الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفلسطيني في رواية "عذبة" صبحي فحماوي بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-03-06
الفلسطيني في رواية
"عذبة"
صبحي فحماوي
منذ فترة قريبة، تم الحوار مع الشاعر "محمد داود" ابن فلسطين الذي هاجر مكرها مخيم اليرموك إلى هولندا، وتحدثنا عن الانتماء، وهل يستطيع الإنسان أن يبدل وطنه/انتمائه/؟، فكانت الاجابة بأن هناك شيء في العقل الباطن (الوجدان) لا يمكن أن يتغير أو يتبدل، تعلق الفلسطيني بفلسطينيته يؤكده طرح "انطون سعادة" في "الإثم الكنعاني" فالفلسطيني/السوري مسكون بوطنه، بسوريته/بفلسطينيته، فمها كان وضعه/مكانته، وأينما وصل، جغرافيا أو وظيفيا يبقى متعلق بكينونته، هذا حال الفلسطيني "عماد منذور" الذي يسرد لنا سيرته الذاتية بشكل روائي، فالأحداث تمتد منذ كان طفلا في يافا، مرورا بالهجرة الأولى عام 48، والثانية 67، وما تلاها من أحدات، وضمن هذا الزمن الطويل نجد مجموعة كبيرة من الشخصيات يتناولها "عماد منذور" وتعدد الأمكنة، فيحدث عن اكثر مكان، لكن القاسم المشترك لكل هذه الاماكن هو معناة الفلسطيني، فهو "مسيح" هذا الزمن، هذا العصر، الذي لم يجدوا غيره ليعاد صلبه من جديد، وليخلص البشرية من إثمها.
إذن الرواية تتحدث عن الألم والمعاناة، فهي قاسية وموجعة، وكما قالت "عائشة عودة" في روايتها "أحلام بالحرية": الحديث عن الألم، ألم إضافي" من هنا كان على السارد أن يستخدم مخففات لهذه المعاناة والقسوة، فجاءت من خلال مخاطبته لحبيبته "عذبة" تلك الطفلة التي فقدها بعد 48، فكانت هي التي تعطيه الطاقة ليحدثنا عن ألمه، ورغم شعورنا نحن القراء بها، من خلال تماهي "عماد المنذر" عندما يتحدث عنها، إلا أننا بحاجة إلى عناصر أخرى تسهل/تخفف من حدة المعاناة، فكانت الأمثال والحكايات والأغاني الشعبية، وبعض القصص الحديثة "صمويل بوكت، زكريا تامر" وبعض الاحداث التي قدمت بشكل ساخر تخفف من حدة القسوة في الرواية، وإذا ما اضفنا سلاسة الأحداث وتتابعها، واللغة البسيطة والسهلة، يمكننا القول أن السارد استخدم كل ما يمكن أن يخفف على القارئ، لهذا نقول اننا امام رواية قاسية في مضمونها، لكنها شكلها وطريقة تقديمها ممتعة، من هنا يمكن تناولها بيسر وسهولة، وهذا ما يحسب لها وللسارد.
المرأة
المحفز على سرد هذه الأحداث هي "عذبة" تلك الطفلة التي عشقها "عماد المنذر" فهي السبب وراء وجود هذه الرواية، فأثناء غربة السارد كان يخاطبها، يستمد منها القوة ليقدر على الحديث عن الألم والمعناة التي مر بها.
يحدثنا عن "عذبة": "هرب منك يا عذبة، في الوقت الذي يدفعني قلبي لانطلق نحوك، ألمسك بك وأحضنك، و ألتصق بك، وأشُّم رائحتك المعطرة بعبق أعشاب الشومر والزعتر وشذى رائحة أشجار البلوط! غابات بكر، لم يمسسها أحد، وفي الوديان تنبثق ينابيع عذبة نقية، ..شعرك كغابة الكرمل، .. أملس كالحرير، ينساب على ظهرك كالشلال. عيناك خضراوان، بلون غابات الكرمل. أحبك كثيرا يا عذبة، وأتخيلك جوهرة متلألئة في غابات الكرمل،" هذه اللغة البياض والناعمة جاءت بفضل "عذبة" فهي التي أخرجت "عماد" من السواد وجعلته يهيم في جمالها، وإذا ما قارنا هذا المقطع مع ما جاء في الرواية، يمكننا التأكد أن المرأة هي المخلص، وهي التي تفتح أمامنا عوالم جميلة، "فعذبة" جعلت عماد يهذب إلى المكان، إلى الكرمل والطبيعة الفلسطينية، فجعلته يكتب بلغة ناصعة البياض.
الامثال الشعبية
يقربنا السارد من الرواية من خلال الأمثال شعبية، فهي تجعلنا نشعر بأن السارد قريب جدا منها، لهذا يتحدث بلغتنا، باللغة التي نستخدمها:
"شباب الرينة كل عشر بقطينة"، "موت يا حمار حتى يأتيك العليق"، "اجت الحزينة تفرح ما لقيت مترح" فمثل هذه الأمثال تجعل الرواية وشخصياتها قريبة منها.

المكان
السارد يتحدث عن مكان صريح وواضح عندما يتحدث عن فلسطين 48، " وقبل خروجه باتجاه المدينة، حيث مكتب الحافلات المؤدية 1 إلى حيفا،"، " حلمت أنهم احتلوا قريتنا أم الزينات"، " شاطئ عكا،"، " مرج بن عامر وسفوح الكرمل، "فهناك يافا وحيفا وعكا، والكرمل، جاءت بستميتها الحقيقية، وهذا يشير إلى المكانة التي يحملها السارد لتلك المدن واللتك الأرض، لكنه بعد الهجرة يستخدم: " تم نقلنا إلى منطقة جديدة
نقلهم إلى منطقة جديدة مجاورة لمدينة أنصار 13 فكَونا معسكرا جديداً ، أسموه معسكر أنصار13 " اعتقد عن هذا الشكل من التسمية مكان يعبر عن اغتراب السارد وعدم توافقه مع المكان الجديد، وكأنه بهذه التسمية يؤكد امتعاضه وحنقه على المكان من جهة، وعلى الحال البائس الذي يمر به من جهة أحرى، هذا الشكل من التسميات تم استخدامه على الأرض الفلسطينية (الضفة الغربية) التي هُجر إليها الفلسطيني، لكن هناك تسميات أخرى غير صريحة استخدمها السارد مثل: "البحرستانية، ونفط ستان" والتي تشير إلى دول الخليج العربي، وهذه التسميات هي التي جعلتنا نقول أنها جاءت لتعبر عن سخط السارد وعدم توافقه مع المكان، فكانت التسمية تعبيرا عن رفضه لهذه الامكنة وأيضا تعبيرا عن تعلقه بالأثم الفلسطيني/الكنعاني.

الحيوانات والحشرات
غالبا ما يأتي ذكر الحيوانات والحشرات في الأعمال الأدبية ليعبر عن حالة الاحقان التي يمر بها السارد، هذا ما جاء في مسرحية "لير" لشكسبير، ورواية "المسخ" لكافكا، و"مفاتح الباب المخلوع" لراشد عيسى" "وحين تركنا الجسر" لعبد الرحمن منيف، وإذا ما تتبعنا هذا الأعمال نجد ساردوها كانوا يعبرون عن حالة من الاحتقان والغضب والألم، وهذا ما نجده في رواية "صبحي فحماوي" "عذبة" مشاهد تتحدث عن الحيوانات : " وقطط سود تتحرك فوق كومة من النفايات المتناثرة"، " ... من النمل الذي يأخذ بالتضخم والانتفاخ فيتحول إلى تِّنينات"، "ويحك ذئب رقبته بقدمه فتمسك ثعباناً غارقاً في فرو رقبته"، "وثغاء المواشي وبكاء الأطفال" كل هذا يخدم فكرة السواد والقسوة التي في الرواية، وكأن السارد بهذا الاستخدام كان يعبر/يمهد القارئ لتلقي أحداث قاسية وشخصيات تتألم.
النظام الرسمي العربي
ما كان لدولة الاحتلال أن تقوم دون تخاذل وتآمر النظام الرسمي العربي، فهو شريك في ما آل إليه الفلسطيني، فقد تشارك مع الانجليز ودولة الاحتلال لإنهاء شيء اسمه فلسطين وفلسطيني، يقدم لنا "عماد منذر" صور القمع الذي مورس على الطفل "سامي" الذي هرب من قريته المقسومة نصفين، نصف مع العرب ونصف مع اليهود، فبعد أن يسلمه جنود الاحتلال إلى الجانب العربي، يتعرض للتعذيب الوحشي، رغم أنه طفل:
: " أنت شيوعي ولا؟
سيدي ! أنا شيوعي"!
"شيوعي؟، أم مسلمين اخوان "
سيدي، مسلمين إخوان أنا "!
" أنت عميل ولا"! "
عميل سيدي، اقتلوني بس خلصوني" أنا
العذيب الشديد الذي تعرض له "سامي" جعله يعترف بتهم ليس لها وجود، فقد كان همه التخلص من العذاب بأي ثمن، حتى لو كان الموت، هذه احدى الصور التي مارسها النظام الرسمي العربي بحق الفلسطيني.
الأب والأم
غالبا ما تأتي الأم بصورة ايجابية، والأب بصورة سلبية، فهو رمز السلطة، فهو ببطشه، يتماثل مع النظام الرسمي العربي، لهذا أما يتم تغيبه، أو تقديمه على حقيقته القاسية: "أمي المسكينة كان أبي يضربها، ويشغلها من آذن الفجر، وحتى بعد منتصف الليل" فالصورة تعطينا حالة الضحية الأم، والجلاد الأب.


الاحتلال والانجليز
يحدثنا "عماد" عن الانجليز وكيف كانوا يعاملون الفلسطينيين، فكانوا يسمحون للمعتقلين بشرب الماء، لكنهم منعوهم من التبول، هذا احدى الأساليب التي مورست بحق الفلسطينيين، أما الاحتلال فلم يتوانى عن استخدم أي وسيلة لجعل لفلسطينيي عميل له، فاحد المدرسين يصاب ابنه بالسرطان، فلا يقدر على دفع تكلفة علاجه، فيذهب إلى الطيب (الضابط) يخبرنه بأنه لا يملك ما يغطي مصاريف المستشفى، فيرد عليه "الضابط" سنلغي كافة التكاليف، لكن مقابل ان تكتب لنا تقارير عن زملائك" وغم ضايق الحال يفضل المعلم أن يموت ابنه على أن يكون عميلا للاحتلال.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف