الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أثر الفراشة بقلم: إيناس فتحي

تاريخ النشر : 2019-02-23
أثر الفراشة بقلم: إيناس فتحي
أثر الفراشة 

بقلم: إيناس فتحي.. ليبيا

إنّ بمقدور كلمة واحدة أن تُغيّر مجرى حياتك بالكامل سواءً كانت بالسلب أم بالإيجاب.

وكما أسلفت الذكر في المقال السابق فإذا كنت ممّن يقترفون اﻷخطاء التي -بنظرك- تكون بسيطة، فتوقّف عن ذلك فورًا، وستعرف لماذا بعد قراءتك لهذا المقال.

هل لك أن تتخيّل أنّ أمورًا صغيرة جدًّا قد تُحدث أشياءً كبيرة ليست في الحُسبان؟ وهذه الأمور ربّما تكون على مستوى العالم بأكمله مثل لعبة الدومينو قطعة تُسقط اﻷخرى، فبقطعة واحدة يُدَمَّر كل شيء، وقد لا يكون التأثير مباشرًا، فلربّما يظهر بعد أشهر أو سنوات.

كما نعلم فإنَ عالمنا كان ولا يزال يُعاني من شيء واحد دائمًا وهو اللاّ متوقع واللاّ مفاجيء، وهذا ما دفع العالم "بوانكاريه" قديمًا لوضع نظرية تُفسّر ما يحدث من تغيّرات غير مُتَوقّعة في طبيعة الكون.

في منتصف القرن العشرين عام 1963، جاء عالم الرياضيات والأرصاد الجويّة "إدوارد لورينز"، وخرج بنظرية تدعم ما جاء به العالم "بوانكاريه"؛ حيث أثبت ما جاء به الأخير رياضيًّا، وذلك بابتكاره لبرنامج محاكاة على جهاز ليتنبّأ بأحوال الطقس آنذاك، بعدما واجهته مشكلة في عدم التنبؤ باﻷحوال الجويّة بدقّة 100%، وذلك عن طريق مجموعة من المعادلات التفاضلية، وكانت فكرة الجهاز هي إدخال المعادلات مرّتين ليُشاهد هل ستتطابق النتائج أم لا؟

تخيّل لو أنك أدخلت الرقم 0.617 بدلاً من 0.617112، هل سيُشكّل ذلك فارقًا؟

عندما أدخل لورينز اﻷرقام في المرّة اﻷولى كتب 0.617112 وظهرت القراءات على الجهاز، وبعدما خرج بالنتيجتين وجد أنّهما تطابقتا في البداية؛ لكن اختلفتا تمامًا بعدها، وكل توقعاته كانت خاطئة، يتوقّع شيئًا ويحدث العكس، وكل ما يحدث كان مغايرًا تمامًا لمعادلاته.

كان تفسير ما حدث بسبب ما يُدعى بالحساسية المرهفة للظروف اﻷوّلية؛ ويعني ذلك أنّه في المرة اﻷولى كتب 0.617112 وفي المرة الثانية حذف الأرقام العشرية الثلاث اﻷخيرة ليصبح 0.617، فالفرق بين الرقمين صغير جدًا وتعتبر 0.000112 قيمة مُهملة، لو رجعنا لنظرية العالم "نيوتن" وغيره من العلماء التي نصّت على أنّ الفروق البسيطة لن تؤثّر على الوضع النهائي للحدث، فيعني ذلك أن حذف الأرقام العشرية الأخيرة لن يُشكّل فارقًا وتغييرًا في الحدث؛ ولكن هذه التجربة دفعت العالم "لورينز" لاستنتاج أن "الاختلافات الصغيرة في البداية قد ينتج عنها سلسلة عشوائية من الأحداث الكبيرة"، أي أنّ تغيّرات أوّلية طفيفة بإمكانها قلب النتائج رأسًا على عقب.

ومن هُنا جاء مُصطلح "أثر جناح الفراشة" المستنبط من النظرية الهيولية، أو كما تُعرف بنظرية الفوضى، والتي تنص على أن "رفرفة جناحي فراشة في أقصى الشرق قد ينتج عنها اضطرابات في الهواء وتموّجات، وهذه التموّجات قد تُساهم في حدوث إعصار في أقصى الغرب بعد فترة"، فقد تُساهم في حدوث الكارثة ولكنّها ليست السبب الرئيسي في أن تحدث.

هذا المفهوم هو استعارة لفظية تُستخدم للتعبير عن مفهوم الاعتماد الحسّاس والمهم للحدث على الظروف الأوّلية المحيطة، وجاءت لتُفسّر الظواهر الطبيعية واﻷحداث المُتواترة التي تنتج عن حدث بسيط؛ لكنّه يؤدي في النهاية إلى سلسلة من النتائج والتطوّرات التي تفوق حجم الحدث البسيط اﻷوّل، ممّا يدل على تغيّرات ضخمة.

لا تستغرب فكل شيء جائز في هذا العالم! وبالرغم من أنّ الأمر قد يبدو مبالغًا فيه بعض الشيء، ولكنّه منطقي إذا ما أسقطنا الأمر على حياتنا وتَتَبّعت سلسلة الأحداث التي مررت وتمر الآن بها.

لنفترض لو أنّنا أسقطنا هذا الشيء على حياتنا، لربّما الآن تتساءل
"هل الخطأ البسيط الذي نقترفه تجاه شخص ما سوف يُحدث ذاك التأثير الكبير؟"، أو بالعكس: "هل الأثر الطيّب الذي نتركه في نفوس بعض الأشخاص سيُحدث تغييرًا كبيرًا في حياتهم؟" 

إليك هذه القصة: معلمة تمدح تلميذ لها على مستواه العالي في الفصل أمام زملائه، فرح الطفل ورجع للبيت والسعادة تغمره وقال لوالدته أنّ معلمته أثنت عليه وقالت بأنه سيُصبح من الأشخاص الناجحين في المستقبل؛ هذا الكلام لربّما يُشكّل فارقًا كبيرًا في حياته مستقبلاً ويجعل منه شخصًا متفوقًا وواثقًا من قدراته، بينما لو أنّ المعلمة كانت ذات أسلوب مُهين وتوبّخ تلميذًا لها أمام زملائه لأنّه لم يقم بالواجب المدرسي مثلاً، فهذا لربّما يؤثر عليه بالسلب ويجعل منه شخصًا معَقّدًا نفسيًّا ومستهترًا في المستقبل وعنيفًا أيضًا؛ بسبب الضغوطات الذي يمر بها والأسلوب الذي يُعامَل به أيًّا كان.

فالأثر البسيط الذي نقوم به من شأنه أن يخلق تغييرًا كبيرًا في المستقبل، فربّما كلمة الثناء التي تقولها أو الإهانة التي تتفوّه بها للشخص هي جناح الفراشة المؤثّر، وربّما تقلب حياته وتجعلها أكثر سعادةً أو تجعلها أكثر حزنًا، فهذا كله يعتمد على تصرفاتنا. 

إذا رأيت فراشة تُرفرف بجناحيها حولك فلا تستهن بها؛ فلربّما تكون سببًا في تدمير حياتك بأكملها!

صحيح أنّ أثر الفراشة لا يُرى، ولكنّه حقًا لا يزول.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف