عيد ميلادك
شعر عزالدين مبارك
*****************
أحتفل بعيد ميلادك
الأول
وأنت تكبرين
كنبتة طرية
تسابقين العمر
لحظة سعيدة
وتملئين البيت بهجة
بالصراخ
والبكاء
والضحك المجلجل
وتركضين
هنا وهناك
بين وقفة ووقعة
تتسلقين الدرج العالي
كأنك هرة
لا تخافين السقوط ولا تبالين بالمخاطر
وتعبثين بالأواني
والكتب
وكراريس المدرسة
إيه كم هي شهية
قبلاتك الطرية
عند الصباح
وفي العشية
انها لا تشبع نهمي
بل تزيد ظمئي
تحيتك قبل النوم
سلام للقلب الحزين
وأشواق حب دفين
مشيت قبل العام بشهر
تتمايلين كالبطة العرجاء
تحبين الفسحة
والأطفال الصغار
والموسيقى
والأزهار
وتعشقين كالكبار
الشاي
والفزدق
والمرطبات
وحبات عباد الشمس
تنامين كعصفورة ربيعية
في عشك الملائكي
بين الورود والأحلام
هدايا عيدك كثيرة
وأنت لا تعلمين
من هؤلاء ولماذا جاؤوا
ضوضاء
ضجيج
وموسيقى صاخبة
تلبسين أجمل الثياب
وتلطخيها ببقايا الأكل
وامك يأكلها الغيض
والحنق الأحمر
وأختاك تحسدانك
على نومك الطويل
ولعبك العديدة
وثيابك المزركشة
واهتمامنا الزائد بك
وكأنهما لم تعيشا
في مثل عمرك
هذه الأفراح
وهذه المناسبات
أطفأت يا صغيرتي
شمعتك الأولى
والفرحة تملأ البيت
وعام بعد عام تكبرين
وتصبحين في عمر أميرة
ونور الهدى
وتذهبين لروضة السندباد
ومدرسة الباشا
وتحصدين الجوائز
في أول العام
ووسط العام
وآخر العام
وتفكين طلاسم الحروف
وتحفظين الأناشيد
وقصائد الشابي
والمعلقات السبع
ومقدمة ابن خلدون
محفظتك ستكون صغيرة
ومنديلتك وردية اللون
بها زهور وعصافير
وفراشات
أبوك في ذلك الوقت
يصبح شيخا هرما
ورأسه أغبر بالشيب
يعيش على الأحلام الضائعة
والأيام المنسية
كأسد مسن
فاته القطيع ولم يرحل
وأمك تذكريها بألف خير
حملتك خريفا وشتاءا وربيعا
وتحملت من أجلك تعبا وضنكا
وما قالت أفا
يقولون تشبهين أبوك
ومن شابه أباه فما ظلم
بوجهك الطويل
وأنفك المفرطح
وجبهتك البارزة
وعيناك الحادتان
كحبتي زيتون
وأخذت من أمك
شعرا ذهبيا
كسنابل القمح
واللون الأبيض
ووجها ملائكيا
وضحكة طفولية حالمة.