الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اقتصاد القدس على طاولة اليوم السابع

تاريخ النشر : 2019-03-30
اقتصاد القدس على طاولة اليوم السابع
القدس"20-3-2019 استضافت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس الخبير الاقتصادي محمد قرش؛ لتقديم محاضرة حول الوضع الاقتصادي في مدينة القدس المحتلة حيث قال:
1- المقدمة
لم تواجه مدينة تاريخية عريقة ظروفا اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية كما واجهت مدينة القدس العربية. فمنذ احتلالها عام 1967 وهي تتعرض لحملة وهجمة عنصرية هدفها طمس معالمها الحضارية العربية (الإسلامية والمسيحية). فالمشكلة باختصار شديد هي، أن قدرات وامكانيات إسرائيل الهائلة والضخمة المالية والاقتصادية والدولية والسياسية كلها مسخرة بالكامل لتحقيق حلم إسرائيل بجعلها عاصمة سياسية ودينية واقتصادية لها. وبالمقابل تفتقر القدس لخطط فلسطينية وعربية واسلامية تدعم وتثبت الوجود الفلسطيني فيها. فالمعادلة مختلة تماما لصالح تهويدها ونزعها من الحاضنة الفلسطينية الأمّ. ومن الطبيعي ان يترك كل ذلك آثاره السلبية على معدلات النمو الاقتصادي ويقلص الاستثمار ويزيد البطالة ويقلل فرص التشغيل، ويجعل من المدينة حبيسة الإجراءات الإسرائيلية، مما يحول عمليا دون ربط اقتصادها بالاقتصاد الفلسطيني. فالاحتلال لم يقطع أوصال الضفة الغربية ويحولها إلى كانتونات فحسب بل عمل دائما على إخراج الاقتصاد المقدسي من دورة الاقتصاد الفلسطيني ككل. وقد تمكن الاحتلال خلال السنوات ال46 الماضية وخاصة بعد اتفاقية أوسلو من سلخ وإخراج اقتصاد القدس من مجمل الاقتصاد الفلسطيني ومن إحصاءاته الرسمية، مما دفع الجهاز المركزي للإحصاء إلى إصدار نشرات أو كتيبات خاصة بالمدينة معتمدا في الكثير منها على الاحصاءات والبيانات الإسرائيلية وبعض المسوح الميدانية الجزئية التي تتم بين وقت واخر دون معرفة سلطات الاحتلال. وقد أُجبر الجهاز المركزي للإحصائي الفلسطيني لتصنيف القدس إلى جزئيين j1 وj2. فالأولى تشير إلى مدينة القدس داخل الجدار (القدس القديمة وجبل الزيتون والصوانة وبيت حنينا وصور باهر وبيت صفافا وجبل المكبر وشعفاط والعيساوية والشيخ جراح وواد الجوز وقلنديا المطار. الخ) اما الثانية –j2 – فتشمل احياء مدينة القدس خارج الجدار العنصري مثل ابوديس والعيزرية وعناتا وكفر عقب وسميرا ميس وقرى شمال غربي القدس والزعيم والرام وبيت حنينا القديمة (القرية)والسواحرة الشرقية. فمعالجتنا للوضع الاقتصادي للقدس ينصب على المعنى الضيق j1 مع الإشارة بين وقت وآخر الى القدس بمعناها الواسع، فلا يوجد هناك اسلوب اخر لمتابعة أوضاع المدينة الاقتصادية إلا من خلال التصنيف المشار إليه. فالقدس بمعناها الضيق المنوه عنه تمثل قلب المدينة وروحها وحياتها وجوهرها ومركزها، وعليها تتركز الخلافات بين فلسطين والاحتلال بالدرجة الأولى والتي لم تكن يوما على j2 بالمعنى الموضح آنفا.
2-التغييرات التي أحدثها الاحتلال في القدس
تمكنت إسرائيل من خلق وقائع جديدة على الأرض في محاولة لتغيير الخصائص والسمات الديموغرافية المميزة للمدينة المقدسة، بغرض تسهيل ضمها بأقل قدر ممكن من السكان وبأقل درجة احتجاج عربية وإقليمية ودولية، معتمدة في ذلك على التغيرات التي أحدثتها منذ سيطرتها على مرافق البنية التحتية للمدينة. فقد اتبعت في البداية سياسة فرض الوقائع بطريقة مرنة غير مستفزة في السنوات العشر الأولى حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1977 وإعلان السادات على إثرها بان حرب أكتوبر هي آخر الحروب بين العرب وإسرائيل. لكنها عقب ذلك، انتهجت سياسة تسريع ملموسة في ربط المرافق المختلفة للقدس الشرقية بمثيلتها الغربية، في محاولة لتحويلها إلى عاصمة فعلية لها. فكافة المستوطنات الكبيرة المحيطة بالقدس الشرقية (معاليه ادوميم وجفعات زئيف ومسغات زئيف والنبي يعقوب وجبل ابوغنيم والتي تستوعب حاليا ما يزيد على 150ألف مستوطن...الخ) بدأ التخطيط لإقامتها في نهاية عقد السبعينات وبدء التنفيذ الفعلي في عقد الثمانينيات لكن خطوات وإجراءات الضم والمصادرة والبناء الكثيف والواسع تسارعت بعد توقيع اتفاقيات أوسلو في نهاية عام 1993 وقيام السلطة الوطنية. فقد استغلت إسرائيل ضعف وأحيانا عدم وجود مرافق البنية التحتية في محافظة القدس بعد احتلالها عام 1967، لتقوم بمد وبناء شبكة حديثة من خطوط المياه والمجاري والهواتف وشق الطرق بما يخدم ويسهل عملية الضم والمصادرة ويصعب فصلها ثانية عن القدس الغربية، وترافق ذلك مع صدور اوامر عسكرية بنزع ملكية مئات الدونمات ومصادرتها وتحويلها إلى مستوطنات فيما بعد .ولم تكتف سلطات الاحتلال بدمج المرافق الأساسية للمدينة فحسب، بل ذهبت باتجاه ربط الخدمات الصحية للمقدسيين بشبكة صندوق المرضى(التأمين الصحي)، بما في ذلك الأطباء والمستشفيات والمراكز الصحية الصغيرة والكبيرة على حد سواء، بحيث باتت جميعها تعتمد على المرافق والخدمات الصحية الإسرائيلية بما فيها نفقات الشيخوخة والتأمين الوطني (التقاعد) والتعليم، في محاولة منها للتأثير على المقدسيين المستفيدين من هذه الخدمات والامتيازات مما يجعلهم يترددون - وفقا لوجهة نظرها - في الموافقة على انضمامهم إلى الدولة الفلسطينية حال إجراء استفتاء على ذلك. كما قامت إسرائيل بإضعاف اقتصاد المدينة وخاصة قطاعي السياحة والصناعة والمهن الحرفية ووضعت أمامها سلسلة طويلة ومكلفة من الإجراءات المعقدة الهادفة إلى إفقار وإنهاك رجال الاعمال ودفعهم لمغادرة المدينة وإقامة مشاريعهم خارجها بما يشمل اقامة الفنادق. وليس غريبا ان يتراجع عدد الفنادق من 33 فندقا عام 1967 إلى 29 حاليا. وحتى تنجز خطوات الترحيل او التهجير نحو الضفة الغربية أخذت تفرض على الشركات ورجال الأعمال والتجار ضرائب متنوعة ومختلفة لإرهاقهم وإجبارهم على مغادرة المدينة أو تحجيم اعمالهم فيها كحد أدني. كما قامت بإغلاق المؤسسات التمثيلية، النقابية والسياحية والتجارية والثقافية والجمعيات ونقلها إلى خارج حدود المدينة . بالإضافة إلى تقليصها فرص العمل أمام الخريجين والشباب، وتحويلهم إلى عمال وأجراء بعيدا عن تخصصاتهم المهنية مما دفعهم للبحث عن عمل في الضفة الغربية وبذلك نجحت سلطات الاحتلال إلى حد معقول لا يستهان به في تقليص عدد الساعات التي يقضيها المقدسي داخل المدينة وباتت لجزء كبير منهم ليست اكثر من مكان للمبيت فحسب. كما نجحت السياسات الإسرائيلية المتعاقبة من دفع السلطة الوطنية لبناء وزارتها ومقراتها ومؤسساتها في رام الله وبذلك قللت او قلصت إلى درجة كبيرة جدا من امكانية ان يكون للسلطة الوطنية أية مؤسسات في القدس الشرقية في المستقبل. فرام الله تشهد منذ اتفاقية اوسلو عملية بناء على قدم وساق لمؤسسات السلطة الرسمية، بدءا من الرئاسة والحكومة والوزارات والمؤسسات المهنية كالبنك المركزي (سلطة النقد) وهيئة سوق رأس المال وإدارات المصارف كلها دون استثناء. كما جعلت وجهة ومقاصد المقدسي تتجه نحو رام الله وبيت لحم ايضا، لتسهل عليها فيما بعد، عملية الضم والمصادرة. فحياة المقدسي الاقتصادية والاجتماعية بما فيها إقامة الأفراح والأحزان والنشاطات الثقافية وحتى المشاركات السياسية باتت معظمها تتم خارج حدود المدينة المقدسة. ولم تكتف إسرائيل بكل الإجراءات والقيود سالفة الذكر، بل عملت على عدم السماح للمقدسي بالبناء داخل حدود المدينة، وصعبت وعقدت الإجراءات، ورفعت كلفة البناء وإجراءاته من خلال سلسة طويلة من الخطوات التي يحتاجها للحصول على ترخيص البناء. فعلى سبيل المثال فإن تكلفة رخصة الوحدة السكنية تصل إلى مائة ألف $ تقريبا عدا رسوم المسقفات (الارنونا) السنوية المهلكة والقاسية، وبات الحصول على رخصة حلما يراود العديد من العائلات لا يمكن تحقيقه، لكونه بات يقع خارج حدود قدراتهم المالية. وسمحت سلطات الاحتلال بالمقابل للفلسطينيين ببناء أبراج سكنية في منطقتي كفر عقب وسمير أميس بدون رخص بناء، أو موافقات إدارية أو رسوم كالتي تجبى في القدس الشرقية؛ لتكون منازل للأزواج الشابة مع أنها من الناحية الجغرافية والتقسيمات المنصوص عليها في أوسلو تعتبر جزءا من القدس الشرقية، ويحملون هويات مقدسية زرقاء. ولبناء الأبراج سلبيات كثيرة لعل أهمها حرمان الفلسطينيين من إعادة تشغيل مطار القدس (قلندية) وانتقال المقدسيين للسكن خارج الجدار. وقد توجت إسرائيل عملية عزل المدينة بإقامة الجدار العنصري بينها وبين الضفة الغربية، وبذلك حرمتها من التواصل مع القرى والبلدات التي كانت جزءا منها عبر التاريخ وإقامة بوابات للعبور تماثل تماما تلك الموجودة بين الدول ذات السيادة.
3- مساحة وسكان القدس تختلف مساحة القدس وفقا للفترة الزمنية. فإسرائيل تقدرها بنحو 662 كم مربع مشكلة 3%من مساحة إسرائيل البالغة 22072 كم مربع، بينما تبلغ 365 كم مربع وفقا للإحصاءات الفلسطينية، حيث تشكل 6.3% من مساحة الضفة والقطاع. وعليه فإن الكثافة السكانية تختلف طبقا لذلك. ففي القدس الغربية تصل إلى 1394 فردا في الكيلومتر المربع، أمّا في القدس الشرقية فتبلغ 1078 فردا في الكيلومتر المربع الواحد، وهي تشمل J1 وJ2 أيضا. أمّا مساحة القدس القديمة (داخل السور) فتصل نحو كيلو متر مربع، ويبلغ سكانها حاليا 45 ألف نسمة مقابل نحو 4000 يهودي. وحينما احتلت إسرائيل القدس عام 1967 كان عدد سكانها 68600 نسمة. وقد جرى ضم أجزاء من المدينة إلى إسرائيل وتحويلها إلى عاصمة لها، وإخراج سكان القرى المجاورة من سجل السكان وإعطاء الباقي هوية زرقاء – وفقا للحدود التي رسمتها إسرائيل لنفسها – وطبقا للإحصاءات الإسرائيلية، فقد ارتفع عدد السكان الذين يحملون الهوية الزرقاء – بغض النظر عن مكان سكناهم – إلى83555 نسمة عام 1972 طبقا للتعداد السكاني الذي تم في العام المذكور
جدول رقم-1-
يبين تطور نمو السكان في القدس الشرقية لعدد من السنوات المختارة
السنة عدد السكان/ الف نسمة
1972 83500
1977 103700
1983 122400
1985 130000
1990 146300
1996 196100
1999 201300
2000 208700
2001 215400
2002 221900
2003 228700
2004 237100
2005 244800
2006 252400
2007 260500
2008 268600
2009 275500
2010 282600
المصدر: The Jerusalem Institute For Israel Studies ,2009
اما طبقا للإحصاءات الفلسطينية فيصل عدد السكان إلى 382 ألف نسمة موزعين بين J1 وj2 بواقع 237و 145 ألف نسمة على التوالي. ووفقا للإحصاءات الإسرائيلية فإن نسبة الفلسطينيين في القدس إلى اليهود قفزت من 25.8%عام 1967 إلى 35.2%عام 2008. وبلغة الأرقام فإن عدد الفلسطينيين في القدس ارتفع من نحو 68000 نسمة إلى 268 ألف للعامين المشار إليهما آنفا. وطبقا للتوقعات الإسرائيلية الرسمية فإن نسبة الفلسطينيين في القدس ستصل إلى 37.8% في العام 2015 وإلى 38.8%عام 2020. وهذا يعني أن عدد المقدسيين سيرتفع إلى نحو 346 ألف في عام 2015 وإلى 385 ألف في عام 2020، على التوالي. ومن الأهمية بمكان ان نبين نسبة النمو السنوي للفلسطينيين في القدس بالمقارنة مع نسبة نمو اليهود في المدينة، سواء الناجمة عن الزيادة الطبيعية او الهجرة الداخلية أو لأي سبب آخر
جدول رقم – 2--
نسبة النمو السكاني للفلسطينيين في القدس بالمقارنة باليهود لسنوات مختارة
نهاية السنة نسبة نمو المقدسيين نسبة نمو اليهود
1978 3.4 2.6
1980 3.6 1.7
1985 3.4 2.4
1990 2.6 4.6
1992 2.7 2.1
1994 3.8 1.4
1995 4.5 1.2
1998 3.5 1.0
1999 4.0 1.1
2000 3.7 0.9
2001 3.2 1.3
2002 3.0 0.9
2003 3.1 1.3
2004 3.7 1.0
2005 3.2 1.2
2006 3.1 1.2
2007 3.2 1.3
2008 3.1 1.6
المصدر: The Jerusalem institute for Israel studies ,2009
هذا ولم تختلف النسبة كثيرا في الاعوام 2009 – 2012 مما يصعب عملية ابتلاع المدينة، بل ربما يكون هذا العامل من أصعب العقبات الميدانية أمام ضم القدس عمليا، مما سيدفع إسرائيل في المستقبل للتفكير بوضع خطط لنقل جماعي للسكان سواء باتجاه الضفة الشرقية أو سيناء ضمن الحلول التي يطلقون عليها بالخلاقة. فبلوغ سكان القدس نحو 400 ألف نسمة بعد ست سنوات من الآن يجعل منها ثنائية القومية وبحضارتين وثقافتين ولغتين ودينين كبيرين درجة العداء والخلافات بينهما كبيرة، وتزداد اتساعا وغير قابلة للردم او التجسير او الالتقاء في منتصف الطريق. كما أن من شأنه رفع نسبة المقدسيين إلى نحو 40% من سكان القدس بشقيها مما شكل ويشكل لإسرائيل كوابيس لا حل لها سوى بالتهجير الاختياري او القسري ومن ضمنها الإغراءات في دول الخليج وكندا وغيرها.
4- اقتصاد القدس
لا يختلف مقدسيان أو فلسطينيان على القطاعات المؤثرة في تنمية وازدهار وإنعاش اقتصاد المدينة. ربما يكون الاجتهاد في ترتيبها ودرجة أهميتها وتأثيرها على تحفيز وتنشيط القطاعات الأخرى لكن ليس عليها. فالقطاعات التالية تعتبر هي المحفزة والمحركة للتطور والنمو والانتعاش الاقتصادي بشكل عام. وعلينا أن ندرك بأن كل قطاع منها يؤثر ويتأثر بالأخر بشكل تلقائي بغض النظر عن الأهمية النسبية له. أمّا القطاعات الرئيسة فهي:1-السياحة بأنواعها 2-الإسكان بشقيه السكني والتجاري 3-التجارة والخدمات كالتعليم 4-المهن الحرفية 5-التنمية المجتمعية.
ففيما يتعلق بالناتج المحلي لمدينة القدس فالمعلومات قليلة ومعظمها تقديري سواء بالنسبة للإحصاءات الفلسطينية او الإسرائيلية. ورغم ذلك فهناك تقديرات معقولة عن معدل دخل الفرد المقدسي بالمقارنة بمعدلي دخل الفرد الفلسطيني (الضفة والقطاع) والإسرائيلي. ويعود ذلك لأسباب عديدة لعل أهمها:
1- إسرائيل لا تصدر بيانات عن نسبة مساهمة المدن في الناتج المحلي لها، وإنما تكتفي بالبيانات المتعلقة بمعدل دخل الفرد فيها.
2- وعليه فهي لا تصدر أو تنشر بيانات تتعلق بنسبة مساهمة القدس الشرقية من الناتج المحلي لها على اعتبار أنها موحدة وعاصمة لها.
3- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لا تتوفر لديه معلومات عن النشاطات الاقتصادية في القدس في المنطقة J1 ولا حتى عن التعداد السكاني الدقيق، كما تبين لنا قبل قليل مما يحول دون احتساب الناتج المحلي اعتمادا على معدل دخل الفرد وضربه بعدد سكان المدينة.
4- هناك فجوة معلوماتية (بيانية وإحصائية) كبيرة فيما يتعلق بالقدس وبالنشاطات الاقتصادية فيها لدى الجانب الفلسطيني.
5- آخر تقدير توفر عن قيمة الناتج المحلي لمدينة القدس كان عام 2002 وللمنطقة J1 حيث بلغ 330.4 مليون $ بالأسعار الثابتة للعام المذكور.
6- تتميز مدينة القدس، دون غيرها من المدن الفلسطينية بقوة درجة ارتباطها واعتماد اقتصادها على الاحتلال ومع الدولة الفلسطينية على حد سواء، وإن كان بدرجات متفاوتة، مما يصعب من وضع التقديرات وبناء التوقعات.
7- هناك نقطة في غاية الأهمية تتجاهلها الإحصاءات الفلسطينية والإسرائيلية، وهي أن المقدسي يعمل في قطاعات ومجالات واسعة في مناطق السلطة الوطنية وإسرائيل، يدر عليه دخلا منتظما لا يتم احتسابه من الجانب الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب تتعلق بالضرائب وغيرها، وبالتالي فإن نسبة ما، من الناتج (الدخل) الذي يولده أو يساهم به المقدسي سواء في القدس أو في خارجها لا يدخل في الدورة الاقتصادية، وبالتالي لا يحسب وإنما يسرب إلى خارج حسابات الناتج المحلي ودخل الفرد في المدينة. لذا فهو لا يدخل ضمن العناصر المكونة للناتج سواء فيما يخص الإحصاء الفلسطيني أو الإسرائيلي.
وبالرغم مما سبق فإنه من الممكن الاستناد إلى معدل دخل الفرد في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ومقارنته بالمعدل السائد في القدس. فالإحصاءات الفلسطينية لم تضف أي معلومة جديدة بشأن الناتج المحلي للمدينة منذ عام 2002. ومن جهة أخرى فإن الناتج المحلي الفلسطيني لا يشكل أكثر من 4% من الناتج المحلي الإسرائيلي، وعليه فإن معدل دخل الفرد الإسرائيلي يزيد بنحو 8 أضعاف عن معدل دخل الفرد الفلسطيني. ولا يمكن تصنيف الفلسطيني المقدسي ضمن معدل دخل الفرد الإسرائيلي، وإن كان من الناحية النظرية البحتة يندرج أو يصنف كذلك. فالواقع يقول بأن معدل دخل الفلسطيني المقدسي يزيد عن معدل دخل الفلسطيني في الضفة والقطاع، لكنه دون الإسرائيلي بكثير.
4-1 تقديرات معدل دخل الفرد المقدسي
طبقا للإحصاءات الفلسطينية الصادرة في حزيران 2010 – كتاب القدس الإحصائي السنوي – رقم 12، فقد بلغ نصيب دخل الفرد المقدسي (المنطقة J1) من الناتج المحلي الإجمالي، بالأسعار الثابتة – سنة الأساس 1997 – 1365 $ في العام 2002 مقابل 1434 $ للعام السابق له. أمّا في الضفة والقطاع فقد بلغ لنفس العامين:1200و1432 $، و907 و1063 $ على التوالي. لقد انقضى نحو 8 سنوات على عملية تقدير معدل دخل الفرد المقدسي، ولم تجرٍ أي عملية احتساب أو تقدير جديدة منذ ذلك الوقت. باعتقادي ان الأمر يحتاج إلى لجنة متخصصة لوضع معايير وأسس مهنية لاحتساب معدل دخل الفرد المقدسي، سواء بالنسبة لآلية الاحتساب والعناصر المكونة له. وفيما يخص الناتج المحلي للمدينة، فقد قدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للسنوات 2008و 2009 و2010 بملايين الدولارات ب 351 و327 و491 على التوالي بالأسعار الجارية للأعوام المشار إليها . وتأتي الخدمات في مقدمة القطاعات المشاركة والمؤثرة على الناتج المحلي تليها التجارة والصناعة والنقل والانشاءات. وتشارك القوة العاملة في القدس الشرقية بنحو 56000 عامل من القوة العاملة الفلسطينية وبهذا تشكل ما نسبته 8% من الاجمالي. أمّا بالنسبة للبطالة في صفوف المتعلمين ممن أمضوا 12 سنة فأكثر في الدراسة فتصل إلى 25% وهي متقاربة مع معدلاتها في الضفة والقطاع تقريبا.
4-2 قطاع السياحة: تتبوأ السياحة والفنادق والمطاعم المركز الأول في توليد الناتج المحلي في قطاع الخدمات حيث تساهم بنسبة نحو40% من الدخل للمدينة. ومن المفيد في هذا السياق ان نقدم عدد السياح (النزلاء) في القدس الشرقية بالمقارنة بالقدس الغربية للسنوات ال 11 الأخيرة جدول رقم -3-
عدد نزلاء الفنادق في القدس الشرقية بالمقارنة مع القدس الغربية للسنوات 2000-2011
السنة القدس الغربية /بالألف القدس الشرقية/بالألف
2000 735.1 160.5
2001 244.1 27.3
2002 169.2 19.9
2003 232.5 18.2
2004 342.6 30.5
2005 508.1 81.1
2006 550.2 79.3
2007 725.5 149.7
2008 885.2 192.6
2009 643.4 126.5
2010 829.4 165.9
2011 772.6 175.4



المصدر: مأخوذة من www.jiis.org.il The Jerusalem Institute for Israel Studies ومرسلة للباحث
بواسطة البريد الاليكتروني الخاص بالسيدة مايا حوشن [email protected] بعد مراسلة اليكترونية مباشرة معها .
ومن جهة أخرى، ووفقا للإحصاءات المتوفرة من المصادر الإسرائيلية، فإن نسبة الإشغال في القدس الشرقية بلغت بين 36% و55% للفترة 2005 و2012 مقابل 53% إلى 68% في فنادق القدس الغربية لنفس الفترة.
ومن الجدول رقم -3- يتضح تأثير الانتفاضة الثانية على الاقتصاد المقدسي في مجال السياحة للسنوات 2001 -2003 بشكل أساسي ومع ان التراجع قد توقف اعتبارا من العام 2005 إلا ان الانتعاش الفعلي لقطاع السياحة في القدس الشرقية لم يبدأ إلا في العام 2007. أمّا عودة انتعاش قطاع السياحة في القدس الغربية، فقد بدأ عمليا في العام 2004. وهناك نقطة غاية في الأهمية، وهي انه على الرغم من ان أكثر من 90% من المناطق والاماكن والمقاصد السياحية توجد في القدس الشرقية وبيت لحم بشكل أساسي، إلا ان عدد السياح والدخل المتأتي يوزع بشكل معكوس تماما .فالقدس الشرقية لا تحصل إلا على نحو 18% من نزلاء الفنادق مقابل 82% للقدس الغربية، أمّا الدخل فلا يزيد وفقا لأكثر التقديرات تفاؤلا عن 10%، لأن السياح لا يقضون اوقاتا في التسوق بالقدس الشرقية، بل يقومون بزيارة الأماكن المقدسة والعودة الى القدس الغربية في نفس اليوم غالبا؛ لكون معظم فنادق القدس الغربية تقع على خط التماس مع الشرقية بالإضافة إلى توفر وسائل الترفيه والخدمات اللوجستية الأخرى، فالقدس الشرقية تغلق انشطتها التجارية ومحلاتها التسويقية قبل الثامنة مساء في الصيف، وبحدود السادسة مساء في الشتاء، مما يحول دون قضاء السائح ساعات إضافية في القدس الشرقية. بينما تستمر الاسواق في الغربية حتى وقت متأخر من الليل.
4-3 المهن والورش الحرفية والتقليدية:
تعتبر المهن الحرفية والتقليدية في القدس الشرقية من اكثر القطاعات تأثرا بسبب الاحتلال. فقد تراجعت انتاجا وتسويقا بشكل ملموس ويمكن القول بان هذا القطاع الحيوي الذي ارتبط بتاريخ القدس آخذ بالاضمحلال والاختفاء. فلم يعد ينتج في القدس من منتجات حرفية إلا بنطاق محدود وبأعداد قليلة جدا. وأبرزها الخزف (السيراميك) وعددها 3 مصانع، والتطريز 4 (من خلال الجمعيات)، والخيزران 2 والأطراف الاصطناعية والمكانس والفراشي والنحاسيات والشنط الجلدية واحدة لكل منها. أمّا أهم المهن الحرفية التي توقف انتاجها في القدس كليا وانتقلت إلى مدن الضفة الغربية أو أغلقت لأي سبب فأبرزها: المهن الخشبية والفخاريات والبسط والحصر والسلال والتنجيد والمبيض والنداف (القطن والصوف) والصدف والشمع والعكل والمعاصر ومصلح البوابير والتنكجي. وفيما يتعلق بالسمات والخصائص المميزة للمهن الحرفية المقدسية فهي تكاد تتماثل مع تلك السائدة في فلسطين. ولعل أبرزها تخلي العديد من العائلات والأسر عن انتاج السلع الحرفية التي اشتهرت بها على مر العقود، وهجرة الأيدي العاملة الماهرة المدينة بسبب الجدار العنصري وعدم حصولهم على تصاريح دخول وانسداد الآفاق التطويرية للمهن والحرف المقدسية، وافتقارها لوسائل الدعم والمساندة. وفيما يتعلق بواقع المهن الحرفية في القدس فأن عدد منشآتها لا يزيد عن 12 موزعة بين جمعيات خيرية (5) وشركات خاصة عائلية (3) وفردية (3) وواحدة محصورة في مدرسة الأيتام الصناعية في القدس القديمة. وبشكل عام فإن الجمعيات والشركات الخاصة العائلية سجلت قبل 1967 والباقي أعيد تسجيله بعد العام المذكور. وتستوعب المهن المذكورة 103 عمال وعاملات بما فيهم اصحاب العمل وأفراد عائلاتهم. وتستأثر مهنة التطريز على 63 عاملة بنسبة 61% والمكانس والفراشي 15 عاملا بنسبة 14.5% معظمهم مكافيف أو أضراء (جمع كفيف وضرير) و12 بالخزف بنسبة 11.6% و10 عاملين (10%) في مهنة الخيزران منهم 8 طلاب. وفيما يخص المستوى التعليمي للعاملين في المهن الحرفية فإن 4 منهم يحملون الدرجة الجامعية الأولى، و13 الدبلوم و30 الثانوية العامة والمهنية، و42 الشهادة الإعدادية، والباقي ابتدائي وغير محدد. أمّا بالنسبة لمصادر المواد الخام اللازمة للمهنة فإن 85% يتم الحصول عليها من الضفة والقدس وفلسطينيين من داخل الخط الاخضر، والباقي (15%) من تجار إسرائيليين. ولم يتوقف التراجع في المهن الحرفية عند هذا الحد بل تبين ان معظم المنتجات يتم استيرادها من الصين والهند وإيران ودول اخرى بعد ان كانت القدس تصدر لكل انحاء العالم. وفي دراسة صدرت عن معهد ماس العام الماضي (2012) اتضح ان معظم المنتجات الحرفية التي تباع في القدس الشرقية اليوم يتم استيرادها من الخارج، وخاصة من الصين والهند وايران وايطاليا وتايلند واسبانيا. وهذه ملفتة للنظر بشكل كبير مما يعكس توقف انتاج السلع الحرفية والتقليدية التي اشتهرت القدس بها على مر التاريخ وباتت تستورها بعد ان توقفت العديد من المصانع واغلقت ابوابها وتركت المدينة المقدسة. وبناء عليه فلم تعد القدس مكانا لصناعة وانتاج المهن الحرفية التي اشتهرت بها منذ القدم.


جدول رقم -4-
يظهر الأهمية النسبية للدول التي
يستورد منها التجار المقدسيون منتجاتهم الحرفية

الدولة الاهمية النسبية
الصين 18%
الضفة + القدس 17%
الهند 13%
ايران 8%
اسرائيل 7%
الاردن 7%
سوريا 5%
ايطاليا 5%
تايلاند 5%
اسبانيا 4%
اليونان 3%
تركيا 3%
دول عربية اخرى 3%
رومانيا 2%
المجموع 100%
المصدر: محمد خضر قرش ،المهن الحرفية التقليدية في القدس، معهد ماس ص20

فالجدول يعبر عن الحالة المأساوية التي بلغتها المهن الحرفية والتقليدية في القدس الشرقية. اما فيما يخص المشاكل والعقبات التي تواجه انتاج وتجارة المهن الحرفية والتقليدية في القدس فتاتي الضرائب المرتفعة التي تفرضها إسرائيل على الانتاج والتجار معا، وتأثير وكلاء السياحة والمنافسة الشديدة وعدم استقرار الأوضاع السياسية والامنية واعتداءات المستوطنين وتقلب سعر صرف الشيكل.
الخلاصة: واجه الاقتصاد المقدسي بمؤسساته المختلفة بالعقود الستة الأخيرة 5 صدمات قوية ورئيسة أثرت سلبيا على النمو الاقتصادي فيها وسحبت نفسها على المجالات الاجتماعية والثقافية والمرافق. وهذه الصدمات هي: صدمة 1948 وانسلاخ الجزء الغربي من المدينة بكل ما كان يمثله من ثقل مالي وموارد وصناعة وتجارة ومواصلات، ففيه كانت تتركز المصارف والشركات الكبيرة والبلدية والمقرات الإدارية. أمّا الصدمة الثانية فكانت عام 1967 حينما احتلت إسرائيل الجزء الشرقي منها وباتت مدموجة قسريا مع القدس الغربية وتحت سلطة الاحتلال الكاملة. والصدمة الثالثة كانت بانطلاق الانتفاضة الأولى عام 1987 والرابعة كانت في الانتفاضة الثانية في خريف عام 2000 والخامسة كانت في إقامة الجدار العنصري والذي عزلها كليا عن بيئتها وحاضنتها الفلسطينية. ومن الجدير ذكره في هذا السياق ان بعض الصدمات استمر تأثيرها السلبي لعدة سنوات (الانتفاضتان الأولى والثانية) والبعض الآخر ما زال تأثيره مستمرا وضاغطا على اقتصادها (الجدار العنصري). فالاقتصاد المقدسي يعتمد بشكل كبير على المدن والقرى والبلدات المجاورة له. فقوته مستمدة من كونه مركزا لاستقطاب وجذب المستثمرين ومحورا رئيسيا للطرق والمواصلات، وممرا بين شمال وجنوب الضفة. وبإقامة الجدار العنصري فصلت إسرائيل وأنهت علاقة القدس ليس كمحطة مواصلات اساسية، لا بد من المرور منها وعبرها، وإنما شطبتها عمليا من الخارطة الاقتصادية الفلسطينية بغرض إضعاف اقتصادها. لقد حاول المقدسيون كثيرا بعد كل الصدمات المشار إليها من إعادة التكيف مع إفرازاتها ونتائجها السلبية؛ مما أضعف من قدراتهم الذاتية على التصدي للمخططات الإسرائيلية. فالجدار أكبر من قدرتهم على إزالته والإجراءات القاسية والمجحفة التي تتخذها سلطات الاحتلال أثقلت كواهلهم، ولم يعودوا قادرين على مواجهتها بمفردهم. فلم يكن سهلا على اقتصاد المدينة أن يواجه 5 صدمات رئيسة في ستة عقود ونصف، بمعدل صدمة كبيرة كل 13 عاما. وممّا يزيد الأمر تعقيدا ان المدينة لم تنل ولم تستفد من الطفرة التنموية التي شهدتها الضفة في الأعوام (2008 -2011).، لقد أضعف كل ذلك من قدرات اقتصادها وخاصة بعد أن أصبحت حبيسة مسار اقتصادي هش وحصار ظالم. إن عودة الانتعاش لاقتصاد القدس يتطلب وضع استراتيجية تنموية واسعة ودعم قدراتها على الصمود ليس لمواجهة سياسات الضم والالحاق الإسرائيلية، وإنما لتثبيت المقدسيين في مدينتهم، وتوفير كل وسائل الدعم لهم كحد أدنى. فبعد 25 عاما من توقيع اتفاقية أوسلو، و52 عاما من الاحتلال لم تحصل القدس لا على الاهتمام الذي تستحقه كعاصمة، ولا تدعيم اقتصادها بعد ان سلخ الاحتلال اجنحتها وكل مقومات الصمود والتطور. أو ليس من الملفت للنظر أن تخلو موازنة السلطة الوطنية على اي بند لتنمية وتطوير اقتصاد القدس؟ أو ليس غريبا أيضا ان لا تزيد ما تنفقه السلطة الوطنية على دعم القدس عن 3% من الموازنة العامة؟ مخصصة معظمها لنفقات المحامين وإدارة الهدم الذي تتولاه بلدية الاحتلال. لقد فشل القطاع الخاص في الاستثمار في المدينة لأسباب كثيرة، وهذا هو ما يحزن ويسبب خيبات الامل للمقدسيين. وختاما فلا السلطة ولا القطاع الخاص استطاعا العمل معا لتطوير وتنمية اقتصاد المدينة. مما تركها ضعيفة وغير قادرة على الصمود وتثبيت الوجود.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف