الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تحليل رواية جرّة الذهب بقلم: نزهة أبو غوش

تاريخ النشر : 2019-03-08
جرّة الذهب
5.3.2019
قراءة وتحليل: نزهة أبو غوش
جرّة الذّهب رواية للكاتب الفلسطيني فوزي عبده. عن دار الجندي للنشر والتوزيع القدس. 2018م.
صنع الكاتب فوزي عبده في روايته عالما خياليا مميّزا عشنا معه رحلة طويلة على مدار 660 صفحة.
عالم غامض غريب يسعى خلف المال والثّروة. تلك الثّروة الّتي زحف خلفها عشرات الأفراد ضمن قافلة مؤلّفة من رجال ونساء منهم الكبير والصّغير، الشّيخ والشّاب، والفتى؛ منهم الخطّاط والمهندس والدّليل والقائد والمنفّذ وعالم الآثار والخدم والعبيد ؛ والنّساء المرافقات للرّجال، والنّساء القائدات الآمرات النّاهيات ، وجمال ونوق وحمير وبغال ونعاج وثيران و....
للكاتب عبده خيال خصب بل جامح لم ينضب طوال روايته " جرّة ذهب" استطاع من خلال هذا الخيال نسج رواية متشابكة أحداثها تحرّكها شخصيّات مختلفة الثّقافات والحضارات، فمنهم ، والتّركيّ، والسّوداني، و المصري، وااليوناني والمغربي ...
غلب على أُسلوب الكاتب القدرة في دقّة الوصف الخارجي للشّخصيّات واعطائها طابعها الأصلي الّذي يعلق بذهن القارئ على طول الرّواية.
نحو:" رشيد؛ لم يبلغ العشرين بعد أسمر اللون، ضئيل الجسد، قصير القامة، رفيع الأنف، بنيّ العينين، هزيل الشّارب، ينبت الشّعر في وجهه كفتى في الثّالثة عشرة، يلاحظ عليه هوسه بالملازم...." ص 26.

لكنّ الكاتب لم يستطع أن ينفذ إِلى دواخل شخصيّاته بل كان بعيدا عنها كلّ البعد. لم نعرف من خلال قراءتنا للرّواية ما هي مشاعر الشّخصيّة: ما هي أحاسيسها، وتوجّهاتها العاطفيّة. هل هو متألّم أم خائف، أم فرح ما هي آماله وتطلّعاته، ما هي توقّعاته من تلك الرّحلة المضنية؟ كلّ ما عرفناه كقرّاء هو ما صدر على لسان الرّاوي بطل الرّواية- عزيز أفندي- عالم الآثار التّركي في بلاد الشّام، والّذي كان مرافقا للقائد طوال الرّحلة الّتي بدأت من مدينة الناصرة مرورا بحيفا والقدس وبيت لحم والأغوار ونهر الأردن والعقبة...
إِنّ اختيار الكاتب لراو واحد قد خلق هذا الضّعف؛ لأنّ الرّاوي غير قادر بأن يعبّر عن مكنونات الشّخصيّة وأسرارها الدّاخليّة مهما كان مبدعا بالوصف. ولن يستخدم الكاتب أسلوب فنيّ يمكن الدّخول به لنفسيّة الشّخصيّات من خلال الرّاوي نفسه؛ وإِنّما اعتمد الرّاوي في وصفه للنّفسيّات من خلال تصوّراته وخياله هو وحده.
لعب الكاتب في روايته بعواطف ومشاعر القارئ من خلال وصفه للأحداث المؤلمة والمؤثّرة جدّا، حيث جعل من أحد شخصيّات الرّواية، (كعب أو طبرق )العربي إِنسانا ماردا متوحّشا ليس له أيّ مشاعر انسانيّة تجاه الآخرين المرافقين في رحلة دفن الذهب، إِلا حبيبته الملاصقة له طوال الرّحلة، وجرار الذّهب الّتي كان يدفنها خلال مسيرة القافلة.
أرى بأنّ الكاتب فوزي قد بالغ في تصوير الأحداث حين وصف هذا الرّجل آكل لحوم البشر بعد قتلها، وخاصّة أكل القلوب والكبد مطبوخا أو نيئا؛ ومن ثمّ انسجام بطل الرّواية- عزيز- بهذه الشّخصيّة مرغما ومساعدا في القتل والذّبح وأكل القلوب.

اعتمد الكاتب في أُسلوبه على تكرار الأحداث بأشكال مختلفة، فمثلا حادثة قتل فرد من أفراد القافلة تتكرّر مع فرد آخر بأسلوب جديد أو مماثل مع بعض الاضافات نحو قتل حيوان بدل قتل إِنسان؛ وهذا حسب رأيي أضاف حجما ومساحة أكبر للرّواية ممّا يجب أن تكون عليه، وساهمت في إِضافة بعض الملل عند القارئ رغم عنصر التّشويق الّذي كان في النّصف الأوّل للرّواية.
استطاع الكاتب أن يوصل فكرته للقارئ من خلال العناصر الاساسيّة الّتي استخدمها. كان العنصر الاوّل هو الذّهب (العثمليّ)الّذي صوّره لنا الكاتب على أنّه كثير جدا لدرجة يصعب عدّه، ولمعانه يخطف الأبصار، حيث نفذت قوّة الجمال والبغال، والحمير، والحمّالون وامتلأت الجّرار والصّناديق، فملأت الحفر في الوديان والجبال حيث تسللت القافلة.
العنصر الآخر الّذي استخدمه الكاتب هو الموت، أو على الاصحّ صناعة الموت، حيث رافق الموت شخصيّات القافلة على طول رحلتهم السّريّة؛ في دفن الذّهب؛ من أجل العودة اليه ونقله إِلى مدينة استنبول، وذلك بأساليب مختلفة: خنقا أو ذبحا أو رميا بالرّصاص، أو الدفن حيّا أو استخدام السّم، أو الانتحار أو بسبب الضّباع المتواجدة في الوديان.

في النّهاية لم يتبق من الشّخصيّات إِلا الأعداد القليلة جدا الّتي عادت إِلى بلادها ومنهم الرّاوي عزيز الّذي كان أصله من البورصة في تركيّا؛ كلّ ذلك بسبب الأنانيّة والطّمع وقتل الآخر من أجل الاستحواذ على الثروة الطائلة.
نلحظ بأنّ الحياة الاجتماعيّة بين أعضاء وشخصيّات القافلة كانت طبقيّة هرميّة . الباشا كان يستريح في خيمة مفتخرة أثاثها مميّز نظيفة لها خدم يحضّرون الطّعام، يقف على بابها حرّاس، وهم المرافقون أثناء سير القافلة؛ العبيد يبيتون مع الدّواب المرافقة، والخدم في خيم بسيطة متواضعة، أمّا النّساء القائدات فقد فزن بمرتبة اجتماعيّة مرموقة، حيث الخدم والحشم والحرّاس وفراش الحرير والفرس الأصيلة ...
هناك حياة متفكّكة بين الأفراد، حتّى عندما يقل شخص ويدفن لا يعرف عنه أحد، وحين يفتقده أحدهم يقول لهم – عزيز- بأنّه قد هرب من القافلة لا نعرف إِلى أين؛ لأنه مطّلع على معظم ما يجري بين شخصيّات القافلة، ويخاف الكشف عن الحقيقة لأنّه أيضا مشارك في القتل مع العربي( كعب).
استطاع الكاتب أن يوصل فكرته للقارئ - بعد التّوسّع العريض في الرّواية - حيث أنّ الجري خلف الثّروة والمال لا يسوى شيئًا مقابل حياة هانئة في ظلّ من نحبّهم ويحبوننا؛ حتّى لو كنّا معدمين.
يقول الرّاوي – عزيز أفندي الّذي كاد يموت في سبيل حصوله على الذّهب؛ من أجل ذلك لكنّه في النهاية ظلّ معدما يرجو لقمة العيش:

" لأوّل مرّة في حياتي أحمل بين ذراعّيّ ما هو أثمن من الذّهب، حفيدتي الّتي استطاعت منذ شهرها الأوّل أن تدخل السّرور إِلى حياتي" ص656.
لغة الكاتب سلسة جميلة كثرت بها التشبيهات والاستعارات في وصف الأماكن والشخصيّات . استخدم الكاتب على لسان الرّاوي فذلكة الكلام والفلسفة المصطنعة والفكاهات العفويّة الّتي فيها روح المرح وخاصّة حين حوّل نفسه بعد أن نصحه قائده (روهان) بان يتحوّل إِلى سناتور؛ كي لا يستقوي عليه قادة القافلة فكثيرا ما كان يستخدم أسلوب( الاستهبال) في اللغة والأفعال الّذي كان ينطلي على الجميع حسب رأيه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف