الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غرباء على الطريق بقلم:محمد عبدالرحيم بامزاحم

تاريخ النشر : 2019-04-01
غرباء على الطريق بقلم:محمد عبدالرحيم بامزاحم
غرباء على الطريق 

قصة لـ محمد عبدالرحيم بامزاحم

بعد أسبوع من المعاناة بين المكاتب الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن ركبت باص العودة إلى المكلا وتذكرت حينها رحلت عودتي إلى قريتي أجدادي لأول مرة في حياتي بعد مغادرتي المملكة العربية السعودية بلد الولادة .

تفحص نظري الركب الذي يحيطون بي، فكان على يميني امرأة وابنتاها الصغيرتان وأمامها شابان أحدهما في غاية الوسامة وعلى ملامحه تبرز السكينة والوقار بعكس رفيقة الذي يعكس صور الشاب الطائش وخلفها رجل ملتحي وامرأته وطفلة لم يبلغ عمر العام ، ومن أمامي تقعد امرأتان ومن خلفي فتاتان وأنا في خضم تفحص، وإذ بي أحس بضرب على كتفي من رجل يبلغ عمره مابين الخمسين والستين، يقول لي : رد السلام فرددت السلام فقلت له: أعذرني فابتسم، وقال لي: أمامنا ساعات على طريق مملة .

أعلن سائق الباص لائحة من المحذورات والمسموحات للركاب ثم قال نمشي على بركة الله تعالى.

 فسألني الرجل الذي بجانبي أأنت سعودي؟ وذلك بسبب لكنة حديثي التي أحاول أن أخيها، قلت له من مواليد السعودية .

فقال لي: أنت من المرحلين أكيد أنت أول مرة تنزل البلد أعانك الله، نعم ، فأبي رحل إلى السعودية  في عز شبابه وعاش فيها بقية عمره.

فسألني ماذا تعمل إلى الآن، فقلت له: أفكر بأن أعمل مشروعا صغيرا، ولكن بعد أن أرتب وضع أبنائي في مقاعد الدراسة، فقال لي: سأساعدك فأنا خبير ومستشار في المشاريع وعملت في البنك المركزي، فسألته عن أزمة تدهور العملة، فقال الحديث سيطول فيها، ولكن باختصار الكل يتحمل المسئولية .

بينما الحافلة تمشي بسرعة فإذا بالحافلة تهتز وكادت أن تنقلب لولا لطف الله، فصاح الجمع في السائق هدئ السرعة، مش مستعجلين على الوصول فكانت الطفلتان الصغيرتان تبكيان وتحاول الأم تهدئتهما وهي تتنهس وبين كل هذا الضجيج الملتحي يقول: الحمد لله الحمد لله .

توقفت الحافلة في منطقة على ضفتيها الطريق محال تجارية وقال السائق: أمامكم عشر دقائق لقضاء حاجاتكم، خرج الجميع وبقيت مع المرأة وطفلتيها والمرأتين اللتين أمامي، فقلت لأم الطفلتين أتريدين أن أجلب لك شيئا؟ فقالت: لا ، شكرا .

فرن هاتف الأم فردت على المتصل أنا قريب ونظرا لارتفاع سماعة الجوال فكنت أسمع المتحدث يقول لها أنت بخير قالت له : نعم فقالت له : سامحني فقال لها سامحتك، المهم إنك عرفت أنني أعرف منك بمصلحتك خلاص يا ابنتي ما ينفع الندم وعسى تكونين قد تعلمت الدرس وتفرقي بين الحب والعاطفة فقالت له: نعم أوهمتني أخته بجنة عدن ثم أغلقت السماعة ونظرت إلي فسرعان ما حولت أنظاري فخجلت فقلت في نفسي: يا الله عرفت أني اتنصت على كلامها  .

أما المرأتان اللتان أمامي فهما كثيرات الكلام، فما انتهيتا من سيرة حتى يخضن في سيرة أخرى وحتى الشاب الطائش لم يسلم منهن ويطلقن عيه النكات والمسميات.

وفجأة توقفت الحافلة وتحدث السائق لشخص وبعد توقفت الحافلة خارج الرصيف وأعلن السائق خبر صدم الجميع بأننا نقطة قبلية أغلق الخط وبسبب مطالبا لها عند الحكومة ، خرج بعض الرجال خارج الباص وكنت منهم وكانت هناك عشرات السيارات تتوقف على جانبي الطريق وأشخاص مسلحين واقفون وسط الرصيف وتتبعهم عدد من السيارات المتوقفة، وفيها عدد قليل من المسلحين.

تجولت مع رفيقي الخبير فقام الخبير بسؤال أحد المسلحين عن السبب الذي دفعهم لتوقيف الناس،  فرد علينا الحكومة هي السبب سجنت وتحتجز أحد أفرد القبيلة، و من أي قبيلة أنتم؟ فأجاب من بني جبل فرد عليه الخبير ونعم القبائل أنتم ، فقال لي الخبير: قم بنا نذهب إلى زعيمهم لعلي أقنعه .

تحرك صوب مكان تجمع الشيخ القبلي فبادر الخبير بتحية لم أفهمها فرد القبليان بصوت واحد لم أفهم وجلس ولم يصافحه وتحدث معه وأخبره بأنه متضامن مع قبيلته وعلى الحكومة أن تطلق سراحه فهو من قبيلة لها تاريخ بارز في النضال ضد الاستعمار فعدد أشخاصا من تلك القبيلة لها دور بارز في حركة التحرير و خدمة الوطن من خلال ترقيته في مناصب حكومية في الداخلية وفي السفارات في الخارج وأكاديميين في جامعة عدن وصنعاء حتى استوى الشيخ في جلسته، نعم، ولكن حكومتكم لا تفهم هذا الكلام وقد وعدت عدة مرات بإطلاق سراحه ولم تف بوعدها وأقمنا بقطع الطرق، فرد عليه هذا من حقكم وما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة .

قلت في نفسي هذا خبير اقتصاد سياسي أو شيخ قبلي فقدم لنا الشيخ الشاي وجلس رفيقي في حديث مطول وأنا أتابعه ولم يطلب من الشيخ أي شي حتى بادر الشيخ بسؤال بنفسه وأنت أيش معك ؟ فقال له: إنه مسافر على باص النقل للمكلا، ومعنا أطفال صغار ونساء، فنادى الشيخ على أحد المسلحين وقال له : أسمح لحافلتهم بالمرور وبدون أي نقاش قال قوموا معي فذهبنا إلى الحافلة وتكلم مع المسلحين وأخبرهم بأن الشيخ أمر للحافلة بالمرور وسرعان ما أشار للحافلة بالمرور فمشينا ولم أستطع أن أتكلم من ما رأيت من حنكة الخبير في التعامل مع الشيخ وقال السائق : أيش عملت بهم سرحتهم فبتسم، فقال: إنها سنيين العمر قد جعلتنا نتعامل مع أنماط من الشخصيات.

بينما أنا في دهشة مما حصل قمت بإزاحة الكرسي للخلف لأرتاح وآخذ قيلولة، فسمعت من إحدى البنات اللاتي خلفي تقول لرفيقتها بنزوجك هذا فردت عليها وأنت خذ لك أبو فرده ( قصدها الشاب الطائش ) قالت لا أنا بأخذ إلي جنبه ثم ضحكتا .

توقفت الحافلة لتناول وجبة الفطور فأيقظني الخبير قم نفطر ولكسلي توقفت حتى خرج الجميع وبقيت أم الطفلتين فتأخرت قليل ولم تقم فقلت لها: قومي أفطري قالت : مالي نفس فألحت عليها حتى قالت لايوجد معي فلوس فأخرجت لهم مبلغ فرفضت أخذه فقلت لها سلف حتى نصل فأخذته بعد إلحاح شديد .

ثم قالت سمعت الاتصال الذي جرى بيني ووالدي لم أستطع الرد عليها وطأطأت برأسي خجلا ولم أستطع الرد عليها ثم قالت لي قصتها مع زوجها الذي سكن في نفس العمارة التي تسكنها أثناء اجتياح الحوثيين عدن فتعرفنا بأهله فكانوا ناس طيبين ثم تقدموا لخطبتي لكون عمري 17 سنة وناس لا نعرفهم جيدا رفض أبي فأقمت الدنيا ولم أقعدها حتى وافق أبي خوفا من أن أهرب معه بعد هدوء الوضع عدت معهم إلى عدن  كان الأهل طيبين جدا إلا زوجي كان كثير السهر ويأتي آخر الليل في حالة غير طبيعية وتطور ما عمله من إهمال إلى ضرب ثم سرقة صبرت ظنا أنه سيتغير مع ولادة ابنتي التوأم ولكن لم يتغير فطلبت من والده أن يرجعني إلى أهلي فقطع لنا تذكرتين ورافقني حتى ركبنا الحافلة .

دخلت المطعم وجلست على طاولة الطعام، وبينما أتناول الطعام جلس بجانبي الشابان ثم بادر الشاب الوسيم بتحدث معي، ومصادفة طلع الشاب من نفس قبيلتي انتقل جده إلى المكلا وذكر لي أشخاصا ولكن لم أتعرف عليهم؛ لكوني سكنت عند أقاربي لمدة شهر ثم انتقلت للمكلا للسكن فيها ولا أعرف سوى أبناء عمومتي فذكرتهم له فقال لي: هؤلاء أقارب جدي ثم أخذ رقمي ودونه على جواله وقال سنتعارف أكثر حال وصولنا.

عاد الجميع من المطعم ثم تحركت الحافلة فصادفتنا في الطريق نقطة تتبع الجيش وتم تفتيش الحافلة وطلب من البعض إبراز بطاقة الهوية ثم أمر الحافلة بالتحرك ومشينا حوالي نصف ساعة حتى التقينا بنقطة تفتيش أخرى وطالبوا إبراز بطاقة الهوية ثم طلبوا مني ومن الشاب الطائش والملتحي بالخروج .

أخذونا إلى خيمة، سئل الجندي الشاب أأنت شمالي؟ قال له: لا ، أنا من حضرموت ثم سلمه البطاقة وقام بتدوين بياناته على سجل ثم طلب من الملتحي بطاقته فقال له ضاحكا أأنت مع القاعدة أو داعش؟ فحمر وجه الملتحي فأخرج له بطاقة أول مرة أرى مثلها فنهض الجندي واعتذر فطالب منا المغادرة .

وأثناء عودتنا إلى الحافلة قال لي الملتحي شكلك مش متعود على البهدلة في الطريق قالت له: لا هذه المرة الثانية، فقال لي: في الأولى وين صارت لك البهدلة قلت في خط الوديعة فقال آه أنت من المطرودين شكلك أول مرة تيجيء البلاد مشكلتكم أنكم ماتوقعتم العودة وجئتم في وقت عصيب فقال تريد أن تسأل البطاقة حق أيش صح فقلت نعم فرد علي أنا ملحق عسكري في إحدى سفارات بلادنا .

ومن نقطة إلى نقطة حتى وصلنا إلى منطقة شبه صحراوية وقد غطت الكثبان الرملية الرصيف فقال السائق أيش من يوم هذا من موقف صعب إلى آخر أصعب من فيكم النحس هذا ، الكل ينظر إلى الجهة الغربية لعله يأتي الفرج وبينما كنت مستغرق في النظر صاح من هم على الجهة الشرقية من الطريق وإذ بشيول جاء ليفتح الطريق ، فتح الطريق وتحرك الحافلة كلا سار إلى دربه .


دخلنا أول مناطق حضرموت توقف السائق عند محطة الوقود فتزود بالبنزين ثم تحرك بنا حتى وصلنا إحدى النقاط فتم توقيفنا للتفتيش فصعد أحد الجنود وتفحص بنظره الركاب وأمر السائق بالتحرك .

كان الجو غائما وينذر بنزول مطر وقد ساد الحافلة الهدوء ونام البعض ومنهم الطفلتان وكانت الأم قد أرهقت وهي تضع إحدى الطفلتين بجانبها وتمسك بالأخرى فلما رأيت ما حل بها من تعب استأذنتها في أخذ إحدى الطفلتين .

وفجأة هطل المطر ويزداد كلما تحركنا أكثر فأكثر فور وصولنا الوادي بدأ السيل بالجريان فيه فتمكن السائق من المرور لقلة جريان الماء فيه .

ومن نقطة إلى أخرى حتى وصل بنا المطاف إلى أحد النقاط فكانت أكثر صرامة في التفتيش فقاموا بإخراج النساء خارج الحافلة للتفتيش بينما صعد جندي وطلب منا إبراز البطاقة الشخصية أو جواز السفر وهو يطلع على البطائق فيقوم بإخراج البعض والبعض حتى وصل عند الخبير فأمره بالخرج فسأله لماذا ؟ لأنك من خارج المحافظة سيتم تدوين اسمك في السجل فقط ، رجع الخبير وقال حتى العفش فتشوه، وبعد عودة الجميع تحركت الحافلة وسرنا في دربنا .

اقتربنا من نقطة الوصل وتوقف المطر وقلت: الحمد لله يوم طويل سينتهي توقف السائق يالله أيش هذا فتح باب الحافلة وسأل سائق سيارة متوقفة أيش حاصل فرد عليه سيل كبير أوقف الحركة ولكن بدأت حدته تقل ساعة وسوف تعبر السيارات .

جاء اتصال لأم الطفلتين وأخبرت المتصل بحالها ثم بدأت السيارات الكبيرة بالدخول ومع ضعف جريان ماء السيل بدأت جميع السيارات بالتحرك ومع اقترابنا أكثر من موقف الحافلة أعطاني الخبير كرت تعريفي به .

توقفت الحفلة وقال سائق : الحافلة الحمد لله على السلامة تنفس الجميع الصعداء كان رحلة عصيبة ثم جاء الشاب ليودعني وأخبرني بعد أن نرتاح من هذا السفر أنه سيتصل بي للقائي قبل لقاء الأمل .

وبينما أهممت أن أقل سيارة وإذا رجل ذو شعر أبيض يضع على رأسه كوفيه وعلى كتفه عمامة بيضاء ويختلط شعره بين السواد والبياض ولم أشاهده من قبل فقلت له أي خدمة فرد على أنا والد المرأة التي أعطيتها المبلغ في الباص وأريد أن رد لك مالك فقلت له: لا أريد شيء فأصر أن يرد لي المبلغ فقلت له: هذه هدية مني للطفلتين فحاول مراراً ولكن مع إصراري الشديد أستسلم وشكرني وانصرف .

  تعلمت من هذه الرحلة كثيرا من الدروس، فلا تقيس مصيبتك مع مصيبة غيرك فربما مصيبتك أهون عند غيرك.     
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف