرة رغم أنها شاقة ومؤلمة، إلا أنها لم تكن تحمل مخاطر وصعوبة وقسوة العودة، فالهجرة جاءت بهذا الوصف: "لم اضع في سلتي الكثير من الأغراض، لأن العودة قريبة .. في الحقيقة أصر والدي علينا ألا نحمل أشياء ليس لها لزوم" ص17، فالهجرة بدت وكأنها رحيل قصري مؤقت، لا يزيد عن بضعة أيام، ورغم أن هناك مشهد قاس " في ساحة بلدة عيم كارم، قرب الجامع احتشد جمع كبير من الراحلين، وجوه مصفرة، ومغبرة يؤرقها الحزن والألم والأسى، انتشرت كل الأغراض المعبأة للرحيل، وغطت كل المساحات، لم يكن للفوضى المنتشرة في المكان أي حدود ... عبأ الضجيج والغبار كل الفراغات ... تزاحم الركاب حول الحافلة التي سيوصلهم إلى مدينة بيت لحم" ص143، وهذا من المشاهد القاسية والمؤلمة، ومع هذا أذا ما قارناه مع رحلة العودة وما فيها من خطار الموت على يد جنود الاحتلال، والظروف التي لازمة العائدين، وطول فترة سرد فترة العودة يمكننا القول أن الساردة استطاعت أن تقدم فكرة تشبث الفلسطيني بوطنه بطريقة مقنعة، فقد تعرض العائدون إلى ظروف قاهرة، ومع هذا أصروا على العودة:
"ـلا أريد أن أسمع صوتا، ربما يوجد هناك حيث الضوء جندي يحرس المنطقة.. توقفوا، أجلسوا هنا بمحاذاة هذه الصخور. يجب أن يذهب أحدكم، لكي يستكشف المكان.
ـ لماذا لا تذهب أنت؟ ألست أنت القصاص؟
ـ أنا قصاص أدلكم على الطريق، ولست مستكشفا للطريق، وعلى هذا الأساس أخذت أجرتي...
لقد أعيانا السير، وأعيانا المضمون ...كنا جميعا نلوذ بالفرار داخل أنفسنا، وداخل أمنياتنا بأن نصل بلادنا سالمين. تمطى صمتنا حتى شمل الكون، لم نسمع إلا حفيف بعض الأصوات، حاولنا تهدئة وتسكيت الأطفال ... لاذت فاطمة، كي ترضع طفلها عبد الحكيم، لكنه لم يشبع وظل يبكي.
ـ من أين سيأتي الحليب، وأنت لم تشربي ، ولم تأكلي شيئا، توقف أبو مرزوق مهددا:
ـ إذا لم تسكتوا هذا الطفل، فسوف أسكته بنفسي." ص196و199، من خلال هذه المشاهد تؤكد لنا الساردة، أن الخدعة التي انطلت على الفلسطيني والمتمثلة بهجرته المؤقتة، انكشفت، وها هو يعرض حياته وحياة أسرته للخطر، مقابل ان يعود إلى وطنه، فدفع ثمن مادي لصاص الطريق، وتحمل الجوع والعطش، وتحمل مشاق الطريق الوعرة، أليس كل هذا تأكيد على ان الفلسطيني متشبث بوطنه؟، وأن هجرته ما كانت إلا خدعة؟.
ومن ميزات الرواية أن الساردة اعطت الحرية للعديد من الشخصيات لتوري الأحداث، حسين، ربيعة، خديجة، راجحة، وردة، علي، عبد الحكيم" وهذا ما اعطا فضاء أكبر لنتعرف على طبيعة الشخصيات، دون هيمنة أو تدخل الساردة، فاللغة البسيطة والشعبية سمة عامة في الرواية، وهذا ما جعل الشخصيات قريبة من القارئ، فتناولها للأمثال الشعبية والغناء الشعبي الفلسطيني والثقافية الدينية أسهم في جعل الرواية أكثر قربا من القارئ.
من هنا نجد تعدد الأصوات في الرواية خدم فنيتها واقتناع المتلقي بأن الشخصيات هي التي تتحدث وليست الكاتبة، فعلى سبيل المثل، تقول "وردة":
" في سنة 1935 قتل الانجليز القائد عز الدين القسام ـ رحمة الله ـ بعدها ولعت الدنيا" ص77، اللغة، فيما سبق، نجد فيها لهجة محكية "ولعت الدنيا" وهذه اشارة إلى أن المتحدثة امرأة عادية، فالساردة تريد تقديم نماذج من عامة الشعب ونماذج من المثقفين، لهذا تغلب اللغة البسيطة على العيد من شخصيات الرواية:"ـ ...أن اليهود قادمون أفواجا أفواجا من بلاد الغرب، والانجليز يشرعون لهم الأبواب على مصرعيها.
ماذا؟ اليهود؟ خرب الله بيت الانجليز، واليوم الذي رأينا فيه الانجليز" ص 81، نجد الفرق بين الصوتين وبين اللغتين، لهذا نقول أن الساردة كانت موفقة في اعطاء الشخصيات حرية التحدث، فكان هناك تمايز في أصوات الشخصيات.
وإذا ما أخذنا دور النساء في الرواية فأن عددهن اكبر من الرجال،" رفيقة، خديجة، أم خليل، وردة، أم العبد، ربيعة، ثرية، فاطمة، راجحة" كما أن فاعليتهن ودورهن في الأحداث أكبر، لهذا وقول أننا امام رواية نسائية، ليس لأن كاتبتها "نزهة أبو غوش" بل لأنها تضمن عدد كبير من النساء، كن أكثر فاعلية وأقوى وأهم من الرجال، فعلى سبيل المثل كان "محمود" يحاول أن يستميل زوجة أخيه "عبد الباسط"، ونجد "أبو مرزوق" لا يهمه سوى المال، الذي يعتبره اهم من حياة الناس ومن الوطن.
الرواية من منشورات المؤسسة الفلسطينية للنشر والتوزيع والطباعة، رام الله، فلسطين، الطبعة الثانية، دون ذكر سنة الطباعة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف