الأخبار
مدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بين وارسو و"وارسوا" بقلم:أحمد الحاج علي

تاريخ النشر : 2019-02-23
بين وارسو و"وارسوا"

أحمد الحاج علي

نهاية عام 1983 في مخيم برج البراجنة. عام على خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت، ومجزرة صبرا وشاتيلا. الخوف يحكم السلوك. يصرّح أحد وجهاء المخيم أبو عمر شحادة لمجلة صامد، التي تُهرَّب بأعداد قليلة، أن عشرات الشباب المفقودين بلغنا بأن بعض أجسادهم يُباع. الاعتقالات مستمرة. لكن محاولات التمرّد تنطق بها الجدران، بشعارات خُطّت عليها. 

على جدار مقابل لبيتنا في المخيم، خريطة فلسطين وتحتها باللون الأخضر "أحرار فلسطين". وعلى بعد عشرات الأمتار كان الإعلان عبر جدار آخر عن انطلاق مجموعة الكف الأخضر، الإعلان كان باللون الأسود. شعار يحكي حكاية طويلة عن أحمد طافش وجماعته التي كانت تغتال القادة البريطانيين في عكا وصفد، بعيد ثورة البراق.

في نهاية ذلك العام، شاع شعار آخر على جدران المخيم "بجاه العرش والكرسي، دمّر يا ربي نيوجرسي". تلك المدمّرة الأميركية التي كانت تقصف مواقع في الجبل. وفي الشعار مضمون يشي بتحوّل أيديولوجي قادم. كنت طفلاً في التاسعة من عمري أسير بقرب مسجد فلسطين في المخيم، حين عثرت على شعار لم أفهمه في ذلك الوقت: "انضموا إلى حلف وارسوا". كبقية الشعارات خُط ليلاً. لكنه يفترق عنها بلونه الأحمر. كلمة "وارسوا" كانت عصية على فهمي، فحاولت تأويلها، بأن لها علاقة ما بالسفن التي غادرت بيروت قبل عام، ورست في اليونان.

كتابة شعار ليلاً فيه مجازفة حقيقية. لذلك الخوف مبرر. الأحرف تبدو غير متصلة، كُتبت على عُجالة. لكن هل الخطأ الإملائي في "وارسوا" كان بسبب خوف أم جهل؟ لا أعرف. لكن بدا لي أن الشعار حاجة ضرورية، دفعت صاحبه إلى المجازفة، بكتابته ليلاً، رغم مخاطر الاعتقال، أو ربما النفي من هذه الحياة. فسألت، أُجبت باقتضاب عن أنه حلف شيوعي. 

بعد ثماني سنوات انتهى حلف وارسو. وبقي الشعار على الجدار. ومعه الأسئلة: كيف يمكن لمخيم لا يأمن أحد فيه أن يخرج من بيته مساءً أن ينضم لحلف وارسو؟ ماذا يمكن أن يضيف سكان المخيم، وهم أقل من عشرة آلاف حينذاك، إلى مئتي مليون هم عدد سكان الحلف؟ ماذا يمكن لما لا يزيد عن خمسة بنادق في المخيم، مطمورة تحت أسفل البيوت، أن تضيف إلى الترسانة النووية السوفياتية؟ لماذا كتب عن وارسو ولم يكتب عن فلسطين أو المفقودين من أهالي المخيم؟

القادة العرب الذين اجتمعوا في وارسو، برفقة نتنياهو، أعادوا إلى الذاكرة قصة حلف "وارسوا" في المخيم. تشابهوا مع كاتب الشعار في جوانب كثيرة، مع إمكانية أن تناله الأسباب التخفيفية نظراً لأنه فرد وليس قائداً أو مؤسسة حاكمة. 

الخوف حكم السلوكين. فلجأ الأول إلى حلف "وارسوا". ولجأوا هم إلى حلف في "وارسو". استنتجوا من الثورات القريبة أن من يتحالف مع أو يهادن (إسرائيل) يكسب ودّ أمريكا والغرب ويستمر في الحكم. لم يدركوا أن الفصول الأخيرة للقصة لم تُكتب بعد، وأن العلاقة مع (إسرائيل) تقطع حبلاً رفيعاً مع ما تبقى لهم من بعض تمثيل بين جمهورهم. 

كما حاد صاحب الشعار عن قضيته الرئيسية، حادوا هم عن قضايا جوهرية مثل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد، وحاولوا معالجتها بجريمة أخرى هي جريمة التطبيع. أخطأ صاحب الشعار إملائياً، وكانت خطيئتهم أخلاقية وسياسية. واختاروا وصاحب الشعار المكان وحده لارتكاب الخطايا "وارسوا".  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف