الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عراب فلسطين بقلم : محمد زهدي شاهين

تاريخ النشر : 2019-03-20
عرابُ فلسطين
بقلم : محمد زهدي شاهين

إن معنى كلمة العراب وردت في معجم المعاني الجامع بانه هو من يتولى مسؤولية اتفاق طرفين في السر. وما احوجنا في مثل هذه الايام وفي خضم هذه المرحلة الحرجة والصعبة التي تعصف بقضيتنا الفلسطينية الى عرابُ فلسطيني يلملم اوراقنا المبعثرة وينير لنا الطريق، ويزيل الظلام الذي خيم على ربوع الوطن.
إن المرحلة التي نمر بها اليوم في غاية الخطورة، إذ نقف اليوم امام مفترق طرق أو خيارين، خيار الوحدة الوطنية المؤدي الى المحافظة على الارادة الوطنية للفلسطينيين، والخيار الثاني نقطة اللاعودة للوحدة الوطنية والذي يؤدي الى احتلال الارادة الفلسطينية و كسرها من قبل العدو واعوانه، وتعتبر اليوم قضية رواتب عوائل الشهداء والاسرى اختباراً حقيقياً ومقياساً لصلابة الارادة الفلسطينية، وعدم استلام اموال المقاصة المقرصنة هو عمل وطني بامتياز. لهذا يجب ان نقوم بتشخيص دقيق للموقف لكي نستطيع وصف العلاج المناسب. فيجب علينا كفلسطينيين تغليب لغة العقل والمنطق لا غير ذلك، والحيلولة دون التشوه الفكري لجَنين المرحلة القادمة، كأن يولد مُستقبلنا مشوهاً وممسوخاً. وما يحصل اليوم من انتشار للغة التحريض والتشكيك والتخوين لا يعدو عن كونه تلويث وتسميم فكري لهذه المرحلة، يتأثر به اطفال اليوم جيل المستقبل. ويجب علينا جميعاً الوقوف كلٌ عند مسؤولياته ووأد هذه الظاهرة. وعدم الالتهاء بقضايا من شانها ان تشتت اذهاننا عن قضيتنا المحورية، علماً ان استراتيحية الالهاء او تشتيت الذهن تأتي على رأس الاستراتيجيات العشر لتضليل الشعوب كما حددها نعوم تشومسكي. والاخطر من ذلك ممارستها بشكل ذاتي على انفسنا،
إن الطعن بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية وشرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس امر لا بد من التوقف عندهُ لتساوقه وانسجامه مع مواقف العدو الصهيوني. إن هذا التساوق المنسجم مع مواقف العدو غير مبرر بتاتاً وتحت كل الظروف، ويؤدي الى اتساع الشرخ وتعمق الجرح الفلسطيني ويفتح الباب على مصراعية لمهاجمة مروجيه وانتقادهم بشكل لاذع، وهنا لا بد من هذا التساؤل افلا يدرك هؤلاء خطورة ذلك!
أما بخصوص الانقسام السياسي فليس انقساماً سياسياً مجرداً، فالانقسام ترك اثراً اجتماعياً بليغاً واثر بشكل مباشر في البنية المجتمعية لشعبنا الفلسطيني عدا عن الاثر النفسي، وسقط مئات القتلى والجرحى. وهذا الملف يعتبر ملفاً حيوياً ايضاً ويجب معالجته، وايضاً معالجة الملف الامني في قطاع غزة، ومراعاة الوضع المعيشي للسكان. ويتوجب على الاخوة المعتدلين في حركة حماس، اصحاب الخطاب الوطني المعتدل تولي زمام الامور والعمل الجاد من اجل انهاء الانقسام، وخصوصاً بعد التقدم الملحوظ والتطور الفكري والسياسي الذي بان من خلال ما قامت بطرحة الحركة عام 2017 في وثيقة المبادئ والسياسات العامة اذ بدا جلياً تراكم المعرفة والخبرة السياسية لدى حماس، والانفتاح على الاخرين، وخطابها الوطني ذو النكهة الاسلامية المنفتحة. لهذا لا بد من معالجة هذا الملف بشكل فوري وتغيير سلوكها الفعلي ليتماشى مع ما طرحته في وثيقتها بايمانها بالعمل الوطني التشاركي، والمحافظة على الوحدة الوطنية، واستقلالية القرار الوطني الفلسطيني، ويجب ان يكون للسيد خالد مشعل دوراً في ذلك، ولا يجب ان يغيب عن المشهد لا بشكل طوعي او قسري كون الانقسام حصل اثناء توليه رئاسة المكتب السياسي، فالتاريخ لا يرحمُ احد. وفي المقابل لاتوجد ملائكية او عصمة لاحد.
ابناء شعبي الفلسطيني، سالقي الضوء على كيفية قراءة مواطن فلسطيني بدوي بسيط الحال لمواقف السيد الرئيس محمود عباس. ففي اثناء عودتي من مدينة رام الله الى مدينة القدس او ما يسمى ضواحي القدس
الشرقية قبل عام ونيف، وفي صباح احد ايام الجمع المباركة، كنت مستقلاً مركبةً عموميةً، وبعد اجتياز بلدة عناتا اقتربنا من منطقة الكسارات الموجودة في طريق ابو جورج وهي من ضمن المنطقة التي يطلق عليها E1.

فتوقفت المركبة التي استقلها واقلت رجلان من البدوِ ممن يقطنون في تلك المنطقة وبدا لي الرجلان انهما في اواسط العمر ، وجلسا بجانبي في المقعد الذي يلي السائق. وبعد طرحهما السلام والتحية بادرهما شاب في مقتبل العمر كان جالساً بجانب السائق بسؤال؛ متسائلاً من اين يجلبون مياه الشرب لهم ولماشيتهم في تلك المنطقة! فرد احدهما قائلاً له : من صهاريج المياه (وهي منتشرة بتلك المنطقة البدوية ونجدها امام كل بيت او كوخ)، فقال له الشاب متسائلاً: من اين تقومون بتعبئتها!! فأخذ الرجل يمدح بالرئيس الفلسطيني واسهب في مدحة حتي بدا لي الامر انه يقوم بمدحه من باب السخرية، حتى اتضح لي العكس وانه جاد فيما يقول. ومما قاله : (ادام الله الرئيس واطال في عمره وحفظه لنا ولشعبه، فهو يقوم بدعم هذه المنطقة بمختلف الطرق وشتى السبل. فالسلطة الفلسطينية تقوم بتوفير كامل الاحتياجات لنا لنبقى ولنحافظ على ثباتنا وتواجدنا على هذه الارض، وهذا كله بتوجيهات من سيادته). وقال الرجل عبارة جميلة ومعبرة من خلال مقاربة رائعة قائلاً : الرئيس محمود عباس يقوم بتثبيت اكواخ من الصفيح وبيوت من الشعر تتلاعب بها الرياح كيف شائت لتبقي الارض فلسطينية (المقاومة الديمغرافية)، وللاسف فبعضٌ من ابناء جلدتنا يتهمونه بالتنازل عن الثوابت, فكيف لمن يقوم بالمحافظة على ارض جرداء ان يفرط بالقدس والاقصى الراسخة في العقل والوجدان الفلسطيني.
نعم محمود عباس بشر يصيب ويخطئ، ولم يكن موفقاً بالعديد من خطاباته الموجهة للشارع الفلسطيني، وهذا اعزوه الى الصراحة المفرطة للسيد الرئيس، ومن الممكن اهمال الجانب العاطفي لابناء الشعب الفلسطيني في بعض الاحيان. ولكن دبلوماسية السيد الرئيس ذات مستوىً عالٍ، والسياسة الداخلية المنتهجة لبناء دولة المؤسسات تزدهر يوماً بعد يوم، ، لكن الفجوة تكمن في كيفية الاتصال والتواصل بين مؤسسة الرئاسة والجمهور الفلسطيني. فنحن اليوم بحاجة الى رئيس دولة وقائد شعب في آنٍ واحد، والرئيس الفلسطيني يستطيع فعل هذا، فما يزال هناك متسعاً لذلك (الجمع ما بين العباسية والعرفاتية).
اوسلو : بعد رحلة الشقاء للمقاومة الفلسطينية، والاخطاء التي تخللت تلك الرحلة الطويلة التي جعلت من امكانية او احتمالية عمل فلسطيني مقاوم من الحدود الخارجية لفلسطين معدومة وبهامش صفر بعد جلاء المقاومة الفلسطينية عن حدود الوطن، كان هذا احدى الاسباب التي اضطر بسببها المفاوض الفلسطيني التوقيع على اتفاقية اوسلو والتي تعتبر دون الحد الادنى من طموح الشعب الفلسطيني، ومع هذا يجب النظر على انها انجاز من منطلق ان القوة الحقيقية هي بما نمتلكه بايدينا، لهذا يجب البحث عن نقاط القوة لدينا وتجنب نقاط الفشل وتحويلها لنقاط قوة بذات الوقت أو تفاديها. ومن غير اللائق البحث عن شماعةً نلقي عليها عثراتنا واخطائنا المتتالية؛ يجب علينا اذاً التعلم من الماضي ودراسة حاضرنا وامكانياتنا المتاحة، ورسم مستقبل ورؤيا واضحة المعالم لنا جميعاً؛ وهنا لا بد من العمل على هدم فجوة وضوح الرؤيا التي نعيش، من خلال تدفق المعلومات للجمهور الفلسطيني بكل السبل الاعلامية المتاحة.
وبما اننا على ابواب تشكيل حكومة جديدة لا بد لنا من الوقوف هنا هنيهة، فلقد كثر اللغط مؤخراً حول هذه الحكومة وآليات تشكيلها من قبل حركة فتح، واخذ البعض بمهاجمتها والحكم المسبق على ادائها بانها ستكون حكومة انفصال وغير ذلك. وبكوني متفائلا دوماً، وبما ان حركة فتح سيدة الواقعية السياسية سأراهن على انها ستكون حكومة الشعب الفلسطيني وستتناغم مع الموقف او الرؤيا السياسية للسيد الرئيس؛ ومن باب تفائلوا بالخير تجدوه ستمحوا هذه الحكومة الخط الوهمي بين حركتي فتح وحماس، وبين مكونات شعبنا ككل، وسينتهي الانقسام في عهدها.
وبالعودة الى ما بدانا به حديثنا فعرابُنا الفلسطيني هو من يستطيع تقريب وجهات النظر، واعادة الثقة بين مكونات شعبنا الفلسطيني بمختلف اطيافه. ومن يستطيع بحسن تقديره وسدادة رأيه وحنكته إصلاح البيت الفلسطيني، وبناء جدار متين وصلب لمواجهة صفقة القرن؛ سيكون حتماً هو عرابُ المرحلة وعرابُ فلسطين.
واخيراً وليس اخراً يقول المثل العربي ما بحك جلدك الا ظفرك. وحدتنا الوطنية اولاً؛ فكن قوياً تحترم، وصياغة استراتيجية موحدة لخيار المقاومة السلمية ثانياً، وتبنيها كخيار استراتيجي لهذه المرحلة ، وصياغة استراتيجية وطنية بديله نراكم بها قدراتنا ثالثاً في حال فشل الاستراتيجية السابقة، وصياغة استراتيجية اقليمية رابعاً، بوضع اقدامنا على ارضية صلبة ومتينة كاراضي بنت جبيل او كصخور جبال اليمن الصماء، فوضع اقدامنا على ارض رخوة كرمال الربع الخالي المتحركة التي ينطبق عليها القول فاقد الشيء لا يعطيه؛ لا يصب في مصلحتنا نهائياً.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف