الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشّامخات بقلم : صلاح بوزيّان

تاريخ النشر : 2019-04-17
الشّامخات بقلم : صلاح بوزيّان
الشّامخات 

قصّة قصيرة بقلم الأستاذ : صلاح بوزيّان / تونس 

السّماء مغيّمة ، بردٌ ، وتقلّبات كثيرة و مسترسلة ، انتظار ، توجّسٌ ، هجرتْ أسراب الطّيور السّوق ، رجلٌ واقف يسوّي صور طفولته و يخبّؤها في جيب سرواله ، النّاس بين غاد ورائح ، بنتٌ تفتكُّ دمية ، جائع يتلوّى ويتوجّعُ ، شابٌّ يلثمُ جبين أمّه و يلاطفها وقد خرجا من مغازة عزيزة ، روائح الأزهار و الياسمين تفوح من كلّ مكان ، و في هذا الزّقاق الممتدّ يقعُ دكّانُ البليلي ، دكّان فسيح منظّم ، يتوفّر فيه كلّ ما يحتاجهُ الزّبون ، البليلي يرعى زبائنه رعاية فائقة ، يستقبلهم هاشّا باشًّا ، يلبّس الطلبات ، ويُحكمُ ترتيبها في أكياس بلاستكية ، ويحذر شديد الحذر في الحسبة ، و كان ثمّة نسوة يتناقشن و يتبادلن الرّأي ، و امرأتان تتشاوران في السّلعة ، إنفاق النّقود مرهقٌ ، كلٌّ يترقّبُ دوره . شيخ يقلّب تعريفة البندق ، الكيلو غرام من البندق  بمائة وسبعين دينار اندهش الشّيخ و تقهقر منكسرا ، توارى خلف النّسوة يبحث عن ملاذ ، وفجأة انفجر قائلا:{ شعلتوها ، آش خليتو للزوّالي ، هذي ثورة ، هذا خراب مش ثورة ، الله لا يرحمك يا بوعزيزي ، الله يهلكك يا بن علي ، مشات البلاد } وغادر الدّكان سابًّا لاعنًا .أكياس كثيرة و علب التونة ، كيس التّين المجفّف ، كيس الحمص ، كيس الحلبة ، كيس الفول ، كيس الدّشيش ، كيس فصوليا ، كيس عدس ، كيس حنّاء ، كيس ثوم ، كيس لوز ، كيس بفريوا ، والتّابل والكمّون والزّعفران و الكركم ، والحلوى ، وعجين التّمر ، والعسل ، والكسكسي والبرغل و الذّرة و البنّ ، صباغٌ ، أكياس وأكياس ، وأكياس الملايين ، وأكياس المليارات ، وأصوات ترددّ في الدّكان وخارج الدّكان ، وفي المخابئ وخارج المخابئ وفي الموانئ : { هات ، هات } ، حقائب و دفاتر و أقلام ، في الدّكان كلّ فرد يحتضن أحلامه وشهواته ، الإنفاق صعب ، مؤلمٌ ، محيّرٌ ، و الطّرقُ على الباب كثيف ، أمّا البائعُ فلا يهمّه لا جوع ولا عطش الزّبائن ، امتدّت الأعناق في كلّ الاتّجاهات ، وانتفخت الأوداج ، و لا يسأم الزّبائن من الشّراء ، خلطاء تحلّقوا حول كيس زهيد . كلّ شيء تغيّر ، شكلاطة فرنساوية على الرفّ حدّق فيها فتى وصرخ : { حتّى الشكلاطة فرنسوية ، أعوذ بالله } . قالت هامسة : { يا رشيدة ، أنا تفاهمت مع لطيفة وشكرية و عواطف و لمياء و نورس و سهام على هربة إلى لمبدوزا ، سنحرق إلى إيطاليا ،  إيطاليا أرحم من الهمّ إلّي نعانيو فيه ، وخيتي فدينا من الرّجال و البلاد و الهمّ و الميزيريا ، كلّ شيء غلا ، الخضر نار ، ثلاثين دينار معادش تعبّي قفّة بالفلفل و الطماطم و البطاطا ، تفاهمِتْ مع النساء باش نجمعو الفلوس متاع الركوب ، وثمّا صيّاد جارنا عندو سفينة نجاة ، تحدّثت معاه على السفّر إلى إيطاليا خلسة  ، فوافقَ ، مش نخرجو معاه ، ندفعُ له الأجرة كلّ واحدة مليون ، و نهزّو معانا المئونة و ملابس } فقالت رشيدة :{ زعما ها السّفرة  مضمونة ميّة بالميّة ، نحن مش متعودين على البحر و مفاجآت اللّيل ، راكم مش تجتازو الحدود خلسة ، عارفين علاش قادمين ؟ } فأردفت:{ طبعا الكلنا ذقنا الويل ، معادش صبر، الوضع مقرف في ها البلاد ، نتحملو كيما نتحملو ، متجي حاجة بالسّاهل ، وأنت تحبّ تهرب معانا ؟ } { لا وخيتي منجمش عندي أولادي منصبرش عليهم ، وكي نهرب معاكم و نوصلو لإيطاليا آش مش نخدم ؟ } { أخفضي صوتك } صرخ صاحب الدّكان:{ هيّا يا نساء تفضالو ايش تحبّو ؟ من بكري وأنتوما تتحدّثو ، خوذو حاجتكم وخليو المكان لغيركم } وعلى حين غفلة مرّ من بينهنّ مدير قميء من موظّفي الجوازات ، توغّل ، فارتعدن ، وامتدّ الأيدي فوق الأعناق وبين الأكتاف، وبسرعة تسلّم من صاحب الدّكان كيسًا بلاستيكيا فيه أكياس صغيرة و متوسّطة ، تفوح منه رائحة المكسّرات،  وهمس في أذنه :{ سيدي لا تنساني } ، فخرج ضاحكًا وهو يردّد :{ ملاّ أحوال } ، اتّفقن و عدن إلى بيوتهنّ ، وعند اللّيل خرجن ، والتقين تحت النّخيل ، كُن عشرة نسوة تخفّين في لباس رجال ، اتّجهنا إلى  الشاطئ فالتقين بعشر نساء أخريات ، وبانت السّفينة بأنوارها ، كان الرّبان يلوّح بيده ، تشابكت أيديهن ودخلن الموج ، الأكياس على ظهورهنّ ، والدّموع تنهمر كالمطر ، صعدن إلى سطح السفينة ، وكان ثمّة حارسٌ يتابعٌ الحركة من وراء زجاج ، فصرخت إحداهنّ :{ لقد تفطّن إلينا حارس} فقلن بصوت واحد :{ حارس فيوشٌ ألعوبة بأيدي الأغراب } ، فضحكن وتحرّكت السفينة شامخة تشقّ الموج . وكن يغنّين : 

أحنا الجود أحنا الكرم

أحنا الشهامة أحنا الهمم

شمسك على أرضك رضا

بدرك على حسنك دليل

تونس يا خضراء منورة

من همة الشعب النبيل

باني الحضارة والعلا

حامل رساله لكل الجيل

ارفع جبينك للسماء

وعَدِّي حدود المستحيل
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف