الأخبار
مدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نصري شمس الدين وعشق الغناء الشعبي بقلم:وجيه ندى

تاريخ النشر : 2019-03-24
نصري شمس الدين وعشق الغناء الشعبي بقلم:وجيه ندى
نصرى شمس الدين وعشق الغناء الشعبى
وجيــه نــدى بحار كل الفنون وحياة الفنان نصرى شمس الدين - ما من مرة أتذكر فيها ذروة نشاط المسرح الغنائي العربي عندما ازدهر على أرض لبنان الشقيق بعد باكورة ازدهاره على أرض مصر، إلا وتعود بي الذاكرة إلى عطاء المطرب الراحل نصري شمس الدين فقد كان نصري شمس الدين هو النجم "الرجل" في هذا المسرح الغنائي اللبناني.. مثلما كانت فيروز النجمة "المرأة" لهذا المسرح.
كان نصري شمس الدين هو الشريك، وكان أيضا القاسم المشترك للمسرح الغنائي اللبناني في نظر الرحابنة أصحاب الإبداع والتنفيذ والمتابعة والتصور الفني لهذا المسرح الذي لا يمكن لأي منصف أن ينكر دوره في إنعاش حركة المسرح الغنائي في لبنان، وأيضا في مختلف الأقطار التي عرض فيها هذا المسرح.
لقد كان نصري شمس الدين هو النموذج في الأصوات الرجالية لدي الرحبانية مثلما كانت فيروز لديهم نموذج الأصوات النسائية، وصحيح أن وديع الصافي وكارم محمود كانا أيضا ضمن فكر الرحابنة في مسرحهم وعلى نحو جري لعدة عروض، وصحيح أيضا أن عفاف راضي كانت في الذهن والتطبيق عندما وضعها الرحابنة مكان فيروز عند إعادة تقديم مسرحية "الشخص" لكن يظل لاسم فيروز ولاسم نصري شمس الدين هذه الريادة والتى لم تزل نتاجاتها محفوظة في الأرشيف المرئي والصوتي لهذه المسرحيات الغنائية، فقد كان نصري شمس الدين "المحافظ" في مسرحية "الشخص" وكان الملك في مسرحية "هالة والملك" كما كان "المختار" في مسرحية "بياع الخواتم" وكان "الوزير" في "بترا" وهو أيضا "الظريف" في مسرحية "يعيش.. يعيش" وهو كذلك "المستشار" في مسرحية "صح النوم" كان يتنوع عطاؤه عندما يقدم شخصيات من الطبقات الدنيا فيبدع في تجسيدها، وعلى نحو ما كان في مسرحية "لولو" عندما كان ماسحاً للأحذية بينما ترتفع به الاختيارات بعد ذلك فيصبح "الأمير" في مسرحية "جسر القمر".
الالتزام بطريقة زرياب
إن الاستماع إلى صوت نصري شمس الدين في الحفلات، وأيضا في المسرحيات ومن خلال ملاحظة الالتزام بالحدود الموضوعة لغنائه ضمن ألحان المسرحيات الغنائية التي شارك فيها، تجعلنا نشعر أن هذا المطرب صاحب الصوت الطيب، والأداء الودود، والتعبير الجيد، هو من ذلك اللون من الأصوات التي تربت على طرق الغناء عبر المرشحات القديمة، وخصوصا الموشحات الأندلسية.. وهي طرق تتبلور في معظمها عبر الفهم الذي يعرفه كل من يهوى التعرف إلى سطور التراث الغنائي العربي والذى يجعل لهذه الطريقة تسمية تعرف باسم "طريقة زرياب في تعليم الغناء".. وهي طريقة تقوم على خطوات ثلاث هي: اللحن والإيقاع والزخارف،وهي طريقة نلحظ أثرها على غناء نصري شمس الدين عندما نتوقف أمام غنائه للمقطع الصوتي "آه" وهو يؤديه بمهارة واقتدار بطول كل درجات السلم الموسيقى، ثم في حرصه على المقامات وهو ما يبدو في نطق الكلمات مصحوبة بالإيقاع الذي يزيد أداؤه وضوحا فتبدو النبرات القوية ويبدو أيضا التحكم في الأداء وفي سرعته، أما الزخارف فهي تلك التي نلحظها في الحلي الصوتية التي يلمسها كل من يستمع إلى غناء نصري شمس الدين وأدائه الذي يظهر ويجمل بلون هذا الغناء.
إن الرصيد الضخم من الغناء المسرحي المنسوب لنصري شمس الدين لا يحجب أيضا ذلك الرصيد الآخر من الغناء الفردي الذي قدمه في تسجيلات.. وحفلات إذاعية ولقاءات تلفزيونية وهو غناء ناجح به وبطريقته وحيث يذكر له عشاق الغناء اللبناني الشعبي العديد من أغانيه الشهيرة ومن بينها الأغنية الجميلة "طلوا الصيادين".
إننا نتذكر أيضا لصاحب الصوت الذي غني فأحسن وهو يقدم، بإجادة هذه الألوان الغنائية المبهجة والتى أعطته فرص تقديم أشهر غنائيات الأفراح الشامية المستمدة من ألوان الفولكلور العربي الذي نحبه عبر الوصول إلى أسماعنا من بلاد الشام بمعناها المتداول في وادي النيل والشمال العربي الإفريقي والذي نقصد به سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وهو غناء يتميز بجانب نغمته المبهجة وإيقاعاته الراقصة وتنويعاته الساخنة، بأنه غناء يعطي للمطرب فرصة تقديم الطرب الصافي، وهو طرب كثيرا ما انساب إلى أسماعنا عبر حنجرة نصري شمس الدين عندما كان يسبق هذه الغنائيات بتقديم المواويل واستعراض المهارات الصوتية في أدائه للعتاب والغزيل والميجانا وغيرها.
وعندما استمع إلى نصري شمس الدين في أعماله الغنائية المسجلة من خلال نشاطاته في المسرح الغنائي أو من خلال الأفراح أو الأغاني الشعبية اللبنانية أتصور أن صاحب هذا الصوت الجميل قد حصر نفسه في هذه الألوان ولم يخرج عنها، غير أن الحقيقة التي عرفناها من الفنان الراحل ونحن نلتقي به عندما زار مصر في السبعينيات بصحبة الرحابنة وفيروز والفرقة الغنائية الموسيقية عندما أحيوا الحفلات الغنائية في حديقة الأندلس والتى أخرجها للمسرح والتلفزيون المخرج حسين كمال، فقد عرفنا ما يخالف ما يذهب إليه من يقرأ سور صوت نصري شمس الدين كان عاشقا للشعبيات الغنائية المصرية وخصوصا التي انفرد بتقديما الملحن محمود الشريف والتى قدمها من خلال أصوات محمد عبد المطلب وعبد الغني السيد وكارم محمود، وقد عرفت وقتها من نصري شمس الدين أن عشقه لهذا الغناء دفعه للحضور من لبنان إلى مدينة الإسكندرية في أواخر الأربعينيات حيث غني الألوان الشعبية اللبنانية والألوان البلدية المصرية ومنها أغاني الصهبة الإسكندراني والأغاني الشعبية التي لحنها محمود الشريف وكانت تتردد في تلك السنوات مثل أغاني "وله يا وله" و"بتسأليني بحبك ليه" و"ع الحلوة والمرة" وغيرها.
لقد اختار نصري شمس الدين أن يحضر إلى الإسكندرية حيث مسارح وملاهي "الكورنيش" والتي أحسن جمهور مسرحها من أهل المدينة ومن زوارها استقبال نصري شمس الدين وهو يغني على خشبة المسرح القومي في منطقة "كامب شيزار" وهو يشارك مطربيه المفضلين في ذلك الوقت بريق ظهورهم، ومناخ نجاحاتهم على خشبة أكبر مسارح المنوعات في ذلك الزمن، الذي شهد إشراقات كارم محمود وثريا حلمي ومحمد عبد المطلب وإسماعيل يس وحورية حسن ومحمود شكوكو وسعاد مكاوي وغيرهم وهم يقدمون الطرب الأصيل.
كان نصري شمس الدين يعشق صوت وغناء المطرب الجميل كارم محمود، وقد بدأ هذا العشق عندما كان محمود في بداياته في أواخر الأربعينيات، وحتى جاءت الفرصة لنصري شمس الدين للتعبير عن هذا الإعجاب بصوت المطرب المصري عندما رشحه ليقف أمام فيروز في عدد من مسرحيات الرحابنة الغنائية عندما كان على نصري شمس الدين أن يلبي نداء الغناء في المهجر لأبناء وطنه العربي ممن يعيشون في الغرب الأمريكي في القارة الأمريكية الشمالية منها والجنوبية.
لقد حلم صاحب الصوت الجميل القادر بأن تقبل عليه السينما مثلما أقبلت على زملائه من المطربين محمد سلمان ومحمد البكار وكارم محمود غير أن أمنية صاحب الصوت الطيب الودود، والتى بدأت بوعد من أصحاب شركة "نحاس فيلم" في أوائل الخمسينيات لم تتحقق! وعرف نصري شمس الدين أن قدراته يناسبها المسرح الغنائي فقط.. فكان المطرب.. الممثل.. صاحب الملامح القوية والصوت الوديع، الحنون والأليف، والذي ظل على هذه الحال على الرغم من تقلبات الزمن، وحتى آخر العمر!
وجاءت السطور الأخيرة من مشوار نصري شمس الدين وكأن طاقة التحمل عنده لم تكن على مستوى قسوة الأحداث التي يمر بها الوطن، فكان أن ارتفع ضغط دمه، وعلا هذا الدم في عروق دماغه وفاض به الحمل الثقيل فانفجر نزفا لا يهدأ ولا يتوقف، لتنتهي بهذا الغليان الصامت قصة أداء المغني المبدع نصري شمس الدين ومثلما مضت سير أبطال الملاحم القديمة رحل نصري شمس الدين عن الحياة في أرض معركته وعلى مسرح النشاط الذي اختاره للتعبير عن موهبته وهوايته، فقد مات المطرب على خشبة المسرح الذي أخلص له.
مات ابن لبنان وهو يقف على خشبة مسرح "نادي الشرق" في العاصمة السورية دمشق وفي غمرة الانفعال الذي واجه به استقبال الجمهور، صمت برهة غابت فيها كل الدنيا عن عينيه المفتوحتين، والعيون ترقبه وهو ينظر إلى من جاءوا لوداعه الأخير وليسقط بعدها.ز فقد أصابه نزف حاد في رأسه وفارق الحياة.
ويسدل الستار على تلك الصورة الملحمية الحزينة، ويفقد الشرق بلبلاً آخر من بلابل الغناء.. ولتخلوا الساحة للغربان يزعجون أسماعنا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا!.رحمه الله واسكنه فسيح جناته بحار كل الفنون وجيــه نــدى
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف