الأخبار
ما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقط
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشتات الأفريقي- ترجمة: د. أشرف إبراهيم زيدان

تاريخ النشر : 2019-03-16
رواية المستعمرات (ترجمة: د. أشرف إبراهيم زيدان/كلية الآداب/جامعة بورسعيد)
(Richard Ruppel)
يمكن تعريف رواية المستعمرات بأنَّها الرواية التي تدور أحداثها في المناطق التي كانت خاضعة للاستعمار الأوروبي فى الحقبة التي تبدأ بعصر الاكتشافات وتنتهي في منتصف القرن العشرين وبخاصة عندما جرَّدت أوروبا نفسها من تلك المستعمرات. وتحكي هذه الروايات—بشكل نمطي—رحيل الأبطال (الذكور ذوي البشرة البيضاء) من أوروبا، سواء أكانوا مستكشفين أم مغامرين أم جنوداً أم تجاراً أم اداريين، وربما كان بعضهم مجرمين منفيين، كما تحكي تلك الروايات كيف واجه أولئك الأبطال عالما مجهولا من الأدغال والصحاري تتفشى فيه الأمراض، وتسكنه شعوب ذات ثقافات مختلفة. وتمثل هذه الروايات عامة العالم الاستعماري مستخدمة طرقًا تقليدية ربما تتوافق أو لا تتوافق مع العالم الاستعماري الذي سُجِّل في المراسلات والصحف والسجلات المتاحة سواء في الدولة الأوروبية الأم أو في المستعمرات السابقة نفسها. وهذه التقاليد كانت، وما زالت، مؤثرة؛ لأنها تساعد في فهم طبيعة كلٍ من تلك المستعمرات ومواطنيها في أثناء الحقبة الاستعمارية.
ظهرت بدايات القصص الاستعماري فى بريطانيا العظمي قبل قيام الاستعمار على أرض الواقع (إذ أراد الروائيون بهذه القصص أن يهيئوا الرأى العام لقبول فكرة الاستعمار، فكانوا بذلك خدما للإمبريالية/المترجم). ويمكن أن تعد مسرحية ويليام شكسبير (العاصفة) قصة رمزية استعمارية؛ كُتبت هذه المسرحية في بداية القرن السابع عشر قبل أن تستقر إنجلترا في مستعمراتها بأمريكا الشمالية، بل قبل أن تشرع في غزو الهند؛ فى هذه المسرحية تتحطم سفينة (بروسبيرو) وابنته (ميراندا) قريبا من إحدى الجزر، ويحرر (بروسبيرو) أحد سكان الجزيرة ويدعي (أرييل)، فقبل هذا الرجل أن يصير عبداً لبروسبيرو، ولكن آخر من سكان الجزيرة ويدعى (كاليبان) لم يكن سهل الانقياد مثل مواطنه (أرييل)، وقد أقدم على محاولة اغتصاب (ميراندا) بالرغم من أنَّ والدها عامله بلطف وعلّمه اللغة الإنجليزية، لذا استعبده (بروسبير) بالقوة، واستطاع (بروسبيرو) أن يفرض هيمنته وسلطته على الجزيرة بفضل ما كان يتمتع به من القوى السحرية، وأرى أنّ هذه القوى السحرية الخارقة ترمز إلي الأسلحة الحديثة والتكنولوجيا المتفوقة التي مكنت الأوروبيين من السيطرة على تلك المستعمرات في شتى أنحاء العالم (يقول مفكروا ما بعد الاستعمار إنَّ المعرفة تتناسب مع القوة تناسبا طرديا/المترجم). ويمثل أرييل المواطن الأوروبي المتغرّب الذي نجده بعد ذلك في روايات لاحقة فى شخصية (فرايداي) الذي يرضى أن يكون خادما لقاء قدر قليل من التعليم، سواء أكان هذا الرضا قليلا أو كثيرا. وقد كان (بروسبيرو) يلجأ فقط إلى بعض التهديدات العرضية ليحتفظ بسيادته على خادمه (أرييل)، لذا اتفق معه على أن يطلق سراحه بمجرد أن ينجز خططه؛ لإعادة سيطرته على إيطاليا مرة أخري. ويمثل (كاليبان)، علي الجانب الأخر، الخائن الذي يجب أنْ يُقهر وأنْ يُذل؛ لتصريحه المباشر برغبته في اغتصاب امرأة بيضاء. وكما نجد في العديد من روايات المستعمرات اللاحقة يجلب (بروسبيرو) الحكمة والأخلاق والنظام للجزيرة—نموذجه الاستعماري الأصلي—مكافئًا من يطيعه ومعاقبًا من يقاوم سلطاته بقسوة مفرطةٍ.
وتعد رواية الكاتبة أفرا بِن (أورونوكو) (1688) العمل التالي في الأهمية بين روايات المستعمرات؛ وهى من النماذج الإنجليزية المبكرة لهذا النوع. والبطل هنا (أفريقي) بخلاف الغالبية العظمى من هذه الروايات. ومع أنَّ الراوي إنجليزي تصور تلك الرواية العديد من الشخصيات الإنجليزية أوغادا. وبالرغم من اختلافها عن القواعد العامة لرواية المستعمرات فإنَّ الرواية لم تشكك فى قضية العبودية، ونجد أنّ البطلين (أورونكو) و(ايمويندا) استثناءان، من حيث جمالهما البدني وذكاؤهما ونبلهما؛ لدرجة أنَّه لا يمكن النظر إليهما كـــ مناهضين للإمبريالية الأوروبية. وبطريقة أخري لا يمكن أن نراهما ممثلين لغير الأوروبيين. بل يقدم (أورونكو) النموذج الأول للهمجي النبيل في الرواية الإنجليزية.
تعد رواية دانيال ديفو (روبنسون كروسو) (1719) العمل الأكثر تأثيرا من بين روايات المستعمرات. وقد نشرت هذه الرواية مع بناء بريطانيا لإمبراطورتيها في أمريكا الشمالية وشبه القارة الهندية وأماكن أخري، ولكنها لم تشر مباشرة إلي أية أطماع بريطانية استعمارية. يُقبض على كروسو، ويُستعبد في شمال أفريقيا، ويستقر في مستعمرة برتغالية في البرازيل، ثم تتحطم سفينته بالقرب من إحدي الجزر المهجورة، وفي نهاية المطاف يدّعي ملكيته الاستعمارية لهذه الجزيرة. وبالرغم من خلوها إلي النزعة المباشرة للهيمنة الإمبريالية تعد تلك الرواية نواة لروايات المستعمرات؛ لأنها تشتمل تقريبا على كل السمات التي تميز ذلك النوع من الروايات.
فبعد أن ينقذ (كروسو) فرايداي من أعدائه—الذين، كانوا مثل فرايداي، مواطنين أصليين يقطئون أمريكا الجنوبية، وكانوا علي وشك قتله وأكل لحمه—يعرض عليه أن يكون خادما أو عبدا له فيقبل على الفور، ويظهر ذلك فى مشهد من أشهر المشاهد في رواية المستعمرات، إذ يسجد (فرايداي) أمام (كروسو) واضعا قدم سيده على رأسه. ويسميه كروسو- ويقبل فرايداي باسم فرايداي على الفور (وللعلم هذا الأسم لا يقبله أيهما أو القراء المعاصرين لو أنًّ فرايداي رجل أبيض). ويُعلِّم (كروسو) فرايداي اللغة الإنجليزية، على الرغم من أنَّه لم يفكر أبدا في تعلم لغة خادمه، ويعتنق الخادم المسيحية بسرعة [المذهب البروتستانتي/المترجم]. ويتميز (فرايداي) عن أقرانه بـــدنيًا وأخلاقيًا وفكريًا، ويخدم سيده بولاءٍ وفرحة ومتعةٍ إلى أن يقتل في رواية مكملة بعنوان (مغامرات أبعد لـــ روبنسون كروسو) (1719). ويعد (فرايداي) النموذج الأصلي للشخصيات الخادمة/التابعة للبطل، بداية من شخصية (جنجا دِن) في أعمال (روديارد كبلنج) وشخصية (دين وارس) في رواية جوزيف كونراد) لورد جيم(.
أصبح كثير من سمات رواية (روبنسون كروسو) تقاليد عامة لرواية المستعمرات. ولقد ظل التفوق الأخلاقي الأوروبي، وعلى الأخص الحقيقة المطلقة للمسيحية التي اعتنقها كروسو على مدار الرواية، من السمات الثابتة في روايات المستعمرات التالية. وعندما يهرب (كروسو) من الأسر، ويبحر علي طول الساحل الأفريقي؛ فإنَّ الرواية تجعل ما يراه على ذلك الساحل أشياء بالغة الغرابة والروعة. ويدجن (كروسو) مزرعته، ويصبح سيدها، ويعلنها ملكا خالصا، وتتكرر هذه الممارسات وتظل ثابتة في الواقع وفى روايات الغزو الاستعماري على حد سواء. والمرأة ليس لها تقريبا أي دور في الرواية—علاقة (كروسو) بــ (فرايداي) أكثر إثارة من علاقته الرومانسية مع امرأة. وفي الواقع أنَّ التهميش الكامل للمرأة بل غيابها يعد سمة أساسية للغالبية العظمي من روايات المستعمرات التي يكتبها الرجال لجمهور من الذكور، سواء أكانوا كبارا أم صغارا.
وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أشعل الغزو البريطاني للهند الاهتمام الرائج بشبه القارة الهندية. وتلقي رواية السير ولتر سكوت (ابنة الجراح) (1827) الضوء على الطغاة (الشرقيين) وعلى البطل الإنجليزي الذكي، وكذلك الشابة الإنجليزية التي يجب إنقاذها من العبودية التي لقيتها فى براثن أحد السلاطين الشهوانيين. ورواية فيليب تايلور (اعترافات سفاح) (1839)، وهى رواية ذات حس شعبي وهى الرواية المفضلة للملكة فيكتوريا، وهى تروي قصة حياة (أمير علي)، وهو من أبناء قبيلة السَّفاحين الذين يقطعون الطرق ويسرقون ويقتلون المسافرين في الهند الجنوبية؛ وقد تركت هذه الرواية أثرا عميقا فى الملكة فكتوريا؛ بل صارت روايتها الأثيرة كما تقدّم.
وقد بلغت الإمبراطورية الإنجليزية أوج مجدها في نهاية القرن التاسع عشر، وكتب (رايدر هاجرد) أكثر الروايات الإفريقية شعبية وتمثيلا لتلك الفترة؛ وتصور روايته (كنوز سليمان) (1885) أحد الطغاة الشرقيين هو الملك (King Twala)، وأحد الخدم الأفارقة المتميزين (أومبوبا) الذي يستولي علي حكم (كوكوانالند) بعد مقتل الملك الشرير، وأخيرًا العلاقة الرومانسية بين البطل الأبيض (كابتن جود) والإفريقية الجميلة (فولاتا). ولا تختلف تلك العلاقة عن العلاقات الرومانسية الأخرى، ولا سيما العلاقات التي تصل بين أبطال مختلفي الأعراق، ويحكم عليها بالفشل، وتموت (فولاتا) في صراع مع ساحرة إفريقية شريرة تدعي (جاجول). وتروي رواية هاجرد (هي) (1887) قصة علاقة رومانسية فاشلة أخري بين البطل (ليو فنسي) والإفريقية (أوستين)، وتصور التضاريس الإفريقية القاتلة، والجماعات الأفريقية الإثنية. ولكن (هاجرد) يقدم هنا تحولا ملحوظًا في شخصية الطاغية: إنها امرأة بيضاء مشهورة تدعي عائشة.
وتعد روايات (روديارد كبلنج) أكثر شعبية من أعمال (هاجرد). وقد لعبت مجموعته القصصية (حكايات بسيطة من التلال) (1888) التي نشرت وهو في سن الثانية والعشرين دورًا أساسيًا في شهرته. وتركز روايات (كبلنج) الاستعمارية على جماعة من الإنجليز المهاجرين إلى الهند، ومنهم: إلاداريون والجنود والصحفيون والمغامرون. وتبدو السمات العامة لروايات المستعمرات واضحة في تلك الأعمال: ففيها خدم هنود موالون حتي النخاع، ومواطنون متفرنجون خائنون، وسلالة مهجنة مهمشة، وعلاقات رومانسية فاشلة بين أصحاب عرقيات مختلفة، وحكام هنود فاسدون، وتضاريس عدائية، وعقيدة ثابتة تؤكد أنّ إلانجليز هم الحكام الطبيعيون للهند. وعلى الرغم من أنَّ روايات (كبلنج) تقرأ على أنَّها روايات موالية ومتعصبة للاستعمار، إلا أنَّ تصويره للثقافة الهندية، وخاصة في روايته (كيم) (1901)، كان دقيقاً ومتعاطفاً إذا قورن بما نجده في أعمال روائية أخرى.
ومع ذلك فإنّ العديد من قصص كبلنج—وكذلك العديد من مئات الروايات الأخرى—تمثل العالم الاستعماري؛ حيث تستخدم نفس النماذج والأنماط الفنية، ومنها: أولاً، حكام محليون فاسدون يضطهدون البشر الذين يصورون فى صورة المطحونين الذين يعانون منذ زمن بعيد، ومحبوسين في ثقافة ثابتة لا تتغير. وثانيا، شخصيات ذات عرقيات مختلطة، يشار إليهم بـــ (المهجنين)، والكاتب ينظر إليهم نظرة ساخرة. وثالثا، شخصيات يطلق عليهم (أبناء محليون متمدنون): وهو يستهزئ بهم؛ إما بسبب تبعيتهم المعيبة للثقافة الأوروبية وتقليدهم إياها أو لأنَّه يراهم وحوشا أشرارا يضعون على وجوهم أقنعة توهم بأنَّهم يقبلون لغات الأوروبيين وثقافتهم ودينهم، وهم بذلك يخفون ولاءهم لثقافتهم الأصلية. وتمثل العديد من الشخصيات المشابهة لشخصية (فرايداي) في رواية المستعمرات النقيض بالنسبة للشخصيات المحلية المسايرة للطراز الأوروبي؛ لأنهم أكثر طاعة وخضوعًا ورضا. وفي العديد من المشاهد نراهم يموتون دفاعًا عن أسيادهم البيض. وتصوّر النساء الملونات جميلات فاتنات ولكنهن معزولات ومحرَّمات. وأما العلاقات الغرامية العادية بين البيض والنساء الملونات فهى تقريبا علاقات مخفقة. وتعد المناظر الطبيعية الاستوائية القاسية سمة أخري من سمات هذا الأدب؛ فالأدغال سامة، وغالبا ما يسكنها (البوشمن) الذين يشبهون هذه الأدغال إلى حدّ بعيد.
إنّ السمات التي ذكرت آنفاً، بالإضافة إلي الثقة الكامنة في تفوق الجنس الأبيض، جعلت الرواية الاستعمارية محفّزا فعَّالا للفتوحات الاستعمارية البريطانية. ومع هذا فهناك العديد من الاتجاهات المتناقضة فى روايات المستعمرات؛ فقد تزوج فيليب (ميدو تايلور) من (ماري بلمر) ذات الأصول الإنجليزية والهندية، وتصويره للحياة الهندية في رواياته يبرز تعاطفا معها ومعرفة وثيقة بها. وتحتوي قصص (كبلنج) على جميع التقاليد النموذجية لرواية المستعمرات، ومع ذلك يصور الهند والهنود تصويرا حميميا رائعا، فى حين يصور الرجال والنساء الإنجليز بطريقة باردة على نحو مدهش.
ومن هذا الاعتبار، تحمل رواية جوزيف كونراد— (قلب الظلام) (1902)— تناقضا ما؛ إذ إنها تقوِّض الصورة النمطية للعالم الاستعماري بين هي تعيد انتاجه. فبينما يرفض العديد من النقاد (بداية من الروائي النيجيري تشنوا أتشيبي) النظر إلي الرواية كـــ رواية عنصرية، يعتبرها الآخرون أعظم رواية إنجليزية مناهضة للاستعمار. ومع أن رواية (قلب الظلام) تسخر على استحياءٍ من السكان المحليين المقلدين للحضارة الأوروبية، يوصف أحدهم بأنَّه كلب في (باروديا) من العجائز، وأخر بأنه ولد مفرط في البدانة، وأحيانا تصور الأفارقة كأنهم مكملات شكلية للأدغال المخيفة، وتقوض الرواية بطريقة أساسية كل الغزوات الاستعمارية؛ إذ يعد تصويرها للعمال الأفارقة المحتضرين والمنبوذين من أهم المشاهد المناهضة للاستعمار في الأدب الإنجليزي. وأما (كورتز)، ذلك الأوروبي القاتل الجشع فى قلب الـــ (نوفيلا) والذي يحكم نصيبه من الكونغو بوحشية مفرطة، فإنَّه يدّعي أنَّ له هدفا استعماريّا بديلا، إذ إنه يجلب العلم والحضارة إلي تلك الأماكن المظلمة في العالم.
إنَّ روايات (كونراد) الأربع التي تدور أحداثها في الملايو (حماقة الحاكم) (1895)، و(منبوذ الجزر) (1896)، و(لورد جيم) (1900)، و(الإنقاذ) (1920) يمكن تصنيفها أيضا على أنها روايات مستعمرات لدرجة أنها تعزز وتضعف التقاليد الفنية للمواقف الاستعمارية. وتعتبر رواية (لورد جيم) أكثر هذه الروايات أهميةً مثل رواية (قلب الظلام) التي تناقش القول بأنَّ الإنجليز الأكثر استنارة وأصحاب النية الحسنة لديهم الحقَ أو القدرةَ في أن يحكموا في عالم استعماري. فالبطل، (جيم)، الذي يصبح (توان) (تعني باللغة الإنجليزية "السيد") في إحدي القري الخيالية فى (باتوسان)، يبدأ حكمه بنجاح ولكنه، مثل (كورتز)، يجلب الدمار لمجتمعه ويدمر نفسه في النهاية.
وتتواصل التقاليد الأدبية للأدب المستعمرات في الروايات الشعبية وخاصة فى السينما. ولكن الاتجاه المناهض الذي يتعامل مع هذه التقاليد بريبة متزايدة يظهر بوضوح في بعض روايات القرن العشرين المتميزة. وتستبق روايتي فورستر (رحلة إلي الهند) (1924) وجورج أرويل (أيام بورما/مينمار) (1934) نهاية الحكم البريطاني في شبه القارة الهندية؛ وتحدد أيضا ملامح الأبطال الإنجليز المحبوسين في شبكة استعمارية مضطربة من الفساد والتعصب العنصري. ففي رواية (رحلة إلي الهند)، يحصل سيريل (فيلدنج) على وظيفة مدير مدرسة في الهند، ويصادق (عزيز) أحد الأطباء الهنود الذي يُتهم بالاعتداء على إمرأة انجليزية تدعي (أديلا). ولأنه وقف بجوار (عزيز)؛ يجد (فيلدنج) نفسه على خلاف مع المغتربين الإنجليز هناك. وتناقش الرواية إمكانية قيام علاقات ناجحة بين الهنود والبريطانيين؛ وفي الوقت نفسه تكشف زيف الحيل الاستعمارية المعادية والمتنوعة. ويعتبر (عزيز)، الذي يستهزَأ به لكونه مواطناً مدللاً يقلد الأوروبيين، أبرع فى الجراحة من سيده الإنجليزي (الميجور كالندر). ويبدو أنّ رئيس الشرطة مقتنع بجريمة عزيز؛ لأنه يري أنَّه من المسلم به أنَّ الرجال الملونيين يشتهون النساء البيض. وفي الواقع أن (عزيز) يرى (أديلا) غير جذابة، ولكنَّ رئيس الشرطة (الذي يعميه تعصبه لتفوقه الجنسي) لا يحاول أن يفهم أنّ معايير الجمال تختلف من ثقافة لأخري. وتثبت براءة عزيز، ومع ذلك تشكك الرواية، بالرغم من خاتمتها الإيجابية، فى إمكان رأب الصدع الاجتماعي والسياسي بين الهنود والإنجليز.
وتعد رواية (أيام بورما) هجاءً قاتما للحكم الإنجليزي في بورما، وتبدو الرواية قليلة التفاؤل إلي حد بعيد. يكره بطل الرواية وتاجر الأخشاب (جون فلوري) الحكم الاستعماري في بورما، ولكنه لا يجرؤ علي معارضة ذلك علنًا ولا يستطيع أن يغادر البلاد. ويصادق الدكتور (فيرسواني) الذي يهوى كل شيء إنجليزي، وربما يصبح أول بورمي يدعي للانضمام إلي النادي الإنجليزي في منطقة بورما الخيالية في( كايُكتَادا). وتسخر الرواية من مفاهيم التفوق الإنجليزي، وفوائد الحكم البريطاني؛ وتنتهي نهاية مظلمة حيث ينتحر بطل الرواية.
ومع نهاية الثلث الأخير من القرن العشرين انتهت الحقبة الاستعمارية التي سيطرت فيها أوروبا والدول المهيمنة الأخرى إدارياً ومالياً وعسكرياً واجتماعياً على العديد من الدول في أفريقيا وآسيا والقارتين الأمريكتين وجزر المحيط الهادي إذ حصلت تلك المستعمرات على استقلالها. ولكن ظلت آثار الاستعمار قائمة، والكثير من هذه الآثار استشعرتها رواية جوزيف كونراد (نوسترومو) (1904)، التي تعد أول رواية مهمة تتناول ما بعد الاستعمار. وتقع أحداث تلك الرواية في (كوستا جوانا)، إحدي دول أمريكا اللاتينية الخيالية، ويكتشف (نوسترومو) كيف هيمنت تلك القوى الاستعمارية السابقة على اقتصاديات وسياسات تلك المستعمرات السابقة. وكما هو الحال في رواية (قلب الظلام) ورواية (لورد جيم)، يعتقد الأوروبيون، الذين يسيطرون على الاقتصاد المحلي في (كوستا جوانا)، أنهم يجلبون النظام والتقدم. والواقع أنهم لم يجلبوا إلا قليلاً من الرخاء المادي الطفيف، ولم يفعلوا إلا القليل جداً لتحسين حياة العامة من الناس، وأنهم أنفسهم فاسدون أخلاقياً. وفي النهاية يدمر العديد منهم أنفسهم. وتعد رواية أتشيبي تشنوا (عندما تتداعى الأشياء) (1958) أول رواية فنية مكتوبة باللغة الإنجليزية تصور التجربة الاستعمارية بصورة كاملة ولكن من وجهة نظر المستعمَرين، وتقع أحداثها في نيجيريا في أواخر القرن التاسع عشر، وتسلط الضوء علي حياة الرجل القوي أوكونكوا، وهو محارب من إيجبو فاسد . وتصور الحياة في (إيجبو) بكل تعقيداتها الغنية؛ كما يصور الإنجليز قوةً مدمرة تهلك الحرث والنسل في قبيلة (أوكونكوا)، وتقضي على ما كانت تتمتع به من اتزان.
لقد أثر النقاد الذين يحللون الأدب الاستعماري (ممن يعملون داخل نظرية الخطاب الاستعماري) فى فهمنا للأدب المستعمرات. ومن خلال دراسة السجلات التاريخية نبش النقاد عن المسافة بين التمثيلات الأدبية للتجربة الاستعمارية وحقيقتها التاريخية. وبالاعتماد على أعمال (سيجموند فرويد) و(جاك لاكان) وآخرين، كشف النقاد أيضا أنّ طرق أدب المستعمرات يعكس حالات نفسية استعمارية خاصة، وغالبا ما تكون مدمرة للمستعمِر والمستعمَر. وعلاوة على ذلك استجلى النقاد الجيندر والعلاقات الجنسية، والدور الذي تلعبه المرأة والعرق، والعديد من الظواهر التي صورتها الروايات الاستعمارية واستطاعت بذلك إعادة خلق وتشكيل التجارب الاستعمارية للتاريخ البريطاني المعقد الطويل التي سطرها أدبها الخيالي.








References and Suggested Readings
Achebe, C. (1958). Things Fall Apart. London: Heinemann.
Achebe, C. (1977). An Image of Africa: Racism in Conrad’s Heart of Darkness. Massachusetts Review, 18, 282–94.
Brantlinger, P. (1988). Rule of Darkness: British Literature and Imperialism, 1830–1914. Ithaca, NY: Cornell University Press.
Bristow, J. (1991). Empire Boys: Adventures in a Man’s World. New York: HarperCollins.
Conrad, J. (1895). Almayer’s Folly. London: T. Fisher Unwin.
Conrad, J. (1896). An Outcast of the Islands. London: T. Fisher Unwin.
Conrad, J. (1898). An Outpost of Progress. In Tales of Unrest. London: T. Fisher Unwin. (First published in serial form in Cosmopolis in 1897.)
Conrad, J. (1900). Lord Jim. Edinburgh: Blackwood.
Conrad, J. (1902). Heart of Darkness. In Youth: A Narrative and Two Other Stories. Edinburgh: Blackwood. (First published in serial form in Blackwood’s Magazine, 1899.)
Conrad, J. (1904). Nostromo. London: Harper.
Conrad, J. (1920). The Rescue. London: J. M. Dent.
Fanon, F. (2007). Black Skin, White Masks (trans. R. Philcox). New York: Grove. (Original work in French published, 1952.)
Forster, E. M. (1924). A Passage to India. London: Arnold.
Foucault, M. (1972). The Archaeology of Knowledge (trans. A. M. Sheridan Smith). New York: Pantheon. (Original work in French published 1969.)
Gates, H. L. (ed.) (1985). Race, Writing, and Difference [special issue]. Critical Inquiry, 12(1).
Green, M. (1979). Dreams of Adventure, Deeds of Empire. New York: Basic Books.
Greenberger, A. J. (1969). The British Image of India: A Study of the Literature of Imperialism, 1880–1960. Oxford: Oxford University Press.
Haggard, H. R. (1885). King Solomon’s Mines. London: Cassell.
Haggard, H. R. (1887). She: A History of Adventure. London: Longman. (First published in serial form in The Graphic 1886–7.)
Hobson, J. A. (1961). Imperialism: A Study [1902]. London: Allen and Unwin.
Holden, P., & Ruppel, R. J. (eds.) (2003). Imperial Desire: Dissident Sexualities and Colonial Literature. Minneapolis: Minnesota University Press.
JanMohamed, A. R. (1988). Manichean Aesthetics: The Politics of Literature in Colonial Africa. Amherst: University of Massachusetts Press.
Kipling, R. (1888a). Plain Tales from the Hills. Calcutta: Thacker, Spink.
Kipling, R. (1888b). The Story of the Gadsbys. Allahabad: A. H. Wheeler.
Kipling, R. (1898). The Day’s Work. London: Macmillan.
Kipling, R. (1901). Kim. London: Macmillan.
Lane, C. (1995). The Ruling Passion: British Colon Allegory and the Paradox of Homosexual Desire. Durham, NC: Duke University Press.
Lane, C. (ed.) (1998). The Psychoanalysis of Race. New York: Columbia University Press.
L_evi-Strauss, C. (1961). Tristes tropiques (trans. J. Russell). New York: Criterion. (Original work published 1955.)
McClintock, A. (1995). Imperial Leather: Race, Gender, and Sexuality in the Colonial Contest. New York: Routledge.
Miller, C. (1986). Blank Darkness: Africanist Discourse in French. Chicago: University of Chicago Press.
Orwell, G. (1934). Burmese Days: A Novel. New York: Harper.
Parry, B. (1998). Delusions and Discoveries: India in the British Imagination, 1880–1930. London: Verso.
Said, E. (1978). Orientalism. London: Routledge and Kegan Paul.
Sharpe, J. (1993). Allegories of Empire: The Figure of Woman in the Colonial Text. Minneapolis: University of Minnesota Press.
Singh, B. (1934). A Survey of Anglo-Indian Fiction. London: Curzon.
Torgovnick, M. (1990). Gone Primitive: Savage Intellects, Modern Lives. Chicago: University of Chicago Press.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف